شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
فدوى مواهب وتجارة الدين... جريمة مكتملة الأركان بحق الأطفال

فدوى مواهب وتجارة الدين... جريمة مكتملة الأركان بحق الأطفال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والطفولة

الأربعاء 22 مايو 202412:30 م

"لو لبستي شورت أدام ماما، دي عورة... بتاخد سيئات"... كان ذلك هو آخر فيديوهات الداعية فدوى مواهب، التي تدرّس مادة الدين للأطفال في مدارس دولية، وانتشرت فيديوهات على هذا الغرار لها مؤخراً. وفدوى هي مخرجة كليبات سابقة، فشلت في ترويج بضاعتها كمخرجة كليبات، فوجدت بضاعة لا يمكن لها أن تردّ في عالمنا، وهي تجارة الدين، لكن الخطورة هذه التجارة أنها لا تروّج لشباب أو كبار يعانون مقدماً من عقدة الذنب، بل لأطفال من أبناء الطبقة الوسطى.

ليست تلك هي الفتوى الوحيدة بالطبع، فمنذ فترة تنتشر لها فيديوهات موجّهة للأطفال، بصور وإيحاءات مرعبة، مرّة من خلال ذلك الوصف المرعب للجن والشياطين في الحمامات، ومرّات بإلقاء الرعب حول قول كلمة "لا" للوالدين، وتسميته بالعقوق الذي يؤدي حتماً إلى النار.

أذى قد يعمل في تلك السنّ على تحويل الدنيا والدين إلى كوابيس مخيفة، تخلق شخصيات خائفة ومهزوزة، مصابة بهلاوس سمعية وبصرية، والمؤسف أن تربية الأطفال دينياً بهذا الشكل الترهيبي الفجّ يحدث بموافقة ضمنية من الآباء والأمهات.

لم تتوقف مواهب فدوى مواهب، التي تثير التساؤلات حول مدى ملائمتها للأطفال، عند هذا الحد. في أحد الفيديوهات تُعلّم الأطفال أنه لا دين إلا الإسلام، وأن سيدنا عيسى مسلم، ولا يوجد شيء اسمه دين مسيحي أو يهودي، الدين واحد فقط وهو الإسلام، وهو كلام خطر طائفياً، لذا اضطرّت إلى حذفه خوفاً من تعرّضها لقضية تخصّ أمن الدولة، لكن هذا لا يعني أنها توقفت عن تكرار تعبئة أدمغة الأطفال بتلك الجمل التي لم تدع حتى قول "رمضان كريم"، فحرّمته لتجعل منه "رمضان مبارك"، وعن طريق الحيلة نفسها: الترهيب، كما أدلت بدلوها في تحريم الأدب لأنه لا يعود بأي منفعة، وأن القراءة الحلال عند الله هي قراءة كتب علمية ودينية فقط.

لم تتوقف مواهب فدوى مواهب، التي تثير التساؤلات حول مدى ملائمتها للأطفال، عند هذا الحدّ. في أحد الفيديوهات تُعلّم الأطفال أنه لا دين إلا الإسلام، وأن سيدنا عيسى مسلم، ولا يوجد شيء اسمه دين مسيحي أو يهودي، الدين واحد فقط وهو الإسلام

يبدو محتوى فدوى مواهب من ناحية متشابهة مع محتوى عمرو خالد، الموجّه للطبقة الوسطى، لكن بصيغة محمد حسنين يعقوب ومحمد حسان، ومن على شاكلتهم من المتشدّدين، لكن على الأقل لم يكن عمرو خالد يزرع أفكاراً مشبوهة أو يعمل على تنشئة جيل مضطرب عقلياً، رغم النفاق الواضح في كلماته، وتحويله الدين إلى بيزنس، لا يفرق بين الترويج للإسلام الوسطي والترويج لمطعم دجاج أو تتبلة.

*****

هناك شهادة مهمة للصحفية سارة محمد علي، المتخصّصة في الجماعات الإسلامية، لكن الأهم في تلك الشهادة أنها إنسانية ومن زاوية التجربة المباشرة، تقول سارة: "على ذكر الست فدوى مواهب، يذكرني ذلك بأيام كانت لدي مسؤولات في الأسر التربوية التنظيمية. كانوا يقولون لي نفس الكلام عندما كنت صغيرة. والحقيقة أن الأستاذة فدوى اعتمدت منهج (الأشبال والزهرات) الذي كنا نتعلّمه في الأسر التربوية في جماعة الإخوان المسلمين. لم أشاهد فيديو لها دون أن يكون لديه نفس الصدى لأحد الدروس في ذاكرتي، حيث تشرحه مسؤولتي التربوية بنفس التفاصيل، مع اختلاف طفيف في اللغة الإنجليزية التي تستخدمها فدوى.

أما بالنسبة للجزء المتعلق بالهوت شورت، فكان يتعلّق بقضية عورة المرأة. كان يتم تناول هذا الموضوع في الفقه، حيث يتم تفصيل عورة المرأة أمام أهلها وأمام النساء، ومنها الأم، وكان يُشير إلى أن عورتها تمتدّ من السرة إلى الركبة، وأن منطقة الصدر تعتبر عورة إلا في حالة الرضاعة.

مثيلات الأستاذة فدوى كانوا يؤثرون في حياتي أثناء دراستي في المرحلة الإعدادية. كنت أرفع رأسي للسماء وأتساءل: إذا كان هذا هو دينكم، فأنا لست مؤمنة به. ولم يمنعني عن الإلحاد سوى قناعتي بأن دين الله حقيقة، وأن الذين يستغلون دينه لأغراضهم الشخصية يقدمون شيئاً مختلفاً تماماً عن الدين نفسه.

نصيحتي للآباء والأمهات هي أن يكونوا حذرين عند تسليم أبنائهم لأشخاص مثل الأستاذة فدوى، على اعتبار أنهم قد يقرّبونهم من دينهم. من خلال تجربتي، أدركت أن هؤلاء الأشخاص يجعلون أطفالهم ينحرفون عن الإيمان ويعيشون سنوات مدمرة دون أن يدركوا السبب".

تتابع سارة: "نصيحة للأستاذة فدوى من تجربة: يجب تجنّب هذا المنهج. كلامها يتعارض مع ما تقدمه. يجب أن تكون حذرة، خاصة بعد استخدام صورها لفضح تناقض كلامها. يجب أن تفكر فيما تقدمه وتتأكد من أهليتها ومصادرها. هناك طرق أخرى لتقديم المحتوى التربوي للأطفال بشكل صحيح، ويجب أن يكون التعليم مبنياً على أسس علمية ومحايدة. عيالنا أمانة، لنحميهم ونقدم لهم أفضل الفرص."

بحسب سارة، لو كانت فدوى مؤهلة لمهمتها كما تدعى، لوجدت مصادر أفضل للمحتوى الموجه للأطفال غير كتب التنظيم التي تنقل عنها حرفياً، دون أن تنتبه إلى مناهج تهدف لصناعة طفل تنظيم.

أما عن الجزء الشخصي، فتؤكّد سارة أن تعرّضها لتلك التجربة من خلال التنظيم وهي طفلة، أدّى بها إلى ترومات وصلت في مرحلة منها إلى فقدان الذاكرة، حتى استوعبت، من خلال الفريق الطبي الذي ساعدها في مرحلة العلاج، أن ما فعله التنظيم هو جريمة مكتملة الأركان بحق الأطفال، أذى شديد يعيش مع الطفل عمره بأكمله، حتى يدرك مصدر ذلك الأذى.

فمنذ فترة تنتشر لها فيديوهات موجّهة للأطفال، بصور وإيحاءات مرعبة، مرّة من خلال ذلك الوصف المرعب للجن والشياطين في الحمامات، ومرّات بإلقاء الرعب حول قول كلمة "لا" للوالدين، وتسميته بالعقوق الذي يؤدي حتماً إلى النار

*****

بعد انتشر خبر تعاون فدوى مع مجلة "نور" الأزهرية، وهو ما نفته المجلة جملة وتفصيلاً، لكن بحسب صلاح الدين الأزهري، فهذا الموقف يذكّره بما فعله الداعية محمد حسان، عندما كان طالباً يدرس في إحدى الجامعات المفتوحة. عندما حان وقت مناقشة رسالته، اختار تأجير إحدى قاعات جامعة الأزهر لهذا الغرض. أحضر حبايبه وأتباعه الذين كانوا يروّجون له عبر الفضائيات وبين الناس، وزعموا أن الشيخ محمد حسان حصل على درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر.

وفي الوقت الحالي، تعمل المخرجة السابقة ومدرسة الأطفال الحالية، فدوى مواهب، على شراء إصدارات مجلة "نور" الأزهرية، وقد أُخذت هذه اللقطة في مقرّ المجلة، وقرّرت فدوى أن تخترع موقفاً يتعلّق بالتعاون المشترك بينها وبين الأزهر. أعلنت أنها ستقوم بتنظيم لقاءات للأطفال في مقر منظمة خريجي الأزهر.

وعلى صفحة المجلة، تم الردّ بشكل مناسب، والتأكيد أن الكلام الذي تم تداوله ليس له أي أساس من الصحة، والتوضيح أنه ليس منطقياً أن يكون الهدف من شراء إصدارات المجلة هو ترويج مثل هذه الشائعات.

وفيما يتعلق بالنموذجين المذكورين، فقد سُئل الداعية محمد حسان من قبل القاضي في قضية "داعش إمبابة" عن سبب عدم دراسته في الأزهر. لم يكن الشيخ قادراً على الرد، فأجاب القاضي قائلاً: "الأزهر أبوابه مفتوحة، اذهب ودرس."

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

نفكر بالأطفال من أجل اليوم والغد

"هيك متعودين. هيك كانوا يعاملونا أهلنا"، وغيرها من الإجابات الجاهزة، تؤدي إلى تفادي التغيير.

المستقبل المشرق، هو أن يعيشوا في أيامنا هذه حياةً سليمةً.

كيف؟

عبر تسليط الضوء على قصصهم، وما يؤثر في حيواتهم، والمطالبة بحقوقهم وحسن تربيتهم.

من خلال التقارير والمقالات والحوارات، يمكن للإعلام أن يدفع نحو تغييرات في السياسات التربوية، وأن يعزز الحوار الاجتماعي حول قضايا الأطفال.

معاً نطرح القضايا الحساسة المتعلقة بسلامتهم النفسية والجسدية والبيئية والمجتمعية.

حين نرفع أطفالنا على أكتافنا، نرى الغد بعيونهم كما لو يكون الآن.

Website by WhiteBeard