خلال شهر رمضان، يمتنع الصائم عن تناول الطعام والشراب لساعات طويلة مما يشكل تحدياً صحياً للكثيرين إذ قد يتفاعل الجسم بظهور بعض الأعراض الصحية المفاجئة والأعراض التي توجب استجابة عاجلة أو استشارة سريعة للطبيب، وخصوصاً في حالة أصحاب الأمراض المزمنة.
قد تشير بعض هذه الأعراض إلى الحاجة الملحة لتناول الطعام والشراب، وبالتالي ضرورة التوقف عن الصيام والإفطار لتفادي تفاقم الوضع الصحي وضمان السلامة الصحية، وهو ما يغيب عن البعض فيما يرفضه آخرون مغامرون بسلامتهم.
في هذا التقرير، نتناول أبرز الأعراض الصحية التي قد تشكل خطورة على حياة الصائم وتستوجب ردة فعل عاجلة ومسؤولة.
أصحاب الحالات الصحية الخاصة
أولاً، مرضى السكري
يعتبر مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً في العالم، والأنواع الرئيسية من مرض السكري هي النوع 1 والنوع 2. وفي حديث أخصائي الأمراض الباطنية، الدكتور خالد شيحة، مع رصيف22، يوصي مرضى السكري من النوع الأول بعدم الصيام في رمضان لأنه من الصعب في هذه الحالات ضبط مستوى السكر. كما يوصي مرضى السكري من النوع الثاني بقياس مستوى السكر في الدم عدة مرات خلال اليوم والتأكد من استقرار مستوياته.
وبحسب الدكتور خالد، على المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض التالية الإفطار فوراً ومراجعة الطبيب:
السكري وضغط الدم وأمراض القلب والشقيقة… ما هي الأعراض التي تؤشّر إلى خطورة استمرار أصحاب هذه الحالات المرضية في الصيام؟ وحاجتهم إلى الإفطار فوراً ومراجعة الطبيب؟
الهبوط الحاد في مستويات السكر أي إذا وصل مستوى السكر في الدم إلى أقل من 70 ملغ/ديسيلتر (4 ملمول/لتر) مع ظهور أعراض مثل التعرّق والدوار والرجفة والخفقان والجوع الشديد والغثيان وفقدان الوعي.
إذا كان مستوى السكر في الدم أكثر من 300 ملغ/ديسيلتر (16.7 مول/لتر)، وترافق ذلك مع أعراض مثل جفاف الفم والعطش الشديد والتبول المتكرر والتنفس السريع وألم المعدة وضعف وتشوش الرؤية.
ثانياً، مرضى الضغط والقلب
يعد ارتفاع ضغط الدم أو ما يعرف بالقاتل الصامت أحد عوامل الخطر الرئيسية المؤدية للوفاة في العالم، وهي مشكلة صحية عامة تؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية وفشل القلب وتلف الكلى والعديد من المشاكل الصحية الأخرى.
وخلال الصيام، يتعرض جسم الصائم لتغيّرات في ضغط الدم نتيجة تغيّر نمط الأكل والشرب، لذلك يؤكد الدكتور خالد أن مرضى الضغط بحاجة إلى قياس ضغطهم ومراقبته بشكل دوري خلال فترة الصيام. وعلى المرضى الذين يكون ضغط الدم لديهم خارجاً عن السيطرة، الامتناع عن الصيام إلى أن يتم ضبطه:
فإذا ارتفع ضغط الدم إلى ما يزيد عن 140/90 مليمتراً زئبقياً، تجب مراجعة الطبيب المعالج. وإذا ارتفع إلى ما يزيد عن 180/120 مليمتراً زئبقياً، يجب الإفطار فوراً والتوجه إلى الطوارئ على الفور خاصةً إذا ترافقت هذه الزيادة مع ظهور أعراض مثل نزيف الأنف، أو الصداع الشديد، أو فقدان التوازن، أو الإغماء.
وعند الهبوط الحاد في ضغط الدم إذ تصل مستويات ضغط الدم إلى أقل من 90/60 مليمتراً زئبقياً مع الشعور بأعراض من بينها: الدوخة والإغماء وعدم القدرة على التركيز، والتعب والكسل والخفقان، وصعوبة أو بطء في التنفس، يجب الإفطار فوراً واستشارة الطبيب.
وبالنسبة لمرضى القلب، يرى الدكتور خالد أن معظم المصابين بالأمراض القلبية يستطيعون الصيام، وقد يساعد الصيام على تخفيف الجهد عن القلب نتيجة لتخفيف عملية الهضم وبالتالي لا توجد حاجة لكميات كبيرة من الدم في الجهاز الهضمي. ولكن إذا شعر المرضى بضيق في التنفس أو آلام شديدة في الصدر، أو تغيرات كبيرة في خفقان القلب مع التعب والوهن، يجب عندها التوقف عن الصيام ومراجعة الطبيب فوراً.
ثالثاً، الحامل
في حديثها لرصيف22، تقول طبيبة التوليد والأمراض النسائية، الدكتورة فاتن عدي، إن المرأة الحامل التي لا تعاني من السكري أو ارتفاع ضغط الدم تستطيع الصيام أثناء شهر رمضان، ولكن عليها المراجعة الدورية لطبيبها المختص في حال لاحظت أنها تفقد الوزن في رمضان، أو عند شعورها بالعطش الشديد مع انخفاض كمية البول أو عدد مرات التبول أو إذا تحول لون البول إلى اللون الداكن حيث أن هذه علامة على الجفاف، ويمكن أن تجعلها أكثر عرضة للإصابة بالتهابات المسالك البولية.
كما توصي الدكتورة فاتن بالإفطار فوراً واستشارة الطبيب إذا ما ظهرت على الحامل الأعراض التالية:
الغثيان والقيء المستمر لأنهما عارضان قد يعرّضان الحامل لخطر الجفاف الذي يهدد بحدوث إجهاض، وخصوصاً في الشهور الأولى للحمل، أو الولادة المبكرة إذا كانت في الشهور الأخيرة من الحمل.
انخفاض مستوى السكر في الدم وشعور الحامل بالضعف العام والدوار، أو التعرق، أو حدوث الإغماء، أو التعب المستمر حتى بعد الحصول على قسط وافر من الراحة.
تغيّر في طبيعة أو عدد تكرار حركة الجنين (أقل من 10 حركات خلال 12 ساعة) أو قلة حركة الجنين.
رابعاً، المرضعة
الحليب هو الغذاء الأساسي للرضيع وخصوصاً في الأشهر الأولى من عمره، وتشير الدكتورة فاتن إلى أن صيام المرضعة قد يؤدي إلى نقص في إدرار الحليب أو تركيبه. كما أنه قد يعرّض المرضعة لخطر الإصابة بالجفاف وضعف الجسم والشعور بالصداع والوهن، أو الجوع والعطش الشديدين. وفي حال حدوث أي من هذه الأعراض، تنصح الدكتورة فاتن المرضعة بالإفطار لتلبية احتياجاتها واحتياجات الرضيع.
على الرغم من أن صحة بعض مرضى الربو والقولون العصبي وأمراض القلب قد تتحسن خلال الصيام، فإنّ بعض الأعراض قد تشير إلى خطورة مواصلة الصيام وضرورة الإفطار ومراجعة الطبيب
خامساً، مرضى الشقيقة
مرض الصداع النصفي (الشقيقة) هي حالة طبية مزمنة تتسم بنوبات متكررة من الصداع الحاد والشديد وعادةً ما يقتصر على أحد جانبي الرأس، ويصاحبها عادةً ألم شديد، وقد تصاحبها أعراض أخرى مثل الغثيان، والقيء، والحساسية للضوء، والأصوات. وأسباب الشقيقة متعددة ومنها العوامل الوراثية، والتغيرات في نشاط الدماغ والتغيّرات الهرمونية.
وتزداد هجمات الصداع النصفي خلال شهر رمضان، بسبب التغير في نمط الحياة وتغيّر النظام الغذائي ونقص السوائل وعدم الحصول على قسط كافي من الراحة، لذلك توصي الدكتورة فاتن مرضى الشقيقة بالتوقف عن الصيام عند التعرض لنوبات شديدة ومتكررة من الصداع واستمرارها لفترات طويلة وعدم القدرة على السيطرة عليها.
سادساً، مرضى الربو
الربو هو المرض التنفسي المزمن الأكثر شيوعاً، ويصيب الجهاز التنفسي ويتسبب في ضيق مجاري الهواء وتهيّجها، ما يؤدي إلى ضيق في التنفس والسعال، وظهور صوت صفير عند الزفير عند تعرّض المريض لبعض المحسِّسات مثل استنشاق الغبار ووبر الحيوانات المنزلية وغبار الطلع والأزهار والعطور وبعض الروائح.
ويقول الدكتور خالد إن للصيام تأثيراً إيجابياً على مرضى الربو وغالباً ما يشعرون بالتحسن بسبب الصيام، ولكن عند تعرض المريض لنوبات ربو حادة وتفاقم الأعراض خلال الصيام بما في ذلك الشعور بضيق في التنفس، أو حكة في البلعوم مع قشع (بلغم) لزج يصعب إخراجه، عندها يجب على المريض أن يفطر مباشرة ليتناول كميات كبيرة من السوائل الدافئة ويستنشق بخار الماء الحار.
سابعاً، مرضى القولون العصبي
يقول الدكتور خالد إن حالة مريض القولون العصبي يمكن أن تتحسن خلال شهر رمضان، ولكن في بعض الحالات قد يزداد تهيّج القولون بسبب التغيير في نمط الأكل، وتفاقم الأعراض إذ يشعر المريض من تقلّصات وألم شديد في البطن والأمعاء لدرجة غير محتملة لذلك يُستحسن عدم صيامهم في هذه الحالة.
ويصاب الكثير من الصائمين من مرضى القولون بالمغص الخفيف أو الشعور بالامتلاء نتيجة احتباس الغازات، وفي هذه الحالة يُنصح باستشارة الطبيب، خصوصاً إذا ترافق ألم البطن واحتباس الغازات مع بعض الأعراض مثل وجود براز دموي، أو الإمساك أو الإسهال، أو تغيّر حركة الأمعاء.
ثامناً، مرضى فقر الدم (الأنيميا)
وفقاً للدكتور خالد، هناك أنواع عديدة من فقر الدم تراوح في شدتها من البسيطة إلى الحادة، وعادة لا يُنصح بصيام الحالات التي تعاني فقر الدم الشديد لأنها بحاجة إلى الغذاء لإمداد الجسم بالطاقة الكافية.
وقد يعاني مرضى فقر الدم أثناء الصيام من أعراض بينها التعب الشديد والصداع، وضيق التنفس، ودوار قد يصل إلى الإغماء نتيجة انخفاض مستويات الهيموغلوبين. وفي جميع هذه الحالات، يوصى بالإفطار ومراجعة الطبيب المختص.
تاسعاً، مرضى الكلى
يشدد الدكتور خالد على أن المصابين بالقصور أو الفشل الكلوي المزمن، يعتبر الصيام عبئاً عليهم وخصوصاً في المناطق الحارة، ولذلك يُنصح بعدم صيامهم.
أما بالنسبة لحالات الحصى الكلوية، فقد يسبب الجفاف الناتج عن الصيام تعرضهم لأعراض مثل آلام وتشنجات حادة في الظهر والخاصرة، وحمى، ودم في البول وحرقة أثناء التبوّل، والقيء والغثيان، وعندها يُنصح بالتوقف عن الصيام وتناول كميات وافرة من الماء فوراً ومراجعة الطبيب.
عاشراً، الأطفال
يؤكد الدكتور خالد أن الأهل يشجعون أطفالهم على الصيام في شهر رمضان، ولكن لا بد من مراعاة ألا يؤدي صيامهم إلى تأثيرات سلبية على صحتهم أو على أدائهم الدراسي لأن الوضع يختلف بحسب طبيعة الطفل وعمره وصحته.
فهناك أطفال أجسامهم ضعيفة وآخرون بنيتهم قوية. وبمجرد شعور الأطفال بالدوخة وعدم التركيز وعدم الاتزان، والجوع أو العطش الشديدين، أو التعرّق الشديد، أو عدم التبول، أو الشكوى من آلام حادة في الرأس أو البطن، يجب ألا ندعهم يكملوا الصوم.
حادي عشر، الرياضيون
الوقت الأمثل لتدرب الرياضيين هو قبل الإفطار بساعة أو بعده بساعتين إلى ثلاث ساعات، ولكن قد يكون الوقت المتاح فقط هو وقت ما قبل الإفطار. في هذه الحالة، إذا واجه الرياضي أثناء التمرين أعراض مثل التعب والصداع الشديد، وعدم القدرة على الوقوف، أو تشنجات عضلية شديدة ودوار شديد أو فقدان الوعي، فهذه تعتبر علامات طارئة تستدعي الإفطار على الفور، بحسب الدكتور خالد.
التوقف عن الصيام في شهر رمضان لا يقتصر على أصحاب الأمراض المزمنة فقط إذ قد يتعرّض بعض الصائمين الأصحاء إلى بعض الأعراض الصحية التي تستدعي الإفطار فوراً ومراجعة الطبيب. تعرّفوا عليها في هذا التقرير
ثاني عشر، الحالات غير المرضية
ويقول الدكتور خالد إن التوقف عن الصيام في شهر رمضان لا يقتصر على أصحاب الأمراض المزمنة إذ قد يتعرّض بعض الصائمين إلى بعض الأعراض الصحية التي تستدعي الإفطار فوراً ومراجعة الطبيب ومن أكثر هذه الحالات شيوعاً:
الشعور بالدوار والدوخة وتسارع ضربات القلب والإرهاق الشديد، وهذه كلها تدل على انخفاض شديد في مستوى سكر الدم (Hypoglycemia) ما يستدعي الإفطار الفوري وتناول وجبة خفيفة تحتوي على سكريات سريعة الهضم مثل التمر أو العصائر الطبيعية لإمداد الجسم بالطاقة بسرعة ولتجنّب مضاعفاته من فقدان الوعي ومشاكل صحية أخرى خطيرة.
الصداع الحاد والشعور بالتعب الشديد والدوار والضعف العام، إضافة إلى زيادة التعرق البارد واضطراب الرؤية، هذه كلها أعراض تدل على انخفاض ضغط الدم (Hypotension) أو نقص السوائل ومن الضروري الإفطار الفوري لتجنب الإغماء وفقدان الوعي.
الإصابة بالإسهال الشديد المستمر المصحوب بالصداع الشديد والدوار وفقدان كمية كبيرة من السوائل والأملاح، قد تستدعي الحاجة للإفطار لتفادي التعرض لخطر الجفاف والتوجه للحصول على العلاج اللازم، أما في حالات الإسهال البسيطة التي لا تصاحبها عوارض خطيرة، يمكن للصائم الاستمرار في الصيام ومراجعة الطبيب للحصول على توجيهات خاصة.
القيء المتكرر مع حرقة في المعدة، ربما هما مؤشر على تهيّج المعدة نتيجة ارتفاع مستويات الحموضة فيها وعندئذ ينصح بكسر الصيام ومراجعة الطبيب، أما في حال اضطرابات الجهاز الهضمي البسيطة خلال شهر رمضان مثل حرقة المعدة وارتجاع المريء وعسر الهضم فينصح باستشارة الطبيب المختص.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه