تناولت جلسات أيام التاريخ، التي جرت في 23 و 24 آذار/مارس في باريس، في معهد العالم العربي، موضوعة الحب عبر عصور وأزمان متعددة في عدة جلسات تمكننا من تتبع تاريخ الحب في المنطقة بترتيب زمني لموضوعات من العصور القديمة وحتى العصر الحديث.
افتتحت المختصة بالمصريات فلورانس ماريوجول جلسة "الحب في مصر القديمة" بقولها: "في البدء كان الحب"، والحب في الثقافة الفرعونية مرتبط بالجنسانية، ويقال إن المصريين القدامى استنتجوا أن الجنسانية هي مصدر الحياة، لذا كان الجنس في صلب الميثولوجيا الفرعونية. إذ خلق العالم في الأساطير الفرعونية من ممارسات الآلهة الجنسية، وبما أن الجنس لم يكن من التابوهات في حينه كما في الثقافة المعاصرة، فإن بعض الاكتشافات الفرعونية كانت تصدم الباحثين في مطلع القرن الماضي لأنهم كانوا أشد محافظة بكثير من الثقافة التي يبحثونها.
يقال إن المصريين القدامى استنتجوا أن الجنسانية هي مصدر الحياة، لذا كان الجنس في صلب الميثولوجيا الفرعونية. إذ خلق العالم في الأساطير الفرعونية من ممارسات الآلهة الجنسية.
وأشار الباحث بيرت كاسباريان، في نفس الجلسة إلى أن غياب القانون في العصر الفرعوني جعل ما يوحد العائلة هو الحب وحده.
تناول باسكال فيرنوس تمثيل الحب في الفن المصري القديم وأشار إلى انقسامه إلى نوعين، تصوير ملكي راقٍ يبتعد عن الابتذال، وتصوير للعامة صريح ومباشر ومرتبط بالجنسانية.
في جلسة "الحب في العصور القديمة"، تحدث الباحث بلال عنان، عن نقوش المقابر التدمرية وواجهات القبور، وحلل من خلال لغة الجسد علاقات الحب المعبر عنها سواء كان زوجياً أم أخوياً أم أبوياً أم أمومياً أم غيره. وأشار إلى نقاط ملفتة في تحليله منها أن واجهة القبر تصور المتوفى أحياناً وهو يواسي من يبقى على قيد الحياة من خلال لمسة أو تربيتة على الكتف، وأن التلامس أيضاً بين الأجساد كان دليل حميمية، رغم أن الشخصيات تنظر دوماً باتجاه الجمهور ولا تلتفت إلى بعضها.
صورة من ندوة الحب في مصر القديمة، في معهد العالم العربي، باريس، تصوير إيناس حقي
تناول الباحث كميت عبد الله في نفس الجلسة الموزاييك في بلاد الشام، محللاً روايات الحب التراجيدي والإلهي التي روتها تفاصيل جمالية عالية تعتني بالأجساد وتصويرها.
في جلسة الحب في العصور الوسطى، تحدثت المحاضِرتان إيمانويل تيكسيه دو مينيل وفانيسا فان رينترغيم، عن صعوبة إيجاد مصادر عن الحب إلا فيما ندر، وإن وجد ففي كتب الأطباء الذين صنفوه في باب المرض، أو في النصوص الأدبية ولا سيما في شعر العصور الوسطى.
سجلت قصة حب مجنون ليلى، قيس بن الملوح، في العصر الأموي من باب العبرة، فالحب المستحيل اجتماعياً، يدفع المحب إلى الجنون ثم إلى الموت
كما أشارتا إلى اختلاف واضح بين العصر الأموي والعباسي والأموي الأندلسي في التعبير عن الحب وتوثيقه. لاحظت الباحثتان أن الحب في العصر الأموي يعبر عنه نساء ورجال أحرار في إطار قبلي، يعيشون قصص حبهم ويعبرون عنها بالشعر وغالباً ما يكون حبهم عُذرياً، كما سجلت قصة حب مجنون ليلى قيس بن الملوح من باب العبرة، فالحب المستحيل اجتماعياً، يدفع المحب إلى الجنون ثم إلى الموت.
في العصر العباسي، احتجبت النساء الحرائر عن الفضاء العام، ودار الحب في قاعات قصور الخلافة، ظهرت الجواري اللواتي يعبرن عن الحب ولكنهن بضاعة ثمينة تباع وتشترى، وكن متعلمات ويعرفن اللغات والموسيقى والشعر، وقد انحصر هذا النوع من تملك تلك الجواري بالفئة التي تمتلك الثروة. ورغم تعبير الجواري عن الحب للسيد، إلا أنه كان عهد سيطرة الرجل وكان على الجواري أن يحضرن لتلبية رغبات السيد وشهواته، وأحد نماذجهن محبوبة جارية المتوكل وهي جارية نظمت الشعر في حبه وسجلت قصائدها في كتاب الأغاني.
في العهد الأندلسي، تظهر نماذج مختلفة، حب ولادة وابن زيدون وهي ابنة الخليفة والشاعرة وهو الوزير المرموق والشاعر المفوه، حب المعتمد واعتماد، الخليفة والجارية التي أعتقها ليتزوجها، كما شهد هذا العصر ولادة كتاب الحب الشهير "طوق الحمامة" لكاتبه ابن حزم الأندلسي.
مرت الباحثتان سريعاً على موضوع المنع، فقد ظهرت في العصور الوسطى أحكام المنع والتحريم التي أطلقها فقهاء متشددون على مر العصور الوسطى، لكن زمن الجلسة لم يسمح لهما بالتبحر في الموضوع.
صورة من ندوة الحب في السينما العربية، معهد العالم العربي، باريس، تصوير إيناس حقي
أشارت المحاضرات التي تناولت الحياة المعاصرة، إلى عودة موضوعات الحب وحرية الجسد والجندر ومسائله إلى واجهة الاهتمام، وإلى أن حرية دراسة الموضوعات المحرمة تخرج الحب من الغرف المعتمة ومن غطاء النفاق الاجتماعي
صورة من ندوة الحب في العصور القديمة، معهد العالم العربي، باريس، تصوير إيناس حقي
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.