شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
صيادون رياضيون ينشرون ثقافة الصيد المستدام في مصر

صيادون رياضيون ينشرون ثقافة الصيد المستدام في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الأربعاء 20 مارس 202411:19 ص

قبل سنوات، لم يكن من الغريب أن يرتبط مفهوم صيد الأسماك في مصر، بالصيد التجاري الجائر لصغار الأسماك والأنواع البحرية النادرة والمهددة بالانقراض، إلا أن عدداً من هواة ومحترفي الصيد الرياضي الترفيهي، حلموا بتغيير تلك المفاهيم ونشر ثقافة الصيد المستدام المسؤول، للحفاظ على التنوع البيولوجي والثروة السمكية.

وتُعرّف الأمم المتحدة الصيد المستدام بأنه أنشطة الصيد التي لا تحدث تغييرات غير مرغوب فيها في الإنتاجية البيولوجية والاقتصادية، أو التنوع البيولوجي، أو بنية النظام الإيكولوجي وعمله من جيل إلى آخر.

"نظمنا 34 بطولة للصيد الرياضي في البحر الأحمر خلال 10 سنوات، ونجحنا في تغيير قوانين الصيد الرياضي، إذ كان الفوز بالبطولات لمن يصطاد أكبر كمٍّ من الأسماك، دون حدود للكميات أو الوزن، لكننا وضعنا قانوناً بعدم اصطياد أكثر من سمكتين يومياً لكل فريق، وحظر صيد أي سمكة وزنها دون الثلاثة كيلوغرامات"، يقول هاني صادق، وهو ممثل الرابطة الدولية لصيد الأسماك في مصر، ومنسق بطولة الجونة الدولية.

وضعنا قانوناً بعدم اصطياد أكثر من سمكتين يومياً لكل فريق، وحظر صيد أي سمكة وزنها دون الثلاثة كيلوغرامات.

وهذه البطولة هي أول حدث دولي لصيد الأسماك في إفريقيا والشرق الأوسط، أقيمت في مدينة الجونة بمحافظة الغردقة منتصف شباط/ فبراير الفائت، تحت مظلة الاتحاد الدولي لصيد الأسماك والاتحاد المصري للصيد ورعاية كلٍ من وزارة البيئة المصرية وهيئة الثروة السمكية، وشاركت فيها فرق من سبع دول هي جنوب أفريقيا وإيطاليا وبريطانيا وسويسرا واسكتلندا والسعودية ولبنان ومصر.

وترجع أهمية البطولة لكونها أقيمت برعاية الرابطة الدولية لصيد الأسماك، وهي منظمة لتنظيم الصيد الرياضي والحفاظ على البيئة، بجانب وزارة البيئة التي وافقت على رعايتها نظراً لشروط البطولة وعرض المنظمين لإمكانية تتبع الأسماك التي يتم الإمساك بها ثم تحريرها، بغرض جمع معلومات علمية ثمينة عنها كأعدادها وموسم التزاوج والتفريخ ومعدلات النمو، مما يساعد على إنقاذ البيئة البحرية، كما يفيد صادق.

تعليم الصيد المستدام

"أصبحنا نعطي نقاطاً إضافية على صيد السمكة وتحريرها في الماء، تفوق بكثير نقاط الوزن، ونمنح نقاطاً على الأنواع المختلفة وليس الكميات، فأصبح الفوز لمن يصطاد أنواعاً أكثر وليس كميات أكبر، ووضعنا اشتراطات في البطولة تتعلق بأدوات الصيد، بحيث لا تتعدى قوة خيط صنارة الصيد 50 ليبرة وهي تعادل 450 غراماً، ومن يصطاد بخيط قوته 30 ليبرة يحصل على نقاط أكبر، فغرضنا تعليم الناس الصيد المستدام والحفاظ على البيئة البحرية"، يضيف منسق البطولة في حديثه لرصيف22.

 صيادون رياضيون ينشرون ثقافة الصيد المستدام في مصر

ويعد الصيد الرياضي جزءاً من منظومة الحفاظ على البيئة وأداة جذب لسياحة تقدر بمليارات الدولارات، ويجعل القيمة الاقتصادية للأسماك في المياه أعلى من أرباح الصيد التجاري لها، بحسب ما يؤكد صادق الذي يستشهد بتجربتي جنوب أفريقيا وكوستاريكا في جذب السياح من هواة الصيد الرياضي، مع وضع قوانين صارمة لحماية البيئة البحرية، والتي تعافت لتصبح من أقوى البيئات البحرية في العالم، متمنياً تطبيق ذات الأمر في مصر.

تعليم الأطفال الصيد الأخلاقي

يختلف الصيد الرياضي عن صيد الهواة في كونه يتطلب الكثير من التدريب، ويحتاج لاستخدام خيوط رفيعة تضمن وجود نزال عادل بين السمكة والصياد، وخطافات معينة لا تؤذي الأسماك لتعاد إلى المياه حية وسليمة، بحسب ما يشرح محمد قداح، رئيس الاتحاد المصري لصيد الأسماك وعضو مجلس أمناء الرابطة الدولية لصيد الأسماك.

ويؤكد رئيس الاتحاد أن كلاً من وزارة البيئة والاتحاد والرابطة كانت لديهم اشتراطات ولوائح لرعاية بطولة الجونة، تضمن الصيد الأخلاقي والحفاظ على البيئة البحرية، كالصيد والتحرير وعدم صيد أكثر من سمكتين يومياً من أنواع مختلفة للفريق نفسه أو اصطياد سمكة وزنها دون الثلاثة كيلوغرامات ومنع صيد الأسماك الملونة والقروش.

 صيادون رياضيون ينشرون ثقافة الصيد المستدام في مصر

ويشير قداح لكون مباحثات الاتحاد المصري مع الرابطة الدولية لإقناعها بتنظيم البطولة في مصر استغرقت نحو عام كامل، و5 أشهر من الترتيبات وإرسال الدعوات، ويلفت إلى أن المشاركة اقتصرت على 7 دول بسبب التخوفات من تداعيات الحرب، مضيفاً أن الاتحاد المصري ينظم بشكل دوري بطولات لصيد الأسماك كالكأس والجمهورية وبطولة الإسكندرية للصيد للأشبال والكبار، ويعمد إلى تعليم الأطفال برنامج الرابطة الدولية للصيد الأخلاقي، بجانب تحقيق أرقام قياسية للصيد والإطلاق في البحر الأحمر من مصريين وأجانب.

عدد مراكب الصيد يفوق الإنتاجية

يحذر هاني صادق من خطورة أسلوب الصيد غير المستهدف المتبع من قبل الصيادين التجاريين في مصر، والذي يتسبب في صيد زريعة أو بذور الأسماك، إضافة لصيد سلاحف بحرية وأسماك قرش ودلافين عن طريق الخطأ، بجانب كون عدد مراكب الصيد التجارية يفوق إنتاجية أي بحر في العالم.

ووفقًا لآخر إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن جملة الأسماك التي تم صيدها من المياه البحرية في مصر عام 2021 بلغت95627 طناً، وبلغ عدد مراكب الصيد المرخصة بالمصايد البحرية والبحيرات والمياه العذبة 27090 مركباً، بينها 3481 في البحر المتوسط، و1688 في البحر الأحمر.

وتشير دراسات إلى أن مصر "تنتج سنوياً نحو 1.5 مليون طن من الأسماك، منها 70% من المزارع السمكية، و30% من المصايد البحرية، وينتج البحر المتوسط نحو 11% من الإنتاج السمكي الكلي، بينما ينتج خليج السويس والبحر الأحمر 8.81% من الإنتاج الكلي سنوياً".

يختلف الصيد الرياضي عن صيد الهواة في كونه يتطلب الكثير من التدريب، ويحتاج لاستخدام خيوط رفيعة تضمن وجود نزال عادل بين السمكة والصياد، وخطافات معينة لا تؤذي الأسماك لتعاد إلى المياه حية وسليمة

وتبين الدكتورة سحر مهنا، أستاذة ورئيسة قسم ديناميكا التجمعات السمكية وتنظيم وادارة المصايد في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، أن إنتاج مصر من الأسماك زاد مؤخراً عن مليوني طن سنوياً، وفاق الاستزراع السمكي المصائد البحرية من حيث الإنتاج مشكلاً نسبة 80%.

وتوضح بأن الممارسات الخاطئة كالصيد الجائر وعدد المراكب الذي يفوق الطاقة الإنتاجية، واللجوء إلى الصيد بالمتفجرات والكهرباء والجر، وهي ممارسات تؤدي إلى اصطياد الأسماك الصغيرة والأنواع المفيدة للسلسلة الغذائية والأنواع المهددة بالانقراض، إضافة للشباك المصنوعة من خيوط النايلون التي تضر بالأسماك وتقلل من جودتها، بجانب التلوث، كلها أمور أدت إلى تدهور إنتاج المصايد الطبيعية.

 صيادون رياضيون ينشرون ثقافة الصيد المستدام في مصر

الحفاظ على المخزون السمكي

يرى مدير عام المصائد في جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، عاطف صلاح، أن الهدف الرئيس لدى إدارة المصايد يرتبط بتحقيق الصيد المستدام، ووجود دراسة تحدد الحد المسموح به من صيد الأسماك، للحفاظ على المخزون السمكي للأجيال القادمة وإعطاء الفرصة للتبويض ونمو صغار الأسماك، ووضع مواصفات خاصة بشباك الصيد، وعمل حماية لمناطق توالد الأسماك والمحميات، ومنع الصيد على مسافة معينة من الشاطئ وفي فترات التبويض، إضافة لحماية الأنواع المهددة بالانقراض كالسلاحف والدولفين، والتوعية بطريقة معالجتها وإعادتها للماء حال الإمساك بها بالخطأ.

ويوضح صلاح أن قانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية الصادر برقم 146 لسنة 2021، نظم قواعد ممارسة الصيد وأدواته وفترات وقفه، بينما ينظم قانون البيئة حماية التنوع البيولوجي في البيئة البحرية وحمايتها من كافة الأنشطة التي تضر بها.

ويقول لرصيف22 إن الجهاز يعمل على ضمان تحقيق الصيد المستدام بالتعاون مع الأجهزة البيئية المعنية في تطبيق العقوبات على المتجاوزين، ممن يستخدمون طرق صيد غير قانونية كالمتفجرات والصعق بالكهرباء أو الصيد في الأماكن الممنوعة، ونشر التوعية بأنواع الشباك وفترات الصيد المناسبة.

 صيادون رياضيون ينشرون ثقافة الصيد المستدام في مصر

قرار حظر الصيد

يحظر قانون البيئة في مادته رقم 28 اصطياد الكائنات البحرية، ويستثنى أصنافاً معينة في اللائحة التنفيذية، تتضمن الأسماك والأنواع البحرية الشائعة التي تُصاد وتباع في الأسواق بغرض الأكل، بحسب ما يفيد الباحث بملف العدالة البيئية والمحامي البيئي أحمد الصعيدي.

ويبيّن الصعيدي لرصيف22 أن محافظة البحر الأحمر أصدرت قراراً العام الماضي بحظر الصيد لمدة محددة بغرض حماية الأنواع البحرية النادرة، في إشارة منه إلى قرار منع الصيد بالبحر الأحمر رقم 339 لسنة 2023، الذي حظر الصيد الترفيهي بكل أنواعه لمدة شهرين ونصف اعتباراً من منتصف مايو/ أيار.

أصبحنا نعطي نقاطاً إضافية على صيد السمكة وتحريرها في الماء، تفوق بكثير نقاط الوزن، ونمنح نقاطاً على الأنواع المختلفة وليس الكميات، فأصبح الفوز لمن يصطاد أنواعاً أكثر وليس كميات أكبر، ووضعنا اشتراطات في البطولة تتعلق بأدوات الصيد

ويؤكد المهندس حسام محرم المستشار السابق لوزير البيئة في حديثه لرصيف22 على أن البيئة البحرية أحد أهم مستودعات الموارد وهي مخزون استراتيجي للبشرية، لذا ظهر مصطلح الصيد المستدام للحفاظ على هذه الثروات الطبيعية عند إدارة أنشطة الصيد، بما يضمن التوازن بين حفظ حقوق الأجيال القادمة في التمتع بالموارد وحق الأجيال الحالية في التمتع بها، وعدم السماح بالصيد الجائر الذي يؤدي بالتدريج لنضوب واختفاء بعض الأصناف البحرية، عندما يكون معدل الصيد لها أعلى من معدل تجددها بالتكاثر.

وتعتبر مسابقات الصيد الرياضي من ضمن وسائل التوعية البيئية لنشر ثقافة الاستدامة في مجال الصيد، ومحاولة لفت أنظار المجتمع والأفراد والمؤسسات والمجتمع المدني لأهمية الاستدامة للحفاظ على الموارد الطبيعية، بحسب ما يوضح الخبير البيئي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما أحوجنا اليوم إلى الثقافة البيئية

نفخر بكوننا من المؤسّسات العربية القليلة الرائدة في ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺇﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻮﻋﻲ البيئيّ. وبالرغم من البلادة التي قد تُشعرنا فيها القضايا المناخيّة، لكنّنا في رصيف22 مصرّون على التحدث عنها. فنحن ببساطةٍ نطمح إلى غدٍ أفضل. فلا مستقبل لنا ولمنطقتنا العربية إذا اجتاحها كابوس الأرض اليباب، وصارت جدباء لا ماء فيها ولا خضرة.

Website by WhiteBeard
Popup Image