شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
وزيرة ألمانية تبرر تصفيقها لصانع الفيلم الإسرائيلي دون الفلسطيني... وتهديدات بالقتل لصانعي الفيلم

وزيرة ألمانية تبرر تصفيقها لصانع الفيلم الإسرائيلي دون الفلسطيني... وتهديدات بالقتل لصانعي الفيلم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رغم وقوف إدارة مهرجان برليناله في موقفها الرسمي المعلن مجدداً من قبل رئيسته ماريته ريزنبيك في حفل توزيع جوائز النسخة الـ74، عند دعوة إسرائيل لفعل كل شيء لحماية المدنيين في غزة ودعوة حماس لإطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين، ضج "قصر برليناله" مساء 24 فبراير/ شباط، بالدعوات لوقف إطلاق النار، التي ظلت تطل برأسها مراراً خلال توزيع الجوائز، ثم باتت فلسطين أحد الموضوعات الرئيسية عندما ذهبت إحدى الجوائز للوثائقي الفلسطيني "لا أرض أخرى"، مما أغضب الساسة في برلين وألمانيا عموماً.
ومع بدء توزيع الجوائز، وقف فنان الصوت الباسكي، خابيير اركيزيا، خلف المايكرفون ليقدم لجوائز الأفلام القصيرة، وهو عضو في لجنة تحكيمها، معلناً موقفه بوضع إصبعه على ملصق "لوقف إطلاق النار الآن"، على سترته. 
وقالت أليزا هيتمان، قبل تقديم جائزة أفضل فيلم طويل أول، وهي عضوة في لجنة تحكيمها، إن وجودها في برلين يعني لها الكثير كمخرجة يهودية، حصلت على جائزة الدب الفضي في العام 2020، حيث كان جدها جندياً هناك خلال الحرب العالمية الثانية، كطبيب، وأخذت عنه شغفه الكبير بالفن والسينما، وانخراطه في مناهضة الحرب،

بدأت الممثلة الإيطالية ياسمين ترينكا تقديمها جائزة الدب الفضي لأفضل أداء مساعد، قائلة: "إني أريد رفع صوتي أيضاً لأطالب بوقف إطلاق النار الآن".

مؤكدة أنه ليست هناك حرب عادلة، وكلما زاد عدد الناس الذين يريدون اقناع أنفسهم بذلك، بات الأمر غريباً أكثر، ويكذب المرء على نفسه، وأن هذا شيء فكرت كثيراً فيه خاصة مع وجودها هناك.

ظهرت المنتجة الدنماركية كاترين بروس أيضاً وهي تضع ملصق "لوقف إطلاق النار الآن" على قميصها، كذاك الذي وضعته هيتمان لدى وصولها للسجادة الحمراء.
وبعد أن أنهى غيوم كايلو وبين روسيل حديثهما عن فيلمهما "ديركت أكشن"، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم في قسم "إنكاونتر"، قال روسيل، الذي كان يرتدي الكوفية، إنهم بالطبع يقفون هناك لأجل الحياة وضد الإبادة الجماعية ويدعون لوقف إطلاق النار في غزة. 

غيوم كايلو وبين روسيل، صانعا فيلم "ديركت آكشن"، خلال افتتاح مهرجان برليناله. مصدر الصورة: صفحة المهرجان الأساسية.
ومع حضور لجنة التحكيم التي توزع الجوائز الكبرى، بدأت الممثلة الإيطالية ياسمين ترينكا تقديمها جائزة الدب الفضي لأفضل أداء مساعد، قائلة: "إني أريد رفع صوتي أيضاً وأطالب بوقف إطلاق النار الآن".
وقالت ماتي ديوب، التي فاز فيلمها "داهومي"، بكبرى جوائز برليناله، خلال كلمة استلامها جائزة الدب الذهبي، بأنها تقف متضامنة مع فلسطين.
وقدمت لجنة تحكيم أفضل فيلم وثائقي، وهي مكونة من صانع الأفلام الوثائقية، العراقي الفرنسي عباس فاضل والمخرج الألماني توماس هايسه والمخرجة الفرنسية فيرينا بارافيل، أسباب منحهم الجائزة لفيلم "لا أرض أخرى".
وقال فاضل إنه أحياناً يسحرنا فيلم ويأخذنا معه أبعد من كل معيار جمالي ونمطي، وأن أهمية الفيلم واضحة، وأنه جذب اهتمامهم وتغلغل إلى أعماقهم، وصوتوا على منحه الجائزة بالإجماع.
وأمام جمهور المهرجان الذين امتلأ القصر بهم، قال الألماني توماس هايسه إن الفيلم يصف يوميات قرى مسافر ياطا في الضفة الغربية، ويوثق باسل عدرا المولود هناك، والصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام، ما يجري هناك منذ أعوام بكاميرا صغيرة، ومع إعلان القرية تعسفياً كساحة تدريب عسكرية، يصبح تدمير القرية والمنازل والمدرسة وساحة اللعب، كارثة قانونية حقيقية بالنسبة للعائلات الفلسطينية، الذين يعيشون هناك منذ سنوات طويلة، إن تركوا الأرض ضاعت، وتصبح تابعة للدولة الإسرائيلية، لذا يعودون لبناء بيوتهم المدمرة دوماً مجدداً، أو يعيشون في كهوف في المنطقة حتى إخلاء عنيف آخر.

"الفيلم يظهر لنا الأضرار المقصودة والموجهة التي تتسبب بها سياسة غير إنسانية خرقاء للحكومة الإسرائيلية، وأيضاً هجمات المستوطنين اليهود المسلحين على القرى بهدف طرد الفلسطينيين". المخرج الألماني توماس هايسه
وأضاف أن الفيلم يظهر لنا الأضرار المقصودة والموجهة التي تتسبب بها سياسة غير إنسانية خرقاء للحكومة الإسرائيلية، وأيضاً هجمات المستوطنين اليهود المسلحين على القرى بهدف طردهم والتصرف المشترك للجيش والمستوطنين، وأنهم يجدون في الفيلم جرحى وقتلى وعجزاً كبيراً وطاقة يائسة لدى باسل لإعطاء شهادة على ذلك، وهو يفعل ذلك بمسؤولية كاملة وبدقة، وهو الأساس الحقيقي في الفيلم الوثائقي.
وقالت بارافيل، التي علقت "لوقف إطلاق النار الآن" على ثوبها، إن "لا أرض أخرى"، كان بالنسبة لهم: "لا فيلم آخر، ولا يمكن أن يكون هناك أي إنكار لرعب لا هوادة فيه للاحتلال العسكري غير الشرعي الإسرائيلي واستيطان الضفة الغربية". 
قالت المخرجة الفرنسية بارافيل، التي علقت "وقف إطلاق النار الآن" على ثوبها، إن، لا أرض أخرى، كان بالنسبة لهم: "لا فيلم آخر، ولا يمكن أن يكون هناك إنكار لرعب لا هوادة فيه للاحتلال العسكري غير الشرعي الإسرائيلي"
ورأت أن ما يميز الفيلم تجاوزه النقد وإظهاره وإيضاحه فظاعة لا يمكن تصورها لما يحدث، وأيضاً القوة والتفاؤل غير المتصور لدى الذين يتحملون ذلك، مضيفة أن: "العالم مشتعل، في حين لا يريد الكثير منا النظر إلى هناك. في الفيلم أرواح جميلة، تُدمر بيوت عائلاتهم بلا هوادة. أرجو ألا يشيح العالم بنظره عن هذا الفيلم، برافو!".

وقال باسل عند استلام الجائزة، إنه وعائلته يعملون على تصوير هذا الفيلم منذ أعوام، وإن مجتمعه يمحى من قبل الاحتلال الوحشي، وإنه من الصعب جداً عليه الاحتفال بالجائزة عندما يُذبح عشرات الآلاف من شعبه في غزة من قبل إسرائيل وتجرف مسافر يالطا بالبلدوزر، وإنه يدعو ألمانيا من برلين التي يتواجد فيها لوقف إرسال السلاح إلى إسرائيل كما تدعو الأمم المتحدة. 
فيما قال يوفال إنهم تجمع صانعي أفلام ويشاركهما الجائزة حمدان بلال وراشيل سزار، و أنه وباسل يقفان الآن وهما في نفس السن، وسيعودان بعد يومين إلى بلد لن يكونا متساويين فيه، فهو يعيش تحت حكم مدني وباسل تحت حكم عسكري، يعيشان على مسافة 30 دقيقة بيدين أحدهما عن الآخر، لكن لديه حق التصويت وباسل لا يمتلك هذا الحق، وفي حين يستطيع التحرك كما يريد، باسل عالق كملايين الفلسطينيين في الضفة المحتلة، مضيفاً أن وضع الأبارتايد (التمييز العنصري) هذا يمثل انعداماً للمساواة، وينبغي أن ينتهي، وأن فيلمهم يتعامل كثيراً مع السلطة وتوازن القوى ويسألون كيف يمكنهم إحداث تغيير، وإنهاء الاحتلال، والتحرك نحو حل سياسي، وليس لديهم إجابة، لكن واحدة من الأجوبة هي أن يتخذ الناس موقفاً. 

يوفال أبراهام وباسل عدرا، صانعا فيلم لا أرض أخرى، مصدر الصورة، صفحة مهرجان برليناله الأساسية
وأشار إلى أن هناك في القاعة الكثير من الوزراء وأصحاب النفوذ، الذين تُسمع أصواتهم، ويحتاجون للمشاركة بالدعوة لوقف إطلاق النار وإنهاء الاحتلال والمضي نحو حل سياسي. وقال إنهم يأملون أن يصل الفيلم إلى ملايين الناس، وهو ما لم يكن ممكناً لولا منتجيهم، شاكراً أيضاً باسل على شجاعته، وعمله المؤثر، على حد وصفه. 
وتبلغ قيمة الجائزة المادية الممنوحة بدعم من شبكة "إر بي بي" التلفزيونية والإذاعية العامة في برلين وبراندنبورغ، 40 ألف يورو، تقسم بين المخرجين والمنتجين. ويتنافس على الجائزة 20 فيلماً، من مختلف أقسام برليناله. 
وفاز، لا أرض أخرى، في وقت سابق من ذاك اليوم أيضاً بجائزة الجمهور عن قسم بانوراما في المهرجان، الذي يعرف بغزارة زواره من عشاق السينما. 
وشهدت عروض الجمهور وقوفهم لدقائق يصفقون لطاقم العمل، كما تظهر هذه اللقطات.
مساء الأحد 25 فبراير/ شباط، وقبل تسليم أولريكه ديمر المديرة العامة لشبكة "إر بي بي" التلفزيونية جائزة الجمهور لأفضل وثائقي في برليناله هذا العام لباسل عدرا، في برلين، تحدثت عن كون الفيلم لا يقلل من شأن جرائم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وقال مدير قسم بانوراما في برليناله إنهم لا يتسامحون مع كل أنماط التمييز بما في ذلك معاداة السامية.

ردود فعل هيستيرية 

وأثارت التعليقات في حفلة الختام ردات فعل هيستيرية في النقاش العام الألماني، وحُولت إلى فضيحة، لم تفارق خلالها "معاداة السامية" الألسن.
وعبر عمدة برلين الحاكم كاي فيغنر، عن غضبه مما جرى في الحفل قائلاً أن ما جرى في برليناله كان تقليلاً من شأن الجرائم، لا يحتمل. وأن ليس هناك مكان لمعاداة السامية في برلين، وهذا يسري على المشهد الفني أيضاً. وقال أنه يتوقع من المديرة الجديدة للمهرجان ضمان عدم تكرار مثل هكذا وقائع. 
وقال: "برلين لديها موقف واضح عندما يتعلق الأمر بالحرية. برلين تقف بثبات إلى جانب إسرائيل. ليس هناك شك في ذلك، وأن المسؤولية الكاملة للألم العميق في إسرائيل وغزة يقع فقط على عاتق حماس، التي في يدها فقط إنهاء هذه المعاناة بتحرير كل الرهائن وإلقاء السلاح. ليس هناك مكان للتقليل من شأن الجرائم". 
وتحدث سيناتور الثقافة في ولاية برلين، جو جيالو، عن بروباغندا معادية لإسرائيل في الحفل مكانها ليست منصات برلين، متأملاً أن تتعامل إدارة المهرجان معها بحزم. 
وقالت السكرتيرة العامة للحزب المسيحي الديمقراطي في برلين، أوتلي كلاين، أنه لا ينبغي منح منصة لكراهية إسرائيل ومعاداة السامية وخصوصاً ليس بأموال دافعي الضرائب، متوعدة بإعادة فقرة معاداة السامية كشرط للحصول على تمويل حكومي في برلين بصيغة جديدة. 
قالت السكرتيرة العامة للحزب المسيحي الديمقراطي في برلين، أوتلي كلاين، أنه لا ينبغي منح منصة لكراهية إسرائيل ومعاداة السامية وخصوصاً ليس بأموال دافعي الضرائب، متوعدة بإعادة فقرة معاداة السامية كشرط للحصول على تمويل حكومي في برلين
وقال ميشائيل روت، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ، إنه لا يدري ما هو أسوأ الهراء المتعلق بالإبادة الجماعية أم التصفيق أم عدم وقوف أحد والاعتراض. 
وأضاف أن: "كل من يملك قلباً يشعر بالأبرياء الذين يموتون، يمن فيهم طبعاً الفلسطينيون. لكن التضامن مع غزة بدون ذكر كلمة عن إرهاب حماس وافتراض أن إسرائيل ارتكبت إبادة هو معاداة سامية". 
وزير العدل ماركو بوشمان انضم أيضاً لجوقة المنددين ب "ظهور معاداة السامية في برليناله دون اعتراض". عندما سأل صحفيون المتحدثة باسم وزارته عما يقصد تحديداً، دارت حول الجواب، وأشارت إلى أنه كان يتحدث عن المهرجان عموماً دون أن تستطيع الإشارة إلى واقعة بعينها.
وقال كرستيان تريتبار، رئيس تحرير صحيفة تاغزشبيغل البرلينية إن: "توزيع الجوائز هذا كان مزعجاً. الحديث عن إبادة جماعية دون اعتراض، الكثير من الكوفيات والتضامن الفردي (مع الفلسطينيين) والإشارة بالكاد مجدداً لإرهاب حماس في مناسبة ثقافية. والتصفيق بحرارة في الصالة". 
"الألمان يعيشون ببساطة في عالمهم الصغير للغاية". الصحفي الألماني جاكوب رايمان.
تغريدة رد عليها صحفي ألماني يساري بالقول الألمان يعيشون ببساطة في عالمهم الصغير للغاية.
دانييل اليسون، سياسي يهودي من حزب الخضر، رحب بفوز الفيلم الفلسطيني بالجائزة، واعتبر أن التضايق مما جرى في حفل توزيع الجوائز رخيص، ورغم أنه لا يشاطر الرأي من يتحدث عن إبادة جماعية لكن هذا الاتهام لم ينشأ من فراغ، مشيراً إلى ساسة إسرائيليين بارزين، ومنهم من الليكود، من يدعون لذلك تماماً، وأنه لا يرى في تلك المبالغة معادة سامية.
وعبرت كاتيا مولر-فاهلبوش، من منظمة العفو الدولية، أمنستي ألمانيا، عن تضامنها مع يوفال وعدرا، قائلة إن التكلم عن الأبارتايد (التمييز العنصري) وانتهاكات حقوق الإنسان ليست معاداة للسامية، هي تسمية للحقائق، وأنه لمن السخيف كيف يبتعد النقاش في ألمانيا عن الواقع.
وقالت يانين فيسلر، النائبة البرلمانية ورئيسة حزب "دي لينكه" أنها متضامنة مع ابراهام وعدرا، وأن التكلم عن انتهاكات حقوق الإنسان والمطالبة بوقف إطلاق النار ليسا معاداة سامية، وليسا استغلالاً لبرليناله، وأنهم تحدثوا عن موضوع فيلمهم، الذي فاز بجائزة.
وكتب غيورغ ريستله، مقدم برنامج مونيتور على القنوات العامة، أن نقد برليناله مخطئ لهدفه، وأن النقد للاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية ليس معاداة سامية بحد ذاتها، وليس هناك واجب للإشارة لإرهاب حماس، عندما يتعلق الأمر بنقد قيادة الحرب الإسرائيلية في غزة: "إن ناسب المرء ذلك أم لا، ذلك يسمى حرية التعبير".
وقالت الكاتبة المعروفة ديبرا فيلدمان، أن ألمانيا تمدح اليهود الذين يذهبون للشارع ضد نتنياهو، لكن الويل لهم إن كان ذلك على المنصات الألمان، فهم يصبحون بذلك معادين للسامية. 
وقالت المتحدثة باسم نقابة عمالية ألمانية، أولريكه آيفر، معلقة على فيديو يوفال وباسل: "يقف إسرائيلي وفلسطيني سوية على منصة ويدعون للسلام، ويحصدون اتهامات معاداة السامية وتهديدات بالقتل. نقاش الشرق الأوسط المعتد بنفسه في هذا البلد مخجل بحق".
"يقف إسرائيلي وفلسطيني سوية على منصة ويدعون للسلام، ويحصدون اتهامات معاداة السامية وتهديدات بالقتل. نقاش الشرق الأوسط المعتد بنفسه في هذا البلد مخجل بحق". المتحدثة باسم نقابة عمالية ألمانية، أولريكه آيفر 

ودعا بعض المغالون في تأييدهم لإسرائيل الحكومة الألمانية إلى سحب دعمها المالي لبرليناله. 

تهديدات بالقتل لصانعي الفيلم

في وقت لاحق، قال الصحفي الإسرائيلي يوفال، على منصة "إكس" إن القناة 11 الإسرائيلية، بثت 30 ثانية مقتطعة من كلمته عند استلام الجائزة، وتصله تهديدات بالقتل مذاك، وأنه مسؤول عن كل كلمة قالها.
ثم نشر يوفال تغريدة على منصة إكس في 27 من فبراير/ شباط، يقول إن جمعاً من الغوغاء اليميني المتطرف في إسرائيل جاءوا إلى بيت أهله بحثاً عنه وهددوا أهله، فيما ألغى رحلته الجوية إلى بيته، وما زال يتعرض لتهديدات بالقتل، بعد أن صنفت وسائل إعلام في إسرائيل وألمانيا خطابه بأنه معاد للسامية. 
وأضاف: "إساءة الاستخدام المرعب لهذه الكلمة من قبل الألمان ليست لإسكات الانتقاد الفلسطيني لإسرائيل بل لإسكات إسرائيليين مثلي (...) يفرغ الكلمة من معناها ويعرض اليهود للخطر في كل أنحاء العالم"، ويضيف أن جدته ولدت في معسكرات اعتقال في ليبيا وغالبية عائلة جده قتلوا من قبل الألمان في المحرقة، وأنه يجد من المثير للسخط خاصة أن يتجرأ الساسة الألمان على تجييش هذا المصطلح ضده بشكل يعرض عائلته للخطر، مشيراً إلى أن زميله باسل عدرا وعائلته في خطر أكبر.
نشر يوفال تغريدة على منصة إكس في 27 من فبراير/ شباط، يقول إن جمعاً من الغوغاء اليميني المتطرف في إسرائيل جاءوا إلى بيت أهله بحثاً عنه وهددوا أهله، وما زال يتعرض لتهديدات بالقتل، بعد أن صنفت وسائل إعلام في إسرائيل وألمانيا خطابه بأنه معاد للسامية
وذكرت صحيفة هآرتس أن القناة العامة الإسرائيلية سحبت اتهامها ليوفال بأنه ألقى خطاباً معادياً للسامية في حفل برليناله. فيما لم تقم وسائل الإعلام الألمانية بخطوة مماثلة.

برليناله تعلن إساءة استخدام حساب لها 

وأثار منشور و"ستوري" على حساب قسم برليناله بانوراما على منصة إنستغرام، الجدل خاصة من بين من يكيلون الاتهامات للمهرجان، حيث تضمنت شعارات موالية لفلسطين إشكالية في ألمانيا مثل شعار "من النهر إلى البحر"، و"الإبادة هي إبادة جميعنا متواطئون"، إلى جانب الدعوة لوقف إطلاق النار. 
وحُذفت المنشورات بعد وقت قصير، ثم نشر المهرجان توضيحاً يقول إنه ليس مصدر المنشورات ولا يمثل موقفه وسيفتحون تحقيقاً جنائياً ضد مجهول. 
وصرح المهرجان في وقت لاحق لوكالة الأنباء الألمانية بأنهم تعرضوا لهجوم هاكرز، وأنه عندما: "يتم إساءة استعمال قناة تابعة للمهرجان على وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض المعاد للسامية، فهذا أمر لا يحتمل"، وأنهم يدينون بشدة هذا الفعل الاجرامي. 

تخبط إعلامي ألماني 

وواظب الإعلام السائد في ألمانيا على الحديث عن فضيحة أو حوادث معاداة سامية في ختام برليناله دون إيضاح ما كان معادياً للسامية فيها. واستمر ذلك رغم توضيح خبير معاداة السامية ميرون ميندل، مدير مؤسسة آنا فرانك، لشبكة "بي إر" البافارية أن الأمر لا يتعلق بمعاداة سامية بل بتصريحات منحازة ضد إسرائيل، وأن شعار "من النهر إلى البحر" المثير للجدل لم يذكر في الحفل بل على حساب إنستغرام تابع لبرليناله، يفترض أنه تعرض للتهكير. 
وقال إنه ليست هناك أفكار بناءة حول التعامل مع الوضع، بل يتعلق الأمر فقط بممارسة سياسة رمزية، معارضاً تشويه سمعة برليناله. 
وطالب الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، المعارض، باستقالة الوزيرة كلاوديا روت. وتحدث زعيم الحزب ماركوس زودر عن صمتها حيال الموضوع.
الخبير مندل انتقد الحزب المذكور، وقال إن روت لا تستطيع النظر إلى داخل رؤوس الفائزين، وأن ذلك تصور منفصل عن الواقع، مطالباً زودر والساسة الآخرين بتقديم بديل، ومعتبراً أن هؤلاء يريدون الاستفادة سياسياً فقط عبر ممارسة سياسة رمزية فحسب، لن تفيد في مكافحة معاداة السامية.
ورأى مندل أنه ليس هناك إمكانية لمنع مثل هذه الكلمات مستقبلاً دون تقييد حرية التعبير، وأنه لا يمكنه تخيل كيف سيكون ذلك ممكناً، طارحاً سؤالاً استنكارياً: "هل ينبغي على موظفي الأمن الصعود للمنصة وإنزال الفائزين/ات؟".
المذيع الرئيسي في القناة الأولى إنغو زامبروني لقب أصحاب التعليقات في الحفل بينهم عدرا ويوفال ب “الجناة" في مقابلة مع سيناتور الثقافة في برلين جوي جيالو، الذي واظب على تسمية التعليقات بأنها معادية للسامية، دون أن يوضح لماذا يراها هكذا. 

وزيرة الثقافة تتعثر بتصفيقها وتوضح

وبات تعليق لوزيرة الدولة للثقافة كلاوديا روت مثار سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن أعلنت في بيان رسمي أنها لم تكن تصفق للمخرج الفلسطيني عدرا بل لزميله الإسرائيلي يوفال الذين ربحا جائزة أفضل وثائقي، بعدما وجدت نفسها تحت ضغوطات وضبطتها الصحافة الشعبوية وهي تصفق في الحفل لهما.
وعلق باسل عدرا على البيان بالقول: " هذه معايير مزدوجة ونفاق ممارس من قبل الحكومة الألمانية ضدنا نحن الفلسطينيون/ات".
" هذه معايير مزدوجة ونفاق ممارس من قبل الحكومة الألمانية ضدنا نحن الفلسطينيون/ات". باسل عدرا أحد مخرجي فيلم لا أرض أخرى
في مقابلة مطولة مع صحيفة ديرشبيغل، اعتبرت روت أنه من المر أن يرخي حفل ختام، أخفق ولا يطاق جزئياً، بظلاله على برليناله ككل، متحدثة عن تحضيرهم أنفسهم بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، لمختلف السيناريوهات المتوقعة في برليناله، وخشيتها أن يتعرض صناع أفلام إسرائيليون لهجوم أو أن يحدث تشويش على العروض، وأن كل شيء مضى بشكل جيد حتى جرى ما جرى في ليلة توزيع الجوائز.
وسألها صحفيا ديرشبيغل عن تصفيقها لخطاب عدرا ويوفال عند استلامهما الجائزة، وتحدث يوفال عن أبارتايد وباسل عن ذبح الفلسطينيين. ورأت روت أنه لأمر جنوني أن يصبح الأمر متعلقاً الآن فقط متى ولماذا صفقت. لكنها توقفت ملياً عند ذلك وقالت أنها صفقت لتصريحات يوفال، حتى وإن وجدت وصفه للوضع في الضفة الغربية بأبارتايد اشكالياً للغاية، توصيف ترفضه هي، لكنه تحدث عن حل سياسي ودعا لحياة مشتركة سلمية ومتساوية الحقوق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أمر توافق عليه، وتجد من المؤثر أن يقف وهو يحكي مع فلسطيني على المنصة.
وعند سؤالها عن الفلسطيني الذي لم تصفق له، قالت إنها لم تصفق ليوفال لأنه إسرائيلي ولم ترفض التصفيق لباسل لكونه فلسطينياً: "هذا سخيف"، وإنما لأنه تحدث عن "ذبح" مفترض لمدنيين في غزة من قبل الجيش الإسرائيلي، دون أن يذكر بكلمة واحدة المذبحة الوحشية التي ارتكبتها حماس ضد أكثر من ألف إسرائيلي. كان هذا بالنسبة لها غير مقبولاً.
وعند سؤالها عدم امتناعها عن التصفيق مع سماع كلمة "أبارتايد"، وامتناعها عند سماع "ذبح"، قالت إنها لم تصفق لهذه أو تلك، وأنها وافقت على الدعوة الجديرة بالتصديق لحل سياسي وسلام مستدام.
وقالت إنها ترى من المفزع أن يتعرض يوفال وباسل للتهديد بالقتل بعد ظهورهما في برليناله، وينبغي لذلك أن يتوقف: "شيء ما لا يمضي حقيقة على ما يرام عندما تكون تلك تبعات تصريحات، وإن كانت مستحقة للنقد، في أهم مهرجان فيلم في ألمانيا". 
عند سؤالها عدم امتناعها عن التصفيق مع سماع كلمة "أبارتايد"، وامتناعها عند سماع "ذبح"، قالت إنها لم تصفق لهذه أو تلك، وأنها وافقت على الدعوة الجديرة بالتصديق لحل سياسي وسلام مستدام.
وقالت إنها ترى من المفزع أن يتعرض يوفال وباسل للتهديد بالقتل بعد ظهورهما في برليناله
وأشارت إلى أنها تعرضت شخصياً لعاصفة انتقادات أيضاً منذ نهاية الأسبوع، ولكن لا يمكن مقارنتها البتة بتهديدات القتل المذكورة، موضحة أن البعض يفترض أنها تدعم مواقف معادية للسامية، فيما يعتبرها آخرون عنصرية لأنها صفقت للإسرائيلي وليس للفلسطيني كما يفترض، ما يجعل النقاش غير ممكناً، فالأمر يتعلق بأبيض وأسود، صديق أو عدو، والمساحات بينها ضائعة، ولا يسمعون بعضهم بعضاً، وكيف أن هذا المناخ يشكل خطورة على اليهود في بلادهم.
وسألها صحافيا ديرشبيغل بجدية، عن قدرتها كوزيرة ثقافة الاعتراض على معاداة إسرائيل على المنصة، وأنه كان بوسعها النهوض ورفع صوتها معترضة وانتقاد ذلك في نفس الليلة، ولم لم تفعل أياً من ذلك، فردت بأنها تتخيل بصعوبة بالغة تدخل ممثل الحكومة الاتحادية والولاية، أي الدولة، في فعالية ثقافية تنظمها برليناله.
ورأت روت في سياق رد آخر أن الحضيض أدنى نقطة وصل إليه الحفل كان ظهور صانع الأفلام الأمريكي بين روسل الذي قال إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. وزعمت روت أنه "مع كل التعاطف مع معاناة المدنيين، ليس لذلك علاقة حقيقة بالوضع في قطاع غزة. إسرائيل تقاتل حماس، وليس ضد الشعب الفلسطيني، الذي يعاني أيضاً من حماس". ووصفت ظهور روسل بأنه كان "لا يطاق"، مضيفة أن هناك "لدى اليساريين المتطرفين معاداة السامية الصريحة المقرفة، الذي يمثله أيضاً الفرنسي جان لوك ميلونشون. روسل كان قد ارتدى الكوفية وتحدث عن (رفاق)، بدا ذلك خلال ظهوره حقاً وكأنه يقصد حماس".
وسأل صحافيا من ديرشبيغل مجدداً بجدية بالغة لماذا لم يتدخل مقدما الحفل، إن كان هناك تحضير مكثف فعلاً كما قالت، فردت بالإشارة إلى أن ذلك ليس دورها، بل دور الجهة المانحة وأنه من حرية الفن منح المسؤولية للقيمين/ات على المهرجان.
وإن أشارت إلى تقديم مديرة برليناله، مارييته ريسنبيك في مقدمة الحفل بياناً بخصوص 7 أكتوبر/ تشرين الأول، رأت أنه كان بالإمكان وكان من الواجب أن يكون هناك تحضير آخر أفضل، فيما يتعلق بالتعامل مع ظهور الفائزين/ات ذات الصلة، وعدم تركها دون رد، وتحديد من سيتصرف حيالها من جهة برليناله، لكن "بعد انتهاء الأمر يصبح دوماً الكثيرون أذكى"، لذا ستعالج ذلك مع حاكم برلين فيغنر.
وفي سياق رد مطول على سؤال حول اتهام الأصوات الداعمة للفلسطينيين للألمان بالانحياز لطرف واحد، والحديث عن الضحايا الإسرائيليين فقط، قالت إنها تأخذ ذلك بجدية، وحاولت جعل ذلك موضوعاً في افتتاح برليناله، وختمت بالقول "خاصة في هذه الأيام ينبغي الحديث بوضوح حول الكارثة الإنسانية الكبيرة في غزة، والخطورة من احتمال اشتداد هذه الكارثة عبر مواصلة الحرب في الجنوب. لكن من يتحدث عن معاناة الفلسطينيين/ات ويصمت عن المختطفين/ات (الإسرائيليين)، كما حصل على المنصة في برليناله، في ذهنه شيء آخر غير السلام".
وعن تعليقها حيال أصوات دولية تقول إن ألمانيا تقف في موقفها من إسرائيل وحيدة هناك، قالت روت إن وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك تتحدث عما يشبه ذلك خلال زياراتها للخارج، لكن بوسعها القول فقط إن ذلك ليس سبباً لتغيير موقفها، مشيرة إلى أنه "مهرجان أفلام يجري على بعض مئات الأمتار فقط من نصب، يذكر بقتل اليهود الأوربيين والأشخاص ذوي الإعاقة والسنتي والروما. كيف بوسعنا المرور فوق مجزرة 7أكتوبر/ تشرين الأول".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard