قال كارلو شاتريان، المدير الفني لمهرجان برلين الدولي للسينما "برليناله" إن فيلمين انسحبا من المهرجان استجابة لدعوات مقاطعة الفعاليات الثقافية والفنية والأكاديمية الألمانية، وهما "رفض مرتين، هل سنعترف بأنفسنا غير مكسورين؟" للمخرج سونيل سانزيغيري، وهو من إنتاج هندي أمريكي، والآخر بعنوان "القادمون الجويون" للمخرج الغاني آيو تساليثابا.
تأتي دعوات المقاطعة لعدم المشاركة في الفعاليات التي تنظمها المؤسسات الثقافية الألمانية على خلفية الموقف الألماني من الحرب على غزة.
وقال تساليثابا على حسابه على منصة الإنستغرام: "لقد اتخذت القرار بسحب فيلمي من المهرجان، ولن أحضر المهرجان، منضماً لأكثر من 1000 فنان/ة وعامل/ة في مجال الثقافة الذين/ اللواتي وقعوا/ن على دعوة قاطعوا ألمانيا، لمقاطعة المؤسسات الثقافية الألمانية، ويأتي ذلك بمثابة رد على الرقابة الحكومية العنصرية والقمعية، وتأييد العنف غير المحدود ضد الفلسطينيين/ات ودعم الضربات العسكرية الأمريكية والبريطانية على اليمن".
وأضاف: "كفنان، لا يسعني إلا أن أتمنى أن يكون فني مفيداً كوسيلة للانتماء وبوابة إلى الأماكن المحررة. يشرفني دائماً أن يتم رؤيتي وفهمي في روايتي للقصص. فإن العمل الذي أقوم به هو عمل سياسي. وبغض النظر، أعتقد أنه من غير النزيه بالأساس أن يقوم الفنان بإخفاء هوياته المهمشة وعدم القدرة على اتخاذ موقف ضد القمع".
"اتخذت القرار بسحب فيلمي من المهرجان، منضماً لأكثر من 1000 فنان/ة وعامل/ة في مجال الثقافة الذين/ اللواتي وقعوا/ن على دعوة قاطعوا ألمانيا". المخرج الغاني آيو تساليثابا
أما سانزيغيري فقال في بيان نشره على حسابه على منصة الإنستغرام أيضاً: "سأسحب عملي من مهرجان برلين الدولي للسينما بعد تفكير طويل في البقاء في المهرجان وإسماع صوتي، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتم دعوتي فيها إلى المهرجان، أنا حزين لتفويت ما كان يمكن أن يكون وقتاً مثيراً، وأنا ممتن للمنظمين/ات على دعوتهم/ن ودعمهم/ن. ومع ذلك، يجب أن نبقى ثابتين/ات في رفضنا للتواطؤ كفنانين/ات وصانعي/ات أفلام. يجب أن نعيش وفقاً لمبادئ عملنا".
ودعا سانزيغيري جميع صانعي/ات الأفلام في برليناله للانضمام إليه، قائلاً: "لدينا في الوقت نفسه فرصة لخلق ظروف جديدة لبقاء عملنا. إن إخراج المرء من سياق موقف ما لا يمنع احتمالات ازدهار الآخرين في مكانه".
تعليقاً على هذه الانسحابات قال المدير الفني للمهرجان شاتريان خلال مؤتمر صحافي افتتاحي لمهرجان برليناله السينمائي: "نأخذ هذه الإشارة بعين الاعتبار، وندرك أن العالم أصبح منقسماً جداً هذه الأيام، ونأسف لهذا القرار لأننا نؤمن بأن برليناله هو مكان للحوار والشمولية، ولم نفكر أبداً خلال عملية الاختيار، عن البلد التي يأتي منها الفيلم".
"البعض يستخدم المقاطعة كوسيلة لجذب الانتباه لأمر مؤلم للجميع في العالم، نحن نحترم قرارهم/ن ولكننا نأسف له أيضاً". كارلو شاتريان، المدير الفني للمهرجان
وتابع: "لدينا فيلمان قادمان من إسرائيل، وهما مثال رائع للتعايش بين الفلسطينيين/ات والإسرائيليين/ات، وهما سياسيان للغاية".
وأضاف: "نحن مهرجان سينمائي دولي، نحن مكان سياسي ونرى أنه يمكن استخدام المهرجان كمساحة للنقاش والبعض يستخدم المقاطعة كوسيلة لجذب الانتباه لأمر مؤلم للجميع في العالم، نحن نحترم قرارهم/ن ولكننا نأسف له أيضاً".
وقالت الفنانة اللبنانية الألمانية يارا نصّار لرصيف22: "كنت أتمنى أن يكون فعل المقاطعة غير ضروري، فليس من الجيد بأن يشعر الفنانون والعاملون في القطاع الثقافي بأن عليهم أن يقوموا بهذا الفعل لتسليط الضوء على الوضع في ألمانيا، حيث يقاطع فنانون/ات عالميون/ات ما تقوم به ألمانيا من قمع الفنانين/ات، وخصوصاً الفلسطينيين/ات والعرب واليهود المعادين للصهيونية".
يذكر أن 20 فيلماً يتنافسون على جائزتي الدب الذهبي والفضي لمهرجان برليناله، من بينها فيلمان روائيان طويلان بالإضافة إلى فيلمين وثائقيين، تمثل إنتاجات من 30 دولة.
19 فيلماً تعرض لأول مرة في العالم. ستة أفلام أخرجتها أو شاركت في إخراجها نساء.
وقال كارلو شاتريان: "ما يدفعنا إلى الاختيار هو بالطبع تنوع القصص ورواة القصص، ولكن أكثر من ذلك، تعدد الأساليب بهدف إظهار الإمكانيات الواسعة للغة السينما".
ويضم القسم التنافسي المسمى: "لقاءات 2024"، 15 فيلماً، تعرض للمرة الأولى عالمياً، ممثلة 17 دولة، من ضمنها فيلمان طويلان وفيلم وثائقي واحد.
يوضح شاتريان: "يتحدى كل فيلم يتم اختياره للمنافسة، الفئات المحددة مسبقاً التي نقيّم بها السينما. إن الاكتشافات السريالية، والحكايات الساخرة، والكوميديا العاطفية، والأفلام الوثائقية الرصدية، والأمثال والتمارين العلاجية ليست سوى بعض الأنواع الموجودة هنا. وفي الوقت نفسه، تقدم العناوين الخمسة عشر معاً، صورة غنية بشكل لا يصدق لعالم القرن الحادي والعشرين، بكل جماله ومآسيه".
من المقرر أن يشارك عدد من الأفلام العربية أو التي تشارك دول عربية في إنتاجها، مثل: "إلى من أنتمي؟"، للمخرجة مريم جبور، وهو من إنتاج تونسي فرنسي كندي نرويجي قطري وسعودي، وفيلم "يوميات من لبنان"، للمخرجة مريم الحاج وهو من إنتاج لبناني فرنسي قطري سعودي، وفيلم "ليس هناك أرض أخرى" إخراج باسل عدرا، وحمدان بلال، ويوفال أبراهام، وراشيل سزور، وهو من إنتاج فلسطيني نرويجي.
"كنت أتمنى أن يكون فعل المقاطعة غير ضروري، فليس جيداً أن يشعر الفنانون والعاملون في القطاع الثقافي بأن عليهم أن يقوموا بهذا الفعل لتسليط الضوء على الوضع في ألمانيا". الفنانة اللبنانية الألمانية يارا نصّار.
كما يشارك فيلم "فانون" للمخرج عبد النور زحزح، الذي يروي سرديات لأحداث القرن الأخير في مستشفى الطب النفسي بالبليدة-جوانفيل، في زمن الدكتور فرانتز فانون، الذي كان رئيساً لقسم سينكييم، بين عامي 1953 و1956. وهو من إنتاج جزائري فرنسي. وفيلم "تشريح ميانمار" للمخرج برابات جيوارانقزان، من إنتاج إماراتي تايلاندي، وفيلم "تابوت الحب المخمور" للمخرجين جوانا حاجيثوماس، وخليل جورجي، من إنتاج لبناني فرنسي. كما تشارك المخرجة دينا ناصر بفيلم "سكون" من إنتاج أردني مصري فلسطيني.
في بادرة جديدة، قام مجلس برلين الثقافي أول الأسبوع بـإلغاء اشتراط "عدم معاداة السامية"، على طلبات التمويل للمشاريع الثقافية والفنية، حيث اعتمد المجلس تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة اليهودية لمعاداة السامية والذي يتضمن انتقاد دولة إسرائيل وسياساتها العنصرية وجرائم الحرب التي ترتكبها ضمن معاداة السامية، وذلك بعد تظاهرات نظمها "تحالف الفنون والثقافة في برلين" أمام مبنى المجلس خلال الفترة الماضية.
وقال المجلس في بيان: "لم يعد بند مكافحة التمييز سارياً بأثر فوري، نظراً للمخاوف القانونية من أن شرط مكافحة التمييز ليس آمناً قانونياً بهذا الشكل، فلن يتم استخدامه بعد الآن في إخطارات المنح بأثر فوري"، إذ قال عضو مجلس الشيوخ عن الثقافة والتماسك الاجتماعي، جو تشيالو: "سأواصل العمل من أجل التطوير غير التمييزي لثقافة برلين. لكن يجب أن آخذ على محمل الجد الأصوات القانونية والناقدة التي رأت أن البند المطروح يمثل تقييداً للحرية الفنية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 23 دقيقةأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يوملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ 6 أيامتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...