ما الجديد الذي تقدمه الاجتماعات العربية على مستوى الملوك والرؤساء في وقت الحرب على قطاع غزة؟ أو ما الذي يستدعي الإعلان عن قمة وعدم عقد لقاء سري، ما لم تخرج القمة بقرارات تغير في موازين اللعبة السياسية الحالية؟
سبق القمة الثلاثية الأخيرة التي عقدت في 10 كانون الثاني/ يناير 2024 في خليج العقبة في الأردن، وضمت الملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، كثير من التكهنات حول ما ستقدمه القمة من جديد، وإن كانت ستحمل اقتراحاً للحل كمبادرة ثلاثية موحدة؟ وتزامنت مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن للمنطقة، الأمر الذي دفع بعض المراقبين لربطهما. مع توقعات بوجود أوراق أو أسئلة تحت الطاولة.
قمة "تسجيل الموقف"
القمة التي عقدت في اليوم المئة للحرب على القطاع هي الأولى من نوعها منذ بداية الأحداث، وما سبقها كانت اجتماعات ثنائية، لكن البيان الذي صدر عن الديوان الملكي الأردني عن مخرجات اللقاء وما تم التصريح به في الصحف المصرية والفلسطينية، ركّزوا على الثوابت التي نادى بها الثلاثة منذ البداية ولم تتم إضافة أي جديد، من رفض التهجير، التحذير من محاولات إعادة احتلال أجزاء من غزة أو إقامة مناطق آمنة فيها، وتأكيد ضرورة تمكين أهالي غزة من العودة إلى بيوتهم. وضرورة ضمان إيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى غزة بشكل دائم وكاف، للتخفيف من الوضع الإنساني المأساوي الذي يعيشه الأهل في القطاع.
سبق القمة الثلاثية الأخيرة كثير من التكهنات حول ما ستقدمه القمة من جديد، وإن كانت ستحمل اقتراحاً للحل كمبادرة ثلاثية موحدة، لكنها اكتفت بالتأكيد على الثوابت ما جعل الكثير من المتابعين يصفونها بـ"قمة تسجيل موقف"
عدم تقديم جديد والاكتفاء بالتأكيد على الثوابت جعلا الكثير من المتابعين يصفونها بـ"قمة تسجيل موقف".
يرى مسؤول أردني فضل عدم ذكر عن اسمه في حديثه لرصيف22 أن "القمة لم تعلن ما ناقشته حقاً، وهذا أمر مألوف إذا لم يتفق الزعماء أو كانت المسائل أمنية أو مصنفة كمعلومات سرية، لهذا السبب يبدو بيان القمة بديهياً للعامة، ولا يقدم أي جديد".
ويضيف أن الاجتماع فيما يبدو ناقش التنسيق المشترك من الأطراف الثلاثة وارتأى تفضيل "عدم التصعيد لتأجيل قرار المراهنة على الورقة الأخيرة"، وعن ماهية هذه الورقة، يقول: "بالضرورة نتحدث عن تجميد معاهدات السلام وما لقرار كهذا من تأثير على الاقتصادات الثلاثة، وتحديداً الاقتصاد في منطقة السلطة الفلسطينية التي تلهث للحصول على أموالها من المقاصة المحجوزة لدى إسرائيل".
بلينكن وخلافاته مع السلطة وإسرائيل
هذه القمة تزامنت مع جولة لوزير الخارجية الأمركي تشمل الأردن، وقطر، والسعودية، والإمارات، وإسرائيل، والبحرين، ومصر، والتي رأى مراقبون أنها مثلت انزياحاً طفيفاً في الموقف الأمريكي تجاه الحليفة إسرائيل، وحالة تململ غير معلنة من عدم التزام الأخيرة بتعهداتها، وأهمها أن "تكون ضرباتها على القطاع ذكية وغير عشوائية"، كما صرح بلينكن.
مسؤول: "القمة لم تعلن ما ناقشته حقاً، وهذا أمر مألوف إذا لم يتفق الزعماء أو كانت المسائل أمنية أو مصنفة كمعلومات سرية، لهذا السبب يبدو بيان القمة بديهياً للعامة، ولا يقدم أي جديد".
ففي زيارته -وهي الرابعة منذ بداية الحرب-، ظهر بلينكن في المؤتمر الصحافي الذي عقده في زيارته الأخيرة لإسرائيل الثلاثاء في 9 كانون الثاني/يناير 2024، وكان لافتاً عدم حضور أي مسؤول إسرائيلي، واكتفاء الخلفية على أعلام السفارة الأمريكية في القدس، برغم أن المؤتمر عقد في فندق كيمبنسكي في تل أبيب.
وبحسب الإعلام العبري والعربي فقد كشفت الزيارة عن مدى الخلاف "غير المعلن" بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وذلك بشأن معاملة الأخيرة للفلسطينيين، حيث ظهرت وجهات نظر متعارضة حول متى يمكن للفلسطينيين العودة إلى شمال غزة، أو متى يمكن للسلطة الحصول على عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل. ومدى الخلاف بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى.
فحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقمة الثلاثية سبقه لقاؤه مع بلنكن كذلك، وساده جو من المشاحنات والتوتر بحسب القناة 11 الإسرائيلية، وقد تخللها "مناكفات وتلاسن" بين بلينكن وعباس بحسب المصدر.
على السلطة أن "تصلح نفسها"
ويبدو أن الرئيس الفلسطيني قد استاء من تصريح بلينكن خلال المؤتمر الصحافي، حيث طالب السلطة بمزيد من الحوكمة، حين قال "السلطة الفلسطينية أيضاً تتحمل مسؤولية إصلاح نفسها، وتحسين حكمها، وهي قضايا أعتزم إثارتها مع الرئيس عباس، وآخرين، عندما نجتمع". وهذا مطلب أمريكي مترافق مع رؤية من سيحكم غزة ما بعد الحرب.
حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقمة الثلاثية سبقه لقاؤه مع بلنكن، والذي ساده جو من المشاحنات والتوتر بحسب القناة 11 الإسرائيلية، وتخللها "مناكفات وتلاسن" بين بلينكن وعباس بحسب المصدر
الرئيس محمود عباس كان قد طلب من بلينكن الضغط للإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية. وقال له: "إذا لم يكن عندكم القدرة على تحرير الأموال، فكيف ستكون عندكم القدرة للضغط على إسرائيل وتحقيق السلام والدولة الفلسطينية؟".
سيناريو التهجير
يخاف الأردن ومثله السلطة من أن تكون الضفة الغربية هي التالية على أجندة الحرب الإسرائيلية، خصوصاًً مع اشتعال المواجهات في جنين وطولكرم، والمداهمات اليومية للجيش الإسرائيلي لرام الله والقرى. لذا توحدت التصريحات المصرية الأردنية الرافضة لسيناريو التهجير، على الرغم من
يقول المسؤول الأردني: "الأردن اليوم يخاف من أن يتكرر السيناريو المصري وشعار افتحوا الحدود في حال عدم تمكن السلطة الفلسطينية من تحييد الضفة الغربية، فالمأزق الأخلاقي المصري اليوم ليس بالسهل، فإذا فتحت الحدود فهي تسهل تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية، وإذا أبقتها مغلقة فهي تساعد في إبادتهم وتمنع هروبهم من الموت، وهو ما سيواجهه الأردن بالضرورة وبشكل أكثر صعوبة إذا تكرر السيناريو نفسه، لكون 60% من الأردنيين من أصول فلسطينية ولديهم صلات قربى، أي أن القرار سيتخطى القرار السياسي والإنساني إلى السلم الأهلي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه