شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
حكاية العمّ تكفي لينفتح الجرح… الحياة اليومية في الأدب الفلسطيني

حكاية العمّ تكفي لينفتح الجرح… الحياة اليومية في الأدب الفلسطيني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

في لحظة فاصلة، هي لحظة الحرب تحديداً، نكتشف أن كل ما سبقها كان ترفاً كاملاً. أعرف أن الحروب لا تشتعل بين ليلة وضحاها، وأن هناك الكثير من التصعيدات الأمنية والسياسية التي تسبق حدث الحرب.

في الحروب وضع البشر قوانين عديدةً لوضع المسألة في إطار إنساني. صحيح أن أول قوانين هذه الحرب، القتل، وثانيها سحق المهزوم والتنكيل به وغيرهما العديد من القواعد، ولكن الموت هو الفيصل؛ من يخسر أكبر عدد من الضحايا يُهزم، ومنذ عام 1948 حينما حدثت النكبة، مات عشرات الآلاف في فلسطين، ولكن حتى هذه اللحظة ما زال الشعب الفلسطيني يرفض الهزيمة، وما زال كل فلسطيني يقاوم حتى لو فقد ما قد يبدو للجميع أنه كل شيء.

لا تزال المقاومة مستمرةً في قول لا للهزيمة، ولعل كل ما يحدث الآن برغم وحشيته حمل العديد من المكاسب التي ليس أولها فقط صعود قضية الفصل العنصري ومبادئ الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في فلسطين في حق المواطنين الفلسطينيين. ولكن هذه الحرب جعلت من هذا المواطن العادي جداً غير المنخرط في أي شأن سياسي، مقاوماً يدفع ثمن الأرض غالياً بدمه ودماء أحبابه، وبرغم ذلك يصرخ في الجميع بأن هذه قضيته وحده.

كل فلسطيني كتب ودوّن ما حدث ويحدث في عصره وما يعاني منه شعبه، أصبح الآن مؤرخاً عظيماً، وإننا يجب أن نشعر بالامتنان للكُتب وللكُتّاب الذين ساهموا في حفظ تاريخِ عذاب مواطني هذه البقعة الجغرافية، التي نشاهد محاولات محوها

وما يخبرنا/تخبرنا به كل فلسطيني/ة يومياً ليس جديداً على هذه الأمة التي قاومت منذ أن كان الاستيطان مجرد فكرة. ولكن لأننا انجرفنا إلى تصديق الروايات غير الموثوقة، لم نكن نعرف مدى صلابة هذه المقاومة. كل فلسطيني كتب ودوّن ما حدث ويحدث في عصره وما يعاني منه شعبه، أصبح الآن مؤرخاً عظيماً، فقط لأنه وثّق حقيقةً بدت عصيةً على التصديق في عصر التطبيع والسعي إلى السلام مع عدو لا يريد السلام لأي أحد، لذا فإننا يجب أن نشعر بالامتنان للكُتب وللكُتّاب الذين ساهموا في حفظ تاريخ عذاب مواطني هذه البقعة الجغرافية -التي نشاهد محاولات محوها- من النسيان.

أم سعد... غسان كنفاني يحكي حكاية وطن

غسان كنفاني هو الكاتب الفلسطيني الأشهر على الإطلاق، وسبب شهرته ليس اغتياله في الثامن من تموز/يوليو 1972، في بيروت، مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين، ولكن السبب الأبرز هو جودة فنه الذي قدّم القضية الفلسطينية في خطاب أدبي اجتماعي وليس سياسياً. في روايته "أم سعد"، التي نُشرت سنة 1969، يكتب غسان عن جرح نازف بطول الجسد/الوطن.

وأم سعد امرأة فلسطينية: "هذه المرأة تلد الأولاد فيصيروا فدائيين. هي تخلّف وفلسطين تأخذ". أم سعد لا تتبنى أي خطاب سياسي، هي امرأة فقيرة تعيش في مخيم للّاجئين منذ عشرين عاماً، منذ بداية الاحتلال تقريباً وحتى وقت كتابة هذه الرواية، تحكي لابن عمها على طول الصفحات شذرات عما يدور في حياتها وحياة ابنها "سعد" الذي يقرر الالتحاق بالفدائيين لتحرير وطنه المحتل. هي أم غير متعلمة، فقيرة، تكنس وتمسح البنايات الضخمة من أجل خمس ليرات في الأسبوع.

"־لا، قلت لجارتي هذا الصباح: أودّ لو عندي مثله عشرة، أنا متعبة يا ابن عمي اهترأ عمري في ذلك المخيم. كل مساء أقول يا رب! وكل صباح أقول يا رب! وها قد مرت عشرون سنةً، وإذا لم يذهب سعد، فمن سيذهب؟".

تقاوم هذه المرأة الرمز بكل استطاعتها، ولا تحزن على ذهاب سعد وتعدّ ما فعله المسار الطبيعي الذي يجب عليه أن يسلكه. تفرح بعودته حتى ولو مُصاباً وتفزع عندما تسمع صوت ضرب المدافع والنيران الكثيف.

"طيب! أنت تكتب رأيك، أنا لا أعرف الكتابة، ولكنني أرسلت ابني إلى هناك... قلت بذلك ما تقوله أنت. أليس كذلك؟

‫شعرت بذلك النصل الذي ينبثق فجأةً من أحضان الكلمة البسيطة، وينقذف في صدورنا بسرعة الرصاصة وتصويب الحقيقة".‬

يضع غسان كنفاني نفسه تحت موضع المُساءلة، ويسائل كل من له القدرة على الكتابة أو القول، ويجعل أم سعد/رمز الوطن، تنطق بما لا تقوله الأرض من حزنٍ بسبب القصف، ومن فرح بسبب دفاع الأولاد عنها.

يضع غسان نفسه تحت موضع المُساءلة، ويسائل كل من له القدرة على الكتابة أو القول، ويجعل أم سعد/رمز الوطن، تنطق بما لا تقوله الأرض من حزنٍ بسبب القصف، ومن فرح بسبب دفاع الأولاد عنها. تتمثل فكرة المقاومة في الاستمرارية. أم سعد تعرف أن مصير ابنها أن يعود إلى الفدائيين في كل زيارة لها. أن يعود إلى حيث يجب أن يكون لا أن يذهب باعتباره مجرد زائر!

"يقول إنه سيرجع حين يلتئم الجرح ‫ولاحظت، لنفسي، كيف قالت إنه 'سيرجع' ولم تقل إنه 'سيذهب'، ولكنني لم أفكر كثيراً، كانت أم سعد قد علمتني طويلاً كيف يجترح المنفي مفرداته وكيف ينزلها في حياته كما تنزل شفرة المحراث في الأرض". ‬

من الناحية الفنية يستخدم غسان مشهديةً عاليةً في نقل الصورة، وبتقنية خبرية تحكي أم السعد عن الحياة في المخيم. تحكي لابن العم، وتحكي للعالم عن معاناة أن تكون فلسطينياً في زمن الاحتلال. يحكي غسان، كراوٍ عليم، وبشكلٍ موثوق، ما تحكيه أم سعد بعيون موثوقة ترى الجراح وهي تملأ كفوف الوطن وقلبه، عيون نافذة ترى وتنقل بدقة عدم العدالة المتمثل في وجود احتلال يسرق وطناً من مواطنيه، ويخطف أطفالاً من أحضان أمهاتهم باعتبار كل مواطن فلسطيني منذ لحظته الأولى على أرض هذا الوطن مشروع شهيد فداءً للوطن!

يوميات الحزن العادي... محمود درويش شاهداً على الأحداث

يحكي محمود درويش في كتابه النثري "يوميات الحزن العادي"، شعراً بنكهة القهر، وتاريخ وطن من زاوية شعرية تأريخية، وكفنان، وكمواطن فلسطيني عاش طوال حياته بلا أرض، يبكي درويش وطنه في يومياته العادية!

"إن فكرة الفردوس المفقود تغري المفتقرين إلى موضوع مؤثر، ولكنها تصيب الحالة الفلسطينية بتراكم الدموع وفقر الدم. وهذا هو تفوّق وطني على الجنة، لأنه يشبهها ولأنه ممكن".

ينقسم الكتاب إلى فصول معنونة بعناوين تبدو وكأنها لقصائد، ولكن درويش هنا يحتال على قارئ الشعر، يمرر سيرة النكبة وسير المجازر المتعددة التي مارسها الاحتلال منذ نشأته وحتى الآن في كتاب شاعري حزين. يتذكر درويش ميلاد النكبة، رحيله هو وأهله حينما كان عمره ست سنوات إلى جنوب لبنان حتى تنتهي الحرب وتنتصر الجيوش العربية!

ولكن الطفل الذي ترك بيته باعتبار الرحيل نزهةً قصيرةً، أصبح بين ليلة وضحاها منفياً خارج البلاد أو متسللاً إلى الديار في ما بعد. سيتذكر درويش قوانين العبث التي نشأت بسرعة غير معقولة مع نشأة دولة الاحتلال الصهيوني، وسيُعرّف القارئ العربي الذي لا يعرف من التاريخ شيئاً بأن الاحتلال حكم بالموت على جميع الفلسطينيين بلا تمييز منذ لحظة ميلاده، باعتبار الميلاد بمباركة وعد رئيس الوزراء البريطاني "بلفور" ودعم أمريكي، هو ببساطة إصدار شهادة وفاة لكل مواطن فلسطيني على هذه الأرض.

"أن يتناسل غزاة في أرض الآخرين لا يؤلف حقاً وطنياً لهم. ولكن أن يتناسل شعب في وطنه هو ديمومة الوطنية وشرعيتها".

في بدايات الألفية الحالية، تحكي عدنية من القدس عن مشاهداتها لطائرات الهليكوبتر التي لا تتوقف محركاتها عن الحركة. الضجر الذي تصفه عدنية هو ضجر إنساني غير معني به المواطن الفلسطيني بشكل خاص فحسب.

يفتح درويش جراحه للعالم في كتابه وكأنه يستنجد، وكأنه يقول يا عالم أنا مواطن فلسطيني تمت محاكمة أهلي لأنهم عادوا إلى ديارهم وماتوا فيها لأنهم رفضوا بيع شبر واحد للصهاينة، وكأنه يقول يا خلق، يا عرب، الفلسطيني مات بكل الطرق ولكل الأسباب المنطقية والعبثية، ولكنه رفض أن يمنح للصهيوني حقاً في هذه الأرض. يتذكر درويش المنفى، ونظرات العطف كطفلٍ نازح في بلاد حدودية لبلاده ويحنّ إلى أرض أجداده التي مات من أجلها كل أهله.

"هكذا هم... يرتكبون الجريمة وينفونها. وحين تواجههم الضحية ينحرفون بالكلام إلى السلام".

يتم توقيف أي عربي في الأراضي المحتلة بلا أسباب. هكذا يتم أسر الناس واعتقالهم إذا تم الأمر بشكل سلمي، ولكن في الغالب تحدث الإعدامات بلا سبب كما حدث في مذبحة "كفر قاسم" في أعقاب حرب 1956، حينما قرر قائدان بارزان فرض حظر التجوال من الخامسة مساءً وحتى السادسة صباحاً. تم اتخاذ القرار بعد الرابعة عصراً، ولم يتمكن أحد من العمال خارج القرية من معرفة الخبر. لم يتم التعامل مع أحد بأي رحمة، ببساطة شديدة كل هؤلاء العائدين انتظرهم جنود الجيش برصاص مدعوم صُنع خصيصاً لقتل المواطن الفلسطيني! ومن فصول المحاكمة الهزلية التي حدثت في ما بعد، ما ترتب على هذا القرار من موت عشرات القتلى وتم الحكم على اللواء "شدمي" الذي أصدر الأوامر بتغريمه قرشاً واحداً!

ما يحدث في فلسطين الآن يحدث منذ عام 1948، بلا أي تغيير، بلا أي تهاون. حتى التحقيقات العبثية التي يجرونها منذ أحداث مذبحة كفر قاسم، لا تختلف كثيراً عن التحقيقات في مقتل الصحافية "شيرين أبو عاقلة" التي سقطت برصاصة من جيش الاحتلال في عام 2021، على الهواء مباشرةً في أثناء تأدية عملها.

يقول درويش عن الصراع الصهيوني الفلسطيني: ‏"إن الصهيوني الوقح لا يخجل من الاعتزاز بأن فقدان ستة ملايين يهودي -إذا صحّ الرقم- قد أعطاه وطناً!". ويُضيف في الكتاب نفسه الذي صدرت طبعته الأولى عام 1973، عن مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت: ‏"اللاجئون الذين شرّدتهم النازية وجدوا وطناً لهم في فلسطين. واللاجئون الذين شرّدتهم الصهيونية، أين يقيمون... أين؟".

وبرغم أن هذا السؤال قائم منذ سنوات، ولكن السؤال للغرابة ما زال صالحاً للطرح، وفي خضم جرائم الاحتلال التي تسببت في قتل أكثر من 20 ألف فلسطيني وإصابة أضعاف هذا العدد، ناهيك عن تدمير قطاع غزة وتعريض حياة أكثر من مليوني روح للخطر بسبب العيش تحت سماء تُلقي عليهم كل جديد في عالم الأسلحة، ما زال السؤال قائماً: أين يقيم الفلسطينيون إذا كانت هذه الأرض حقهم والمحتل لا يرغب سوى في إبادتهم؟ وكيف يدرك العرب الذين يدينون المقاومة أن هذا الاحتلال غير مسالم ولم يمر يوم منذ عام 1948 لم يُقتل فيه مواطن فلسطيني إلا بسبب فلسطينيته؟ ولماذا يُهجَّر صاحب الأرض والحق ويتم التعامل معه كغريب ومنفي في كل البلاد ما دامت القضية قضية حق؟

لا يحتاج درويش هنا إلى كتب التاريخ ليُعبّر عن مأساة شعبه. يكفي أن يتذكر أو يسمع حكاية أحد أعمامه لينفتح الجرح بطول السنوات، أو أن ينظر إلى واقعه ويكتب الحقيقة، حقيقة حلم الحياة العادية للمواطن الفلسطيني في زمن الاحتلال!

عدنية شبلي... العيش في زمن الحرب

منذ بداية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، انكشف للجميع مدى ازدواجية المعايير الغربية تجاه ما يحدث في فلسطين من أفعال تطهيرية وجرائم حرب كل يوم بواسطة الاحتلال الصهيوني. وبشكل أقل تأثيراً ضجت الأوساط الثقافية بالاحتجاج على منع تكريم الروائية الفلسطينية "عدنية شبلي" في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، والذي يُعدّ أكبر المعارض العالمية. التكريم الذي تم إلغاؤه والذي كان مقرراً فيه منحها جائزة "ليبراتور" من جمعية "ليتبروم" عن روايتها "تفصيل ثانوي"، التي تنقسم إلى شقّين أحدهما في صحراء النقب عام 1949، عقب الاحتلال الإسرائيلي، والثاني بعد قيام إسرائيل وبناء المستوطنات على الأراضي التاريخية الفلسطينية.

في كتابها "إيحاءات واهنة بالطمأنينة"، الصادر عن دار "ميريت" المصرية في عام 2021، نجد اهتمام عدنية بالموقع الجغرافي كونه هو الأبرز في النص/القصة المنشورة.

يحكي محمود درويش في كتابه النثري "يوميات الحزن العادي"، شعراً بنكهة القهر، وتاريخ وطن من زاوية شعرية تأريخية، وكفنان، وكمواطن فلسطيني عاش طوال حياته بلا أرض، يبكي درويش وطنه في يومياته العادية

في بدايات الألفية الحالية، تحكي عدنية من القدس عن مشاهداتها لطائرات الهليكوبتر التي لا تتوقف محركاتها عن الحركة. الضجر الذي تصفه عدنية هو ضجر إنساني غير معني به المواطن الفلسطيني بشكل خاص فحسب، لكونه يعيش على أرض محتلة بواسطة الصهاينة. مشاهد يومية وتدوينات عن الموتى الذين يتساقطون بعادّية شديدة من فرط التكرار على يد قوات الاحتلال، صداع في الرأس بسبب صوت محركات الطائرات، ورمزية لوجود فراشات تحلق في المنزل أو في الخارج أمام النافذة ربما تشتاق إلى الحرية ولكنها لا تعرف الهجرة إلى خارج البلاد.

يحضر المكان في تدوينات عدنية مرةً أخرى في قصة "نعي أستاذ فاضل من حي الأرمن، شارع أراراط رقم 19"، التي تُذيلها الكاتبة بتوقيع "رام الله، ربيع 2004". القصة تدور عن الضجر من الجيران وخلافاتهم اليومية ورتابة العيش في بنايات متلاصقة كل سكانها يتشاجرون مع بعضهم. لا تحكي عدنية عن المكان باعتباره نقطة حرب دائمة كما اعتدنا في الأدب الفلسطيني الكلاسيكي، أو كما نتوقع من هذا الأدب المعاصر، ولكنها تضع المكان باعتباره متناً للحدث، وهو المكان نفسه الذي يسعى المحتل إلى هدمه ومحوه هو وسكانه من الحياة ومن الذاكرة.

تظهر أماكن أخرى غير الأماكن الفلسطينية في كتابات الكاتبة المقيمة في برلين، مثل "لانجنبرويخ"، "لندن"، و "باريس"، وهي أماكن ربما يفيد تدوينها في نهاية كل نص بتعريف القارئ بموقع أحداث النص أو الحيثيات الجغرافية لكتابته أو الأماكن التي تم فيها الانتهاء منه، ولكن الأماكن الفلسطينية تحديداً، التي تدور فيها القصص الثنائية التي تعبّر عن حياة يومية مملة وروتينية تُشير للآخر -غير العالم- بأن هذا المكان الفلسطيني يعيش فيه أشخاص حقيقيون، بشر لهم حق في الحلم والهدوء والحياة، وليسوا مجرد أهداف للكيان الصهيوني يمكنه محوهم بأحدث وسائل الحرب فقط لتحقيق مبدأ الإبادة الجماعية الذي تقوم عليه دولة إسرائيل.

ولعل الأحداث الجارية كشفت ازدواجية المعايير السياسية والإنسانية في المجتمع الغربي الذي تشكلت قواه العظمى عن طريق احتلال ونهب الثروات من الدول لذلك لم يكن من الغريب على هذا المجتمع الازدواجي أن يُكرّم عدنية شبلي، ثم يلغي هذا التكريم في الوقت الذي يعود فيه اسم فلسطين على رأس الأحداث ويتم فيه قتل الآلاف وتشريدهم بأبشع الطرق. ليس غريباً على هذا العالم الذي يحتفي بشعر محمود درويش بكل اللغات أن يقمع شعبه ويرفض حقه في المقاومة، وليس غريباً على بلاد تُرجمت إلى لغتها أعمال غسان كنفاني أن ترفض وقف إطلاق النار في فلسطين لأنه يحقق مصالح إسرائيليةً.

هذا العالم لا مكان فيه للاتّساق، في ظل وجود تظاهرات عالمية في كل الدول تطالب بوقف الإبادة الجماعية. ما زالت هناك حكومات عربية وأجنبية ترفض القرار لأسباب يجهلها الجميع، ولكن على ما يبدو أننا سنظل ننتظر كثيراً حتى يولد من يحقق نبوءة أمل دنقل، ويلبس الدرع كاملاً، ويوقد النار شاملةً، ويطلب الثأر، ويستولد الحقَّ من أَضْلُع المستحيل.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نرفض أن نكون نسخاً مكررةً ومتشابهة. مجتمعاتنا فسيفسائية وتحتضن جماعات كثيرةً متنوّعةً إثنياً ولغوياً ودينياً، ناهيك عن التنوّعات الكثيرة داخل كل واحدة من هذه الجماعات، ولذلك لا سبيل إلى الاستقرار من دون الانطلاق من احترام كل الثقافات والخصوصيات وتقبّل الآخر كما هو! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، فكل تجربة جديرة بأن تُروى. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard