شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
من المستفيد؟ الغاز في كُل مكان ولكن لا يُمكن العثور عليه في لبنان!

من المستفيد؟ الغاز في كُل مكان ولكن لا يُمكن العثور عليه في لبنان!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الخميس 21 ديسمبر 202307:48 م
Read in English:

Cui Bono? Gas gas everywhere but not a molecule to find in Lebanon

يواجه لبنان نقصاً مستمراً في إمدادات الطاقة منذ عقود، ومع ذلك، فإن ظهور مولدات الديزل الخاصة والشبكات الشمسية الفردية المثبتة مؤخراً، يقلل من تأثير انقطاع التيار في جميع أنحاء البلاد. أسفرت الحرب الأهلية عن تدمير هائل للبنية التحتية في لبنان، وكانت الاستثمارات الكبيرة في قطاع الطاقة تضيع في نهاية المطاف.

بالرغم من أن العالم يتجه الآن نحو عصر الطاقة المتجددة والذكية، فإن نموذج الطاقة في لبنان لا يزال يعتمد على محطات الوقود الثقيل ومولدات الديزل. تستورد البلاد 97% من طاقتها، معظمها من الوقود الأحفوري. يكلف قطاع الكهرباء الخزانة نحو ملياري دولار سنوياً نتيجة أسباب عدة منها: تجميد أسعار الكهرباء منذ عام 1994، وتكاليف التشغيل العالية، والمحطات القديمة منخفضة الكفاءة، والخسائر الفنية وغير الفنية العالية، والفواتير غير المدفوعة، وزيادة استهلاك الكهرباء بسبب اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى نقص في الشفافية والمصداقية والمساءلة.

تزعم الإصلاحات المخططة في "ورقة السياسة لقطاع الكهرباء"، في عام 2010، والتي تم تحديثها في عام 2019، بتوفير الاستقرار والربحية إذا تم تنفيذها. ومع ذلك، لم تحتوِ الورقتان الرئيسيتان على أي إشارة إلى القطاع الناشئ للبترول وتأثيره المحتمل على مكونات عدة في خطة الكهرباء (عدد وحدات تخزين وإعادة تسييل الطاقة FSRUs، والخليط المحتمل والمقترح المناسب للبنان بالنسبة إلى اكتشافات المستقبل، إلخ). يجدر الإشارة هنا إلى أن كلا النسختين الأصلية والمحدثة من الورقة، صدرتا خلال فترتين مهمتين في حياة قطاع البترول الناشئ في لبنان: عام 2010 كانت السنة التي صادق فيها البرلمان اللبناني على الأنشطة البترولية في البحر اللبناني في شكل القانون 132/2010، وعام 2019 هو عام كانت فيه استعدادات حفر أول بئر في الكتلة البحرية اللبنانية رقم 4 في طور متقدم.

نقدّم هنا الوضع الحالي لقطاع الطاقة في لبنان، وتحدياته الرئيسية، والفوائد المحتملة التي يمكن أن تقدّمها الطاقة الخضراء.

الغاز في كل مكان

في عام 1947، وفي أثناء البحث عن كبريتيد النيكل والكوبالت في قرية يحمور في وادي البقاع، تم العثور على صخور وحيوانات بحرية متحجرة تشبه البيئات الصخرية التي عادةً ما توجد بالقرب من حقول النفط، مما أثار اهتماماً بالحفر في مواقع عدة. بين عامي 1947 و1967، تم حفر سبع آبار في البرّ في تربل، والقاع، وعبرين، وتل زنوب، ويحمور، وسهمور، وعدلون. لوحظ وجود بيتومين وآثار غاز، ولكن تم عدّ تكلفة الاستخراج مرتفعةً جداً. تعرقلت أي "مساعي لحلم البترول" في السنوات التي تلت ذلك بشكل كبير وتم تدميرها بفعل الحرب الأهلية الشرسة التي دمرت البلاد وشردت العباد، لمدة 15 عاماً (1975-1990).


في عام 1993، عاد الاهتمام بموارد لبنان الطبيعية إلى الواجهة، ولكن هذه المرة كان الاهتمام بالموارد البحرية، من خلال إجراء أول دراسة "سيزمية" (دراساة زلزالية لجمع المعلومات عن طبقات الأرض)، بهدف فهم بعض الخصائص الجيولوجية للتضاريس البحرية في لبنان وتحديد التكوينات الجيولوجية والصخرية التي يمكن أن تحتفظ بالنفط أو الغاز الطبيعي. في آب/ أغسطس 2010، صادق البرلمان اللبناني على "قانون الموارد البترولية البحرية" (OPRL 132/2010)، الذي يحدد المبادئ الرئيسية التي تحكم قطاع النفط والغاز في لبنان على طول سلسلة القيمة، من الاستكشاف إلى الإنتاج.

لتقييم التأثيرات البيئية والاجتماعية المحتملة لإدخال وتطوير أنشطة النفط والغاز في لبنان، ووفقاً لأفضل الممارسات، قامت الحكومة في عام 2012، بتكليف استشاري لإعداد أول "تقييم بيئي إستراتيجي" (SEA) لقطاع البترول البحري في لبنان. في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، تأسست "إدارة البترول اللبنانية" (LPA)، للعمل تحت إشراف وزير الطاقة والمياه. تم إجراء أول جولة للتأهيل المسبق في عام 2013، ونجحت 46 من بين 52 شركةً: 12 شركةً بصفة مشغلة، و34 شركةً بصفة غير مشغلة. لكن أول جولة ترخيص للتقديم على 5 من بين 10 كتل بحرية، والتي كان من المفترض أن تُطلق في العام نفسه، لم ترَ النور أبداً. في الواقع، أضاعت الدولة اللبنانية 4 سنوات قبل موافقة مجلس الوزراء على المرسومين اللازمين لإطلاق الجولة الأولى (رقم 42/2017 و43/2017).

دليل كامل لوضع الطاقة في لبنان من إعداد الخبيرة ديانا قيسي بعد أن ثبت أن البلوك 9 مخيب للآمال أيضًا: لم يتم العثور على غاز.

في حين أن الخطوات الأولى المبكرة (2010-2013)، أظهرت نهجاً حثيث الخطى نحو إطلاق قطاع النفط والغاز، إلا أن هذه الحماسة لم تُترجم إلى عمل كان مطلوباً بشكل كبير لإطلاق هذه الجولة الأولى للترخيص. لأسباب غير معروفة، تُرجم المأزق السياسي إلى امتناع عن تصديق المرسومين لمدة 4 سنوات. في عام 2013، وصل سعر النفط إلى عتبة المئة دولار للبرميل الواحد، مما أدى إلى أن تكون هناك رغبة أكبر لدى الشركات الدولية في الاستثمار في الاستكشافات (وتالياً العدد اللافت للشركات المهتمة بالتأهيل المسبق لجولات الترخيص في لبنان).

أرسلت التأخيرات غير المبررة في إبرام المرسومين لاستكمال الشروط القانونية لإطلاق الجولة الأولى، رسالةً سلبيةً إلى المستثمرين الدوليين، وأثّرت على أي تقدم في قطاع البترول الناشئ في لبنان. في نهاية المطاف، عندما أصدرت الحكومة اللبنانية، أخيراً، المرسومين، بعد أربع سنوات (عام 2017)، كان العالم، خاصةً في قطاع الصناعات الاستخراجية، في مكان مختلف. انخفضت أسعار النفط والغاز بشكل كبير مع وصول سعر برميل النفط إلى 35 دولاراً للبرميل. انخفضت شهية المستثمرين بشكل كبير، مع انخفاض العائدات إلى مستوى يقارب عدم وجود أرباح تكفي للتشجيع على الخوض في استثمارات غير مضمونة النتيجة، مثل الأنشطة الاستكشافية. باختصار، فقد لبنان فرصته الذهبية.

وعليه، لم يكن مستغرباً أن تسفر الجولة الأولى للتراخيص التي أطلقت سنة 2017، عن تقديم مجموعة واحدة فقط عرضين لبلوكين من أصل البلوكات البحرية الخمسة المعروضة. في 29 كانون الثاني/ يناير 2018، حصل كونسورتيوم مكون من شركة توتال "إس.أي"، كمشغل حقل، وشركتي إيني إنترناشونال "بي. في" و"جي. إس. سي. نوفاتيك" كغير مشغلتين على اتفاقيات الاستكشاف والإنتاج (EPAs) للبلوكين 4 و9.

في بداية عام 2020، قامت المجموعة بحفر أول بئر استكشافية في البلوك 4. بعد ما يقرب من 60 يوماً من الحفر، ظهرت النتائج محبطةً، ولكن بالنسبة للخبراء الذين كانوا يدعون باستمرار إلى إدارة التوقعات، لم تكن مفاجئةً. في حين تم العثور على آثار هيدروكربونية، مما يشير إلى وجود نظام هيدروكربوني، إلا أنه لم يتم العثور على خزان للغاز الطبيعي.

كانت ردود الفعل من الأحزاب السياسية مخيبةً للآمال. بدلاً من التعامل مع القضية بالتحليل الفني المطلوب، والذي يُنصح به كأفضل ممارسة لضمان استمرار وتنمية قطاع البترول في لبنان، تذبذبت ردود فعلهم لتتراوح بين الشك والاتهامات الموجهة إلى الكونسورتيوم بإخفاء اكتشافات الغاز، إلى اتهامات بأن بعض الأحزاب السياسية التي كانت تدّعي ملكية ملف البترول كانت تكذب على الجمهور بخصوص إمكانية أن يصبح لبنان بلداً منتجاً للنفط.

بالتزامن مع النشاط الاستكشافي الحاصل في البلوك 4، كان هناك مسار آخر يتحرك ببطء، ولكن بثبات، من خلال وساطة أمريكية. بعد سنوات عدة من الوساطة الفعالة التي قادتها الولايات المتحدة لحل قضية الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، تم التوصل إلى اتفاق لاعتماد الخط 23 مع إحداثياته لتقسيم المنطقة البحرية بين لبنان وإسرائيل. طُلب من "توتال"، التي تُعدّ المشغل في المجموعة، الاتفاق مع إسرائيل على اتفاق إطاري يضع الأسس لتوزيع الإيرادات في المستقبل في حال كشف الحفر في بلوك 9 عن حقل غاز أو خزان غاز مشترك يمتد إلى ما بعد الحدود البحرية المتفق عليها حديثاً.

 تزيد انبعاثات مولدات الديزل من مشكلات التلوث الهوائي إلى حد تصنيف "غرين بيس" مدينة جونية، التي تقع بالقرب من محطة الذوق الحرارية، خامس أكثر مدينة تلوثاً هوائياً في العالم العربي. ما هي التوقعات؟

استأنف الكونسورتيوم، مع استبدال "نوفاتيك" بشركة "قطر إنرجي" وإعطائها حصة 30% في البلوكين 4 و9 من المنطقة الاقتصادية الخاصة للبنان (كانون الثاني/ يناير 2023)، محاولته لحفر بئر استكشافية أخرى في البلوك 9. باشرت "توتال" الحفر في نهاية آب/ أغسطس 2023، واستمرت الأعمال الاستكشافية 57 يوماً. غير أن خيبة أمل أخرى كانت تنتظر اللبنانيين إذ لم يتم العثور على الغاز (اكتمل الحفر في تشرين الأول/ أكتوبر 2023). ومع ذلك، كان الفارق هذه المرة في أنه تم العثور على خزان، ولكنه كان يحتوي على مياه بدلاً من غاز. وكما في السابق، أتت ردود الفعل السياسية متشابهةً إذ تراوحت ما بين الاتهامات بالتضليل والتخوين.

حالياً، تقوم هيئة إدارة البترول بدراسة عرضين جديدين تلقتهما من المجموعة نفسها (خلال الجولة الثانية للترخيص التي أطلقها لبنان في عام 2020، وأُغلقت في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2023)، للبلوكين 8 و10. وتشير المعلومات الأولية إلى أن العروض ليست في صالح لبنان.

ناضب أو متجدد

أُضيئت أول لمبة في لبنان خلال الإمبراطورية العثمانية في عام 1885. بدءاً من عام 1906، اختارت "الشركة العثمانية المجهولة للتراموايات والكهرباء في بيروت"، تشغيل ترام الكهرباء عبر محركات الاحتراق، وفي الوقت نفسه توسيع المشروع التنموي الأولي ليشمل توفير الكهرباء لأغراض أخرى. في عام 1911، استثمرت بلجيكا في قطاع الطاقة في لبنان، قبل أن تتحول إلى شركة فرنسية في عام 1923. بحلول عام 1952، كانت نحو 30 شركة توليد كهرباء تعمل في لبنان وتغطي حاجته إنتاجاً ونقلاً وتوزيعاً.

إلا أن الحكومة اللبنانية لم تؤسس مؤسسة "الكهرباء الوطنية اللبنانية" (EDL)، قبل سنة 1964، كهيئة عامة ذات طابع صناعي وتجاري. تأسست بموجب المرسوم رقم 16878/1964، وتتحمل مسؤولية توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في لبنان. تتحكم المؤسسة في أكثر من 90% من قطاع الكهرباء في البلاد (بما في ذلك امتياز قديشا في شمال لبنان الذي تمتلكه EDL). ويتألف المشاركون الآخرون في القطاع من محطات توليد الطاقة الكهرومائية التي تمتلكها هيئة نهر الليطاني، والامتيازات لمحطات توليد الطاقة الهيدروكربونية مثل نهر إبراهيم والبارد، بالإضافة إلى الامتيازات للتوزيع في زحلة وجبيل وبحمدون.

في عام 2016، أنتجت EDL أكثر من 13 مليون جيغاواط/ ساعة من خلال 7 محطات رئيسية لتوليد الطاقة الحرارية تمتلكها المؤسسة بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وتقع في مناطق مختلفة من لبنان. حالياً، يبلغ عدد موظفي EDL نحو 1،720 شخصاً (وفقاً للهيكل التنظيمي الرسمي لـ EDL يجب أن يكون عددهم نحو 5،020 شخصاً)، يخدمون أكثر من 1،400،000 مشترك من فئات مختلفة (الجهد المنخفض والمتوسط والعالي).

يضم لبنان 7 محطات لتوليد الطاقة الحرارية، وأكبرها هي محطة الذوق، التي بدأت وحداتها بالخدمة بين عامي 1984 و1987، وبدأت وحدات الجية في العمل بين عامي 1970 و1981، وتم تشغيل صور وبعلبك في عام 1996، والزهراني بين عامي 1998 و2001، بينما بدأت محطة دير عمار بإنتاج الكهرباء بين عامي 1998 و2002.

مع تدهور الوضع الاقتصادي المزمن في لبنان، وغياب الشفافية وانتشار الفساد خاصةً في قطاع استيراد المحروقات، بالإضافة إلى العجز المتراكم لوزارة الطاقة وخسارة EDL المتكررة (بسبب تثبيت تعرفة الـKWh على 9 c/KWh)، خفّت قدرة المعامل على توليد الكهرباء.

واستجابةً لزيادة العجز في الكهرباء، أصبح استخدام المولدات الخاصة التي تعمل بالديزل منتشراً حتى بات يُعدّ اليوم المصدر الرئيس للكهرباء، وأدى التدهور الحالي في إمدادات EDL ونقص الوقود، إلى وضع الضغط على هذه المولدات وجعلها غير قادرة على تغطية فترات انقطاع الكهرباء بشكل كامل.

بدأت الشركات غير الرسمية للمولدات بالعمل بعد بداية الحرب الأهلية في عام 1990، وانتشرت أكثر بعد عام 2006، عندما بدأت بيروت أيضاً باختبار زيادة في عدد ساعات انقطاع الكهرباء. وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، اعتمدت 66% من أسر لبنان عام 2017، بطريقة ما، على مولدات الديزل. وتتضمن الترتيبات عادةً أن يدفع كل منزل رسم اشتراك لمولد يمتلكه "رائد أعمال" محلي يقدّم الطاقة عندما تكون الشبكة الوطنية معطلةً.

دفع فاتورتَي كهرباء، واحدة لـ EDL وواحدة لمالك المولد المحلي، هو اليوم ممارسة معتادة لمعظم السكان. والاعتماد الكبير على مولدات الديزل الخاصة ليس فقط مكلف ولكنه يؤدي أيضاً إلى التلوث الهوائي نظراً إلى أن حرق مثل هذه الأنواع من الوقود يولد مواد جسيميةً بالإضافة إلى غازات سامة مثل NOx وCO2. تزيد انبعاثات هذه المولدات من مشكلات التلوث الهوائي إلى حد تصنيف "غرين بيس" مدينة جونية، التي تقع بالقرب من محطة الذوق الحرارية، خامس أكثر مدينة تلوثاً هوائياً في العالم العربي.

تؤدي هذه الملوثات إلى مشكلات صحية جسدية وعقلية ضارّة، مثل القلق والاكتئاب ومشكلات الانتباه والوفاة المبكرة والربو وأمراض القلب وسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

إلى اليوم، تبقى جميع مشاريع الطاقة المتجددة موجودةً فقط على الورق. يرجع سبب هذه التأخيرات إلى حد كبير إلى الأزمة المالية التي ضربت لبنان في عام 2019، وتستمر في التأثير عليه. بالنسبة للشركات الدولية، لا يزال الاستثمار في لبنان يُعدّ استثماراً عالي المخاطر.

وعود من ورق

على مر الزمن، وعد وزراء الطاقة والمياه اللبنانيون، اللبنانيين بتأمين الكهرباء 24/24 ووضعوا العديد من الخطط، غير أن خططهم لم تكن مثمرةً. أحد الأمثلة على الخطط والسياسات التي تم وضعها عبر السنوات هي "ورقة السياسة لقطاع الكهرباء" لعام 2010، التي تضمنت 10 مبادرات إستراتيجية تغطي بنية القطاع، والعرض والطلب، والجوانب القانونية التالية. زعمت الورقة أن هذه السياسة ستؤدي إلى قطاع طاقة قوي بسعة توليد تزيد عن 4،000 ميغاواط في عام 2014، و5،000 ميغاواط بعد عام 2015، وشبكات نقل وتوزيع موثوقة، وتوصيل فعّال للكهرباء للتكيف مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة للبنان. وادّعت الورقة أن تنفيذ المبادرات الإستراتيجية السبعة في هذه السياسة سيقلل من الخسائر الإجمالية من 4.4 مليار دولار في عام 2010، إلى صفر في عام 2014، حيث سيتم توفير خدمة 24 ساعةً، وإمكانية تحقيق الربح اعتباراً من عام 2015؛ مقارنةً بخسائر سنوية بلغت 9.5 مليارات دولار بحلول عام 2015 إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء. للأسف، لم تسِر الأمور خلال العقد الأخير الذي شمل تنفيذ الخطة، وفقاً للخطة. وفي عام 2018، وصلت الديون التراكمية لـ EDL إلى 30 مليار دولار.

في آذار/ مارس 2019، صدرت نسخة محدثة من هذه الورقة تستهدف ثلاثة حلول مقترحة: التقليل من الخسائر مع تحسين التحصيل، وزيادة سعة التوليد من خلال استبدال زيت الديزل وزيت الوقود الثقيل بالغاز الطبيعي السائل، وزيادة الرسوم (بما في ذلك تحصيل الفواتير من مخيمات اللاجئين). غير أن الانهيار الاقتصادي والمالي شبه الكامل أدى إلى عدم التمكن من تطبيق الخطة.

مع تدخل الجهات المانحة للمساعدة، تمت الموافقة على التمويل بناءً على ثلاثة شروط: إصلاح EDL، تفعيل هيئتها التنظيمية الجديدة المعلنة حديثاً، واستعادة تكاليف الإمداد عبر التحصيل. شروط لن يتم تنفيذها بشكل واضح في المستقبل القريب. على سبيل المثال؛ تم تعيين المهندس كمال حايك مديراً عاماً لشركة EDL في عام 2002، لمدة ثلاث سنوات، ولكنه لا يزال في منصبه. تم تعيين مجلس الإدارة الذي طال انتظاره في تموز/ يوليو 2020، ولكن الهيئة الناظمة للكهرباء (ERA) المكلفة بموجب القانون 462 في عام 2002، لم يتم تعيينها بعد. حتى شركة EDZ تعمل بشكل غير قانوني منذ عام 2018.

في ما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة، يمتلك لبنان 17 نهراً رئيسياً، والسعة المثبتة لجميع محطات الطاقة الكهرومائية اللبنانية الخمسة تبلغ 282 ميغاواط. ونظراً إلى تجاوز معظم الوحدات عمرها الفني المتوقع، تنتج حالياً جزءاً بسيطاً فقط من سعتها الإسمية أو تكون خارج الخدمة تماماً، والسعة الفعلية لتوليد الطاقة الكهرومائية محدودة بما يقارب الـ190 ميغاواط. جهود حديثة مثل تلك التي تم تنفيذها من خلال مشروع "الابتكار من أجل الطاقة الميسورة والمتجددة" (INARA)، تمكنت من إصلاح خط السد في كفر نيس الذي يبلغ طوله 168 متراً، والذي يتصل بمحطة الطاقة الكهرومائية في رشميا. سيحقق هذا الإنجاز الأول إعادة نحو 7 ميغاواط من الكهرباء إلى 17 منطقةً في قضاء الشوف وعاليه.

مصادر الطاقة الكثيرة والعجز الكبير

كانت الطاقة الكهرومائية هي أول شكل من أشكال الطاقة المتجددة التي تم نشرها في لبنان. ومع ذلك، أدت الأسعار المنخفضة المتعاقد عليها ونقص الصيانة و/ أو عدم تجديد محطات الطاقة الكهرومائية، إلى انخفاض مستمر في حصة الطاقة الكهرومائية في مزيج الطاقة. الإمكانات الرئيسية للطاقة الكهرومائية في لبنان تتجلى في أربعة مصادر رئيسية: تأهيل محطات الطاقة القائمة، بناء محطات طاقة جديدة، تطبيقات مايكروهيدرو لتسيير النهر، وتوليد من مصادر غير نهرية. يمكن لأعمال التأهيل لمحطات الطاقة القائمة زيادة إنتاجها السنوي بأكثر من 1،000 جيغاواط/ ساعة. مع بناء محطات الطاقة الجديدة، يُقدّر الإنتاج الفعلي بنحو 368 ميغاواط في الذروة الإنتاجية، مقابل 263 ميغاواط. ويقدّر إنتاج الطاقة الكهرومائية من المصادر غير النهرية بنحو 5 ميغاواط.

قوة الطاقة الرياحية المتوسطة في لبنان تبلغ 6،100 ميغاواط وفقاً لأطلس الرياح، إذ تمتلك 60% من المناطق رياحاً متوسطةً بين 5 و7 م/ ث. أظهرت الدراسات مواقع محتملةً لمزارع الرياح في مناطق عدة في لبنان باستخدام توربينات الرياح التقليدية وتوربينات الرياح التي على شكل عجلة (FWWTs). تشير دراسة نشرها "المجلس الوطني للبحوث العلمية" (CNRS)، إلى 1،156 موقعاً محتملاً لتركيب أجهزة توليد الطاقة الرياحية، تمتلك 94% منها سرعة رياح بين 7 و9 م/ ث، و6% تتلقى بين 9 و13 م/ ث.

لدى لبنان نحو 300 يوم شمسي في السنة، مع 8 إلى 9 ساعات من الضوء الشمسي يومياً وتشتمل الشمس على مستويات الإشعاع الشمسي بين 2 و8 كيلوواط في الساعة لكل متر مربع. بالإضافة إلى مستويات الإشعاع الشمسي، يجعل النقص النسبي في الغبار والرمال ودرجات الحرارة المعتدلة، لبنان ملائماً لمزارع الطاقة الشمسية ويضمن إنتاجيةً قصوى.


قدمت وزارة الطاقة والمياه ثلاثة تراخيص لشركات "Sustainable Akkar" و"Lebanon Wind Power" و"Hawa Akkar"، لتوليد 226 ميغاواط من الطاقة الرياحية لمدة 20 عاماً. أعطى مجلس الوزراء لوزير الطاقة والمياه سلطة تنفيذ اتفاق شراء الطاقة (PPA)، الذي تم توقيعه في 1 شباط/ فبراير 2018، مع كل من شركات المشروع حيث تم تعيين الموعد النهائي لإتمام التمويل بعد 18 شهراً من تاريخ التوقيع، ومن ثم تمت إضافة 18 شهراً لبدء التشغيل التجاري (COD).

من الجدير بالذكر أن الشركات الثلاثة المذكورة لا تمتلك مواقع ويب رسميةً، وحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي لا تقدّم الكثير من المعلومات. وفقاً لـ"Global Data"، وهي شركة تتبع وتحلل أكثر من 170،000 محطة توليد في جميع أنحاء العالم، يُعدّ مشروع هوا عكار حالياً، في مرحلة أخذ الأذونات وسيتم تطويره بعد هذه المرحلة دفعةً واحدةً. بعد الانتهاء من البناء، من المتوقع أن يتم تشغيل المشروع في عام 2024. ومن المتوقع أيضاً أن يوفر المشروع كميةً كافيةً من الطاقة النظيفة لتشغيل 100،000 منزل.

ستكون للمشروع أبراج بارتفاع 85 متراً. وكانت هناك جولة ثانية للمناقصات بالمزايدة بتاريخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 2020، تهدف إلى تأمين ما يصل إلى 520 ميغاواط من مزارع الرياح، ولكن لا تتوفر معلومات حول مجريات هذه الجولة.

في كانون الثاني/ يناير 2017، أعلنت الوزارة إطلاق عملية مناقصة لمنح عقود إنشاء 12 محطةً لتوليد الطاقة الشمسية في جميع أنحاء البلاد. في 12 أيار/ مايو 2022، منح مجلس الوزراء 11 رخصةً لبناء 12 مزرعةً لتوليد الطاقة الشمسية في لبنان، بإجمالي طاقة تصل إلى 180 ميغاواط.

بموجب العقد الحالي، يتعين على مزارع الطاقة الشمسية الـ12، بناء محطات الطاقة وتشغيلها وبيع الطاقة المنتجة لـ EDL بأسعار متغيرة حسب المنطقة (من 5.7 سنتات إلى 6.25 سنتاً). وتم منح الشركات الـ 11 الفائزة 12 شهراً لتأمين التمويل. حتى الآن يبدو أن عدداً منها قد لن يتمكن من ذلك.

إلى اليوم، تبقى جميع هذه المشاريع موجودةً فقط على الورق. يرجع سبب هذه التأخيرات إلى حد كبير إلى الأزمة المالية التي ضربت لبنان في عام 2019، وتستمر في التأثير عليه. بالنسبة للشركات الدولية، لا يزال الاستثمار في لبنان يُعدّ استثماراً عالي المخاطر.

تواجه جميع الشركات الفائزة (الرياح والطاقة الشمسية)، تحدياً مشتركاً. ينبع التحدي من حقيقة أن EDL تحتكر شراء الكهرباء المنتجة من هؤلاء المنتجين المستقلين للطاقة. سيتم بيع الكهرباء المولدة من مشاريع الطاقة الشمسية بسعر 5.7 سنتات لكل كيلووات في البقاع، و6.27 سنتاً لكل كيلووات في المناطق الثلاث الأخرى. ستباع الكهرباء المولدة في مشاريع الرياح في عكار، إلى EdL بسعر 9.60 سنتاً لكل كيلووات. المشكلة الكبيرة هي أن EDL غير قادرة على الاستمرار، ولن تكون قادرةً حتى على شراء الكهرباء من الشركات المذكورة أعلاه.

 أسفرت الحروب عن تدمير هائل للبنية التحتية في لبنان، وكانت الاستثمارات الكبيرة في قطاع الطاقة، في هيئة مساعدات خارجية وقروض ودعم فني، تضيع في نهاية المطاف.

لزيادة التعقيد والاستيلاء النخبوي على مصادر توليد الطاقة في لبنان، تجري حالياً محادثات جادة بين "توتال إنرجيز" و"قطر إنرجيز" لشراء ما لا يقل عن 3 من الرخص الممنوحة لشراء الطاقة من الشركات الفائزة بمشاريع الطاقة الشمسية. تتواصل "توتال إنرجيز" أيضاً مع الشركات التي حصلت على اتفاقيات شراء الطاقة لمشاريع الرياح في عكار.

من وجهة نظر الحوكمة، هناك قضايا عدة تحول دون بدء لبنان بالاعتماد على الطاقة المتجددة.

قضايا الشفافية وعدم المساواة: نقطة رئيسية للنزاع تدور حول حقيقة أن التراخيص الـ11 الممنوحة لمزارع الطاقة الشمسية الـ12، لم تمر عبر هيئة المناقصات في المكتب الرئيسي للتفتيش. يُعدّ هذا خرقاً واضحاً لقانون المناقصة العامة. بالإضافة إلى ذلك، تم إقرار قانون في عام 2014 (288/2014)، للسماح استثنائياً لمجلس الوزراء بإصدار تلك التراخيص بدلاً من الهيئة العامة الناظمة للكهرباء (ERA)، الواجب تأسيسها بحسب القانون 462/2012، ولكنها لم ترَ النور بعد. وفقاً لهذا القانون الذي أُقرّ سنة 2002، تكون ERA مسؤولةً بشكل أساسي عن تحديد أسعار الكهرباء، وتطوير وإطلاق المناقصات، والإشراف على فك تشابك EDL كما هو محدد في القانون 462. غياب هذه الهيئة الناظمة يلائم السلطة السياسية التي تتولى وزارة الطاقة والمياه.

في ما يتعلق بملكية المنفعة، تنشأ قضية أخرى حول ملكية الحصص والمنفعة الاقتصادية لمشاريع "رياح عكار" الثلاثة. يحمل علاء خواجة، رجل الأعمال المتعدد الجنسيات (أردني، فلسطيني ولبناني)، والمقرب السابق من سعد الحريري، الحصة المسيطرة في كل من: Sustainable Akkar، Hawa Akkar، وLebanon Wind Power. وهذا يتعارض تماماً مع سياسة مكافحة الاحتكار التي تؤكد على وجوب منح التراخيص الثلاثة لشركات مستقلة بالكامل.

Greenwashing والاحتكار: خلال العقدين المنصرمين، قامت شركات النفط الدولية بتبييض إيراداتها من إنتاج الوقود الأحفوري بطريقة "خضراء" Greem washing من خلال استثمارها في مشاريع الطاقة المتجددة. يعارض المجتمع المدني هذه الطريقة من العمل بشدة. في لبنان، ترحب السلطة بشركات كهذه مثل "توتال إنرجيز" و"قطر إنرجيز" للاستثمار في إنتاج الطاقة النظيفة، ويُستخدم ذلك كوسيلة لجذب استثمارات النفط الكبيرة الأجنبية إلى لبنان.

بشكل عام، هذا المسار المليء بالحوكمة الضعيفة، وأصحاب المصالح المثيرين للشكوك، واحتكار إنتاج الطاقة، لا يسهم في تحقيق انتقال سلس ومستدام للطاقة في لبنان. لذلك لا تزال الآفات الثلاثة التي تضرب قطاع الطاقة هي: غياب الشفافية والفرص المالية غير العادلة، والاحتكار.

قد تبدو محاولة إصلاح قطاع الطاقة في لبنان اليوم مهمةً مستحيلةً. ليس هناك نهج واحد يمكن تحديده كالنهج السحري. يجب أن تكون جميع الأيدي النظيفة من الأطراف كافة الملتزمة بمفهوم المساءلة المتبادلة متماسكةً لإصلاح هذا القطاع الحيوي. يتم ذكر أدوات الشفافية والمساءلة، ومؤشرات الحوكمة، وكذلك أفضل الممارسات بشكل متكرر في العديد من الورقات السياسية التي تم إنتاجها تكريماً لأزمتنا المتزايدة في مجال الطاقة. بالنسبة لي، كوني أخصائيةً ملتزمةً بحوكمة الطاقة، أنظر إلى هذا القطاع المليء بالمشكلات كما لو كنت أنظر إلى دمية الماتريوشكا من حيث الكشف عن الخبايا وتظليل العقد. وما يساعد دائماً في الوصول إلى الحقائق وفهم الواقع المؤلم هو وضع السؤال التالي حول طبيعة التنقيب عن الحقيقة وكشف الفساد: من المستفيد؟ Cui Bono? 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image