"القسطنطينية" هو الاسم السابق لمدينة إسطنبول التركية. كانت تُسمّى بهذا الاسم نسبةً إلى الإمبراطور الروماني "قسطنطين الأول"، وهو مؤسس هذه المدينة وأول إمبراطور روماني اعتنق المسيحية، وأعلنها ديناً رسمياً للدولة الرومانية، كما ربط الكنيسة بالحكومة، وكانت هذه المدينة عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية، التي سيطرت على لبنان وسوريا وفلسطين حتى عام 1453.
في كتاب "حدود العالم"، وهو أقدم نص فارسي باقٍ عن جغرافيا المنطقة، لمؤلف غير معروف ألّفه في نهايات القرن العاشر الميلادي، ويكتب فيه عن القسطنطينية، التي كانت تحت سيطرة روما الشرقية، التالي: "هذه هي المنطقة التي تقع فيها القسطنطينية، وهي مقر إقامة ملوك الرومان، ومكان مرغوب للكثيرين".
بعد ذلك بقليل، يشير الشاعر والرحالة الإيراني ناصر خسرو، الذي بدأ رحلته إلى الشرق الأوسط عام 1045، إلى الموضوع نفسه الذي ورد في كتاب "حدود العالم" حول القسطنطينية.
هُزمت الحكومة الرومانية الشرقية على يد العثمانيين بقيادة السلطان محمد الفاتح، عام 1453، وبذلك انتهى عهد الإمبراطورية الرومانية الشرقية التي دامت ألف عام. وبعد سيطرة القوات العثمانية على المدينة، أُطلق على مدينة القسطنطينية اسم "إسلامبول"، أي مدينة الإسلام.
في عام 1838، شرح الرحالة الإيراني ميرزا فتاح كرمرودي، مدينة إسطنبول: "الوضع في مدينة إسلامبول مستقر، وكأن الله تعالى لم يخلق مكاناً بهذا الجلال والفضاء في جميع الممالك، ويحيط بها من ثلاثة جوانب، البحر المتوسط والبحر الأسود"
في ما يلي، نلقي نظرةً على بعض الأوصاف، التي كتبها الإيرانيون عن هذه المدينة على مر السنين.
التاجر الإيراني الهندي ميرزا أبو طالب خان، مرّ بهذه المدينة، عام 1798، وهو في طريقه إلى أوروبا للعمل والتجارة، وكتب عن مقاهيها وحماماتها وسوقها: "هناك العديد من المقاهي والحمّامات، إلى درجة أنك ستجد في كل اتجاه مقهى وحمّاماً، وهذا لأن المجتمعين العثماني والعربي، يحبان التجمع في الأماكن العامة، والكلام حول القضايا، وتصعب عليهما العزلة وانعدام المعايشة مع الناس، لذلك يقضون كل ساعات يومهم في الدردشة والمخالطة".
ويصف مقاهيها وحمّاماتها، على النحو التالي: "هذه المقاهي كلها وسخة ومظلمة، وباستثناء القهوة المرة والخشب، لا يوجد فيها شيء آخر، وهي قذرة إلى درجة أنها لا تليق بالنبلاء، وأيضاً الحمّامات قذرة ومعتمة، ويتقاسمها الرجال والنساء، فيستخدمها منذ الصباح وحتى الظهر الرجال، وتستخدمها النساء بعد ذلك".
وفي عام 1838، شرح الرحالة الإيراني ميرزا فتاح كرمرودي، مجد هذه المدينة: "الوضع في مدينة إسلامبول مستقر، وكأن الله تعالى لم يخلق مكاناً بهذا الجلال والفضاء في جميع الممالك، ويحيط بها من ثلاثة جوانب، البحر المتوسط والبحر الأسود، وهناك قناة مائية تربط البحرَين ببعضهما البعض، تُسمى البوسفور، وتمتد على طول المدينة. السكان الكثيرون لهذه المدينة، بنوا منازلهم وبيوتهم على جانبي ممر البوسفور، وعلى التلال المنخفضة والعالية المطلة على البحر، حيث يمكنهم مشاهدة حركة السفن والبواخر والقوارب من تلك البيوت المرتفعة".
بعد أكثر من 20 عاماً من عبور كرمرودي من إسطنبول، زار محمد علي محلاتي، المعروف بالحاج سياح، وهو رحالة إيراني مشهور، قضى ما يقرب من ثلاثين عاماً من حياته في السفر، إسطنبول عام 1859، ووصفها كالتالي: "رأيت في إسلامبول المساجد أكثر زينةً من المدارس، وكان منزل السلطان المرحوم عبد المجيد خان، على البحر في حي بشك طاش، وبجانبه مسجد جيد جداً يُعرف بمسجد المدفعية، وبجانب المسجد بُني جسرٌ تعبر من تحته القوارب، وعلى جانبي الجسر توجد سفن صغيرة تنقل الركاب عبر البوسفور. ويمكنك الذهاب إلى أحياء الضفة الأوروبية الغربية في أي وقت من الليل، لكن في مدينة إسلامبول القديمة لا يمكنك التجول ليلاً من دون فوانيس يدوية. أكبر مساجد المدينة وأفضلها هو مسجد آيا صوفيا، الذي فيه عيبان، أحدهما أنه لا يحتوي على مقاعد، والآخر أن بلاطه صغير جداً، لكن بناءه فريد وجميل".
كتب عبد الصمد ميرزا سالور، الذي مر بهذه المدينة عام 1873، متجهاً إلى أوروبا، في ذكرياته عن شوارع إسطنبول: "كانت الأزقة قذرةً وسيئةً للغاية، وتحديداً مثل أزقة طهران، حيث تتجول الكلاب وتتواجد الأوساخ ويتطاير الغبار في الهواء، وفي طريقنا عبرنا من منطقة باب همايون، ولذلك اضطررنا إلى ركوب قوارب ضيقة وطويلة للغاية".
والأمير القاجاري فرهاد ميرزا، الذي زار إسطنبول عام 1875، قدّم وصفاً تفصيلياً عن مسجد آيا صوفيا، كما يلي: "إنه بناء مبهر وجميل، وتحول فيه محراب القبلة، لأنه كان كنيسةً في السابق، ويبلغ طول المسجد 269 قدماً، وعرضه 242 قدماً، وتوجد فيه 48 عموداً سفلياً كبيراً، حيث بُني اثنا عشر عموداً منها من الحجارة والإسمنت، أما الأعمدة الصغيرة العلوية، فمصنوعة من الرخام، وهي عبارة عن 36 عموداً صغيراً تقع في مخارج المسجد، وقبته جميلة جداً، ومنقوشة بأشكال لأربعة ملائكة وجوهها غير واضحة، وفي رواق المسجد توجد سقاية مبنية بالحجر المرمر".
وعن المرأة العثمانية، كتب محمد علي بيرزاده، الملقب بالحاج بيرزاده السياح، الذي أقام في هذه المدينة لفترة في عام 1886: "ترتدي النساء العثمانيات الآن في الغالب ملابس مثل النساء الغربيات، ولن يمر وقت طويل قبل أن تتوقف نساء إسلامبول عن ارتداء الحجاب، ويسرن في الشوارع والأسواق مثل النساء الأجنبيات، والعديد من النساء الآن شبه عاريات، ونساء النبلاء الإسلامبوليين، لا يغطين وجوههن في بعض المجالس، وبعضهن عندما يخرجن في الشوارع والأسواق، يُظهرن وجوههن بالكامل، والعديد من النساء عاهرات هنا، حيث يعملن في بيوت الدعارة الأجنبية".
مر ميرزا حسن الأصفهاني، بهذه المدينة عام 1897، وهو في طريقه إلى مكة، وكتب عن مظهر المدينة: "من المدهش أن المدينة ضخمة إلى حد يفوق الوصف، وأغلب بيوتها مبنية على التلال، وأكثر شوارعها تقع فيها انحدارات، ويقولون إن البحر يمر بها، وهذا على ما سمعت من بعض الناس، والعلم عند الله".
مع نشوب الحرب العالمية الأولى (1918-1914)، قرر بعض النبلاء والسياسيين الإيرانيين الهجرة من العاصمة طهران، وذلك بعد احتجاجهم على السلوك العدواني لروسيا، ويُعرف هذا الحدث بحركة الهجرة في تاريخ إيران.
كتب عبد الصمد ميرزا سالور، الذي مر بهذه المدينة عام 1873، متجهاً إلى أوروبا، في ذكرياته عن شوارع إسطنبول: "كانت الأزقة قذرةً وسيئةً للغاية، وتحديداً مثل أزقة طهران، حيث تتجول الكلاب وتتواجد الأوساخ ويتطاير الغبار في الهواء، وفي طريقنا عبرنا من منطقة باب همايون، ولذلك اضطررنا إلى ركوب قوارب ضيقة وطويلة للغاية"
في خطوة أولى، اتحدوا مع الحكومة العثمانية لكونهم على الدين نفسه، حيث تم تشكيل لجنة دفاع وطني في غرب إيران، تحديداً على الحدود مع العراقي الذي كان جزءاً من الأراضي العثمانية في تلك الحقبة، وقد انخرطوا في الصراع المسلح مع القوات التركية والألمانية ضد الحلفاء، واستطاعت لجنة الدفاع الوطني توحيد الأكراد الذين يعيشون في غرب إيران، لكن نقص الذخيرة والأفراد إلى جانب الدعم الخجول للحكومة العثمانية والمستشارين الألمان، حالا دون تحقيق هذه المجموعة أيَّ نجاح، وأخيراً مع احتلال البريطانيين لبغداد، وجدوا أنفسهم محاصرين وتراجعوا إلى إسطنبول هرباً من المأزق. اختارت لجنة الدفاع الوطني طريقَين لسحب قواتها، فهرب بعض أعضائها إلى إسطنبول بالقطار من الموصل شمال العراق، وآخرون إلى حلب.
عبد الحسين الشيباني، أحد هؤلاء الأشخاص، الذين عاشوا في هذه المدينة فترةً من الزمن عام 1915. يقول في مذكراته: "كانت أزقة المدينة ضيقةً نسبياً وغير مبنية، ومشكلات النقل الحضري مقتصرة على المنازل القديمة، لكن اليوم بدلاً من ذلك، تم بناء جسر عريض نسبياً، ليسير عليه الترام الكهربائي في شوارع المدينة، وحافظت البلدية على نظافة المدينة نسبياً، ومن المعروف أن أنابيب المياه موجودة في كامل المدينة، ومجاري مياه الصرف الصحي بُنيت مؤخراً وبطريقة حديثة، وتبدو إسطنبول هذه مدينةً أوروبيةً".
في ذلك الوقت، كان خان مالك ساساني، سفير إيران لدى الإمبراطورية العثمانية، وكتب عن المهاجرين الإيرانيين والمقيمين في المدينة: "الإيرانيون في إسطنبول يمارسون جميع أنواع الأعمال والمهن ويتاجرون بالسجاد الإيراني، وكثر منهم ذوو سمعة طيبة، وبعد بائعي السجاد، هناك بائعو الكتب وبائعو الورق، وهم أيضاً أثرياء جداً".
وبعد انهيار الدولة العثمانية وتأسيس تركيا الحديثة، حافظت هذه المدينة على أهميتها، حتى أصبحت اليوم من أهم وأكبر المدن في هذا البلد، وتُعدّ حلقة الوصل بين آسيا الصغرى وأوروبا الشرقية. وإسطنبول أو إسلامبول من أكثر مدن العالم اكتظاظاً بالسكان، يقصدها الكثير من السياح كل عام لرؤية جمالها الخلاب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...