حتى وقت كتابة هذا الموضوع، كانت حلقة برنامج الدحيح "فلسطين... حكاية الأرض" لأحمد الغندور، والذي يقدّمه منذ سنوات بنجاح كبير، خصوصاً بين الأجيال الأصغر أو ما يسمى بجيل Z، قد حققت أكثر من 12 مليون مشاهدة في غضون 6 أيام.
ما هو خارج النقاش أو الجدال هنا، هو مدى تأثير برنامج الدحيح وجماهيريته، وقدرته على الوصول إلى الجميع بطريقة ممتعة، لكن يمكن التأكيد أيضاً أن تلك الحلقة تحديداً هي أنجح حلقات البرنامج في تاريخه، رغم جماهيريته الواسعة، ربما لأنها، وأمام ما يحدث بعد السابع من أكتوبر من إبادة وجرائم حرب لأهل قطاع غزة، تشتبك مع لحظة راهنة بمسؤولية، يحملها على عاتقه كل صاحب جمهور واسع وكل صاحب تأثير، فالسؤال العالق دائماً بين الشكل الإيجابي والسلبي للمؤثرين على الإنترنت، هو كيف سيستخدمون هذا التأثير؟
أحاول هنا من خلال الحوار مع كاتبي الحلقة، أحمد مجدي رجب، رئيس تحرير البرنامج، وحسام السيد، المحرر العام للبرنامج، أن أفهم ما الذي كان يدور في عقليهما في المراحل المختلفة في أثناء إعداد الحلقة، منذ أن كانت فكرة حتى وصلت إلى الصورة النهائية التي رأيناها على الشاشة.
"نتعامل مع السردية الإسرائيلية بجدية، ليس لأنها صحيحة، لكن لأن التعامل معها بتلك الطريقة هو ما يضمن أن نردّ عليها بشكل سليم، لأن في النهاية من الأسهل اتهام العالم، لكن الصعب هو محاولة فهم لماذا لا يستطيع أن يرى ما نراه"... أحمد مجدي رجب، رئيس تحرير برنامج "الدحيح"
قبل بدء الحوار، بادرني مجدي رجب بقوله: "أشعر بالخجل من نجاح الحلقة، فبعد عرض الحلقة بساعتين فقط، حدث اقتحام مستشفى الشفاء. نعم، أرى أن للحلقة دوراً توعوياً وتثقيفياً وتعليمياً، وأعلم أيضاً أهمية والكلام وقوته وقدرته على التأثير، لكنه تأثير يحتاج إلى سنوات، لكن على أرض الواقع، وفي عالم الأفعال، وفي اللحظة الحالية، لم توقف الحلقة نافورة الدم. كان ذلك مربكاً، ورغم أن الغرض من كتابة الحلقة هو المساهمة الفعّالة في فهم ما يحدث، إلا أنه لا يمكنني أن أنكر أن شعوري الأول كان مزيجاً من الخجل والذنب، وأنا أتلقى التهاني على نجاح الحلقة. أن أحصل وفريق عمل البرنامج على لحظة تصفيق، بينما هناك، بالتزامن، من يموت الآن، ربما يكون شعوري يحمل شيئاً من السذاجة، لكن هذا هو ما أحسست به فعلاً في الساعات الأولى لعرض الحلقة".
يقول حسام: "بدأت الفكرة بتصور عند رئيس التحرير مجدي رجب، بكتابة حلقة عن فلسطين تعتمد بالكامل على المصادر الإسرائيلية، وتشعّبت من تلك الفكرة اجتماعات ونقاشات مشتركة حول الزوايا المثالية لتتبع السرد".
كان الاشتباك مع السردية الإسرائيلية، هو بذرة الحلقة، يقول رجب: "فكرنا في تلك المفارقة، عندما نتحدث مع أصدقائنا المقرّبين حول القضية الفلسطينية، لن يكون الحق الفلسطيني، أو كون ما حدث في السابع من أكتوبر له جذور تمتد قبلها بمائة عام، أمر يستحق الجدال. هذا داخلي وداخل المقربين مني، حقيقة راسخة ومسلمة بديهية، لكن يبدو أن العالم الغربي تحديداً لا يرى القضية أو معاناة الفلسطينيين كبديهية مسلم بها، بل ينقسمون ويتجادلون حولها، وأن خطابنا العربي عاطفي في الأغلب يبدأ من مسلمة أننا مظلومون مع تصور أن (المواطن الأبيض) أو أياً ما كان تسميته، هو شخص قد يرى طفلاً فلسطينياً يقتل على شاشة التلفاز، فيغلقه ويستكمل يومه بشكل طبيعي، ثم يكتب على منصات التواصل الاجتماعي أنه (يساند إسرائيل)"، وهو تصور لا يجده رجب منطقياً، لكنه يرى أن "ما نعتبره بديهياً بالنسبة لنا لا يبدو بديهياً للآخر، الذي قد يتعامل معنا بنفس منطقنا في التعامل ما يحدث في مناطق من العالم أو حتى في مناطق قريبة منا، لكن تعاطفنا يكون أقل مع الأحداث التي تقع فيها، لأننا لا نعرف على وجه التحديد ما الذي يحدث، لذا بدأنا الحلقة بمجاز طائر النورس الذي يحلق في السماء، وينظر إلى ما يقع على الأرض من بعيد، دون أن تربطه علاقة بما يحدث في فلسطين، كانت تلك الفكرة هي المدخل الذي لم نغير نصه في المسودات التالية".
يتابع رجب: "في تلك البذرة نتعامل مع السردية الإسرائيلية بجدية، ليس لأنها صحيحة، لكن لأن التعامل معها بتلك الطريقة هو ما يضمن أن نردّ عليها بشكل سليم، لأن في النهاية من الأسهل اتهام العالم، لكن الصعب هو محاولة فهم لماذا لا يستطيع أن يرى ما نراه".
بحسب حسام السيد، اعتمدت الحلقة في المسودات الأولى على مراجع إسرائيلية، أغلبها ينتمي لما يسمّى "المؤرخون الجدد"، ويشير المصطلح لعقد السبعينيات الذي أفرج فيه قانون الوثائق الإسرائيلي المستمد من القوانين البريطانية عن أوراق النكبة، ما أدى إلى ظهور تيار مؤرخين في الثمانينيات، مثل آفي شلايم وإيلان بابيه وبيني موريس، حللوا الوثائق ليتأكدوا من أن قيام إسرائيل لم يعتمد على حرب تحرير بطولية، حسب البروباغندا الصهيونية، إنما كل الأساطير المؤسسة للكيان تقوّضها الوثائق الرسمية، أو بتعبير بيني موريس عام 1994: "لقد كذبوا علينا، ووضعوا المعلومات تحت السجادة".
المسودة الأولى لم تتخط 3000 كلمة، أي ما يعادل نصف ساعة على الشاشة، لكن المشكلة بحسب مجدي رجب، "شعرنا أن تلك المسودة غير كافية، لا تروي القصة بشكل جيد، ثم تطور الأمر إلى أن نسعى لأن نحكي قصة أكثر تفصيلية، أنهينا مسودة ثانية من 6000 كلمة، لكن مشكلة تلك المسودة، هو أنها كانت سرداً لأحداث النكبة، لكن دون إطار واضح للقصة التي نرويها، إلى أن ظهرت فكرة أننا نحتاج إلى التعامل مع التاريخ من بداية الفكرة الصهيونية نفسها إلى اللحظة التي نعيشها".
يقول حسام: "هنا تحدّد جوهر الحلقة، يقدم كل فصل أسطورة من أساطير السردية الإسرائيلية، ثم يفككها ليُثبت عوارها، وتحدد معها الميتافور الرئيسي للحلقة، أن إسرائيل قشرة حضارية للتقدم الغربي بواجهة جذابة، تلك القشرة تُخفي في جذورها مقبرة جماعية لأصحاب الأرض الأصليين".
"لكن من جديد ظهرت في المسودة الثانية مشكلتان"، يقول رجب، "الأولى هي كيف تستطيع أن تكتب السردية الإسرائيلية، بشكل لا يتعامل معها بوصفها نكتة، وفي الوقت نفسه لا يظهر وكأنه يصدقها، لو افترضنا أن جزءاً من الحلقة أخذ بشكل مبتور عن سياقه، إلى أن جاءت الفكرة أن نحاول أن نقول بوضوح شديد إن هذه سردية مزورة، لكننا في حاجة إلى التعامل معها بجدية، ونفهم لماذا يصدقها الآخر، فنتعامل معها بوصفها قصة أدبية من ثلاثة فصول، بداية ووسط وذروة، ولحظة تنوير، تنكشف فيها ادعاءات السردية الإسرائيلية أمام الشرير الذي اخترعه من مخيلته وهم العرب، وصولاً إلى النهاية".
بحسب معرفتي بطريقة كتابة حلقات الدحيح من خلال مشاركتي في كتابة عدد من الحلقات والتعديلات التي تطلب في الأغلب، فالأولوية بعد صحة المعلومات، هي البناء الدرامي القصصي بشكل سليم والقادر على جذب المستمع، وفق قوانين القصة الأدبية البسيطة نفسها، التي تحتوي على تصاعد ولحظة تنوير ونهاية، وبحسب أحمد الغندور نفسه في محادثة سابقة معه "نرى أنفسنا كرواة قصص".
يتابع رجب: "المشكلة الثانية في المسودة قبل الأخيرة، هي أنه رغم التتابع الطويل جداً للكلام عن أساطير السردية الإسرائيلية والكلام عن النكبة وتفاصيلها، لا يظهر خيط يجمع ذلك التتابع، حتى وجدت ضالتي، عندما وجدت عند بائع كتب قديمة مررت عليه بالصدفة في أثناء إعدادنا للمسودة النهائية، كتاب تشريح العقل الإسرائيلي للسيد ياسين، وهي دراسة نشرت في السبعينيات، هنا وجدنا الخيط لسرد قصة منضبطة بإطار واضح، دولة إسرائيل ورائها فكرة عنصرية، بدأت وتطورت ثم تعقدت واختلفت تجلياتها مع الزمن، فكرة قائمة أن العالم بأسره هو عدوهم، فكرة توصل من يعتنقها بشكل حتمي إلى إبادة الآخر دون اكتراث، فهو عدو كما أن عنصرية الأيديولوجيا تمنحه أيضاً شعوراً بالتفوق والقدسية والحق في قتل الآخر".
من هنا، يتابع رجب: "وجدنا السردية المناسبة، الأصل فيها هو خرافة التعامل مع اليهود كشعب واحد وككيان واحد يسمو فوق الجغرافيا والتاريخ، ويملك خصوصية أسطورية وهو ما عملنا على تفنيده، خرافة الشعب الواحد تؤدي إلى خرافة تالية أن ذلك الشعب الواحد يحتاج إلى أرض لإقامة دولة واحدة، وبما أنهم شعب الله المختار، وفق تصورهم، فلا يهم إن كان هناك شعب آخر يملك الأرض، سنطرده، وإذا لم يكن الطرد كافياً، ستقودنا الخرافة إلى الإبادة والمجازر والتطهير العرقي، هكذا ساعدت دراسة السيد ياسين، والتي لم تضف الكثير إلى المحتوى في المسودة الأخيرة، لكنها أضافت الكثير على مستوى تشذيب الحلقة وخلق إطار واضح يهدف إلى طرح استنتاج واضح بسيط".
"استهدفت الحلقة كل فئات الجمهور، لكنها ركزت بعناية على الجمهور الأصغر سناً، أو الجيل زد الذي يحتاج تلخيصاً مكتملاً للصراع يُمكن من خلاله الاشتباك مع عالم معُولم متعدّد في رواياته وأصواته المحلية والعالمية... حسام السيد، المحرّر العام لبرنامج "الدحيح"
"ما نؤطره في النهاية"، يقول حسام: "إن إسرائيل تحولت إلى دولة فصل عنصري، وأن تحولها من طرح خرافة عن نفسها أنها دولة تسعى لتحقيق عدالة مفقودة وفق أسطورتها إلى دولة أبارتهايد، لم يكن شذوذاً أو نهاية درامية لفكرة أخلاقية، إنما اتساق تام مع الجذور التي قام عليها الكيان من البداية، قدمت تلك الأفكار العمود الفقري للمسودة النهائية للعمل".
بحسب حسام: "استهدفت الحلقة كل فئات الجمهور، لكنها ركزت بعناية على الجمهور الأصغر سناً، أو الجيل زد الذي يحتاج تلخيصاً مكتملاً للصراع يُمكن من خلاله الاشتباك مع عالم معُولم متعدّد في رواياته وأصواته المحلية والعالمية، خاصة بعد انتقال ثقل النقاش واشتباكاته، بعد السابع من أكتوبر، من القنوات التلفزيونية العالمية الأكثر تضييقاً في تناولها الحدث لفضاءات الوسائط الاجتماعية، مثل إكس وتيك توك، وتحوله إلى سجال بين مؤثرين من كل أنحاء العالم، تساعد هذا الجيل على فهم الصراع أولاً، والاشتباك ثانياً مع أصوات أخرى على أرضية ثابتة من الفهم والتحليل".
أما رجب فيرى أن الهدف من الحلقة "هو المساهمة في التفكير في قضية فلسطين بشكل علمي وتاريخي، وأن نرى إسرائيل كجزء من ظاهرة أكبر، مثل أي شيء في العالم، عوضاً عن رسم وحش أسطوري بأنياب، نحاول أن نفهم هذا الوحش الأسطوري. هذا الفهم يكسر وهم تفوقه علينا، لديهم نقاط ضعف، لأنه يتغذّى على تصوّرنا له ككيان مرعب، يجعلنا مهزومين أمامه قبل أن نتحرّك، عندها سيكون هناك طريقة للتعامل معه ومواجهته، وهو عكس التعامل معهم ككيان خرافي، ستكون حينها في انتظار معجزة، فالبشر لا يهزمون الكيانات الخرافية، لكنهم يستطيعون هزيمة بشر مثلهم".
بالنسبة للانتقاد المتكرّر مع كل حلقة ناجحة أو مثيرة للجدل للدحيح، أن ثمة معلومات أو جوانب بعينها لم تعرضها الحلقة، يؤكّد رجب من جديد أن طريقتهم هي السرد القصصي، وكل حلقة لها بناء القصة الدرامية بكل ما يعنيه ذلك. القصة تعني التركيز على نقطة وتكبيرها، محور معين، يستلزم ذلك في الأساس الاستبعاد، وإذا ما هدفنا لقصة تقول كل شيء، فلن نقول أي شيء، وهو ما يوافقه فيه حسام، "لأنه ببساطة لا يُمكن تلخيص قضية عُمرها 75 عاماً بشكل واف وعادل لكل زوايا السرد في ساعة من البثّ، لذلك من المنطقي أن يرى البعض أن هناك زوايا أُهْدِرَت أو لم تنل مساحة كافية من الحضور. مثل كفاح فصائل المقاومة الفلسطينية، كمنظمة التحرير أو فتح وحماس، والانتفاضة الأولى والثانية واتفاقية أوسلو".
يتابع رجب: "فريق عمل البرنامج ليس بالسذاجة التي تجعله يتصوّر أو يرغب أن يكون ما يسرده هو الشيء الوحيد الذي يعرفه المتفرج عن فلسطين، هناك 8 دقائق كاملة في الحلقة شرحت الوضع المأساوي الحالي للفلسطينيين في الداخل والضفة، وفي قطاع غزة، مصدرها الأساسي تقرير منظمة العفو الدولية الذي يتخطى حجمه 250 صفحة. من يريد أن يعرف الوضع بشكل تام، فليفتح التقرير المتضمّن في مصادر الحلقة. لن نكون سعداء لو أن شخصاً يبلغ من العمر ثلاثين عاماً تقتصر معرفته على ما قدمته الحلقة، أو أن طفلاً في العاشرة من عمره، سيكتفي عندما يكبر أن تكون معرفته بالقضية الفلسطينية هو فقط ما قدمته تلك الحلقة.
تلك خيبة، في النهاية دورنا مجرد المساهمة في إضاءة زاوية، وأن نكون معبراً لعشرات الكتب، باللغتين العربية والإنجليزية والمتوفرة على الإنترنت وفي مكتبات الوطن العربي بعضها مطبوع منذ عقود، لسنا الطريقة الوحيدة للمعرفة، المعرفة تأتي من القراءة، وظيفتنا كان تسهيل وتقديم مجهودات سابقة علينا، مجهودات لأسماء مثل خالد فهمي، رشيد الخالدي، إيلان بابيه، جدعون ليفي، عبد الوهاب المسيري الذي أفنى 25 عاماً من عمره لدراسة المسألة اليهودية والصهيونية، والذي حتى لو اختلفت معه، فلن يبخسه ذلك حق أن رجلاً بذل مثل ذلك الجهد توصل إلى مفاهيم نقولها الآن، مثل أن إسرائيل ليست كياناً خرافياً، بل بشر لهم نقاط ضعف، وكذلك مجهود روجيه جارودي، روان الضامن، صاحبة فيلم (النكبة)، وألون شفارتز، مخرج فيلم (الطنطورة)، السيد ياسين، ووثائقي مبهر يصل طوله إلى 4 ساعات قدمته الجزيرة قبل 15 عاماً عن النكبة وغيرهم. نحن مجرد جسر إلى تلك المجهودات، وتعلمنا منها في أثناء الإعداد للحلقة، وأي كان المحتوى الذي سننتجه، سيكون أقل أهمية بالضرورة من مصادره الأصلية".
عندما حققت الحلقة مشاهدات مليونية، شعر حسام بمزيج من السعادة والقلق الذي كان مصدره السؤال: "هل نجحت الحلقة في أن توفي توقعات ملايين المشاهدين بشأنها أم لا؟".
يقول: "جاءتني الإجابة عبر رسائل خاصة وتعليقات على وسائط التواصل الافتراضي من أمهات يخبرنني أن الحلقة عُرِضَت في مدارس أبنائهن، وآباء صوروا جلستهم مع أطفالهم خلال مشاهدة الحلقة. في إشارة إلى كونها ملخصاً مناسباً لعرض القضية للأجيال الصغيرة، كذلك إلحاح الجمهور بعد ساعات على ترجمة الحلقة باللغات الأجنبية، طمأنني لتحقيق الحلقة مُرادها كأداة يُمكن من خلالها أن يشتبك جيل زد ومُستخدمي وسائط التواصل بالنقاش مع الثقافات المختلفة حول القضية، وأخيراً رسائل الشُكر من الفلسطينيين لكون الحلقة نجحت في تمثيل تاريخ القضية والنكبة والوضع الحالي لسكان الداخل والضفة وغزة. تلك الرسائل أحملها في قلبي، وتغمرني بالامتنان لله أولًا، ثم لفريق عمل البرنامج بكل أفراده الذي نجح في تحويل درافت مكتوب للصورة التي خرجت عليها الحلقة".
"هناك شيء ضخم تغير داخلنا جميعاً، لكني لا أستطيع أن أصفه الآن، لكن سنبدأ جميعاً في تبين أثره في الدقيقة التالية لإيقاف إطلاق النار، نحن ما زلنا داخل اللحظة لم نخرج منها، وإلى أن تتوقف إراقة دماء الشعب الفلسطيني، فلا شيء آخر مهم"... أحمد مجدي رجب، رئيس تحرير برنامج "الدحيح"
رغم الخجل، يختار رجب من بين مئات المباركات موقفاً واحداً أثر فيه بعمق، هو أن والدته قد لم تعد منزعجة أنه لم يعمل طبيباً بعد تخرجه من كلية الطب، واقتنعت أخيراً أن خياراته الأخرى في الحياة، وهي خيارات في الأساس جيدة، لم تعد أقل قيمة في نظرها. شعرت باستعدادها للمرة الأولى في حياتي للتنازل عن قناعتها الصلبة أن الطب كان مساراً أفضل، فللكتابة أيضاً "دورٌ لا يقل أهمية".
أما عن كيف أثرت حرب السابع من أكتوبر على وعي كتابها بشكل شخصي، يقول حسام: "أرى أن القضية الفلسطينية، قوامها الوعي والذاكرة، وهو أشد ما يُثقل على المحتل الإسرائيلي الذي لا يرى في الفلسطيني عبئاً ديموغرافياً وجغرافياً وتعكيراً للنقاء العنصري المُفترض للكيان وحسب، إنما وجود الفلسطيني في ذاته يحمل عبء الذاكرة تجاه الماضي الذي قامت عليه إسرائيل، وتجاه العالم الحاضر الذي يظن أنه جاوز الكولونيالية والإمبريالية القديمة ودول الأبارتهايد، لكن يُفزعه صعود شعب بعينه من الهامش للمتن، شعباً بعينه يعاني الخطايا ذاتها، مُكثّفة في بقعة من العالم المتحضر، تُشكل سجناً مفتوح الهواء لسكانه، لذلك نرى ردود الفعل التضامنية من الشعوب ضد حكومات الدول الكبرى؛ لأن الأجيال الجديدة تحاول أن تبرأ نفسها من المشاركة، ولو بالصمت في تلك الجريمة".
أما رجب فلم يجد إجابة سوى يقينه بأن "هناك شيئاً ضخماً تغير داخلنا جميعاً، لكني لا أستطيع أن أصفه الآن، لكن سنبدأ جميعاً في تبين أثره في الدقيقة التالية لإيقاف إطلاق النار، نحن ما زلنا داخل اللحظة لم نخرج منها، وإلى أن تتوقف إراقة دماء الشعب الفلسطيني، فلا شيء آخر مهم".
يستعير حسام مقولة الروائية رضوى عاشور "القصص لا تنتهي ما دامت قابلة لأن تروى". "وحده امتلاك الذاكرة والقدرة على رواية القصة مراراً وبكل الطرق"، يقول، "يشكل الكابوس الأمثل لكيان آليته النفسية الوحيدة هي تغييب الذاكرة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.