شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
يد حزب الله على الزناد والقرار في طهران... احتمالات انتقال الحرب في غزة إلى سوريا

يد حزب الله على الزناد والقرار في طهران... احتمالات انتقال الحرب في غزة إلى سوريا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

وضع قائد "فيلق القدس"، إسماعيل قآني، جميع الميليشيات الموالية لإيران الموجودة في سوريا في حالة تأهب قصوى، بعد أيام من لقائه بقادة ميليشيات عراقية لتنسيق جهود الميليشيات الولائية، حيث تقوم غرفة عمليات مشتركة بمراقبة التحركات في سوريا، مع جهوزية لإعطاء القرار بأي عملية.

إذ شنّ سلاح الجوّ الإسرائيلي، ولأول مرة في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، غارات على مطارَي دمشق وحلب معاً، وأخرجهما من الخدمة. واستهدف يوم الثلاثاء الماضي، مواقع عسكريةً في جنوب سوريا، وتصاعدت مناوشات "حزب الله" مع القوات الإسرائيلية عقب عملية "طوفان الأقصى"، كما تصاعدت احتمالات توسّع الحرب المشتعلة في غزة، بين حركة "حماس" والجيش الإسرائيلي.

فالجبهة السورية غير بعيدة عن التصعيد المحتمل، وفقاً لخبيرة مركز الأهرام للدراسات والبحوث الإستراتيجية، رابحة سيف علام، لذا أقدمت إيران على إعادة نشر قوات وصواريخ "الحرس الثوري" من دير الزور إلى الخط الحدودي المطل على هضبة الجولان السوري المحتل، مع استدعائها الضباط المتخصصين في القصف المدفعي على وجه الخصوص للانتشار في هذه المنطقة.

وكان، الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد حذّر خلال اجتماعه بقادة المنظمات اليهودية في أمريكا، "أي طرف آخر معادٍ لإسرائيل يسعى إلى الاستفادة من الوضع في إسرائيل وغزة"، محدداً إيران، دون تسميتها اسمياً، وقال إن عليها "توخي الحذر" وعدم التدخل في الحرب بين إسرائيل وحماس. وعندما سُئل عن إمكانية تدخّل إيران أو "حزب الله"، رد بالقول: "لا تنخرطوا في هذه الحرب".

بدورها، نقلت دولة الإمارات تحذيراً إلى نظام الأسد في سوريا من التدخل في الحرب بين حماس وإسرائيل، أو السماح بشن هجمات على الأخيرة من الأراضي السورية، حسب موقع أكسيوس.

وسيّر البنتاغون حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس جيرالد آر فورد"، إلى الشواطئ المحاذية لإسرائيل في البحر الأبيض المتوسط، لتنضم إليها لاحقاً حاملة الطائرات الثانية "يو إس إس دوايت دي إيرزنهاور"، بهدف تحذير إيران والميليشيات الموالية لها، من الانضمام إلى الحرب في غزة، من خلال شنّها هجمات ضد إسرائيل.

الخطر الحقيقي لتداعيات عملية "طوفان الأقصى"، حسب الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط، بول سالم، يأتي من تشجيع إيران لـ"حزب الله"، وهما لا يرغبان في خسارة رصيد إستراتيجي كـ"حماس"، على فتح جبهة ثانية عبر الحدود المشتركة مع إسرائيل من الجهة السورية أو اللبنانية، منبّهاً إلى تجاوز تبادل إطلاق النار عبر الحدود المشتركة مع لبنان ما كان معهوداً فيها منذ حرب عام 2006

إذ إن الخطر الحقيقي لتداعيات عملية "طوفان الأقصى"، حسب الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط، بول سالم، يأتي من تشجيع إيران لـ"حزب الله"، وهما لا يرغبان في خسارة رصيد إستراتيجي كـ"حماس"، على فتح جبهة ثانية عبر الحدود المشتركة مع إسرائيل من الجهة السورية أو اللبنانية، منبّهاً إلى تجاوز تبادل إطلاق النار عبر الحدود المشتركة مع لبنان ما كان معهوداً فيها منذ حرب عام 2006.

في المقابل، حذّر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، من احتمال توسع نطاق الحرب، من خلال فتح جبهات أخرى، عادّاً، خلال اتصال مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن هذا الاحتمال آخذٌ في الازدياد.

بدوره، رأى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن "وقت الحلول السياسية ينفد، وأن التوسع المحتمل للحرب إلى جبهات أخرى يقترب من المرحلة الحتمية"، ملمّحاً خلال مقابلة مع الإعلام الرسمي الإيراني إلى إمكانية إقدام "جماعات المقاومة" على مباشرة العمل الوقائي الاستباقي، مشيراً إلى أن ""قوى المقاومة في المنطقة تتخذ القرار بنفسها، وتتحرك بنفسها دفاعاً عن استقلال بلدانها والتصدي للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة".

فيما تزعم مصادر غير موثوقة، وصول قرابة 500 من عناصر "الحشد الشعبي العراقي" إلى لبنان وسوريا استعداداً "لأي صراع واسع النطاق قد يحدث مع إسرائيل".

مبدأ توحيد الجبهات

عملت إيران على زيادة تنسيقها مع وكلائها الإقليميين، من خلال مجموعة واسعة من المظاهر، منها مبدأ وحدة الساحات في مواجهة إسرائيل، حسب المرصد المصري، بهدف رفع كلفة أي تصعيد عسكري إسرائيلي تجاه إيران أو أحد وكلائها، كحالة استخدام الأراضي اللبنانية (والسورية أيضاً)، منطلقاً لاستهداف إسرائيل في نيسان/ أبريل الماضي، برغم عدم تطبيق المبدأ خلال التصعيد الإسرائيلي تجاه حركة الجهاد في أيار/ مايو الفائت، مشيراً إلى اجتماعات أمناء الفصائل الفلسطينية، ثم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، مع أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، في 6 و9 نيسان/ أبريل الفائت، في بيروت، بالإضافة إلى اجتماعات المسؤولين الإيرانيين الدبلوماسيين والعسكريين مع قادة هذه الفصائل، ما يعزز تفعيل هذا المبدأ.

خلال السنوات الماضية، راكمت الميليشيات الإيرانية مكاسب عدة، لن تضحّي بها دفعةً واحدةً لأجل حماس، حسب الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، مصطفى النعيمي، الذي يعتقد بإمكانية استخدامها تدريجياً وليس دفعةً واحدةً، وفق منطق التصعيد والتصعيد المقابل. ويمكن استقراء الأمر، من ملاحظة عدم تغيّر قواعد الاشتباك المعمول بها سابقاً في جنوب لبنان بين "حزب الله" و"إسرائيل"، حيث يتم الرد على أي ضربة من أحد الطرفين وفق هذه القواعد، دون وجود مؤشرات حالية على تغييرها، وينطبق ذلك على الأراضي السورية، حيث تم الرد على تراشق القذائف الواردة منها وفق القواعد نفسها.

ويقول النعيمي في حديثه إلى رصيف22: "تشترك إيران وإسرائيل في منطق فصل الملفات وعدم الرغبة في توسيع ساحات الاشتباك، بحيث تتفرغ إيران لتسريع جهود تدعيم القدرات العسكرية لـ'حزب الله'، ولعل وصول طائرة شركة 'ماهان' الإيرانية، المرتبطة بـ'الحرس الثوري الإيراني' إلى مطار دمشق يوم الأربعاء الفائت، يعزز هذا الرأي".

حزب الله والقرار الإيراني

من الصعب تخيّل عدم توسع الصراع خارج حدود غزة، في ظل وجود حلفاء لحماس في لبنان وسوريا في وضع يسمح لهم بالتدخل، حسب تشارلز ليستر، وهو زميل أول ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط، خصوصاً بعد مقتل أربعة مقاتلين من "حزب الله"، أحدهم فلسطيني سوري من دمشق، بعد محاولة تسلل برّي ضيّق، أعقبها إطلاق الصواريخ من قبل "حزب الله" على طول الحدود اللبنانية، فيما شوهدت قوة لا تقل عن 100 مقاتل من الميليشيا اللبنانية وسواها من وكلاء إيران وهي تنتشر على الحدود مع مرتفعات الجولان، ما يدلل على أن الحدود "الوتسفالية"، لا تهمّ شبكة وكلاء إيران الإقليمية كثيراً.

من الصعب تخيّل عدم توسع الصراع خارج حدود غزة، في ظل وجود حلفاء لحماس في لبنان وسوريا في وضع يسمح لهم بالتدخل، حسب تشارلز ليستر، وهو زميل أول ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط، خصوصاً بعد مقتل أربعة مقاتلين من "حزب الله"

نحن أمام سيناريوهين، حسب منسّق تجمع "مصير"، أيمن أبو هاشم: "الأول، وجود توافق إسرائيلي-أمريكي مع إيران، يتم من خلاله تحييدها وعدم تدخلها في هذه الحرب، مقابل ثمن متعلق بتوافقات أمريكية/ غربية بخصوص ملفها النووي وغيره من القضايا العالقة بينهما. وتدعم هذا السيناريو، بعض المؤشرات، ومنها عدم تصعيد الأداة الإيرانية الأقوى في المنطقة، 'حزب الله'، خارج الحدود المألوفة، بمعنى عدم مشاركته فعلياً بثقله وإمكاناته العسكرية في هذه الحرب. وسينعكس هذا السيناريو على الساحة السورية، بعدم توجيه ضربات إسرائيلية كبيرة أو ساحقة إلى إيران وميليشياتها في سوريا".

ويضيف في حديثه إلى رصيف22: "يقوم السيناريو الثاني، على تدخّل إيران أو ميليشياتها الإقليمية، مع تصاعد الوضع الخطير في غزة والداخل الفلسطيني، ما يضعنا أمام حرب واسعة تخرج عن نطاق الجغرافيا الفلسطينية. وهو ما يبدو ضعيف الاحتمال ولا يوجد ما يعززه حتى الآن، في ظل تملص إيران من علاقتها بعملية 'طوفان الأقصى'. لكن في حال أصبح هذا السيناريو واقعاً حقيقياً فسيكون له انعكاسه على الساحة السورية، التي ستصبح مفتوحةً كساحة حرب، وربما ستكون ساحة الحرب الرئيسية ضد إيران وميليشياتها".

في حال توسّع العمليات الإسرائيلية لاحتلال مساحات شاسعة من غزة، ومحاولة اقتلاع حماس بالكامل، قد يختار "حزب الله" فتح جبهة ثانية، بمباركة إيران، حسب بول سالم، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط، فالطرفان لا يريدان خسارة حماس كأصل إقليمي. ولمواجهة هذا الاحتمال، نقلت إسرائيل بعض القوات إلى حدودها الشمالية مع لبنان، مع التهديد بانتقام إسرائيلي ضد "الجبهة الثانية" لا يدمر لبنان فقط، بل سيتضمن هجمات مدمرةً على إيران وحليفها في دمشق.

ويضيف سالم أن العديد من الميليشيات في لبنان والضفة الغربية وسوريا تتبنى العداء لإسرائيل، كجزء من حملة جنّدها "الحرس الثوري الإيراني" لتطويقها بالأسلحة المقذوفة، وهو ما يثير القلق، وقد استدعى أحد مسؤولي البنتاغون للقول: "في الوقت الحالي نراقب في جميع أنحاء المنطقة بحثاً عن أي مؤشرات أو تحذير من أن هذه الجماعات ستفكر في مواصلة هذا الصراع أو الدخول فيه بطريقة تؤدي إلى تصعيده".

مع تطور الصراع، ستضرب إسرائيل في مرحلة ما الأصول الإيرانية في سوريا، ولكن ليس في إيران نفسها.

استهداف إيران في سوريا

مع تطور الصراع، ستضرب إسرائيل في مرحلة ما الأصول الإيرانية في سوريا، ولكن ليس في إيران نفسها، حسب صحيفة "فورين أفريز"، التي أضافت: حتى الآن، استوعبت طهران مثل هذه الضربات في سوريا دون شعورها بالحاجة إلى الرد مباشرةً عليها، بعد إشارتها إلى دعوة البعض في إسرائيل لضرب الأهداف الإيرانية، حتى لو كان ذلك لإرسال إشارة فقط.

يعتقد الكاتب الصحافي ومدير موقع "شرق نيوز"، فراس علاوي، أن "الإسرائيليين يحاولون توسيع نطاق العمليات العسكرية، في مقابل حذر من إيران وأذرعها في جنوب لبنان وجنوب سوريا، وهو ما يُشير إليه النفي شبه المتكرر من قبل إيران بشكل خاص، ومحاولة إلصاق أي عمل من الجنوب بعناصر فلسطينية. وفي الوقت نفسه، هناك محاولة من 'حزب الله' لاستغلال الوضع، وإظهار نفسه كمؤيد للعمليات العسكرية، ومؤيد لحماس بتبنّي بعض العمليات".

وفي إفادته لرصيف22، يقول علاوي: "لا تريد واشنطن توسيع دائرة العمليات العسكرية في الوقت الحالي"، ويعتقد "بوجود محاولة إسرائيلية-أمريكية للتركيز على غزة دون إهمال باقي المحاور، من خلال استهدافها من قبل إسرائيل، بهدف إبقائها غير مستقرة. وفي الوقت نفسه، عدم التصعيد بشكل كامل، حتى يتسنّى لإسرائيل ترتيب أوراقها في المنطقة على الأقل، ويتسنى كذلك للولايات المتحدة ترتيب حضورها في المنطقة. لذا، في المنظور القريب، لن نشهد أي تصعيد".

ووفق رأيه، يرتبط الأمر بما ستحمله الأيام القادمة: هل ستنجح الوساطات التي تقوم بها الدول خاصةً الدول العربية، أم أن الأمر ذاهب إلى التصعيد؟ مشيراً إلى انتظار معرفة واشنطن مصير المعتقلين الأمريكيين في غزة.

وحسب الزميلة الأولى ومديرة برنامج حل النزاعات وحوارات المسار الثاني في معهد الشرق الأوسط، رندة سليم، هدف إسرائيل التي تلوح في الأفق باقتحام غزة، هو تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس، وقتل قيادتها، ونزع منشآت تصنيعها للأسلحة، وسلبها القدرة على إعادة بناء حكمها في غزة. وهذه الأهداف مجتمعةً خط أحمر بالنسبة لـ"حزب الله"، مما يعني أن استهداف البقاء السياسي والجسدي لـ"حماس"، سيوّلد صراعاً أوسع، مشيرةً إلى أن خيار توسّع الصراع مرتبط بالإجابة عن أربع أسئلة:

إمكانية تحقيق إسرائيل لأهدافها المذكورة، بما فيها اغتيال القيادة الرئيسية؟

عمق العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة ودمويتها؟

مصداقية التهديد الأمريكي، وإلى متى ستواصل عملياتها الهجومية؟

كيفية تأثير حرب متعددة الجبهات على الرأي العام في المنطقة وخارجها؟



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image