في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2022، قُتل الصحفي الكولومبي رافائيل مورينو، وبعد عام واحد من مقتله، بدأ اتحاد "فوربيدن ستوريز" (قصص محظورة) وشركاؤه في العمل على آخر تحقيق له، وهو -بلا شك- واحد من أخطر التحقيقات التي تتناول النظام الشامل لاستخراج الموارد الطبيعية من النهر الواقع في مدينة سان خوسيه دي أوري. وهو النظام الذي ربما تنتفع منه شخصيات سياسية كثيرة في المنطقة.
تحقيق عايدة ديلبواش (Forbidden Stories) وصوفيا ألفاريز خورادو (Forbidden Stories) وكلوديا جولييتا دوكي (Cuestión Pública) وباسكال مرياني (France 24)
استشعر طالب الحقوق البالغ من العمر 23 عاماً، خوسيه بولا مورينو، ميله إلى ممارسة السياسة في مراهقته. ولمدة أربع سنوات، كان يستعد للترشح في الانتخابات المحلية في مسقط رأسه بويرتو ليبرتادور، وهي مدينة صغيرة شمالي كولومبيا. وستحدد جولة الإعادة -التي من المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا الشهر (تشرين الأول/أكتوبر 2023)- ما إذا كان سيفوز مورينو بمقعد في المجلس المحلي.
في الوقت نفسه، يسعى إسبيديتو دوكي (57 عاماً) -هو سياسي محلي في حزب معارض يتمتع بخبرة سياسية تزيد على عقد من الزمان- إلى العودة السياسية، والترشح لولاية ثانية رئيساً للمجلس المحلي (عمدة). ورغم الخلفيات المتباينة لكل منهما، ستُجرى الانتخابات في حين تتركز الأضواء على شخص واحد؛ هو الصحفي رافائيل مورينو، الذي اغتاله مسلح محلي قبل عام.
والآن يستخدم خوسيه بولا، ابن شقيق مورينو، برنامج الأخير السياسي لتكريم إرث الرجل الذي عدّه أباً. قال خوسيه بولا: "لا ألقي خطاباً من دون الإشارة إليه.. لا يعقل أن ننسى الخير الذي فعله لمدينتنا".
غطى مورينو-المعروف لدى السكان المحليين باسم "صوت الشعب"- الأحداث في قرطبة، وهي مدينة تقع شمالي كولومبيا، حيث كان يحقق -رغم التهديدات المستمرة- في الفساد والجرائم البيئية. كان دوكي، المرشح لمنصب عمدة المدينة، ورئيس أقوى عشيرة بها.
في بداية تشرين الأول/أكتوبر 2022، اتصل مورينو بـ"فوربيدن ستوريز" لحفظ أعماله في شبكة "سيف بوكس" (ًصندوق الأمان)، وهو نظام مصمم لحماية المعلومات الأكثر حساسية للصحفيين. وحال مقتل الصحفي أو اختطافه أو سجنه، يمكن لاتحاد "فوربيدن ستوريز" وشركائه، أن يواصلوا العمل على هذه التحقيقات، وينشروا النتائج التي يتوصلون إليها. كان مورينو قد اتصل بـ"فوربيدن ستوريز"، من سان خوسيه دي أوري، حيث اكتشف أن الشركات كانت تستغل المواد المستخرجة من حوض نهر أوري، من دون أي تصاريح أو تراخيص. بعد ذلك بتسعة أيام، قُتل مورينو.
رغم وصول المحققين المسؤولين عن القضية إلى صور قاتل مورينو (نشرتها لأول مرة فوربيدن ستوريز)، يبدو أن التحقيق الجنائي قد توقف، ولم يتمّ القبض على أي شخص حتى الآن. فيما توقف الكثير من صحفيي المنطقة عن ممارسة الصحافة الاستقصائية؛ خوفاً من الانتقام، كما فر آخرون خارج البلاد.
في اليوم التالي لاغتيال مورينو، بدأ اتحاد "فوربيدن ستورز" وشركاؤه التعاون مع 30 صحفياً لمواصلة عمل مورينو. وفي الجزء الأول من "مشروع رافائيل"، كشف الاتحاد عن استشراء نظام المحسوبية في منح عقود عامة تزيد قيمتها على ثلاثة ملايين يورو، عندما كان دوكي يشغل منصب العمدة. ما بين 2016 و2022، وقعت إدارتا دوكي وإيدير جون سوتو 99 عقداً مع 13 رجل أعمال مقربين من عشيرة دوكي. ولم يتمّ فتح أي تحقيق رسمي ضد دوكي، وهو أحد الأشخاص الذين هم في القلب من نظام المحسوبية هذا، وفق مصادر "فوربيدن ستوريز".
الآن، في الجزء الثاني من هذا المشروع، بعد عام واحد من اغتيال مورينو، وقبل أسبوعين من الانتخابات المحلية، استأنفت "فوربيدن ستوريز" و"كوستين بوبليكا" العمل على آخر تحقيق مهم أجراه مورينو. ومن خلال الوثائق والشهادات، تمكن الاتحاد من تأكيد فرضية مورينو، التي تفيد بأن الموارد الطبيعية يتمّ استخراجها بشكل غير قانوني من نهر سان خوسيه دي أوري، وتورط العديد من كبار السياسيين في منطقة قرطبة.
نهر مُفرَّغ من الرمال
في كانون الثاني/يناير 2020، زار مورينو سان خوسيه دي أوري، لكتابة تقرير عن السياحة، وهي بلدة صغيرة تقع عند سفح متنزه باراميلو الطبيعي شمالي كولومبيا، حيث يعيش معظم السكان على الزراعة وصيد الأسماك. وفي مقطع فيديو صُوّر خلال الزيارة، وقف مورينو أمام شاطئ مرصوف بالحصى، وأشاد -وموسيقى الأكورديون تُسمع في الخلفية- بالوديان الناصعة: "كما ترون، يأتي الناس إلى هنا للاستمتاع، وتناول وجبة مع العائلة والأصدقاء".
من خلال الوثائق والشهادات، تمكن الاتحاد من تأكيد فرضية مورينو، التي تفيد بأن الموارد الطبيعية يتمّ استخراجها بشكل غير قانوني من نهر سان خوسيه دي أوري، وتورط العديد من كبار السياسيين في منطقة قرطبة
وعلى الرغم من موسم الصيف الجذاب، والهدوء الواضح، شهدت المدينة -التي يقطنها أقل من 15 ألف نسمة فقط- 62 جريمة قتل في العام 2019. وتخضع سان خوسيه دي أوري لسيطرة عشيرة ديل غولفو، وهي إحدى أعنف الجماعات المسلحة في كولومبيا، والمسؤولة عن معظم الجرائم في المنطقة.
بعد عامين من زيارته، تلقى مورينو معلومات من السكان المحليين مفادها أن عمليات استخراج (رمال من قاع النهر) غير قانونية تجري تحت ستار جمال المدينة الآسر. شرع مورينو في التحقيق، وسافر على طول النهر عدة مرات، وأجرى مقابلات مع السكان المحليين، وصور حركة مرور الشاحنات المتواصلة، وهي محملة بالرمال المستخرجة من حوض النهر. وفي مقطع فيديو تمّ التقاطه خلال إحدى الرحلات الصحفية العديدة في عام 2022، أدان مورينو النهب الواسع النطاق "وغير القانوني"، للرواسب والرمال من نهر بلدة سان خوسيه دي أوري، التي يقطنها نحو 15 ألف شخص.
قال مورينو خلال مكالمته الأخيرة مع "فوربيدن ستوريز": "هناك أربع أو خمس آلات حفر تعمل ليلاً ونهاراً، لاستخراج الموارد من النهر"، ثم وصف هذا الأمر بـ"الكارثة"، وأضاف قائلاً: "إنهم يلحقون أضراراً لا يمكن إصلاحها بالحوض الذي يعد جزءاً من التراث الثقافي والطبيعي لمنطقتنا". وصوّر مورينو وزملاؤه عدة مقاطع فيديو من مواقع استخراج الرمال والرواسب، ووثّقوا آلات الحفر التي دمرت النهر، وحولت ضفافه إلى موقع بناء. ونشروا اللقطات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي حققت انتشاراً واسعاً.
خلال المقابلات اللاحقة التي أجرتها "فوربيدن ستوريز" في المنطقة، أفاد السكان المحليون بمعلومات عن الأضرار التي لحقت بسبل عيشهم جراء عملية الاستخراج. ويقول الناشط فيليكس بينيات آمور، القاطن في فيرساليس الواقعة جنوبي سان خوسيه دي أوري: "جميعنا تقريباً صيادون ومزارعون". ويضيف الناشط الاجتماعي، الذي تعد عائلته واحدة من نحو 100 عائلة تعيش في القرية، حيث يشكل النهر مصدراً رئيساً للدخل والغذاء "لقد انخفض مستوى النهر بشكل كبير منذ أن بدأت الشاحنات بالمرور، ما أدى إلى حدوث جفاف". ويشير إلى أن المياه أصبحت ملوثة، ولا تزال زيوت المحركات ومواد التشحيم من الشاحنات، عالقة بمياه النهر وبما حوله. كما عكرت آلات الحفر المياه الصافية، برواسب المياه الضحلة. ويختتم آمور حديثه: "لم نعد نستطيع شرب المياه، فقد أصبحت تشبه الطين".
وفي أثناء عمله على التحقيق، أصبح مورينو مقتنعاً بأن هذا المزيج من الصخور والرمال المنهوبة من نهر أوري كان يُستخدم في بناء الطرق حول القرية. وافترض مورينو أن بعض الشركات المسؤولة عن البنية التحتية للطرق كانت تستخدم موارد النهر لخفض تكاليف البناء. أرسل مورينو طلباً للوصول إلى المعلومات العامة إلى بلدية سان خوسيه دي أوري، وهيئة الإدارة البيئية، وهو إجراء يتيح الوصول إلى الوثائق الإدارية الداخلية.
في تشرين الأول/أكتوبر 2022، قدّم مورينو -الذي أصبح ناشطاً اجتماعياً في منطقته- وزميله بلاغاً جنائياً إلى مكتب المدّعي العام في قرطبة، وأدانوا "الاستغلال غير القانوني للرواسب المعدنية وغيرها من المواد"، ودعوا إلى إجراء تحقيق عاجل "لحماية البيئة والأموال العامة، والحفاظ على صحة سكان بلدة سان خوسيه دي أوري، وسلامة طرقهم".
وبعد 10 أيام، وبينما كان مورينو على وشك الانتهاء من عمله في رافو باريلا -وهو مطعم للوجبات السريعة كان يعمل فيه بدوام جزئي لإعالة زوجته، وأطفاله الثلاثة- دخل مسلح وأرداه قتيلاً.
استخراج وحشي
في إحدى أمسيات أيّار/مايو 2023، وجد يامير بيكو -ابن عم مورينو، الذي تعاون معه في التحقيق- نفسه وحيداً في شقته في مونتيليبانو، وهي بلدة في قرطبة، بعدما غادر حراسه الشخصيون المنزل؛ وما هي إلا لحظات حتى سمع ضجة مفاجئة، قبل أن يجد أمامه اثنين من القتلة اقتحما منزله، ووجها بنادقهما إليه. وروى بيكو لـ"فوربيدن ستوريز": "قال لي أحدهما: لا نريد أن نقتل أي صحفي آخر، ولكن في المرة المقبلة التي ستتطرق فيها إلى قضية سان خوسيه دي أوري، سيكون مصيرك الموت".
صادر الرجلان معدّات عمله، بما في ذلك جهاز الكمبيوتر الخاص به ودفتره وشريحتيّ USB سبق أن أعطاهما له مورينو قبل مقتله. وبعد يومين، فر بيكو سراً خارج البلاد مع عائلته، وهو يعيش الآن في أمريكا.
"قال لي أحدهما: لا نريد أن نقتل أي صحفي آخر، ولكن في المرة المقبلة التي ستتطرق فيها إلى قضية سان خوسيه دي أوري، سيكون مصيرك الموت"
كان بيكو عضواً في مجموعة صغيرة من الصحفيين والنشطاء المحليين والبيئيين الذين عملوا مع مورينو؛ إذ قدّموا له المعلومات وزودوه بحقيقة الأوضاع على الأرض، بعدها اضطروا إلى الفرار أو التخلي عن عملهم. ونشر بيكو الخلاصات التي توصل إليها في تحقيقه المنشور على موقع Caribe Noticias 24/7، وهو موقع يغطي الأخبار المحلية.
قال والتر ألفاريز، الصحفي وصديق مورينو: "ليس هناك موضوعاً أكثر خطورة من هذا". شارك ألفاريز أيضاً في التحقيق، إذ رافق مورينو في رحلاته الصحفية. وفي آب/أغسطس 2023، قُتل الابن الأكبر لألفاريز (22 عاماً) في بلدة سالغار بمقاطعة أنتيوكيا، حيث كان يزور والدته. قال ألفاريز: "لا أرَ أي سبب آخر سوى أنهم يريدون إسكاتي… ولكنني كنت قد توقفت بالفعل عن العمل على التحقيق".
وبعد شهر واحد، تلقى ألفاريز رسالة عبر تطبيق "واتساب" من رقم غير معروف، مفادها: "قريباً ستلحق أنت وحراسك الشخصيون برافائيل مورينو، سنقتلك ونحرقك".
يقول بيكو: "يعتقد الناس أن الموضوع هين؛ لكنّه في الواقع نظام ضخم صُمّم لاختلاس الأموال والموارد العامة، يشارك فيه العديد من السياسيين".
وفق المعلومات التي شاركها عمدة سان خوسيه دي أوري، كوستوديو أكوستا أرزولا مع اتحاد "فوربيدن ستوريز"، استجابة لطلبات التعليق، فقد وقع العمدة بين عامي 2021 و2022 سلسلة من العقود مع شركات عديدة متخصصة في الأشغال العامة. كان الهدف هو بناء وتطوير الطرق التي من شأنها إخراج مجتمع البلدة المحلي الصغير من عزلته. وبلغت قيمة هذه العقود العشرين 15 مليون يورو (68 مليار بيزو كولومبي).
وبعد عدة أشهر من توقيع هذه العقود، بدأ السكان المحليون بشجب أنشطة الاستخراج. لسنوات، لاحظ السكان ما تعانيه بلدة فيرساليس الريفية من تدهور؛ بما في ذلك النهر والمنطقة المحيطة به، مع تحول ضفافه إلى موقع لاستخراج الرمال والرواسب. هناك، عهدت بلدية سان خوسيه دي أوري إلى شركة بناء محلية تدعى "كونسورسيو فيرساليس" للقيام بأعمال تهدف إلى "تطوير الطريق الفرعي من خلال بناء غطاء خرساني هيدروليكي"، كما هو منصوص عليه في العقد.
بالنسبة إلى مورينو وزملائه، فإن هذا القرب الجغرافي بين موقعي الاستخراج وبناء الطرق ليس من قبيل الصدفة. ومن خلال منشورات عديدة على الإنترنت، أدانوا شركة "كونسورسيو فيرساليس"؛ لارتكابها "جريمة بيئية".
بعد شهر واحد من اغتيال مورينو، وفي أعقاب شكوى قدّمها قبل عدة أيام من وفاته، فتحت هيئة الإدارة البيئية الإقليمية تحقيقاً، وأرسلت فريقاً إلى الموقع.
وأكد تقرير داخلي صادر في شباط/فبراير 2023، حصلت عليه "Cuestión Pública"، ما توصل إليه مورينو؛ بما في ذلك وجود عمليات استخراج غير قانونية، وأضرار بيئية، وألقى التقرير بالمسؤولية على عاتق شركة "كونسورسيو فيرساليس"، وأشار أعضاء هيئة الإدارة البيئية الإقليمية إلى وجود "آثار عمليات استخراج في قاع النهر… ويبدو أن هذه العمليات قد تمّت من دون الحصول على التراخيص والتصريحات المطلوبة، وهو ما يخل بالنظام البيئي ويسبب القلاقل للسكان المحليين". وفي شباط/فبراير 2023، أمرت الهيئة بإجراء تحقيق إداري ضد بلدية سان خوسيه أوري وشركة "كونسورسيو فيرساليس".
رفضت شركة "كونسورسيو فيرساليس" الرد على طلبات التعليق التي وجهتها لها "فوربيدن ستوريز".
ويقول الناشط الاجتماعي بينياتي آمور: "بدأ عمال البناء العمل بعد عام من توقيع العقد". فيما يزعم سكان فيرساليس أن الطريق لا يزال قيد الإنشاء حتى اليوم، رغم أن العقد الموقع في 2021 ينص على الانتهاء من عمليات الإنشاء في مدة لا تتجاوز العام الواحد.
وتعد شركة "كونسورسيو فيرساليس" إحدى الشركات التي استخرجت المواد من النهر بشكل غير قانوني، وفق عدة مصادر ذات صلة بالأمر. ووجد بيكو في تحقيقه أنه "بدلاً من شراء مواد البناء المصرح بها، والتي يتكلف شراؤها ثمناً معيناً، تعقد الشركات (التي تعهد إليها البلدية بالقيام بالأعمال) اتفاقاً مع السياسيين يقضي باستخراج الموارد الطبيعية مجاناً ومن دون تصريح، ثمّ يتمّ تقاسم الأموال بين هذه الشركات ورؤساء البلديات وعشيرة ديل غولفو". ويقول: "هذا النظام يمثل ثروة لهم؛ لذا هم على استعداد لقتل أي شخص". ويضيف: "لذا أرسلوا اثنين من القتلة (المأجورين) إلى منزلي".
سان خوسيه دي أوري في مرمى أهداف العشائر
يبدو أن الموارد الطبيعية التي تحظى بها بلدة سان خوسيه دي أوري قد اجتذبت العديد من العشائر السياسية التي تتنافس على السلطة في قرطبة؛ بما في ذلك عشيرة كالي ذات النفوذ. تمتلك العشيرة مبنى "فينكا مارسيلو"، وهو مبنى ضخم يقع على ضفاف النهر. قبل وقت قصير من وفاته، قام مورينو بتسجيل فيديو على الهواء مباشرة من المزرعة، متهماً عشيرة كالي بالمشاركة في أنشطة الاستخراج التي تجري في المنطقة.
وأعلن أحد أفراد العشيرة، غابريل كالي أغواس - المدير الإقليمي السابق للحملة الانتخابية للرئيس جوستافو بيترو والمرشح لحكومة قرطبة في الانتخابات الإقليمية- أنه يأمل في جعل سان خوسيه دي أوري مركزاً للإنتاج الصناعي.
في نيسان/أبريل 2023، نفى غابريل كالي ديمويا، والد غابريل كالي أغواس، أي مسؤولية عن استخراج الرمال، ملقياً باللوم على الشركات التي نفذت العمل. كما أخبر كبير العائلة "فوربيدن ستوريز" أن النواب المحليين هم من يجب التحقيق معهم.
على الرغم من أن العشيرة لها مصالح خاصة في المنطقة، إلا أن التحقيق الذي أجرته "فوربيدن ستوريز" كشف عن تورط أطراف أخرى في عمليات الاستخراج غير القانونية في سان خوسيه دي أوري. وحددت المصادر -التي وافقت على التحدث بشرط عدم الكشف عن هويتها، خوفاً من الانتقام- العديد من الشخصيات المحلية المتورطة؛ بما في ذلك عمدة سان خوسيه دي أوري الحالي، كوستوديو أكوستا أورزولا، الذي يخضع لإجراء إداري بدأه مورينو للحصول على معلومات بشأن عمليات الاستخراج، وابن عمه لويس خوسيه غونزاليس، عمدة المدينة السابق والمرشح في الانتخابات البلدية المقبلة، والذي يملك مبنى في منطقة الاستخراج.
بعد مرور عام على مقتل مورينو، لا يزال القتلة أحراراً طلقاء. ويقول خوسيه بولا، ابن أخ مورينو: "الأمور تزداد سوءاً، ومن حقي أن أتساءل: أين هي العدالة؟… أود أن يظل تأثير عمله وتحقيقاته باقياً هنا، حتى بعد وفاته"
لم يرد خوسيه غونزاليس على طلب "فوربيدن ستوريز" للتعليق.
في رسالة مطولة لـ"فوربيدن ستوريز"، أكد أورزولا أن وزارة المناجم والطاقة تراقب أنشطة التعدين، وأن "البلدية (سان خوسيه دي أوري) من خلال أمانة التخطيط، اتخذت تدابير لإنهاء هذا النوع من التعدين غير القانوني".
وأكد أيضاً أنه زار مطعم رافو باريلا -مطعم الوجبات السريعة الذي كان مورينو يعمل به- في اليوم السابق لجريمة القتل، واصفاً حديثهما معاً بـ"الممتع"، لأنهما كانا صديقين منذ 2019، بحسب أورزولا الذي قال: "في ذلك اليوم، أخبرني عن خطته للعودة إلى الدراسة… اشتريت له بعض اللحوم، وأعطيته هدية لابنته".
إراسمو زوليتا؛ شخصية سياسية ذات نفوذ شديد في المنطقة -جاء ذكره على لسان مصادر مقربة من مورينو- وهو مرشح حالي لمنصب عمدة مدينة قرطبة، منافساً لغابرييل كالي أغواس.
كان زوليتا -الذي يحظى بشعبية كبيرة في الانتخابات المحلية المقبلة- نائباً في مجلس النواب من 2018 إلى 2022. وينتمي إلى إحدى أقوى العشائر في قرطبة، عشيرة بشارة، وكان منسق "خطة التنمية الوطنية" التي تنفذ مشروعات استراتيجية في مختلف مناطق إقليم قرطبة في الفترة ما بين 2018 و2022. يقول خبير في هذا الشأن: "كان زوليتا نائباً عندما وُقّعت العقود في سان خوسيه دي أوري. وهو منصب يتيح تحديد مسار صرف الأموال، والبلديات ذات الأولوية".
في أيلول/سبتمبر 2022، قبل ما يزيد قليلاً على شهر من مقتله، شارك مورينو صورة تجمعه مع زوليتا على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال وهو يشير إليه باعتباره صديقه: "تبادلنا الأفكار، وتعرفت على الجهود العديدة التي بذلها من أجل سان جورج (منطقة محيطة بسان خوسيه دي أوري)". رداً على ما توصلت إليه "فوربيدن ستوريز" وشركاؤها، قال زوليتا لـ"فوربيدن ستوريز" إن صلاته محدودة بالمنطقة، ونفى بشدة أي مناقشة دارت بينه وبين مورينو بشأن أي عمليات استخراج غير قانونية.
أسئلة كثيرة متعلقة بتحقيق مورينو الأخير، تظل من دون إجابة. وكل خيط جديد، يُثير أسئلة جديدة.
وبعد مرور عام على مقتل مورينو، لا يزال القتلة أحراراً طلقاء. ويقول خوسيه بولا، ابن أخ مورينو: "الأمور تزداد سوءاً، ومن حقي أن أتساءل: أين هي العدالة؟… أود أن يظل تأثير عمله وتحقيقاته باقياً هنا، حتى بعد وفاته". وتابع أن الانتخابات المقبلة "ستكون لحظة كاشفة"، واختباراً لما إذا كانت وفاة مورينو قد شكلت نقطة تحول في المنطقة أم لا.
*****
تشكل شبكة 'سيف بوكس' (صندوق الأمان) من اتحاد 'فوربيدن ستوريز' (قصص محظورة) خط دفاع أخير، عن عمل الصحفيين الاستقصائيين، وتضمن استكماله في حال تعرضهم لأي مكروه يحول دون ذلك. وفي إطار دعمها لـ 'سيف بوكس' وسعيها لنشر مفهوم الحماية هذا بين الصحفيين الاستقصائيين العرب؛ تساهم 'أريج' في نشر تحقيقات 'مشروع رافائيل'، بالتعاون مع شركائها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...