يعطي يوم السبت 16 كانون الثاني/ يناير الجاري، ملمحاً عن معاناة الإعلاميين في السودان، إذ بدأ بإعلان السلطات إغلاق مكتب قناة الجزيرة مباشر، وسحب تراخيص الطاقم العامل فيها. وقبل أن ينتصف اليوم، أعلنت صحيفة الحداثة المستقلة، توقّفها عن الصدور بصورة نهائية.
وعزت السلطات السودانية إغلاق مكتب قناة الجزيرة مباشر، في العاصمة الخرطوم، إلى ما أسمته "بالتناول غير المهني للشأن السوداني، ومخالفة السلوكيات والأعراف المهنية".
خطوة أدانتها شبكة الجزيرة الإعلامية، حاثّةً السلطات للرجوع عن قرارها، وتمكين القناة من مواصلة عملها الصحافي، من دون عوائق أو ترهيب.
وتوقفت صحيفة الحداثة السياسية اليومية، التي ترفع شعار "من أجل صحافة سياسية في مقام الثورة السودانية"، عن الصدور بصورة نهائية.
وقال بيان صادر عن الصحيفة، إن "أجواء التضييق لا تسمح بمتابعة سياساتنا التحريرية القائمة على معالجة القضايا الانتقالية والتأسيسية الأربع، مع القوى الجديدة للتغيير: المرأة الجديدة، والشباب الجديد، وقوى التغيير في الريف السوداني، وملاحقة قضايا الفساد".
ولا يُعد يوم أمس، بدعةً في أحوال الصحافيين ووسائل الإعلام السودانية، منذ استيلاء الجيش على السلطة في يوم 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وتركزت معظم معاناة الصحافيين، في القيود والانتهاكات في حقهم بممارسة تغطية الحراك الاحتجاجي الذي اقترب من دخول شهره الثالث.
يعطي يوم السبت 16 كانون الثاني/ يناير الجاري، ملمحاً عن معاناة الإعلاميين في السودان، إذ بدأ بإعلان السلطات إغلاق مكتب قناة الجزيرة مباشر، وسحب تراخيص الطاقم العامل فيها. وقبل أن ينتصف اليوم، أعلنت صحيفة الحداثة المستقلة، توقّفها عن الصدور بصورة نهائية
ويقود تجمع المهنيين السودانيين (كيان نقابي)، ولجان المقاومة السودانية (منظومات في الأحياء)، الحراك الاحتجاجي المطالِب بإزاحة العسكر عن السلطة، واستعادة المسار المدني الديمقراطي.
وفي مواكب 13 كانون الثاني/ يناير، في الخرطوم، اقتحمت قوات أمنية، مقر التلفزيون العربي، واقتادت الطاقم المكوّن من إسلام صالح، ووائل محمد الحسن، والمصوّر مازن أونور، إلى جهة غير معلومة، قبل أن تطلق سراحهم لاحقاً.
وفي اليوم ذاته، تم الاعتداء بالضرب على الصحافية شمائل النور، فيما نجا الصحافيان عثمان فضل الله، وبكري خليفة، من محاولات دهس على يد ناقلات للجند.
وفي يوم 12 كانون الثاني/ يناير الجاري، اعتقلت السلطات العسكرية، مصوّرا وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، محمد خضر ومجدي عبد الله، وقيّدت حركتهما في مكان معزول، وأخضعتهما لاستجواب امتدّ لساعات.
وكان يوم 30 كانون الأول/ ديسمبر المنصرم، الأسوأ في سجل الاعتداء على الصحافيين والطواقم الإعلامية العاملة في تغطية الاحتجاجات.
واقتحمت قوات عسكرية مكتب قناة العربية الحدث، واعتدوا على الطاقم العامل فيها، وخرّبوا عدداً من الأجهزة، مع تسجيل حالات نهب.
كذلك، تم الاعتداء على مراسلتَي قناة الشرق بلومبيرغ، سالي عثمان، ومها التلب، واحتجازهما في مكتب القناة ساعاتٍ، للحيلولة دون إنجاز مهامهم الصحافية.
وفي اليوم نفسه، تم الاعتداء بالضرب المبرح المسبب للأذى الجسيم، على المصوّر الصحافي متوكل عيسى، الذي يعمل لصالح قناتَي الحرة وروسيا اليوم، وتم حلق شعر رأسه، كما تم الاعتداء بالضرب على مصوّر الوكالة الأوروبية، محمد وليد.
متوكل عيسى عقب الاعتداء عليه
وخلال مواكب 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تعرّض الصحافيان في وكالة السودان للأنباء (سونا)، محمد بابكر، وعمر إبراهيم (هنري)، لإصابات بالغة بعبوات الغاز المسيل للدموع.
وفي اليوم نفسه، تعرّض المنتج في مكتب قناة الجزيرة، صابر حامد، والصحافي محمد إبراهيم الحاج، للضرب المبرح على يد قوات أمنية، بينما نُقل الصحافيان محمد جادين، وإمتثال عبد الفضيل، إلى المشافي، جراء اختناقهما بالغاز المسيل للدموع.
وفي مواكب 17 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، أصيب أحد مؤسسي موقع ألترا سودان، والصحافي في صحيفة التيار المستقلة، علي فارساب، بطلقٍ ناري في فروة رأسه، قبل أن تهاجمه مجموعة عسكرية مسببةً له كسراً في اليد، ونزيفاً في الرأس.
واقتيد فارساب، على الرغم من إصابته، إلى معتقل أمني، ظل فيه مدة ثلاثة أيام، حُرم خلالها من المعاينة الطبية.
وفي يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، دهمت قوات أمنية منزل مدير مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم، المسلمي الكباشي، وجرى التحقيق معه من قبل نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، بشأن تغطية قناة الجزيرة للأحداث في البلاد.
وتم ترحيل المسلمي إلى سجن سوبا، شرق الخرطوم، يوم 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، على الرغم من قرار النيابة إخلاء سبيله، ومن ثم أفرجت عنه في اليوم التالي.
ضمن الانتهاكات بحق وسائل الإعلام، عطّلت السلطات بث إذاعة هلا96، المعروفة شعبياً بـ"صوت الثورة السودانية"، وراديو "بي بي سي" العربية، على موجات الأف أم، صبيحة الانقلاب، ولم يُسمع بثّهما إلا بعد قرابة شهرين من التوقف
وفي يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تعرّض مصور "إندبندنت عربية"، الصحافي حسن حامد، للضرب، مع تحطيم الكاميرا الخاصة به، وذلك إبان تغطيته للعصيان المدني في ضاحية بري في شرق العاصمة السودانية.
وكان وزير الإعلام السابق في الحكومة المعزولة، فيصل محمد صالح، ومدير الأخبار السابق في تلفزيون السودان، الصحافي ماهر أبو الجوخ، من ضمن أوائل ضحايا الانقلاب العسكري، إذ جرى اعتقالهما عشية استيلاء الجيش على السلطة في يوم 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولم يُطلق سراحهما إلا في 23 و27 تشرين الثاني/ نوفمبر، على التوالي، وبعد أيام من إبرام الاتفاق السياسي بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وضمن الانتهاكات بحق وسائل الإعلام، عطّلت السلطات بث إذاعة هلا96، المعروفة شعبياً بـ"صوت الثورة السودانية"، وراديو "بي بي سي" العربية، على موجات الأف أم، صبيحة الانقلاب، ولم يُسمع بثّهما إلا بعد قرابة شهرين من التوقف.
ودرجت السلطات على إغلاق الجسور الرابطة بين مدن العاصمة، وقطع خدمتي الاتصالات والإنترنت، في أيام الاحتجاجات المبرمجة مسبقاً، الأمر الذي يحرم الصحافيين من حقهم في الوصول إلى المعلومات، ونشرها، ويؤدي إلى احتجاب غالبية الصحف الورقية من رفوف المكتبات.
وبدأت السلطات الجديدة عهدها، بقطعٍ كاملٍ لخدمة الإنترنت، في الفترة من 25 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
قرارات غير قانونية
وصف الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات في الحكومة المعزولة، حسام الدين حيدر، قرار إغلاق مكتب قناة الجزيرة مباشر في الخرطوم، بأنه غير قانوني.
واتّهم حيدر في حديثه إلى رصيف22، وكيل وزارة الثقافة والإعلام المكلف، نصر الدين أحمد محمد، بالتغول على صلاحيات المجلس.
وقال: وفقاً للمادة "8"، الفقرة "أ"، من قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية لسنة 2009، يختص المجلس بالإشراف على الأداء العام للمؤسسات والشركات الصحافية، ودور النشر الصحافي، والمطابع الصحافية، ومراكز الخدمات الصحافية، ووكالات الأنباء، ووكالات الإعلان، ومراجعة أدائها المهني.
"السلطات ساعية لترهيب العاملين في وسائل الإعلام، لمنعهم من نقل حقيقة ما يدور على الأرض، والتعتيم على الانتهاكات التي تتم من قبل قوات الأمن"
وأضاف: في المادة "9" الفقرة "هـ" من سلطات المجلس القومي للصحافة و المطبوعات الصحافية، اعتماد مكاتب الصحف والوكالات الأجنبية والوكالات الصحافية الأجنبية، واعتماد مراسليها حال موافقتهم معايير العمل كمراسلين، وشروطه.
ويعاني السودان من فراغ دستوري، قارب الثلاثة أشهر، إذ لم يتم الإعلان عن تشكيل حكومي جديد، منذ الإطاحة بالحكومة التي يقودها المدنيون في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
محمد وليد بعد تعرضه للضرب
استهداف ممنهج
يتهم القيادي في اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحافيين السودانيين، وليد النور، السلطات السودانية، باستهداف الصحافيين والإعلاميين.
وقال وليد لرصيف22، إن السلطات ساعية لترهيب العاملين في وسائل الإعلام، لمنعهم من نقل حقيقة ما يدور على الأرض، والتعتيم على الانتهاكات التي تتم من قبل قوات الأمن.
نهج شمولي
عدَّ أستاذ الإعلام، الخير كاروري، كافة القرارات الصادرة عن السلطات، "باطلةً".
وقال لرصيف22، إن استيلاء العسكر على السلطة في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أمر منافٍ للدستور والقانون، وتالياً فكل ما صدر عن هذه السلطة، "لا يُعتدّ به"، مذكّراً بالقاعدة القانونية: ما بُني على باطل، فهو باطل.
وعبّر كاروري عن خشيته من أن يكون البرهان ساعٍ إلى تطبيق نهج نظرائه العسكريين في المنطقة، بما في ذلك تعاطيهم مع وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، بما يسمح لهم بتحويل جنّة الديمقراطية التي ينشدها أصحاب ثورات الربيع العربي، إلى صيف قاحل من الشموليات المهيمنة والقابضة على تلابيب الشعوب التائقة إلى الحرية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...