شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أسماك منطقة البكيني

أسماك منطقة البكيني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز نحن والتنوّع

السبت 30 سبتمبر 202312:09 م




يقول الطالع إن الأسماك ليست عمياء، وإن الغرائز تحركنا... بقبلة ونصف ابتسامة دَفَعْتُ للنجوم، رغم أنها أطبقت فمها على كلمة. حاولت أن أعرف ما هي، لم أستطع. قلت ربما تكون اسم، لعبة، أو مزهرية محطمة، ومن الأفضل أن أبتعد... لم يكن قد مضى على حياتي ليل كامل، بنجومه، أرقه وحبات المُسَكِّن التي أدخرها لآلام الأسنان، إلا أنني تذكرتكَ، وعرفت الكلمة حين نثرت حياتكَ فوق تراب أيامي، لأقرأ لك أنا الأخرى الغيب.

كيف تلونت الغرائز؟

وقفت امرأة تشبهني على صفحة الماء، لا هي تمشي ولا الموج يمضي تحتها، حاولت الأسماك التلصّص على سروالها الداخلي: ترى ما لونه، ما طبيعة الطُعم المخزّن فيه؟ تفرّقت آراء الأسماك فيما بينها حول الألوان، وأطلقت مخيلتها فقاعات تحيط بكل شيء حتى زعانفها الصغيرة. لم يصل الأمر إلى معارك وحروب طاحنة، رغم أنها جميعاً تمسكت برغباتها. أقول آراء، لأن كل سمكة كانت تتعلق بأمنيات عن لونها المفضل. كبرت هذه الأمنيات حتى طفت على جلودها، ومع الشعور أن هناك رغبة حقيقية قد امتلكتها؛ أحاطت الألوان الدافئة بسيرة الأسماك، بروحها وأجسادها تماماً، حتى صارت أشكالاً وألواناً، تشبه السروال الداخلي لامرأة غريبة، أو ربما أحبّت الأسماك أن تكون جزءاً أسطورياً وربما غامضاً من جسد امرأة.

وقفت امرأة تشبهني على صفحة الماء، لا هي تمشي ولا الموج يمضي تحتها، حاولت الأسماك التلصّص على سروالها الداخلي: ترى ما لونه، ما طبيعة الطُعم المخزّن فيه؟... مجاز

وسكتت شهرزاد...

أخبرتُ حبيبي هذه القصة قبل رحيله بأيام، لو أنه اقتنع أن ابتسامتي لا تتحدى رغبته في النوم معي، وأنني جادة فيما أعتقد؛ لكان امتلك الآن هو الآخر لوناً، وظلّ معي، يتخفّى من ملاك الموت داخل طيات السماء وبين تموجات الحقول، في قصائد الشعراء وتحت صفحة الماء، ورغم كل هذا الفقد، أشبعت ردة فعله غروري قليلاً؛ فمهما يكن، الأسماك في النهاية عمياء مقارنة بالرجال، وثمة رغبات لا يمكن سجنها في قفص.

يومها

دفنت دموعك الفضية في صدري

طوّعت هذا الفقد إلى دمى

تشبهك أحياناً

وفي أحيان أخرى

ترتدي زعانف ملونة

وتبادلني الضحك على حكايتها...

كُنْتَ في أكثر من رجل

كان من المقدّر أن تبادلني الحب، أن تمضي خلفي تائهاً، معذباً ومفقوداً، أن تعيش معي في أكثر من رجل، لو أنني وشمتك حين قبّلتني بخدوش أظافري على ظهرك، لكني حين تركتك ترحل؛ ظننت أن هناك أكثر من باب سيعيدك إليّ، أحدهما كان أملاً والآخر ظلاً فكان الشعر، حتى تحطمت أصابعي بين كفيك في قصيدة، ورغم هذا لم أتركك، وفي قصيدة أخرى جمعت ملامحك من وجوه الرجال وجلست أراقبك تتلوّى في سريري، بينما يدي تمسك رغبتك الضريرة وتداعبها.

ليس لي الآن رجل غيرك أجلس إليه ليواسيني، وأغلب قصائدي تسير خلفي كجراء متعبة من تحديقي في عينيها وفي مشيتها المرتبكة، أنني أتطفّل على حياتك من خلف سياج الكلمات، وأنظر إليها كأنها تخصّ امرأة أخرى، مغرورة ومترفة هي، بينما أسوي مشاكلي مع الوحدة بالتجول حافية فوق حطامي من المطبخ إلى سريري الفارغ.

تطلّعت إليك كأنك فرصتي الوحيدة في تعلم البكاء، لست ضد تداعي الذكريات وحكّ القلب مكان الوجع؛ لكن أخبرني ما الثمين في هذه الحياة سوى أن أتحدث بلكنة جنائزية حين أجالس جمعاً من النساء في قاعة انتظار عيادة طبيب، وأخبرهم بأسى، أنه كان لدي، أنا الأخرى، رجل، ولم أخرج من حياتي بلا ألم، فيما رجالهم يتطايرون حولي كورق الكوتشينة، ولا أحد يربح هنا.

لم تكن مثالياً؛ لكنك كنت حبيبي، كنت سمكتي المفضلة وفي قلبي بدأ الطوفان يأخذك لأبعد كثيراً من ملابسي الداخلية

بالدموع

جلبت امرأة قمراً إلى نافذتها

قمراً رمادياً كما تعرفون

لكنه مضيء

ثمة حب في قلبه

لثغة قديمة تجرح لسانه

مع أنفاس الغروب

امرأة

قمر

ليل

وعيون فضولية

تنقش فوق الستائر

قبلات.

كان من المقدّر أن تبادلني الحب، أن تمضي خلفي تائهاً، معذباً ومفقوداً، أن تعيش معي في أكثر من رجل، لو أنني وشمتك حين قبّلتني بخدوش أظافري على ظهرك، لكني حين تركتك ترحل؛ ظننت أن هناك أكثر من باب سيعيدك إليّ... مجاز

كُنْتُ أكثر من امرأة

رسمت على الحائط وجه فتاة، وقلت هذه مرآتي المنسية في الغرفة. مرآة أغلقتها على أحلامي ومخاوفي، كنت أمضي الأيام في تأمّلها، تنظيفها وتجميل رأسها بشعري المتساقط، حتى صارت جمالاً يكفي للمنافسة؛ امرأة بشعر غجري يتطاير حول وجهي.

كان الأمر يبدو حقيقياً لو أنني نفخت في فمها، فتاهت ملامحها بين الزفرات مع الطلاء المتقشّر، لو أنني ادخرت لعريها فساتيني القديمة، ابتسامتي المغوية، صوتي الشهي، لو أنني تحركت خطوة إلى الأمام ومسحت تحت عينيها بدفء أصابعي، قبلة صغيرة كانت تفصلها عن يومها الأول في العَدْو خلف رجل؛ لو أنني قدمتها لحبيبي كنسختي الوديعة من النساء.

ظل الأمر على هذا النحو بيننا أعواماً طويلة، سرّي الصغير ينمو على حائط، حتى ضاع وجهي الحقيقي وهويتي، أو تفكّكت ملامحي كما أظن بين امرأتين غريبتين عني، وباتت رقتي أكثر توحشاً، كلمعة في عين سمكة ترتدي لونها المفضل بعد غياب، لم أبك مطلقاً وأنا أنسلخ من جلدي القديم، أو أتردّد وأنظر إلى الخلف تجاه عائلتي التي ما تزال تراني في براءة الثلج، أذوب تحت أعوامي الأربعين، إلى أن أنتهي وأخلّصهم من برودة فكرة أنني وحيدة بلا زوج أو أسرة.

هل صرت يومها ماء، أم أنني كنت الواقفة فوق صفحة الماء؟

لم يكن الندم حليفي، وأنا أصعد فوق أخطائي وأدرك أن العالم من أعلى لا يستحق دموعي، حين يفقد السجين محاولته الألف لرسم بوابة تفصله عن عالمه الموحش، يجد نفسه عالقاً في فكرة أنه يحتاج إلى آخر، يشبهه، يمضي معه وقته بلا ضجر، يكمل جملته الحزينة قبل أن تتعفّن في فمه، يبكيه حين لا يكون التخطي والنسيان خياراً متاحاً، يؤدي أعماله المرهقة خاصة تجاه العائلة أو يقوم بمهامه الأكثر تسبّباً في المتاعب مثل جلب الطمأنينة إلى قلبه وطرد الأوغاد من حياته.

ليس لي الآن رجل غيرك أجلس إليه ليواسيني، وأغلب قصائدي تسير خلفي كجراء متعبة

يمكنني أن أصنع من جسدي

مقبلات

وأجلس بجانب الطريق

أهديها لمن يقرأ أكثر،

يمكنني أن أسألك عن اسمك

في قصيدة

وهذا لا يعني أن أناديك

حين أكون عارية

أو وحيدة.

أجمل أسماكي

ماذا كنت أتوقع من الوحدة، هناك شيء في حياتي جعلني اعتادها، بخلاف الرجفة في يدي والتردّد في قدمي وثبات نظراتي على ما أريد، حدّ أنني كنت أمتلكه بمجرد أن أراه.

كنت أعتقد أن الإمساك بالأشياء لا يحتاج أكثر من رغبتي، وأن الاحتفاظ برجل لأطول وقت ممكن يتطلب نوعاً من الوفاء؛ كان مقبولاً أن أتحمل إساءاته وأغسلها بدموعي وأعيدها له نظيفة في اليوم التالي، ككل امرأة مخلصة لرجلها... مجاز

كنت أعتقد أن الإمساك بالأشياء لا يحتاج أكثر من رغبتي، وأن الاحتفاظ برجل لأطول وقت ممكن يتطلب نوعاً من الوفاء؛ كان مقبولاً أن أتحمل إساءاته وأغسلها بدموعي وأعيدها له نظيفة في اليوم التالي، ككل امرأة مخلصة لرجلها. اعتاد هو أيضا هذا النوع النظيف من الحب غير المتطلّب وغير الموثّق بالوعود والعهود والأوراق، وكل هذه الأشياء الكلاسيكية التي تجعلنا موظفين في العلاقات، لا أطراف تتنكر لخلاصها بقمصان النوم وتفترش الأسرة وتواري مخاوفها بالاعتراف.

حين رأيت وجهك، أعطيتني فكرة قاسية عن الغربة، كأنك هارب في زمن ما، خلال أسئلتي الممدّدة فوق جسدك، اكتفيت باسمك وبحّة خفيفة تلطّف صوتك، لم تكن مثالياً؛ لكنك كنت حبيبي، تملك أكسير حياتي وطالعي بكامل نجومه، وعينين مثل زهرتي لوتس تطوفان فوق بركة دموعي وتؤنس نظراتي، كنت سمكتي المفضلة وفي قلبي بدأ الطوفان يأخذك لأبعد كثيراً من ملابسي الداخلية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard