سُجل 54 خاناً من الخانات الإيرانية على قائمة التراث العالمي، خلال الدورة الخامسة والأربعين للجنة التراث العالمي في منظمة يونسكو، التي استضافتها الرياض في أيلول/سبتمبر العام الجاري.
كانت هذه الخانات عبارةً عن فنادق مجهزة يعود تاريخها إلى الفترة الساسانية وحتى نهاية الفترة القاجارية في إيران، إذ تقع على طول الطرق التي كانت خلال تلك القرون مزدحمةً داخل البلاد.
غالباً ما تُشيّد الخانات في إيران، بهدف استقبال الحجاج، أو القوافل التجارية التي كانت تمر بها، والواقع أكثرها بالقرب من المدن الكبرى، ويوجد في إيران أكثر من 700 خان تم تسجيلها في قائمة التراث الوطني الإيراني، حيث أدرجت مؤخراً أبرز 54 خاناً من هذه الخانات على قائمة يونيسكو للتراث العالمي، بعدما تمت الموافقة عليها من قبل هذه المنظمة، باعتبارها العمل التراثي الإيراني السابع والعشرين والأكثر قيمةً في هذه القائمة.
الخانات الإيرانية كانت فنادق مجهزة طوال تاريخها الذي يعود إلى الفترة الساسانية وحتى نهاية الفترة القاجارية في إيران، إذ تقع على طول الطرق التي كانت خلال تلك القرون مزدحمةً داخل البلاد
فلنتعرف معاً على أبرز هذه الخانات الأثرية الإيرانية، وهي: خان "رباط شرف" في محافظة خراسان الرضوي (شمال شرق إيران)، وخان "دير كجين" في محافظة قم (مركز)، وخان "تي تي سياهكل" في محافظة كيلان (شمال)، وخان "مرنجاب" في محافظة أصفهان (مركز)، وخان "سرايان" في محافظة خراسان الجنوبية (شرق).
خان "رباط شرف"
هناك العديد من الخانات في شرق إيران، على وجه الخصوص في محافظات خراسان، التي لطالما كانت محل إقامة زوّار الإمام الرضا، الإمام الثامن لدى الشيعة الاثني عشرية، ويُعدّ خان "رباط شرف خراسان" أحد أشهر هذه الخانات، فهو بمثابة تحفة فنية تاريخية قيّمة في إيران، ويُعرف أيضاً باسمي "آبجينه" أو "آبجير".
وبحسب الوثائق والنصوص التاريخية، فإن هذا المبنى شُيّد عام 1154، على يد شرف الدين أبي طاهر بن سعد الدين القُمي، الذي كان والي مدينة "مرو" لفترة، وبعد ذلك أصبح الصدر الأعظم للسلطان سنجر السلجوقي، إذ بُني في فترة حكم هذا السلطان الإيراني، وفقاً للنقوش الموجودة على جدرانه.
يحتوي هذا المبنى المصنوع كله من الطوب والجص على صحنَين، ويكون في كل واحد أربعة أروقة، كما فيه مساجد عدة، ويتوسطه إسطبلان، بُنيت حولهما دهاليز لإسكان المسافرين، وجميع أجزاء الخان مزخرفة بنقوش متبقية من العصر السلجوقي في إيران.
موقع خان شرف بجانب طريق نيشابور-سَرَخْس القديم (طريق الحرير)، وعلى بعد ستة كيلومترات من طريق سرخس-مشهد (الجديد)، وبالتحديد بعد التلال المنخفضة لقرية "شورلق" في محافظة خراسان الرضوي شمال شرق إيران.
خان "دير كجين"
إذا كنتم تسافرون بسيارة، وتمرون بمدينة "كَرْمسار" باتجاه مدينة قم، مركز إيران، فسوف ترون خان "دير كجين"، الذي يبلغ عمره أكثر من 1700 عام، إذ يعود تاريخ بنائه إلى ما بين عامي 224 و241، الفترة المتزامنة مع حكم "أردشير الأول الساساني"، وقد شُيّد هذا المبنى على شكل مربعي، وله أربع أروقة، ويحتوي على 6 أبراج حراسة و44 غرفةً للمسافرين.
كما يحتوي هذا الخان على مسجد وطاحونة ومرحاض ومطبخ ومخزن للطعام وصهريج وحمام وإسطبل ومجارٍ، وقد أُطلق عليه اسم "أم القوافل" الإيرانية، وقد ذُكر هذا الخان في العديد من النصوص التاريخية، عبر وصف موقعه وتفاصيل بنائه، ومنها كتاب "الأعلاق النفيسة" لابن رسته الأصفهاني، و"صور الأقاليم" للإصطخري، و"المسالك والممالك" و"صورة الأرض" لابن حوقل، "وأحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" لشمس الدين المقدسي، و"سير الملوك" لخواجه نظام المُلك الطوسي، و"نسائم الأسحار" لناصر الدين منشي الکرماني.
خان "تي تي سِياهكَل"
يقع خان "تي تي سياهكل"، في منطقة "سياهكل" الجبلية في محافظة كيلان شمال إيران، ويبلغ عمره أكثر من 600 عام. تم بناء هذا الصرح بشكل جميل للغاية، وباستخدام أحجار النهر والجبس والساروج، ويعني اسمه "الزهر" في لهجة ساكني تلك المنطقة.
هناك العديد من الخانات في شرق إيران، على وجه الخصوص في محافظات خراسان، التي لطالما كانت محل إقامة زوّار الإمام الرضا، الإمام الثامن لدى الشيعة الاثني عشرية
هذا الخان يُعدّ من الخانات الخارجة عن المدينة، حيث شيّد خلال الأيام الأخيرة من حكم "الكيائيين" في سياهكل، ويحتوي على فناء مركزي ومدخل ودهليز وشرفة، وأقواس متعددة كان يمكث تحتها المسافرون.
خان "مرنجاب" أصفهان
تم بناء خان مرنجاب في أصفهان وسط إيران، عام 1603 بأمر من الملك "عباس الصفوي"، على أرض تبلغ مساحتها 3،500 متر مربع، إذ كان هذا الخان مكاناً لاستراحة المسافرين والتجار، الذين كانوا يقصدون مدينتي "مشهد" و"تربت حيدرية" (شمال شرق) ومدينة "كاشان" (مركز)، كما أنه كان يقع على "طريق الحرير" الذي كان يمر بإيران.
واليوم يستقطب هذا المبنى العريق، الكثير من السياح من مختلف البلدان، حيث أنه يقع في صحراء "مرنجاب"، ولذلك تمت تسميته بهذا الاسم، ومن المثير أنه برغم قدمه، لا يزال موقعاً لسكن الزوار والسياح.
خان "سرايان"
يعود تاريخ بناء "خان سرايان" إلى العصر الصفوي، وتحديداً فترة حكم الملك عباس الأول الصفوي (1571-1629)، ولذلك يُعرف أيضاً برباط الشاه عباسي. يقع في مدينة "سرايان" في محافظة خراسان الجنوبية شرق إيران، وقد تم تصميمه بأسلوب الشرفتين في الجانبين ويضم أجزاء مختلفةً، مثل: المدخل والفناء والغرف العديدة والشرفة والمخزن وبيت الخدم والإسطبلات.
تحوّل هذا الخان إلى متحف أنثروبولوجيا، وذلك بعدما انتهت عمليات ترميمه في عام 2009، حيث افتتح الجزء الأول من المتحف، في مبنى الإسطبل لهذا الخان التاريخي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...