لماذا يقتتل العرب فيما بينهم في الغربة...!؟ سواء أخذ هذا الاقتتال شكل مشاحنات في العمل أو ربما سجالاً فكرياً. أم وصل حد مشاجرة دموية وحرب عشائر وعصابات تزهق الأرواح.
لا بد من الوقوف عند فكرة مناوشات العرب في الغربة، والتي تستدعي نقاشات طويلة.
"قضينا نصف عمرنا ونحن نسعى للهروب من واقع الصراعات الذي أفرزته الظروف السياسية والاجتماعية في سوريا، وعندما نجحنا ووصلنا إلى هنا، وجدنا أنفسنا نعيد إحياءه". يصف طلال م، 39 عاماً، حالة الحنين إلى الشجار التي تعتريه خلال حياته في ألمانيا، ويضيف لرصيف22: "كبرنا في بيئات ومناطق و بلدات و أحياء في سوريا، تشهد الشجارات بشكل دوري. ربما توقفت هذه المشاجرات بعد الحرب، لأن الناس انشغلت بالصراع الكبير، لكنها متجذرة فينا".
يروي طلال ما حصل معه في ما يسمى "شارع العرب" في حي نويكولن الألماني ببرلين: "كنت أسير في الشارع وفجأة اندلع شجار بين مجموعة شبان أعرف بضعاً منهم، خلال ثوان وجدت نفسي داخل العراك أحاول فصل النزاع بينهما، وعندما تلقيت لكمة مجهولة المصدر، وجدت نفسي طرفاً في العراك، أهب لمناصرة الشبان الذين أعرفهم، لقد كان شعوراً غريباً. خجلت من نفسي بعد نهاية الشجار، ولكن راودني شعور غريب، شيءٌ من النوستالجيا والحنين إلى الماضي".
" وجدت نفسي داخل العراك في حي العرب في برلين، لقد كان شعوراً غريباً. خجلت من نفسي بعد نهاية الشجار، ولكن راودني شيءٌ من النوستالجيا والحنين إلى الماضي". طلال، سوري مقيم في ألمانيا
تصف الأخصائية النفسية، يارا سالم، الحالة التي شعر بها طلال بأنها حالة من الرضا وصل إليها بعد أن مارس سلوكاً عاد به إلى واقع اعتاد العيش فيه عندما كان يافعاً، وهو حالة الزقاق السوري قبل الحرب بمشاكله ورعونة شبانه، وهنا يأتي دور البيئة في تعزيز هذه الممارسات، لأن البيئة التي ينشأ فيها الشخص والتفاعلات الاجتماعية التي يخوضها قد يكون لها تأثير كبير على ميله نحو العنف.
وعن أسباب شيوع هذا النمط من السلوك عند البعض، تحدثت سالم المقيمة في هولندا: "العوامل النفسية الشخصية والتجارب الحياتية قد تلعب دوراً هاماً في تشكيل ميول الفرد نحو العنف، وبحكم أن شريحة من العرب ولدت في بيئات فيها شخصيات عدوانية وصراعات داخلية، تزداد هنا الرغبة في افتعال العنف، سواء كان لفظياً وأخذ منحى الثرثرة، أم جسدياً أدى إلى العدوانية والاعتداء بالضرب.
"العوامل النفسية والتجارب الحياتية تلعب دوراً هاماً في تشكيل ميول الفرد نحو العنف، وبحكم أن شريحة من العرب ولدت في بيئات فيها شخصيات عدوانية، فتزداد الرغبة في افتعال العنف". الأخصائية النفسية، يارا سالم
تضيف سالم: "يواجه العرب المقيمون في أوروبا تحديات ثقافية واجتماعية في التأقلم مع بيئة جديدة تختلف عن بلدانهم الأصلية، وتؤثر تلك التحديات على التفاعلات الاجتماعية وتسهم في زيادة التوتر والصراعات مع المجتمع المضيف، كما يتعرض بعضهم للتمييز وعدم المساواة في فرص العمل والتعليم والحصول على الخدمات سواء فيما بينهم أو مع المواطنين الأوروبيين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعور بالظلم والغضب ويزيد من احتمالية التصرف بطرق عدوانية".
جدالات وطنيّة عقيمة!
كثيراً ما تحتضن الجمعات العربية أحاديث سياسية وجدالات أصبحت بيزنطية حول إلقاء المسؤولية على أطراف النزاع حول ما آلت إليه البلاد العربية.. وهذا يفسح المجال لبعض الاقتتالات بين أبناء الجاليات العربية.
يقول العراقي عمر بهنساوي، 51 عاماً، لرصيف22: "للأسف نحن شعوب كبرت على الصراعات والشروخ السياسية والاجتماعية والتي تستعر عندما تصبح طائفية أحياناً، وتخلق التجمعات العربية هنا في بلجيكا فرصة سانحة لهذه التجمعات ومن ثم النزاعات السياسية، وعندما تستعر هذه النزاعات قد تنتقل إلى العائلة أو الحي أو بيئة العمل، وتكون النتيحة مشاجراتنا مع بعضنا".
يروي عمر لرصيف22 كيف تسبب خلاف سياسي طائفي مع زميله عبد الله، 47 عاماً، بخسارته لترقية هامة في عمله، ويقول: "أنا من قام بتزكيته للحصول على العمل، وحصل عليه، وبعد فترة قصيرة بدأت الخلافات تنشب بيننا عندما يسألنا زملاؤنا الأجانب في العمل عن الأوضاع في العراق ومن هو السبب بتفاقم المعاناة هناك، ووصلت حدة الخلاف إلى القطيعة الكاملة بيننا".
لم يتوقع عمر أن يقوم عبد الله بنصب المكائد له في العمل وتعطيل إنتاجيته بشكل حال دون حصوله على ترقية لمنصب مسؤول قسم الموارد البشرية، ليتفاقم الخلاف بشكل أكبر ويصبح محرجاً جداً أمام زملائهما في العمل.
نحن أولاد الحروب
العرب المهاجرون، ولدوا في بلاد هي مضرب مثل للحروب والتشرد وتدمير مقومات الحياة، ونسبة كبيرة منهم مهجّرو حروب عاصروا ما عصروه من عمليات قتل وتدمير وتشريد واعتقال وتعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وهذا كله يؤثر من الناحية النفسية على سلوك الإنسان تجاه الآخر، فضلاً عن تشكيل المجموعات العربية بيئة خصبة لتناقل الحكايا والخبابير والثرثرة، وهو ما يفتح المجال أمام النزاعات والاقتتال، والتي كثيراً ما تنتقل من الأولاد إلى الأهالي ومن النساء إلى الرجال وربما إلى العائلات والعشائر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع