هذا المقال جزء من ملفّ "على رصيف المستقبل"، بمناسبة عيد ميلاد رصيف22 العاشر.
كبر سنةً أمس. برغم ذلك لم يترهّل. لا يزال غضّاً، لا يتقن الألف باء برغم سنيه العشر. لا يزال يتأتئ، في عالم الصحافة، برغم آلاف الكلمات والمقالات والتقارير والآراء. يتأتئ؟ نعم ما زال يتأتئ ككل بريء في عالم وسّخه الحكام ودنّسته الأنظمة.
عرفته قبل عشر سنوات. التقينا ذات صدفةٍ. كان أبيض يققاً. كان طازجاً، ولا يزال. منذ ذلك اليوم، لم أقرأه. لم أضغط على زرٍ لألج إلى ما فيه. كنت أجلس أمام شاشة اللابتوب، أفتح على عنوانه، ثم أضغط زراً وأدخل إلى عقلي. بزرٍّ واحد، كنت ألج إلى ما يدور في رأسي، وأقلّبه أمامي صعوداً ونزولاً، بين الحين والآخر. ثم رحت أجدد الصفحة كل حين، لأقرأ نفسي. كنت أراني فيه، أو كنت أراني كما أحبّ أن أكون، فيه: بريئاً كسؤال، لامعاً كفكرة، عتيقاً كتاريخ، فتيّاً بعضلات مفتولة كعنوان، دامعاً كشكوى، ونضراً كما أحب أن نكون.
مرت مقالات وتقارير عديدة، وصرت واحداً من أسرته، أكبر معه كل سنةٍ سنةً. أكبر معه كل سنةٍ مقالات ومقالات. أكبر معه كل حرف كلمةً، وكل كلمةٍ جملةً، وكل جملةٍ مقالةً. وكل مقالة أكبر فكرةً
كبر سنةً أمس، وبلغت الأربعين. جاوزتها بقليل، بل تخطيتها. لكن عمري اليوم عشر سنوات. وُلدت يوم وُلد. وُلدت يوم قرأت أفكاري. يوم مددت يدي، ولمست عقلي. للدقة، كنت أكبر مرتين مع كل مقالة، بل كنت أولد مرّتين: في الأولى حين يجذبني العنوان وأنتقل إلى ما تحته، وفي الأخيرة حين أفرغ من قراءته!
مرت مقالات وتقارير عديدة، وصرت واحداً من أسرته، أكبر معه كل سنةٍ سنةً. أكبر معه كل سنةٍ مقالات ومقالات. أكبر معه كل حرف كلمةً، وكل كلمةٍ جملةً، وكل جملةٍ مقالةً. وكل مقالة أكبر فكرةً.
لأصل إلى برّ الإجابة، عليّ أن أسأل: كيف سيكون رصيف22، بعد عشر سنوات؟
كم عمري الآن، لو قسته بالكلمات؟ بالأفكار؟ بالمقالات؟ لا أدري، ولا يهمني الأمر. السؤال الذي ينطرح أمامي هو: كيف سيكون عمري بعد عشر سنوات؟
لأصل إلى برّ الإجابة، عليّ أن أسأل: كيف سيكون رصيف22، بعد عشر سنوات؟
لا أدري: سأقف أمام المرآة، وأحدّق فيّ مليّاً. لن أرى إلا أسئلة تولّد أسئلةً تولّد أسئلة. علامات استفهام وتعجّب. ربما لن ترتدي الأفكار والآراء والأسئلة كلمات، أو صوراً. لن تُعرف من خلال العيون والآذان. ربما تأتي على هيئة عطر ونشمّها. أو على هيئة نسمة، نتلمسها. لكنها ستأتي. ستنبعث منّي، من المرآة، من رصيف22.
ولكن كيف سأعمل حينها؟ ماذا أدقّق وأحرّر؟ كيف أعنون؟ تدقيق تحرير وعنونة؟ من قال إني أهوى ذلك؟ من قال إني كذلك؟ أنا الذي لم أعرف غير الكلمات هوايةً وحياةً وشغفاً ومهنةً، أنظر إلى نفسي على أني ميكانيكي. حلّاق. حلّاق نسائي ورجالي. أقف أمام المقالة أو التقرير، فأشذّب شعره، وأحفّ شاربيه أو أعكفهما وأجدلهما. أو ربما أقص شعر المقالة، وأقصّره. أكره الشعر الطويل. أنا من أنصار "الكيرلي" حتى في المقالات، فلطالما أغمض عينيّ الشَعر الطويل النابت من قصائد العرب القديمة، وسدّ عليّ أفقي.
كيف يكون رصيف22 بعد عشر سنوات؟ لا أدري أي هيئة سيكون عليها. لا أدري أيّ زيّ سيرتدي، لكني واثق أنه كيفما كان سيقف خلف علامة استفهام، أو يجلس أو ينام.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ 5 أيامSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ 4 اسابيعحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.