شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
أين سنكتب في المستقبل؟

أين سنكتب في المستقبل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن وحرية التعبير

الجمعة 11 أغسطس 202305:39 م

هذا المقال جزء من ملفّ "على رصيف المستقبل"، بمناسبة عيد ميلاد رصيف22 العاشر.

مع تصاعد وتيرة تطور التكنولوجيا، وخدمات الذكاء الاصطناعي، يخطر في بالي سؤال: أين سنكتب في المستقبل؟ وإلى أي حد ستظل المواقع الالكترونية المكلفة، على قيد الحياة الافتراضية؟ والسؤال الأهم ربما: هل سنظل في المستقبل نقبض 100 دولار على المقال، وهو السعر الرسمي والتاريخي والعالمي له؟ كتب يوماً ملاذ الزعبي في درج مقالاً عن هذه التسعيرة الأسطورية التي لا تزال صامدةً في عالمنا العربي إلى اليوم، برغم التضخم والتدهور وانهيار العملات والليرات.

كنت أشاهد البارحة، حلقة من برنامج "الجهبذ"، على قناة AJ+، الذي يقدّمه بشر نجار، و"الجهبذ" برنامج تاريخي نوعاً ما وتثقيفي، مع قالب كوميدي. نعم يمكننا القول إنه تعويض عن برنامج "الدحيح".

المهم، كانت الحلقة التي شاهدتها عن الذكاء الاصطناعي والضجة التي أحدثها chatgpt، وكل ما لحق ذلك من نقاشات حول أهمية الذكاء الاصطناعي أو خطورته، وتهديده لوظائفنا. فهل سيهدد وظيفة الكتابة فعلاً؟

لا ندري إلى اليوم، ولكن على الأقل يمكننا الاطمئنان إلى أنه ضعيف باللغة العربية، والحمد لله إلى الآن، ولكن بالعودة إلى حلقة الجهبذ، قدّم "إسكتش" رائعاً عن فترة اختراع الآلة الحاسبة، وخوف الناس منها، وتأفف الجيل القديم منها، وموت جدول الضرب!

هذا يعيدني إلى السنوات الماضية، وطفرة المواقع الإلكترونية، وموت الجريدة الورقية. حينها طرحت الأسئلة نفسها: أين نكتب؟ أين نقرأ؟ ماذا نأخذ مع فنجان القهوة؟ كيف سنشتمّ رائحة الورق من الآيباد؟ وكل هذه المشاعر، ماذا سيحدث لها؟

ولكن الذكاء الاصطناعي وضعنا أمام أسئلة أصعب من حادثة موت الجريدة الورقية في العالم، وهذا يعيدنا إلى نقطة مكررة عند كل تطوّر وتغيير: "الخوف"، الخوف من القادم والمجهول والتكنولوجيا.

هذا يعيدني إلى السنوات الماضية، وطفرة المواقع الإلكترونية، وموت الجريدة الورقية. حينها طرحت الأسئلة نفسها: أين نكتب؟ أين نقرأ؟ ماذا نأخذ مع فنجان القهوة؟ كيف سنشتمّ رائحة الورق من الآيباد؟ وكل هذه المشاعر، ماذا سيحدث لها؟

النشر في المستقبل

لا أستطيع تخيّل طريقة النشر في المستقبل بسهولة، ولكن بطبيعة الحال، لن تكون كما هي الآن، ولا طريقة التواصل مع المحررين كذلك. ربما يصبح المحرر آلةً، وكل كاتب ينشر في مساحة ما، والذكاء الاصطناعي يطلب منه تعديلات، أو يرفض له مقالاً، إن كان شريراً بما فيه الكفاية.

ولكن ربما لن نقلق من صعوبة اختيار عنوان مناسب للمقال، إذا بقي اسمه مقالاً، أو من وضع الـKeywords، أو من الترويج للمقال على صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وإرساله إلى جميع معارفنا، وأهلنا، و"ابن خالتك" الذي يعيش في أستراليا منذ عقود، وهذا كي تكسب بعض الـclicks عليه.

هل سيحل المستقبل هذه التساؤلات كلها، وتصبح على علم بما سوف يحصل عليه مقالك مسبقاً من إعجابات ومتابعات؟

هل سنكتب فعلاً؟

مع تصاعد وتيرة الفيديوهات في الميديا، والبودكاست، والمنصات التي تستوعب كل شيء صوتي فقط، وتراجع دور المقالات كثيراً، أصبح صعباً وصول المقال إلى أكبر شريحة من الناس، وذلك بسبب خوارزميات السوشال ميديا، التي تحارب الناشرين، وتحارب المواقع الإلكترونية. لذلك تتجه المواقع حالياً إلى تحويل مقالاتها إلى فيديوهات أو إلى صوت، كي تصل إلى جمهور أوسع. فهل سنُجبر على التوقف عن الكتابة، في ظل قوة الخوارزميات، التي تفرض نفسها في غرف التحرير، وتجبرك على إعادة صياغة مقالك وتصغير حجمه، وتغيير عنوانه، وصورته، إلى درجة أصبحت تشعر معها بأن الخوارزميات هي رئيسة التحرير؟

هل الجواب على هذه الأسئلة سهل؟

لن أطيل، بسبب الخوارزميات أعلاه، وملل المتابعين من المقالات الطويلة، ولضرورات السوشال ميديا، وسأفكر في عنوان "كاتشي" للمقال، وسيشغل بالي عدد القراء الذين سيدخلون إلى المقال، وسأظل أتصفح صفحة رصيف22، على فيسبوك وإنستغرام لأعدّ عدد اللايكات والمشاركات. فهل سيحل المستقبل هذه التساؤلات كلها، وتصبح على علم بما سوف يحصل عليه مقالك مسبقاً من إعجابات ومتابعات، أو أن هذه الإحصائيات لن تكون موجودةً من الأساس، وستتغير لصالح شيء آخر تماماً، وتالياً نودّع الجملة الشهيرة: "تجدون مقالي مرفقاً بالرابط أدناه في التعليقات"، ويطير الرابط والتعليقات، ليسبح المقال في سماء الفضاء الإلكتروني، من دون روابط ولايكات وكوفر فوتو وغيرها من أكسسوارات المقال الحالية؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

معيارنا الوحيد: الحقيقة

الاحتكام إلى المنطق الرجعيّ أو "الآمن"، هو جلّ ما تُريده وسائل الإعلام التقليدية. فمصلحتها تكمن في "لململة الفضيحة"، لتحصين قوى الأمر الواقع. هذا يُنافي الهدف الجوهريّ للصحافة والإعلام في تزويد الناس بالحقائق لاتخاذ القرارات والمواقف الصحيحة.

وهنا يأتي دورنا في أن نولّد أفكاراً خلّاقةً ونقديّةً ووجهات نظرٍ متباينةً، تُمهّد لبناء مجتمعٍ تكون فيه الحقيقة المعيار الوحيد.

Website by WhiteBeard