رغم إعلانها الانتصار… الحكومة المصرية تفشل في مواجهة "أولاد الأكابر"

في مطلع أغسطس/ آب الجاري، تداولت بعض المواقع الصحافية المحلية في مصر تصريحات لعميد كلية الطب في جامعة سوهاج، ينفي فيها أن تكون الجامعة او طريقة الامتحان قد تسببت في رسوب 61% من طلاب الفرقة الأولى بالكلية، مؤكداً أن "التصحيح إلكتروني ولا يتدخل فيه العنصر البشري" رافضاً التعليق على كون هؤلاء الطلاب الراسبين وصلوا إلى الكلية المرموقة بعد نجاحهم في الثانوية العامة ضمن ما يعرف بـ"لجان أولاد الأكابر" إذ ينتمون لمراكز جغرافية تسيطر عليها قبائل عائلات تتمتع بالنفوذ السياسي والثروة.

لم تكن تلك المرة الأولى التي يرسب فيها عدد من الملتحقين بكلية الطب في جامعات الصعيد على نطاق واسع، إذ تكرر الرسوب الذي يكاد يكون جماعياً في العام الدراسي الماضي. وتدور شكوك حول اتصالهم بما يعرف بلجان أولاد الأكابر في المحافظات التي يعرف عنها قوة النظام القبلي فيها، حيث تنتشر عائلات تحرص على حصة من المناصب في الأجهزة الأمنية والقضاء والتنظيمات السياسية التي تسيطر عليها الدولة - كالبرلمان- وتحافظ على ذلك النفوذ منذ عقود بعيدة.

لم تكن تلك المرة الأولى التي يرسب فيها عدد من الملتحقين بكلية الطب في جامعات الصعيد على نطاق واسع، إذ تكرر الرسوب الذي يكاد يكون جماعياً في العام الدراسي الماضي. وتدور شكوك حول اتصالهم بما يعرف بلجان أولاد الأكابر في المحافظات التي يعرف عنها قوة النظام القبلي فيها

حرب فاشلة

هل تخيلت أن يحصل طالب متفوق بالثانوية العامة على نسبة 92.6% بجميع المواد المؤهلة للالتحاق بالجامعات، ومع ذلك تظهر حالته "دور ثان"؟ أو طالب حاصل على نسبة 88% وحالته "راسب" وعليه إعادة السنة؟ وعندما تعود لكشف النتيجة تكتشف أن الطلاب الذين أظهروا تفوقاً في المواد الأساسية كالفيزياء، والكيمياء، رسبوا في المواد غير المضافة للمجموع، والتي يعتبرها المصريون "معلومات عامة" كالتربية الدينية والتربية الوطنية والاقتصاد والإحصاء. هذه الحالات من عجائب نتيجة الثانوية العامة المصرية للعام الدراسي 2022/2023، لكنها بالتأكيد ليس مصادفة.

اعتمد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، رضا حجازي، نتيجة امتحان الثانوية العامة للعام الدراسي 2023، يوم الأحد الموافق 30 يوليو/ تموز الماضي، بنسبة نجاح 78.8%، وبعد الاعتماد مباشرة، وقبل الإعلان الرسمي في مؤتمر صحفي في اليوم التالي، فوجئ رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بتسريب نتيجة الثانوية العامة كاملة ( ملفات PDF وAccess Excel، تضم الاسم ورقم الجلوس والمجموع وحالة الطالب دون تفاصيل الدرجات بكل مادة)، لتكون بين أيادي جميع المصريين الذين باتوا ليلتهم يتفحصونها.

تظهر لجان أولاد الأكابر في نطاقات جغرافية تسيطر عليها عائلات تحرص على حصة من المناصب في الأجهزة الأمنية والقضاء والكيانات السياسية التي تسيطر عليها الدولة، وتحافظ على ذلك النفوذ منذ عقود بعيدة

وفي يوم الاثنين 31 يوليو/ تموز، عقد الوزير، مؤتمراً صحفياً بالعاصمة الإدارية الجديدة، لإعلان تفاصيل النتيجة والاحتفال بالطلاب الأوائل، وحينها أشاد الوزير بالجهد المبذول من الجهات المختلفة بالدولة لتنظيم امتحانات ثانوية عامة نزيهة وشفافة وعادلة، بعدها بدأت المواقع الإلكترونية التي حصلت على حقوق نشر النتيجة وموقع وزارة التربية والتعليم إتاحة النتيجة التفصيلية التي تضمن درجات الطالب في كل مادة وبيان مواد النجاح والرسوب، وهنا بدأ أهالي الصعيد وعلى رأسهم أبناء محافظة سوهاج يحتفلون بتفوق طلابهم وحصولهم على أعلى الدرجات.

ونشر أحد أبناء قبيلة جهينة بمحافظة سوهاج، والتي تندرج منها مجموعة عائلات مثل: الضبع، أبو عقيل، أبو دوح، أبو خبر، الشرقاوي، عسكر وأبوعياد، قوائم تضم أسماء طلاب ثانوية عامة حصلوا جميعاً على درجات مرتفعة بامتحانات الثانوية العامة، كما احتفلت مدرسة أجيال المستقبل الثانوية الخاصة بسوهاج، بقوائم طلابها الحاصلين على درجات تجاوزت الـ90%، ليعود الحديث عن لجان أبناء العائلات أو "أولاد الأكابر" الذين يحصل طلابها على درجات مرتفعة بشكل خارج عن المألوف، نتيجة أعمال الشغب والغش الجماعي ودخول اللجان بأجهزة إلكترونية حديثة تساعد على الغش وسط صمت أو تعاون المشرفين على عمل اللجان وتأمينها وتنظيمها والذين قد ينتمي بعضهم إلى العائلات نفسها.

لم يلبث رواد مواقع التواصل الاجتماعي، البحث وراء الأسماء المنشورة للطلاب المتفوقين، حتى سارعت وزارة التربية والتعليم، بإصدار بيان نفي حصول طلاب من عائلات محددة على نسب مئوية مرتفعة بامتحانات الثانوية العامة، وأكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، شادي زلطة، أن كافة أسماء الطلاب المتداولة ليس لها وجود في قائمة أسماء الطلاب الذين أدوا امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسي 2022/2023، محذراً من تداول المنشورات التي تستهدف إثارة البلبلة وتضليل الرأي العام والتشكيك في الجهود التي بذلت لضمان خروج منظومة الامتحانات بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة بين الطلاب.

 الطلاب الذين أظهروا تفوقاً في المواد الأساسية كالفيزياء، والكيمياء، رسبوا في المواد غير المضافة للمجموع، والتي يعتبرها المصريون "معلومات عامة" كالتربية الدينية والتربية الوطنية والاقتصاد والإحصاء

لكن رصيف22، تتبع الأسماء المتداولة لأبناء العائلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتبين له أنها أسماء حقيقية وموجودة بقوائم طلاب الثانوية العامة لهذا العام على خلاف ما ذكرته وزارة التربية والتعليم في بيانها، غير أن أسماء العائلات المنشورة لا تظهر في كشوف الوزارة، لأنها تعتمد اسم الطالب حتى الجد الثالث أو الرابع فقط، بينما اسم العائلة قد يكون في الترتيب السادس أو السابع.

وبالبحث في أرقام الجلوس "مسلسلة" بنتيجة الثانوية العامة المسربة، وبالتحديد بين طلاب محافظة سوهاج، التي أثير حولها الجدل، تبين حصول طلاب لجان كاملة على درجات مرتفعة للغاية، فعلى سبيل المثال حصلت طالبات مدرسة عبد الحميد رضوان الثانوية العامة المشتركة، التابعة لإدارة دار السلام التعليمية، والشهيرة بكونها من مدارس أولاد الأكابر، على درجات تراوحت بين 85 وأكثر من 92% بالثانوية العامة، وبعضهن كانت حالتهم راسب أو دور ثان نتيجة رسوبهن في المواد غير المضافة للمجموع. 

تأتي هذه المجاميع، في ظل انخفاض أعداد الطلاب الحاصلين على شرائح المجاميع الأعلى، إذ حصل 3.06% من الطلاب فقط على نسب تتراوح بين 90و95% من مجموع الثانوية العامة، كما حصل 0.39% فقط من الطلاب على مجموع يتراوح بين 95% لأقل من 100% ولم يحصل أحد على نسبة الـ100%.

يطلق مصطلح "مدارس أولاد الأكابر" على المدارس التي تتواجد في مراكز لتجمع العائلات، ويتعمد الطلاب بالصف الثالث الثانوي، تحويل ملفاتهم إلى مدارس بعينها في هذه المراكز، لعمل تجمعات في اللجان التي يؤدون بها الامتحان، بما يسهل لهم إحداث أعمال الشغب والغش الجماعي بمساعدة الأهالي، للحصول على أعلى الدرجات

مدارس أولاد الأكابر

يطلق مصطلح "مدارس أولاد الأكابر" على المدارس التي تتواجد في مراكز لتجمع العائلات، ويتعمد الطلاب بالصف الثالث الثانوي، تحويل ملفاتهم إلى مدارس بعينها في هذه المراكز، لعمل تجمعات في اللجان التي يؤدون بها الامتحان، بما يسهل لهم إحداث أعمال الشغب والغش الجماعي بمساعدة الأهالي، للحصول على أعلى الدرجات.

ورغم أن "مدارس أو لجان أولاد الأكابر" ظاهرة موجودة منذ سنوات طويلة، وتسعى وزارة التربية والتعليم لمحاربتها بشتى الطرق، حتى أنها في كل عام تمنع التحويل بالصف الثالث الثانوي بين المديريات والإدارات التعليمية، إلا بعد مراجعة لجنة خاصة بالوزارة، لكنها لا تزال مستمرة ويبتكر الطلاب في كل عام حيل للتجمع والغش لا تجاريها وزارة التربية والتعليم.

وفي العام الماضي، حدث جدل واسع حول نتيجة الثانوية العامة، بعد نشر أبناء العائلات في صعيد مصر، نسب نجاح أبنائهم التي كانت مرتفعة للغاية في ظل نظام التقييم الجديد بالثانوية العامة، والذي يعتمد على أسئلة تقيس الفهم ومهارات التفكير العليا، ما أدى إلى انخفاض معدلات الدرجات بشكل عام، لكن وزارة التربية والتعليم، بعد تحقيق موسع، نفت وجود شبهة الغش الجماعي، مؤكدة أن أبناء عائلات الصعيد عددهم كبير، ومن الطبيعي أن يحصل بعضهم على درجات مرتفعة، ورفضت "الإساءة لعائلات الصعيد الكبيرة والمعروفة".

كليات الطب تكذب وزارة التعليم

ومن المفارقات أنه بعد مرور عام كامل، ظهر عميد كلية الطب بجامعة جنوب الوادي، وجامعة أسيوط، يستغيثان عبر وسائل الإعلام، بعد رسوب غالبية طلاب الفرقة الأولى بكليات الطب، موجهين أصابع الاتهام للغش بالثانوية العامة.

التعليم المصري لا بد أن يتحول للنظم المطبقة بالدول المتقدمة، من خلال دعم دور المدرسة، وتوجيه الطلاب للبحث عن المعلومات وليس الحفظ والتلقين

وقال عميد كلية طب جامعة جنوب الوادي، علي عبد الرحمن غويل، إن 72% من طلاب الفرقة الأولى بالكلية، و80% من طلاب كلية طب الأسنان، رسبوا في العام الدراسي الحالي 2022/2023، في نتيجة غريبة على كلية الطب المعتمدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، والتي اعتادت على نسب نجاح تتراوح بين 90 و95% بين طلابها.

وأضاف غويل، إنه ببحث حالات الطلاب، تبين أنهم جاءوا إلى الجامعة من مدارس بعينها ومراكز بعينها قائلاً: "فيه مدرسة جالنا منها 80 طالب رسب منهم 79، ورفعنا تقرير للجهات المعنية، لإن ده بيفسر إن الطالب اللي وصلنا ماكنش كفء للالتحاق بالكلية".

أما عميد كلية طب أسيوط، علاء عطية، الذي كشف رسوب 60% من طلاب أولى طب هذا العام، قال في تصريحات تليفزيونية، إن هذه الدفعة، هي ذات دفعة الثانوية العامة للعام الماضي، والتي ثار حولها جدل واسع بسبب الغش الجماعي: "ما حدث هذا العام بكلية طب أسيوط، هو حصاد نتيجة الثانوية العامة للعام الدراسي الماضي"، مشيراً إلى أن نسبة النجاح بالفرقة الأولى بكلية الطب في العام السابق بلغت 81%، بينما هذا العام بلغت 40% فقط.

يقول استشاري أمراض القلب بكلية طب عين شمس وعضو مجلس نقابة الأطباء سابقة، خالد سمير، إن الغش في الثانوية العامة هو نتاج نظام تعليمي خاطئ، فالكثير من بلدان العالم لم تعد تعتمد على امتحان السنة الواحدة المؤهل للجامعات، ونظام التنسيق المعتمد على الدرجات فقط، مشيراً إلى أن التعليم المصري لا بد أن يتحول للنظم المطبقة بالدول المتقدمة، من خلال دعم دور المدرسة، وتوجيه الطلاب للبحث عن المعلومات وليس الحفظ والتلقين.

وأشار سمير، إلى أن غياب المدرسة أدى لتأثير سلبي على أخلاق الشعب المصري وقيمه، فباتت ثقافة الدروس الخصوصية هي المنتشرة، وهي ثقافة الاستسهال وعدم بذل الجهد وإعلاء المصلحة الشخصية.

حصول طلاب لجان كاملة على درجات مرتفعة للغاية، ورسوب بعضهم في المواد غير المضافة للمجموع، ليس له أي تفسير تربوي سوى الغش، فمن الطبيعي في كل لجنة امتحانية أن يحصل عدد قليل من الطلاب على أعلى الدرجات وعدد قليل أيضاً على أقل الدرجات، بينما الغالبية العظمى تحقق درجات متوسطة

وأوضح أستاذ قلب الأطفال، لرصيف22، أن ما شهده التعليم الجامعي، نتيجة لما يحدث بالتعليم قبل الجامعي، فالطالب المعتاد على الحفظ والغش يواجه صدمة عندما يقابل نظام التعليم في الجامعة فيكون الرسوب نتيجة حتمية.

وتطرق سمير لأزمات كليات الطب في مصر، التي تعاني من زيادة أعداد الطلاب الملتحقين بها، فوفقاً للمعدلات العالمية، يجب ألا يزيد عدد المقبولين في كلية الطب التابع لها مستشفى عن 200 طالب، حتى يمكن تدريبهم جيداً، أما ما يحدث في مصر، هو أن بعض الكليات تقبل ما يزيد على 1000 طالب بالدفعة الواحدة، ليس هذا وحسب، بل اتجهت الدولة لفتح 25 كلية طب جديدة بعضها لا يتبعه مستشفيات للتدريب: "إحنا كدا بنتكلم عن طالب ناجح بمجهوده هيدخل كلية الطب ومش هيحصل على تدريب كويس، ما بال لو اتكلمنا عن طالب ناجح بالغش هيكون المنتج النهائي إيه؟".

ولفت سمير إلى أن الدراسة في كليات الطب حساسة للغاية، ولا يمكن الاستسهال بهذه الصورة في حياة البشر: "أمريكا وهي أغنى دولة في العالم، لما بتحتاج أطباء بتستورد أكفأ العناصر وتدربهم، إنما مش بتزود أعداد الملتحقين بالكليات ولا بتفتح كليات طب جديدة".

ومن بين المقترحات لحل الأزمة، قال الدكتور خالد سمير، إنه في البلدان المتقدمة لا تقبل كليات الطلب طالب الثانوية العامة، بل على الراغب في الالتحاق التقدم لكلية العلوم الحيوية لمدة 3 أو 4 سنوات بداية، ثم يقدم لكلية الطلب التي تدرس كل جوانبه الشخصية: "بتراجع تاريخه وعاداته وكيفية استغلاله وقت فراغة وممارسته للرياضة"، مشيراً إلى أنه لا يوافق على تطبيق اختبارات القدرات: "دي اختراع مصري لجمع الفلوس" .

الغش هو التفسير الوحيد

يؤكد الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، تامر شوقي، أن حصول طلاب لجان كاملة على درجات مرتفعة للغاية، ورسوب بعضهم في المواد غير المضافة للمجموع، ليس له أي تفسير تربوي سوى الغش، فمن الطبيعي في كل لجنة امتحانية أن يحصل عدد قليل من الطلاب على أعلى الدرجات وعدد قليل أيضاً على أقل الدرجات، بينما الغالبية العظمى تحقق درجات متوسطة.

وأشار شوقي، في تصريحات لرصيف22، أن الكثير من أهالي الصعيد، لديهم ظروف تعيقهم عن المذاكرة، من سوء حال المدارس إلى ارتفاع درجات الحرارة، وغير ذلك، ومع ذلك استطاعت لجان كاملة تحقيق درجات مرتفعة مقارنة بمحافظات وجه بحري والقاهرة، فهذا أمر لا يمكن إرجاعه للصدفة، وإن كان بالتأكيد هناك طلاباً متفوقين بمحافظات الصعيد.

ولفت إلى أن الغش ظاهرة عالمية في التعليم والامتحانات، فمهما بذلت الوزارة من جهود ستكون هدفها تقليل الغش لكن لن تقضي عليه مطلقاً.

وقال الخبير التربوي إن حصول طلاب لجان كاملة على درجات مرتفعة له بعض التفسيرات، منها أن يكون الامتحان سهلاً، وهذا سبب مستبعد، لأنه لو كان سهلاً لحصل كل طلاب مصر على درجات مرتفعة، أما السبب الثاني فهو الغش الذي يتاح لبعض اللجان ويمنع عن لجان أخرى، ويساعد على ذلك عدة أمور، أولها أن امتحان الثانوية العامة مركزي على مستوى الجمهورية، والثاني أن اللجان التي تشهد الغش تتواجد في قرى بها عصبيات قبلية وعائلات، تمثل تهديداً لكل معلم داخل اللجنة في ظل ضعف سيطرة الوزارة على هذه الأماكن.

وعن تأثيرات الغش، قال تامر شوقي، إن له الكثير من التأثيرات سواء على الطالب الغشاش أو الآخرين، إذ يحرم الطلاب غير الغشاشين من فرص الالتحاق بكليات محددة، بعد امتلاء ما يعرف بكليات القمة بالطلاب الذين نجحوا بالغش، وتكون النتيجة كما رأينا العام الحالي في كلية الطب بجامعتي أسيوط وجنوب الوادي، وقد ينجح الطالب في الجامعة أيضاً بالغش، لتنتج لنا الجامعات أطباء ومهندسين فشلة، يتسببون في كوارث بالمجتمع.

كما يتسبب الغش أيضاً في ضياع القيم لدى الطلاب، مثل قيمة الجهد الذي يؤدي للمكافأة، ويخرج العملية التعليمية عن أهدافها بإنتاج طالب قادر على التفكير والتحليل والنقد.

ما الحل؟

واقترح أستاذ علم النفس التربوي حلين لأزمة الغش، أولهما إلغاء الامتحان المركزي، وعدم عقد امتحانات في لجان بقرى متطرفة، ونقلها للجان قريبة من المراكز، مع تشديد التواجد الأمني حول هذه اللجان، وانتقاء المنتدبين لأعمال الامتحانات من القاهرة واختيارهم بدقة.

جدير بالذكر أن طالبات مدرسة عبد الحميد رضوان، الشهيرة بكونها مدرسة أولاد أكابر، تم امتحانهن في مدرسة فاطمة الزهراء الثانوية بنات التابعة لإدارة قنا التعليمية، ومع ذلك حصلن على درجات مرتفعة للغاية.

أما المقترح الثاني فيتمثل في نظام القبول بالجامعات، ليكون معتمداً على 3 معايير: مجموع الثانوية العامة، امتحانات شاملة في كل المواد التي درسها الطالب خلال سنوات تعليمه، اختبارات ذكاء وقدرات شخصية، وبالتالي لن يمثل مجموع الثانوية العامة سوى 30% فقط من متطلبات الالتحاق بالجامعات، وبالتالي يقل تأثير الغش.

وأكد تامر شوقي، أن الامتحانات الشاملة ليست كاختبارات القدرات، إذ تكون عبارة عن بنك أسئلة يسحب منه امتحانات مختلفة في كل مجموعة طلابية، ويعقد إلكترونياً، في أوقات مختلفة، تماماً مثل الامتحانات التي عقدت للمعلمين بمسابقة الـ30 ألف معلم الأخيرة.

جدير بالذكر أن الحكومة عرضت أكثر من مرة مقترحات لإلغاء نظام تنسيق القبول بالجامعات، الذي يعتمد فقط على درجات امتحانات الثانوية العامة، لكنها لاقت هجوما شديداً من المجتمع الذي يراه النظام الوحيد العادل.