لعلّ هوس البعض بما هو "مثالي" (من ناحية المجتمع) هو المحرّك الأساسي وراء زيادة معدّلات عمليات التجميل، التي تحوّلت من ضرورة ملحّة لتعديل شكل معيّن إلى "ترند" تلجأ إليه بعض النساء لمجرّد الحصول على أنف أصغر، أو ثدي أكبر، أو جسم منحوت كالنجمات، وهو نفس المحرّك الذي خلق عمليات "تجميل الأعضاء التناسلية للأنثى"، وهي أكثر أنواع عمليات التجميل انتشاراً في الوقت الحالي بين النساء على مستوى العالم.
عرضنا في مقال سابق عن حاجات ودوافع النساء اللواتي يخضعن لتجميل الأعضاء التناسلية الأنثوية، أما هذا المقال فهو مخصّص للحديث عن الرجال ودوافعهم لإجراء عمليات تجميلية لأعضائهم التناسلية.
"غير رجل"
في بعض المجتمعات العربية، يعتبر معيار "الرجولة" مرتبطاً ببعض القواعد المحدّدة، حيث يُصنَّف الرجل الذي لا يستوفيها بأنه "غير رجل"، وينتج عن ذلك تأثير على ثقة الرجل بنفسه وهويته الجنسية، وفي الكثير من الأحيان، يُرتبط طول القضيب بالقدرة الجنسية والرجولة.
ومع التعرّض المتزايد لوسائل الإعلام الشهيرة والمواد الإباحية، يمكن أن يتشكّل لدى الرجال والنساء افتراض خاطئ بشأن المعايير العادية للأعضاء التناسلية الذكورية، ونتيجة لذلك، يلجأ بعض الرجال إلى إجراء جراحة تجميلية لتكبير حجم العضو الذكري.
في بعض المجتمعات العربية، يعتبر معيار "الرجولة" مرتبطاً ببعض القواعد المحدّدة، حيث يُصنَّف الرجل الذي لا يستوفيها بأنه "غير رجل"، وينتج عن ذلك تأثير على ثقة الرجل بنفسه وهويته الجنسية، وفي الكثير من الأحيان، يُرتبط طول القضيب بالقدرة الجنسية والرجولة
في هذا السياق، يقول جواد البالغ من العمر 30 عاماً، وهو يعمل في مجال الأزياء والموضة، لرصيف22: "على الرغم من أن الطبيب قال لي بأن حجمه طبيعي، إلا حجم العضو الذكري شكّل لي إزعاجاً وقلّة ثقة بالنفس، فخضعت لعملية جراحية بهدف إطالته وتضخيمه".
ويضيف: "منذ الصغر، يشكل حجم قضيبي لي مشكلة، عندما بدأت أعمل وأكسب المال قرّرت تجميع المبلغ والقيام بها... هي عملية مكلفة ودفعت حوالي 3000$".
ويختم حديثه قائلاً: "كانت العملية مؤلمة كثيراً، لكن النتيجة جعلتني أنسى الأوجاع كلها".
أنواع العمليات
هناك نوعان من عمليات تجميل الأعضاء التناسلية الذكرية: عملية إطالة القضيب التي تهدف إلى زيادة طول العضو الذكري، وفيها يجري الطبيب شقاً جراحياً، ثم يقطع الرباط الذي يربط القضيب بعظم الحوض، ما يسمح بامتداد جزء أكبر قليلاً من القضيب خارج الجسم، يُقدّر عادةً بـ 2.5 سم، ثم يغلق الطبيب الشق بالخيط الجراحي.
أما العملية الثانية فهي عملية تضخيم (توسيع) القضيب التي تهدف إلى زيادة قُطر العضو الذكري وتوسيعه لدى الرجال الذين يعتقدون أن قضيبهم رفيع جداً، من خلال زرع الدهون أو السيليكون أو حقن "الفيلر" أو ترقيع الأنسجة.
تبيّن أن الرجال الذين لديهم مستوى عال من المكانة الاجتماعية المرغوبة، أكثر احتمالاً من غيرهم أن يخبروا الآخرين بأن لديهم قضيباً كبيراً
يوضح الاختصاصي في طب الذكورة والصحّة الجنسية وتجميل الأعضاء التناسلية، الدكتور عباس خضرا، أن "عمليات تجميل الأعضاء التناسلية أصبحت شائعة كثيراً في أيامنا هذه، والإقبال عليها يتزايد جرّاء رغبة الرجال بتحسين مظهرهم أو زيادة الشعور بالجماع".
ويضيف لرصيف22: "الهدف من هذه العمليات تعزيز الثقة بالنفس، بالإضافة إلى إرضاء الزوجة والحصول على علاقة جنسية أفضل".
ويشجّع خضرا على العمليات التجميلية بواسطة حقن "الفيلر" باعتبارها "الوسيلة الأفضل بحال رغب المريض بتذويبها".
في دراسة أجرتها "تايلور أند فرنسيس أونلاين، كان متوسط طول القضيب المنتصب من قبل 130 رجلاً من ذوي الخبرة الجنسية (6.62 انش) أكبر مما وجد في الدراسات السابقة التي أجرى فيها الباحثون قياسات. يشير هذا إلى أن العديد من الرجال قد قاموا بتغيير أجوبتهم، فقط 26.9% من الرجال ذوي التجربة الجنسية أفادوا بأن طول قضيبهم أقل من 6 إنش، في حين أفاد 30.8% منهم بأطوال تزيد عن 7 إنش.
كما وتبيّن أن الرجال الذين لديهم مستوى عال من المكانة الاجتماعية المرغوبة، أكثر احتمالاً من غيرهم أن يخبروا الآخرين بأن لديهم قضيباً كبيراً.
أسعار باهظة
تعتبر شتّى أنواع العمليات التجميلية مكلفة لأنه ينظر إليها على أنها من الكماليات، وتختلف تكلفة تجميل الأعضاء التناسلية بحسب نوع العملية، إذ تبدأ من 2000$ لتصل الى 5000$.
وفي هذا الصدد، يشير الدكتور عباس خضرا إلى أن الأسعار تختلف حسب العملية والمواد المستخدمة، مشدّداً على أن الكثير من الرجال يرغبون في إجراء هذه العمليات، ويرجّح أن النسبة تفوق 30%، "لكن المشكلة تظل في أن البعض غير قادر على تحمّل تكلفتها"، وفق قوله.
ويضيف: "ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي والوعي الاجتماعي إلى حدّ كبير في انتشار هذه العمليات وتشجيع الشباب على إجرائها، سواء بتأثرهم بما هو معروض على مواقع التواصل أو بناء على وعيهم بوجود مشكلة يجب حلها".
هذا ويكشف خضرا أن نسبة الاقبال على مثل هذه العمليات تقدر بنسبة 15%.
ليست تجميلية فقط، بل علاجية أيضاً
يتحدّث سامي، البالغ من العمر 26 عاماً، عن خضوعه لعملية جراحية لعضوه الذكري: "كان حجم العضو لديّ صغيراً جداً، ولم يكن ضمن الحجم الطبيعي، سواء من الناحية العلمية أو الشكل. اعتقدت أنه مع تقدمي في العمر سيتحسّن مظهره، ولكن عندما بلغت عمر الـ 20 بقي حجمه كما هو، قبلت اقتراح الطبيب بإجراء عملية تكبير وتضخيم كعلاج للمشكلة".
ويضيف قائلاً لرصيف22: "أجريت العملية وعلى الرغم من أنها مؤلمة، إلا أن نتائجها كانت مرضية".
"بقيت سنوات أضع المخدر على قضيبي قبل ممارسة الجنس بهدف إطالة مدة المجامعة. كان الأمر متعباً إلى أن عرفت بوجود علاج بحقن الفيلر لهذه المشكلة"
تعتبر الجراحة التجميلية للأعضاء التناسلية الذكورية علاجاً لحالات "القضيب المدفون" أي وجود قضيب مخفي تحت الجلد من البطن أو الفخذين. قد يكون ذلك خلقياً، أو يمكن أن يحدث عند التقدّم في العمر، وقد تكون الجراحة التجميلية علاجاً للرجال الذين يعانون مما يعرف بـ "القضيب الصغير"، وهي حالة خلقية تكون موجودة منذ الولادة.
في هذا الإطار، يشير الدكتور عباس خضرا إلى أن "هاتين المشكلتين لا تؤثران فقط على الشكل، بل يمكن أن تؤثرا على القدرة على إدخال القضيب أو حتى التبول، لذا، فالعلاج ضروري".
من ناحية أخرى، كان فريد، وهو يبلغ 45 عاماً، يعاني من القذف السريع ويلجأ للمخدر للتخفيف من حدّة المشكلة، وفق ما يقول لرصيف22: "بقيت سنوات أضع المخدر على قضيبي قبل ممارسة الجنس بهدف إطالة مدة المجامعة. كان الأمر متعباً إلى أن عرفت بوجود علاج بحقن الفيلر لهذه المشكلة".
في هذا السياق، يوضح الطبيب خضرا أن "مشكلة القذف السريع شائعة في الشرق الأوسط ويكون الحل عبر الفيلر إذا حُقن في رأس القضيب".
يُظهر الاهتمام المتزايد بتجميل الأعضاء التناسلية الذكرية في المجتمع تأثيراً كبيراً على ثقة الرجل بنفسه وتصوّره للرجولة، وقد يؤدي هذا إلى افتراضات خاطئة حول حجم القضيب وتأثيره على القدرة الجنسية. ومن هنا ينشأ الإقبال على إجراءات التجميل، مثل عمليات تكبير وتضخيم القضيب.
مع ذلك، ينبغي أن نتذكّر أن القدرة الجنسية ليست فقط مرتبطة بحجم القضيب، بل تعتمد على عوامل متعدّدة، مثل التواصل الجنسي الصحي، العاطفة والثقة العامة بالنفس، وبالتالي، يجب تعزيز الثقة بالنفس والتواصل الصحيح بين الشريكين بدلاً من التركيز الشديد على المظاهر الخارجية فقط.
بالنهاية، يتعيّن على الرجال والنساء أن يتقبلوا/ن أنفسهم/نّ كما هم/نّ وأن يحبوا/ن أجسادهم/نّ كما هي، وتعزيز الفهم الصحيح للرجولة والأنوثة، وعدم السماح للمعايير الجمالية الخاطئة بتحديد قيمتنا كأشخاص.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...