شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
تصميم لبوستر فيلم تاج

"تاج"... أول فيلم "سوبر هيرو" مصري "غارق"

تصميم لبوستر فيلم تاج

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والتنوّع

الاثنين 10 يوليو 202304:28 م

"لو كان لي أن أختار بطلاً خارقاً لأكونه، لاخترت أن أكون سوبرمان، فهو يمثل كل شيء أنا لست عليه”.

تنسب هذه المقولة لعالم الفيزياء الشهير الراحل ستيفن هوكينغ، الذي وصف فعلاً بأنه سوبرمان العلوم، كونه تغلب على إعاقته الجسدية التي كانت لتعرقل من هم سواه، وأثبت أن لديه عقلاً خارقاً، جعله من أهم وألمع العلماء خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين، وأكثرهم شعبية وجماهيرية أيضاً.

لكن البطولة الخارقة لستيفن هوكينغ، وحتى لسوبرمان، لا تشبه شيئاً مما قدمه "أول فيلم سوبر هيرو مصري" كما تقول دعايته، وهو فيلم تاج من تأليف وبطولة المغني المصري صاحب القاعدة الجماهيرية الكبيرة في العالم العربي: تامر حسني. 


"السوبر هيرو" وتترجم في العربية إلى "البطل الخارق"، هو لقب يطلق على بطل متخيل، يمتلك قدرات جسدية أو عقلية تتجاوز القدرات البشرية العادية، تجعله قادراً على إتيان أفعال لا يقدر عليها الإنسان العادي.

فيلم تاج غارق في الكسل في كل شيء في تقديم شخصياته، خصوصاً شخصية البطل الذي يحدث كل شيء في حياته سريعاً ومصادفة، لا مشاكل كبرى، لا تعريف للشخصية ونقاط قوتها أو ضعفها؛ لا وضع أسس لبناء الشخصية ولا وضع تحولات لها

هل هو بطل خارق؟

خلال موسم عيد الاضحى، عاد المطرب المصري تامر حسني إلى المنافسة في صالات العرض في مصر والسعودية بفيلم “تاج”، عن فكرته وقصته وإخراج سارة وفيق. 

منذ بدء مرحلة الدعاية، جرى الترويج للفيلم باعتباره أول فيلم عربي عن بطل خارق، لكن البطل الذي خرج به الفيلم إلى صالات العرض كان كافياً لتبيُّن أنه ليس عن بطل خارق، وإنما "بطل غارق". 


غارق في الكسل 

لأفلام الأبطال الخارقين كغيرها من الأفلام، قواعد في الكتابة والبناء. لها فصول من حيث تقديم الشخصيات ثم صراعاتهم ثم تحدث العقدة وتنتهي بالحل، وإن كان فصل البداية هام جداً في تلك النوعية، فعادة ما يقدم هذا الفصل قصة التأسيس والتحول للبطولة ويقدم الدافع كذلك.

منذ فيلم "عمر وسلمى" يقدم تامر حسني نفس النوعية من الكوميديا، كوميدية مليئة بالايحاءات الجنسية اتي يكون عمادها التحرش الجسدي بمن يشاركنه المشهد من نساء، ويستمر في "تاج" على النمط نفسه مستخدماً التحرش الجسدي واللفظي كوسيلة لاستجلاب الضحكات من جمهور الفيلم

هذا الفصل، يوضح كيف كان البطل من قبل، وكيف اكتسب أو اكتشف قوته الخارقة التي سيستفيد منها لاحقاً، ويجب أن تحدث لحظة الاكتشاف بشكل منطقي من خلال أحداث جيدة مصاغة بشكل حرفي ومنمق، ولكن في فيلم تاج لا تجد كل هذا، فيلم تاج غارق في الكسل في كل شيء في تقديم شخصياته، خصوصاً شخصية البطل الذي يحدث كل شيء في حياته سريعاً ومصادفة، لا مشاكل كبرى، لا تعريف للشخصية ونقاط قوتها أو ضعفها؛ لا وضع أسس لبناء الشخصية ولا وضع تحولات لها. لم أشهد في هذا الفيلم سوى كسل تام في الكتابة والعرض أو تنسيق المشاهد، وحتى في كتابة شخصية خِصم البطل. ليخرج لنا بطلاً بلا بطولة، لا يواجه صراعاً حقيقياً مكتوباً بمنطق يتسق مع منطق العالم الذي تدور فيه الأحداث.

تامر حسني في لقطة من فيلم تاج

غارق في الإيحاءات الجنسية

منذ الفيلم الأول من بطولته "عمر وسلمى" الذي ظهر عام 2003 يقدم تامر حسني نفس النوعية من الكوميديا، كوميدية مليئة بالايحاءات الجنسية اتي يكون عمادها التحرش الجسدي بمن يشاركنه المشهد من نساء.

وعلى مدار تاريخه الفني كله لم تخل افلامه من هذا النمط ولم يحاول الخروج عليه إلا في مسلسلاته التلفزيونية، ربما لكون الرقابة على الدرامة التلفزيونية في مصر أشد صرامة من الرقابة على السينما إذ تتساهل مع التحرش والجنس بغير تراضي وتتشدد مع الدين والسياسة. 

يستمر تامر حسني في "تاج" على النمط نفسه مستخدماً التحرش الجسدي واللفظي كوسيلة لاستجلاب الضحكات من جمهور الفيلم. 

غارق في "البارودي"

كوميديا المحاكاة الساخرة "البارودي parody" هو نمط من أنماط الكوميديا معروف حول العالم، ويقوم على السخرية من أعمال فنية أخرى وأفلام مشهورة، وقد عرفت السينما الأمريكية هذا النمط من الكوميديا من خلال أفلام شهيرة، مثل أفلام Scary movie التي كانت تسخر من أفلام الرعب الشهيرة.

السينما المصرية أيضاً عرفت هذا النمط من الكوميديا ولكن عبر مشاهد قصيرة متضمنة داخل أفلام تقدم ألواناً أخرى من الكوميديا، ياستثناء محاولات قليلة لصنع أفلام بارودي كاملة كما في "اسماعيل يس يواجه ريا وسكينة" وسلسلة أفلام فؤاد المهندس "أخطر رجل في العالم" ومحاولات أخرى للمهندس نفسه، وبرع الثلاثي هشام ماجد وشيكو واحمد فهمي في هذا اللون وغالباً ما قدموا محاكاة ساخرة لأفلام الجاسوسية "رجال لا تعرف المستحيل- ورقة شفرة" والخيال العلمي "سمير وسهير وبهير" والرعب "الحرب العالمية الثالثة" وحتى نمط الأبطال الخارقين نفسه من خلال عملهم "الرجل العناب".


أما تامر حسني، ففعل هذا دون قصد في تاج. ففي الفيلم، يظهر البطل الخارق على أنه شخص لا يعرف التعامل مع قواه ولا يقدر على الطيران، حتى حينما يحاول مواج الاخطار فإنه يواجها بشكل كوميدي. فاعتقد أن صناع الفيلم صنعوا فيلماً ساخراً من دون أن يكون لديهم المعرفة بوجود ذلك النوع أصلاً، فهو يسخر من بطله ويجعله يظهر بشكل هزلي لا يتفق مع طبيعته الخارقة.

في فيلم تاج، لا يوجد مناطق رمادية للبطل، ولا شرير لديه تأسيس لشخصيته تتعدى عداءه المطلق للبطل. حتى البطلة يُنسى وجودها في معظم مشاهد الفيلم ولا تشارك في التأثير على الاحداث فوجودها مرهون بكونها موضوع الاهتمام العاطفي للبطل فقط

غارق في المباشرة 

لا يسعي الفيلم لترسيخ رسائله من خلال السرد البصري والكلامي والموسيقي كما ينتظر من الدراما، بل يلجأ للموعظة والمباشرة مستخدماً نمط "دراما البُلهاء" حيث البطل نظيف وسيم لا تشوبه شائبة ولا يختلف عليه أحد، والشرير قبيح فظ لا يملك صفة تثير التفكير أو التعاطف، وحبيبة البطل شكلها جميل والكل يحبها.

هذا ما نجده في فيلم تاج بكل حذافيره، لا مناطق رمادية للبطل، ولا شرير لديه تأسيس لشخصيته تتعدى عداءه المطلق للبطل. حتى البطلة يُنسى وجودها في معظم مشاهد الفيلم ولا تشارك في التأثير على الاحداث فوجودها مرهون بكونها موضوع الاهتمام العاطفي للبطل فقط. 

حتى الرسائل تُقال بشكل مباشر وواضح على لسان البطل مع استخدام مفرط للموسيقى التي لا تكون مناسبة للموقف من البداية، فقط لمجرد استخدامها، لا للضرورة الدرامية أو إحداث تأثير.  

يمكن اعتبار فيلم تاج مجرد محاولة، محاولة لكل شيء، محاولة لصنع فيلم، محاولة لكتابة فيلم، محاولة لمحاكاة افلام مشهورة عالمياً، الفيلم ككل يمكن اعتباره محاولة، ولكن السؤال هل نجح تامر حسني وبقية صناع الفيلم في تلك المحاولة؟

الإجابة ببساطة هيا لا. الشيء الوحيد الذي  نجح فيه صناع الفيلم وعلى راسهم تامر حسني، هو أنه قدم أول فيلم مصرى عن بطل غارق.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard