شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
انتخاب رئيس جمهورية لبناني تحت ظلال

انتخاب رئيس جمهورية لبناني تحت ظلال "الملاحم العظيمة"

حسب بعض المغفلين، عدا "الأراذل والأوباش" الذين ندّد بهم مرشد "الثورة الإسلامية في إيران" السيِّد علي خامنئي أخيراً، أن انتخابات رئيس للجمهورية اللبنانية شأن انتخابي ودستوري، رتيب وعادي. وظنوا، آثمين طبعاً، أن حلبة الانتخاب هي المجلس النيابي اللبناني، وأن المجلس النيابي هو مجمع من اقترع لهم، في انتخابات الربيع المنصرم، نحو أربعين في المئة من الناخبين، وندبوهم إلى الإدلاء بآرائهم في الطاقم السياسي (والإداري والفني)، وفي القضايا التي تعرض للدولة والمجتمع.

وبعضهم صدَّق أن الأمر يقتصر على ترجيح كفة واحد، جهاد أزعور أو سليمان فرنجية، على كفة خصمه، والمفاصلة بينهما في ضوء الخلافات والمصالح والتواريخ والإجماعات التي تباعد بين المواطنين أو تقرِّب. وصدق، تبعاً لذلك، أن انتخابات الرئاسة واقعة من وقائع كثيرة أخرى تجلو، في وقت من الأوقات، موازين قوى متغيرة، واتجاهات رأي متقلّبة، وأن الانتخاب، دون غيره من طرائق الاختيار والتعيين، هو مرآة نظام سياسي يذرر الجماعات الملتحمة إلى أفراد، مواطنين وناخبين، وإلى أعداد، على قدم المساواة.

وهذا التذرير (إلى "ذرات" انتخابية) والإحصاء الذي يترتب عليه، وحمله عدد الأصوات المتفاوتة "القيمة" والمكانة على التجانس وعلى معنى سياسي فعلي أو جوهري، هي من الأمور التي يفترضها العالم الديموقراطي، ويوجبها على شاكلة مقدمات عمومية ومشتركة. والقول "اليساري" (و"اليميني") إن حرية الاقتراع، والرأي والتجمع أو التحزّب، شكلية، والخلوص إلى أنها لا تغني من جوع، لا يطعن فيها. فهي فعلاً شكلية، على معنى إجرائية وتنظيمية. ويترتب على القوى السياسية والاجتماعية إعمالها في نزاعاتها وإنجاز برامجها، على رغم انحيازها إلى من يملكون موارد السيطرة ويتوارثونها. والقيام عليها، أو رفضها وانتهاكها، غالباً ما أدى، ويؤدي إلى إرساء ديكتاتوريات أو سلطات مطلقة، تطيح الحريات الشكلية والمضامين الجوهرية، أو الحقوق الاجتماعية وما تفرع عنها، معاً.

الظاهر والباطن

ولم يكن المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ (المعمم) أحمد قبلان، أول سياسيي "الطائفة" الشيعية، الواحدة والمرصوصة والمظلومة والمعزولة، الطاعنين في شبه إجماع الكتل البرلمانية المعارضة على تأييد مرشح، وصف بالتكنوقراطي، هو جهاد أزعور، مدير دائرة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، نظير مرشح الحزبين التوأمين الشيعيين، المضمر وراء الاقتراع بأوراق بيض ثم المعلن في الاقتراع بالإسم.

المفتي الجعفري السياسي الممتاز كان ربما أول من ردّ على الإجراء الانتخابي الشكلي، والدستوري التقليدي، برفض شكليته أو إجرائيته، وتأويل هذه الشكلية عدواناً مباشراً وصريحاً على "الطائفة"

ولكن المفتي السياسي الممتاز كان ربما أول من ردّ على الإجراء الانتخابي الشكلي، والدستوري التقليدي، برفض شكليته أو إجرائيته، وتأويل هذه الشكلية عدواناً مباشراً وصريحاً على "الطائفة"، وعلى الوطن، كلاً وجميعاً. وعلى مثال تستر "اليهودية العالمية" بالديموقراطيات الرأسمالية الغربية، وبالشيوعية، في حربها على العرق الجرماني وسعيها في إبادته، ومثال تستر حلف الإمبرياليات الاحتكارية والعدوانية بالدفاع عن حريات السوق والنهب في حربها على البروليتاريا ووطن الاشتراكية- يتوسل أنصار المرشح التغني، اليوم، بالشكلية الانتخابية إلى تدمير الطائفة الراجحة والمنقذة والمقاومة.

وتجمع النماذج الثلاثة، النازي والسوفياتي و"الشيعي اللبناني"، اليوم، على فك المعنى الجوهري والخفي من الظاهر المتعارَف والمتداول والمشترك. ففي هذا الضرب من السياسة، ومن السلطة، ينبغي ألا يشترك العامة، أو العوام، في المداولات، ولا في "رأي عام" يؤدي تبلوره إلى قرارات أو إلزامات. وعلى "الرأي العام" القويم الإجماع، كتلة واحدة، على رأي واحد ملزم، لا رجوع فيه ولا حيدة (أو حياد) عنه.

وانتظر المنتصب للفتوى- وهو يتربّع على رأس جسم يتعالى عن النزاعات والخلافات، ويقر بالمكانة "للعلم" الخالصة (على خلاف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، مثلاً)- عشية جلسة 14 حزيران/ يونيو النيابية الانتخابية والثانية عشرة في الترتيب والعبث- وصف بعضهم الجلسات التي تلتئم لدورة أولى يليها الانفضاض وتبدد النصاب ("تطييره") بـ"المهزلة"- موعداً لبيانه أو خطبته وفتواه. وكان نحو أربعين نائباً، من كتل متفرقة ومختلفة، أذاعوا قبل أيام بياناً مشتركاً يعلن ترشيحهم وزير المالية سابقاً، ويدعو كتلاً قريبة إلى الاقتراع لمرشحهم.

وشاعت تقديرات لأصوات المقترعين المحتملين رجحت كفة التقني المالي على الزعيم الشمالي والعائلي (ترأس جده سليمان قبلان فرنجية الجمهورية في 1970- 1976، وتولى والده، طوني سليمان فرنجية، الوزارة مرات في عهد والده، وكان عم والده، حميد قبلان فرنجية من وجوه الطاقم الاستقلالي ومرشحاً للولاية الأولى...). وبلغ الفرق المقدّر بينهما نحو عشرين صوتاً، 45/ 65، تقلّص إلى أقل من النصف، 51/59، في نهاية المطاف.

"لا جاذبية"

وسبق شبه إجماع الكتل المعارضة على التقني، غير المنحاز وغير الاستفزازي، على زعم مرشِّحيه ومؤيّديه وعلى خلاف زعم خصومه، تخلي الكتل المتفرقة هذه عن الاقتراع لمرشح آخر، هو ميشال معوض. وتجمع النائب الشمالي "الشاب"- وهو ابن رئيس جمهورية (اتفاق) "الطائف" الأول، رينه معوض، وصريع هذا الاتفاق الذي صمم على مقاسه، وليس على مقاس الميل السوري واصطفاء الياس الهراوي، خلف معوض و"بديله"- (تجمعه) بخصمه، سليمان طوني فرنجية، عصبية محلية واحدة ومنقسمة عائلياً على نفسها. وتترجح هذه العلاقة بين التحالف الانتخابي وبين عداوة تظللها ذكرى ثارات ومقاتل لم تشف جروحها.

وراوحت أصوات معوض الذي بدا مرشح اختبار فوق كونه مرشحاً ثابتاً، بين الـ35 صوتاً والأربعين. ولم يحظَ بتأييد الكتلة المسيحية الثانية، أنصار الرئيس السابق ميشال عون. وضمرت الأصوات التي أيدته جلسة بعد جلسة. رغم تسمية الحزبين الشيعيين، وحليفهما السني الصغير، مرشحهما المشترك، وإعلانهما التمسك به، ونفيهما جواز الرجوع عنه إلى مرشح احتياطي و"حقيقي"- على ما يتهم الأفرقاء اللبنانيون بعضهم بعضاً في كل اختبار سياسي انتخابي- لم يقترع نواب الحزبين لمرشحهما. وتهربوا من إحصاء الأنصار والمؤيدين إحصاءً صريحاً، وتستّروا على عددهم بأوراق بيض لا تحمل إسماً.

ولم يخرج الطرفان من المناورة والمحاكاة، إما بمرشح تجريبي وعلى وشك الانسحاب وإما بالتهرب من إحصاء المؤيدين العلنيين والفعليين، إلى قبول امتحان ميداني، إلا غداة تضافر عوامل كثيرة. لعلّ أبرز هذه العوامل ضمان الطرفين دوام التعليق والدوران في الحلقة المفرغة والقلقة نفسها، في انتظار "حسم" ليست مقاليده في أيدي قوى الداخل، ولا تستعجله قوى الخارج والأرجح أنها لا ترى ملامحه.

النداء الذي يسميه صاحبه "وطنياً"، ويَصدر عن "مكون" واحد، وباسمه مجتمعاً، هو فرمان سلطاني يصدر عن باب عالٍ، وينبّه الرعية إلى الويلات التي تترتب على عصيانها الخط الهمايوني

وهذه الحال، العقيمة، مرآة عوم القوى السياسية والاجتماعية اللبنانية، ومعها أبنية الدولة والإدارة، على "لا جاذبية" أفقدت الجماعات والكتل والمبادرات والبرامج والتطلعات قوتها على الفعل والتماسك. فالأزمة ليست أزمة دستورية، على قول أحد الليبيين في أحوال بلده، بل هي أزمة ناجمة عن تصدّع الدولة، وخسارتها وحدتها ومفاعيل دستورها.

المُكوِّن والمكونات

وهذا ما يقوله أو يكني عنه المفتي السياسي الممتاز. فإفضاء الاقتراع النيابي الحر- من غير دبابات ولا مواكبة قسرية، ولا إقامة جبرية- إلى خسارة مرشح الحزبين التوأمين الشيعيين المنافسة، إما معنوياً ورمزياً وإما فعلياً، هو، على زعم الرجل، إنكار "للشراكة الوطنية" و"آلام" لبنان. فـ"القضية قضية بلد وميثاقية ومكوّن دستوري لا قضية عدد".

وهذا الرأي في الدستور- وهو رأي في الانتخاب، وفي الاقتراع، والانقسام أكثرية (أو كثرة) وأقلية (أو قلة)، عاديتين مطلقتين أو موصوفتين، وفي الأحلاف والجبهات وعقدها وانفراطها، أي في أركان النظام البرلماني- يحيل المجلس النيابي، التمثيلي والقائم على الحصص، إلى مجلس شيوخ يتساوى فيه تمثيل الجماعات، ويقلص التفاوت بين الأحجام والأعداد والموارد.

ويُدِلّ الشيخ على المتحالفين ضد مرشح "مكونه"، وهو طائفته التي يحتكر الحزبان المتحالفان بعد صراعٍ دامٍ تمثيلها النيابي من غير استثناء، بعدد هذا المون، ويهدد به: "... إذا اعتمدنا الديموقراطية العددية سنكون أمام لبنان آخر". ولبنان الآخر، الموعود أو المخيف، هذا يمثِّل عليه مقال في صحيفة الأخبار اليومية، نشر في 14 حزيران/ يونيو الجاري، ص5. فناخبو ناخبي جهاد أزعور بلغ عددهم في انتخابات 2022 النيابية، بحسب إحصاء الصحيفة، 456069 ناخباً. وبلغ عدد ناخبي النواب الذين اقترعوا لسليمان فرنجية 639761 ناخباً.

ويُحِلّ الاعتداد بهذا الإحصاء نظاماً رئاسياً، قائماً على انتخاب "الشعب"، أي الناخبين فرادى، الرئيس مباشرة، محل النظام البرلماني. وهذا خُلف وتخليط. ويبطل، من ناحية ثانية، معنى التكليف النيابي الذي يحمل نيابة النائب على نيابة عن "الأمة"، ولا يقصرها على تمثيل الدائرة الانتخابية. ويفترض الإحصاء، أو استعماله الظرفي والتهويل به، أن التمثيل، أكان تمثيلاً نيابياً أم رئاسياً أم وزارياً أم إدارياً ووظيفياً (قضائياً أو عسكرياً)، من طبيعة واحدة. ويخالف هذا معاني التمثيل ووظائفه.

ويتحايل الإحصاء، رابعاً، على عملية الجمع نفسها. فيدخل في بابين أو ثلاثة أو عشرة ناخبين اقترعوا للائحة مجتمعة، ولم يقترعوا للمرشحين الأفراد إلا على وجه "التفضيل". فيُحتسب الصوت الذي اقترع لكتلة من خمسة مرشحين، على سبيل المثل، وهو صوت واحد، خمس مرات. وهذا تزوير صريح.

وجوهر المسألة يتخطى التحريف الحاد لدلالات العمليات الدستورية والنظامية. فالنداء الذي يسميه صاحبه "وطنياً"، ويَصدر عن "مكون" واحد، وباسمه مجتمعاً، ويدعو المواطنين (المفترضين) من "المكونات" الأخرى إلى الانصياع لحق نقض يدّعيه صاحب النداء لجماعته على الجماعات الأخرى، والتخلي عن ركنٍ أول في الأنظمة النيابية البرلمانية- هذا النداء، حقيقةً وفعلاً، هو فرمان سلطاني يصدر عن باب عالٍ، وينبّه الرعية إلى الويلات التي تترتب على عصيانها الخط الهمايوني.

والجمع بين موقعين سياسيين، موقع الجزء بين أجزاء "الجسم" (الوطني) أو مكون بين مكوناته، وموقع الرأس القائد والنافذ الكلمة والفيصل في الخلافات- والتوأمان الشيعيان يدّعيان الحق في هذا الجمع المنافي للبرلمانية التمثيلية- هو سمة من سمات "النظم" الإمبراطورية أو السلطانية. ولا يتردد المفتي السياسي، بعد توحيده شيعته في جدار واحد مرصوص، في توحيد "الوطن" كله فيها: فمكونه "حرّر" لبنان، ودفع ثمن "تحريره"، وحقه أن يجازى على فعله دَيْناً أبدياً ورتبة سلطانية لا تضعف بالتقادم، ولا بتعدد دوائر أو مجالات الحكم والتدبير:

فـ"المحرر" كلمته عليا ومقدسة في صفة (أو توصيف) الأشخاص والكفاءات والوظائف والفضائل والرذائل والتدابير والقوانين، إلخ.

جنون وانفلات وفوضى

وصفة صاحب المرتبة السلطانية لا تتجزأ: في الإنابة والترئيس والإجراءات الاقتصادية والترفيع الوظيفي والجلوس للقضاء والقيادة العسكرية والأمنية الشريفة... فالوقت، على معنى العصر، وقت داهم، وقريب من قيام الساعة، وفرج "صاحب العصر والزمان"، رغم غموض العبارة. وتصيب عدوى "الساعة" و"ملاحمها"، على قول إمامي سائر، تناول المسائل كلها.

التحالف على الزعم الزغرتاوي، أو ضدهن يستحضر، على قول "أمل" في بيانها، "مصطلحات العزل والتخوين". واستحضار هذا الاستحضار يلمح، تصريحاً، إلى ابتداء الحروب الأهلية الملبننة

فالتحالف على الزعم الزغرتاوي، أو ضدهن يستحضر، على قول "أمل" في بيانها (في 13 حزيران/ يونيو)، "مصطلحات العزل والتخوين". واستحضار هذا الاستحضار يلمح، تصريحاً، إلى ابتداء الحروب الأهلية الملبننة، في نيسان/ أبريل 1975، بالدعوة إلى عزل الكتائب اللبنانية، الحزب المسيحي الأبرز يومها، ويلوح بمثل هذا الابتداء (ويومها اعتكف موسى الصدر، مؤسس "أمل"، احتجاجاً على العزل).

وتعاقبت، في "الإعلام" الحربي والأمني الذي واكب الإعداد لجلسة الانتخاب العتيدة، الألفاظ التي تسمّي الحوادث والناس بأسماء ترمي الرعب في القلوب. فاختيار غير مرشح الحزبين التوأمين ضرب من "الجنون" (الأخبار، 9/6، ص2-3). وهو يرقى إلى ضرب "حصار"- من مصطلح الوقت الذي يحبل بمجيء المهدي- أميركي وغربي، على "المقاومة". ويشبه شبهاً قوياً "اندلاع الأزمة السورية" (المصدر نفسه).

و"انفلات الأمور"، وكان إلى وقت قريب "من المحظورات داخلياً وخارجياً"، بات على الأبواب. والقرائن على الأمر لا تُعد ولا تُحصى: "انقلاب" وليد جنبلاط على اعتداله، والعوامل التي أوجبت تعيين جان- إيف لودريان الفرنسي "الحساسة ومتعددة الاتجاهات... والخضات"، والعدوان الإسرائيلي الجديد، ودخول "رافضي خيار فرنجية" البلد (لبنان) بالدم" وبـ"بيع دماء الشهداء"، وشبه رفض فرنجية اليوم برفض "القيادات المارونية"، في 1988، "تسوية" عبدالحليم خدام، نائب حافظ الأسد، وريتشارد مورفي، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، على ميخائيل الضاهر، و"المواجهات الدامية على مدى سنتين (التي) انتهت بتطيير صيغة 1943...".

وتندرج هذه "الوقائع" في سياق أهوال كونية. فالعالم يستقبل "بعد النظام العالمي الراهن" نظاماً عالمياً جديداً. و"كل المشهديات/ السيناريوهات، بما فيها حالة فوضى عالمية جديدة لن يكون أي منها أسوأ مما عرفه العالم من النظام العالمي الذي فرضته أوروبا، ثم أوروبا- أميركا (الولايات المتحدة) على العالم، ابتداءً من مذابح الهنود الحمر، مروراً بما عرفته آسيا وأفريقيا..." (الأخبار، 7/6، ص8). وإذا كان في وسعنا الاطمئنان إلى أن العالم الجديد والمنتظر أقل فظاعة من العالم الذي عرفناه ونعرفه منذ نحو نيف وخمسة قرون، فالأرجح أن نصيب معاصري الانتقال من الظلم "الغربي" إلى "(تعدد) القطبية الدولية والإقليمية" من الفوضى والحروب ليس يسيراً.

و"المنطق الدفاعي" الذي "يحكم سياسات روسيا والصين" قد لا يفلح في تفادي "الحروب والويلات والاستباحة والخراب العميم" التي حلت في "منطقتنا ومناطق الشعوب الأخرى" في "اللحظة الأحادية التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي". ومن "الويلات" الناجزة اعتقاد "بعض قطاعات النخب السياسية، في منطقتنا تحديداً" أن "التغيير الديموقراطي الداخلي أولوية على ما عداها من قضايا" (المصدر نفسه).

وفي ضوء هذه "الرؤيا" الشاملة، على معنى مار يوحنا صاحب الإنجيل والرؤيا، وعلى معنى بعض الأحاديث والآثار القدسية وغير القدسية، يتبدد كل لبس قد يتطاول إلى معنى انتخابات الرئاسة الأولى في لبنان، في العهد الذي يلي عهد "المقاوم" الميمون (2016- 2022). ويسهم في التبديد أن من رأوا "الملاحم" عشية جلسة 14 حزيران/ يونيو الجاري، تنفسوا الصعداء، تقريباً، غداتها. وانجلى، في انتظار ملحمة تالية، الغبار عن حادثة ضئيلة من حوادث اليوم والليلة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard
Popup Image