شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
لماذا نتزوّج من أشخاص يشبهون أهلنا؟

لماذا نتزوّج من أشخاص يشبهون أهلنا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الجمعة 23 يونيو 202312:03 م

لا شكّ في أنّ العلاقة العاطفيّة بين الأهل لها تأثير كبير على الأطفال، فهي تكوّن لهم المفهوم الأوّل للحبّ وماهيّة الزواج والأدوار الجندريّة. ولكن على ما يبدو، لا ينحصر تأثير علاقة أهلنا علينا بما سبق وذكرناه، بل يتعدّاه إلى أسباب اختيارنا لشريك حياتنا، والذي في أغلب الأحيان نختاره بحسب مدى تطابق طبعه مع أحد طبع والدينا، إذ وعلى سبيل المثال، تبحث الفتاة عن شريك حياة يشبه والدها، فيما يبحث الرجل عن زوجة تشبه والدته.

ما هي الأسباب التي تدفعنا إلى البحث عن شريك حياة يشبه والدينا؟

تجارب خاصة

لم يتردّد البعض في مشاركة تجاربهم الخاصّة حول رحلة بحثهم عن أهلهم في علاقاتهم العاطفيّة.

كشفت لميتا (26 عاماً)، لرصيف22، أنّ علاقتها مع والدها كانت مضطربةً جداً: "منذ طفولتي وأنا أتعرّض لأسوأ أنواع التعنيف الجسدي، كما كنت أشاهد والدي وهو يضرب والدتي وكيف كان يطالبها بحقوقه الزوجيّة ولو بالغصب، ويخونها مع العديد من النساء، حتى أنّه في إحدى المرّات اعتدى عليها أمامنا في محاولة لإجبارها على ممارسة الجنس معه، وأمام هذا المشهد حاولت مع أخواتي إبعاده عنها، إلاّ أنّه لصغر عمرنا وضعف أجسادنا لم نتمكّن من ذلك فانتهى بها المطاف في المستشفى، لتطلب بعدها الطلاق ويختفي والدنا من حياتنا لأكثر من 8 سنوات".

وتابعت لميتا: "هذه الحادثة وغيرها من المشاهد القاسية في طفولتي لم تغادرني، لا بل تملّكتني وأثّرت على اختياري لشركاء حياتي، فكانوا في معظمهم يكبروني سنّاً، ومعظمهم متزوّجون، أو عنيفون، ويتوجّهون إليّ بكلمات جارحة، ويتعرّضون لي بالضرب ويمارسون الجنس معي بالقوّة، وكنت أقبل ذلك لأنّ في اعتقادي آنذاك أنّ هذا هو الحبّ، إلى حين لجأت إلى طبيب نفسي واستمر العلاج نحو 3 سنوات، حتى تمكّنت من التصالح مع الماضي وفهم صورة الرجل والأب والشريك في حياتي، وعندها تعرّفت إلى زوجي الذي لا يشبه والدي في أيّ شيء سوى في الصفات الحسنة".

بدوره قال مروان، في حديثه إلى رصيف22: "تربيت في أسرة كانت فيها أمي أقوى بكثير من أبي، فكانت هي من تدبّر جميع أمور المنزل في الوقت الذي كان والدي فيه غائباً في معظم الأيام عن البيت. كانت أمّي قويّة الشخصيّة وقاسيةً، وكانت ماهرةً في الطبخ، إلاّ أنّها كانت فاشلةً في التنظيف. هذا الخليط الغريب في شخصيّة والدتي جعلني أبحث عن شريكة حياة قويّة وتتحمّل المسؤوليّة ومستقلّة، تحمل معي مشكلات الحياة ومصاعبها من جهة، إلا أنّها حنونة جدّاً، ومتفهمّة، ومتساهلة معي".

"هذه الحادثة وغيرها من المشاهد القاسية في طفولتي لم تغادرني، لا بل تملّكتني وأثّرت على اختياري لشركاء حياتي، فكانوا في معظمهم يكبروني سنّاً، ومعظمهم متزوّجون، أو عنيفون، ويتوجّهون إليّ بكلمات جارحة، ويتعرّضون لي بالضرب ويمارسون الجنس معي بالقوّة"

وأضاف ضاحكاً: "ولكنها فاشلة في الطبخ. وأنا نفسي أستغرب كيف وقعت في حبّ فتاة تشبه والدتي في خصال كثيرة، وتختلف معها في خصال أكثر. ولكنّ ما أنا متأكّد منه هو أنها تشعرني بالعاطفة والحنان والأمان والطمأنينة، فوجودها إلى جانبي يمنحني الدعم النفسي والمعنوي ويجعلني واثقاً بنفسي أكثر ولا أخشى شيئاً".

"أوديب" و"إلكترا"

شرح المعالج النفسي الدكتور أنطوان الشرتوني، في حديث خاص إلى موقع رصيف22، كيف أنّ "عقدة أوديب"، هي عقدة خاصّة ببناء شخصيّة الإنسان، تصف مراحل نموّ الطفل وتطوّره نفسيّاً وجنسيّاً: "تقوم عقدة أوديب على انجذاب الطفل إلى الجنس الآخر والشعور بالحقد والكراهية والمنافسة تجاه الأشخاص من جنسه".

وتابع الشرتوني: "لذا ينجذب الطفل إلى والدته، حيث يخاف على كيانه الخاص بوجود الأب، فيحاول التقرّب من أمّه التي تهتمّ كثيراً بوالده، وذلك يحصل عندما يبدأ الطفل باكتشاف صورة والدَيه النفسيّة والاجتماعيّة، ويلاحظ مع الوقت أنّهما يؤدّيان دورين مختلفين تماماً".

وأشار أنطوان إلى "أننا نرى خلال مرحلة 'عقدة أوديب' أنّ اهتمام الولد بأعضائه التناسليّة يزداد، فهي تُشعره بالفخر، لذلك قد يسير في المنزل عارياً، كذلك، ثمّة أولاد ذكور يعتقدون أنّ غياب العضو التناسلي الذكري لدى الفتيات هو بمثابة عقوبة لهنّ، ومن ثمّ تظهر لدى الطفل مشاعر الحبّ لأمّه والغيرة من والده فيبدي عدائيّةً تجاهه. هنا، يُشدّد علم النفس على الدور المهمّ الذي يؤدّيه الأب في عدم السماح للطفل بالتمادي في حُبّه تجاه والدته من خلال طمأنته إلى أنّه سيتزوّج امرأةً تناسبه عندما يكبر".

أمّا عقدة "إلكترا"، وكما فسّرها د. شرتوني، "فتتجلّى في السنوات الأولى من حياة الطفلة عبر الغيرة من والدتها وعشقها لوالدها الذي يشكّل مثلها الأعلى. وتعتقد الفتاة أيضاً أنّها ستكتسب العضو الذكري يوماً ما، لكنّها تفهم لاحقاً الفارق بين جسمَي الفتاة والصبي. وتعوّض الفتاة عن شعورها بهذا النقص، من خلال اكتشافها إمكان إنجابها أطفالاً في المستقبل. لذلك، نجدها تلعب بالدمى استعداداً لمرحلة الأمومة".

وأضاف الشرتوني: "في بعض الأحيان، تظهر هذه العقدة بنحو معاكس، أي أنّ الطفلة تنجذب مثلاً إلى والدتها وتكره والدها. وعادةً ما تظهر هذه العقدة في هذا الشكل عند غياب الوالد عن المنزل، فتحاول الفتاة ملء فراغ والدها".

"نرى خلال مرحلة 'عقدة أوديب' أنّ اهتمام الولد بأعضائه التناسليّة يزداد، فهي تُشعره بالفخر، لذلك قد يسير في المنزل عارياً، كذلك، ثمّة أولاد ذكور يعتقدون أنّ غياب العضو التناسلي الذكري لدى الفتيات هو بمثابة عقوبة لهنّ

وعن كيفية التخلص من هاتين العقدتين، قال أنطوان الشرتوني: "إجمالاً، تنتهي عقدة أوديب عند بلوغ الطفل عامه الرابع أو الخامس. فبعد تقمّصه شخصيّة أحد والديه ومحاولته جذب اهتمام الطرف الآخر، يفهم أخيراً أنّه لا يستطيع أن يحلّ مكان والده في حياة أمّه. ومع الوقت، يكبر الصبيّ فيُكوّن شخصيّةً اجتماعيّةً ويبدأ البحث عن فتاة من خارج المحيط العائلي من دون أن يَعي ذلك، إلّا أنّ نتائج بحثه هذا تتجلّى في السنوات اللاحقة، حيث أثبتت دراسات كثيرة أنّ الشاب يبحث عن زوجة له تكون شبيهة والدته".

والأمر مماثل لدى الفتاة، وفق ما أكد الشرتوني: "ما أن تنتهي 'عقدة إلكترا'، حتّى تبدأ البحث عن رجل يشبه والدها في صفاته وأخلاقه، إذ تفهم أنّه لا يمكنها سلب الحبّ الذي يكنّه والدها لوالدتها".

في الخصال وفي الشكل

وفقاً لبحث أجراه عالم النفس في جامعة سانت أندروز، ديفيد بيريت، نحن ننجذب إلى السمات الخارجية التي كان يتمتع بها آباؤنا عندما وُلدنا. وقد أثبت ذلك في سلسلة من الدراسات، منها ورقة بحثية عام 2002، طلب فيها من المشاركين في التجربة تقييم جاذبية الوجوه المعروضة في صور أمامهم من مختلف الأعمار.

كانت النتيجة أنّ النساء اللواتي لديهنّ آباء فوق سنّ الـ30 انجذبن إلى صور رجال كبار في السن، والعكس صحيح، أمّا بالنسبة إلى الرجال، فتتأثر تفضيلات الوجوه الأنثوية بعمر الأم وليس بعمر الأب، ولكن فقط للعلاقات طويلة الأمد.

وفي دراسة متابعة، أظهرت عيّنة من 697 مشاركاً، أن الرجال والنساء من المحتمل أن يكون لديهم شركاء رومانسيون لديهم لون العينين نفسه ولون الشعر ذاته كما عند الأهل. لذلك إذا كان لدى والدنا شعر أشقر وعينان زرقاوان، فمن المحتمل أن يكون لدينا حبيب/ ة بشعر أشقر وعينين زرقاوين.

والسبب يعود إلى الثقة التي تنشأ عند الولد بأهله، لكونهم أوّل ناس تفتّح عليهم من جهة، وأكثر الأشخاص الذين قضى أطول وقت معهم من جهة أخرى، لذلك يتأثر بطباعهم وسلوكهم وشخصيّتهم وطريقة تفكيرهم، ما يجعله يبحث عن شركاء مماثلين لهم.

وعليه، قد يتساءل البعض: كيف ينتهي بنا الأمر بالزواج من أشخاص يسيئون معاملتنا؟ ففي النهاية نحن جميعاً نريد شريكاً متاحاً عاطفياً، محباً، داعماً ويمكن الاعتماد عليه وليس شخصاً غير آمن أو عصبيّاً أو ضعيفاً.

أجابت راوية عيتاني، ميتا كوتش في الصورة الذاتيّة، self image relationship meta coach، في حديثها إلى رصيف22، بأنّ "الفتاة ومنذ ولادتها، تتكوّن لديها أوّل صورة للذكر من خلال والدها، وتالياً تتعلّم الحبّ عبر أبيها، حيث يصبح الأب بمثابة الرجل المثالي لابنته. طريقة الحبّ التي تتلقاها من والدها ستصبح هي مفهوم الحبّ بالنسبة لها".

وتالياً، بحسب عيتاني، "إن كان مفهوم الحب الذي تتلقاه الفتاة فيه تهميش، حيث أنّ الأب غير متوافر عاطفياً، أو لا يلعب دوره، أو دوره ضعيف مقارنةً بدور الأم، ستتكوّن في ذهنها صورة للعلاقة الزوجيّة ضمن إطار المرأة الأقوى من الرجل في العلاقة، والتي تتحمّل هي المسؤوليّة في تدبير شؤون المنزل واتخاذ القرارات وتترجم ذلك بعلاقاتها عندما تكبر، حيث تبدأ بالبحث عن شخص يشبه والدها، إمّا بالشكل الخارجي، إن كانت منجذبةً إلى شكل والدها في صغرها أو إلى صفاته الشخصيّة، حيث سترغب في رجل شخصيّته ضعيفة وغير متوافر عاطفياً لها، لأنّها ستعتقد أنّه حتى لو لم يلبِّ شريكها حاجاتها العاطفيّة فهذا يعني أنّه يحبّها، لأنّها تعوّدت أن تتلقى هكذا نوع من الحب من والدها. وعليه، تريد شريك حياة لا يهتمّ بها في الوقت الذي تكون فيه متعلّقةً به وتسعى دائماً إلى إرضائه، أو شريك حياة تكون تصرّفاته كوالدها، أو شخصاً من عمر والدها".

وأشارت راوية إلى أنّه "في حال كان حضور الأب في حياة الفتاة غير دائم وبوتيرة متقطعة بسبب العمل أو السفر، أو في حالات الطلاق التي تحدث في مراحل مبكرة، ستفتقد الفتاة وبشدة في مراحل البلوغ ذلك الحب، مما يدفعها للسعي إلى البحث عن بديل. وفي كثير من الأحيان، تنجذب مثيلات هؤلاء الفتيات إلى الرجال الذين يفوقونهنّ سنّاً بكثير، لرغبتهنّ في ملء الفراغ الأبوي، وسد النقص الذي ترتب عن غيابه. وفي حين قد تكون الفتاة غير مدركة لهذه الحقيقة، إلا أن جميع ما ترغب فيه يقتصر على حاجتها إلى رجل ناضج يقف بجانبها في غالبية الأوقات، علماً بأن ذلك غالباً ما يرجع إلى حاجتها إلى الشعور بالحماية".

وأضافت عيتاني: "أمّا إذا كانت الفتاة على علاقة جيّدة مع والدها منذ طفولتها، وكان يعزّز أنوثتها، ويقول لها كلمات دعم وإطراء، ويخبرها كم هي جميلة ويعبّر عن حبه لها، ستشبّع بالعاطفة والحنان، وعندما تكبر ستبحث عن شريك حياة يدلّلها ويهتمّ بها ويحبّها كما فعل والدها، ولن تقبل بالدخول في علاقات غير منصفة لها، أو في علاقات لا تتلقى من خلالها الحبّ المناسب بالشكل المناسب من قبل الشريك".

لماذا أتزوّج أمي؟

على المقلب الآخر، يميل الرجال إلى مقارنة زوجاتهم بأمهاتهم، وفق ما قالت راوية عيتاني: "الأم هي المرأة الأولى في حياة أي رجل، ومن الطبيعي أن تكون المقارنة موجودةً، وقد تتخطى المقارنة الشكل الخارجي، وتتعداه إلى الخصال التي كانت تتميّز بها الأم".

وفنّدت عيتاني الأسباب التي تدفع بالرجل إلى البحث عن شريكة حياة تشبه والدته: أوّلاً، عندما تكون علاقة الرجل بوالدته تنقصها العاطفة والحنان، سيبحث عن شريكة حياة حنونة أو أكبر منه سنّاً. ثانياً، إذا كانت الأم مسيطرةً في المنزل أو شخصيتها قويّة جداً، سيبحث عن شريكة حياة تشبه والدته لديها صفات القيادة، تتحمّل المسؤوليّة، وسيرغب في أن تسيّر له أموره ويلجأ إليها في كلّ مشكلة كما كان يلجأ لوالدته، وتالياً سيعيش العلاقة نفسها التي كانت تربطه بوالدته ولكن هذه المرّة مع شريكة حياته".

"لغة الحبّ التي تربى عليها الأولاد قد تتغيّر عند البعض في سنّ متقدّمة، عندما يدركون ماذا يريدون ويفهمون حاجاتهم، وتالياً يصبحون ناضجين عاطفياً أكثر ولا يتأثرون بطريقة عمياء بأهلهم"

وتابعت عيتاني: "ثالثاً، الرجل الذي يعيش مع أم تخاف عليه كثيراً وتبالغ في حمايتها له، سيعاني في عمر متقدم من مشكلات في شخصيته، حيث سيعجز عن اتخاذ القرارات وستكون شخصيته ضعيفةً وسيبحث عن شريكة تخاف عليه وتحميه بالطريقة نفسها، ما سيولّد علاقةً اعتماديّةً، يعتمد فيها الرجل على شريكة حياته بالطريقة نفسها التي كان يعتمد فيها على أمّه. رابعاً، هناك قسم من الأمهات يجدن التعبير عن مشاعرهنّ وعواطفهنّ لأولادهنّ بالكلام وباللمس، وتالياً سيسعى الرجل إلى التعبير عن حبّه بالأسلوب نفسه الذي تربّى عليه، وسيطالب شريكته بمبادلته طريقة التعبير عن الحب نفسها".

وختمت راوية عيتاني حديثها بالإشارة إلى أنّ "لغة الحبّ التي تربى عليها الأولاد قد تتغيّر عند البعض في سنّ متقدّمة، عندما يدركون ماذا يريدون ويفهمون حاجاتهم، وتالياً يصبحون ناضجين عاطفياً أكثر ولا يتأثرون بطريقة عمياء بأهلهم". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image