اختتم مهرجان الفن والثقافة الكردية في برلين فعالياته، الاثنين 29 مايو/أيار، بعرض الفيلم الوثائقي "نحن ُكرد" للمخرجين هانيو وبانو يالكوت بريدرمان، وحوار عن السينما مع المخرجة يارا خليل والمخرج رولان جعدان عن تجربتيهما في الإخراج السينمائي ونقاش مع الجمهور الحاضر في المهرجان الذي استمر أربعة أيام وشمل فعاليات متنوعة.
جاء مهرجان هذا العام استكمالاً لمشروع بدأه عدد من الشباب الأكراد المقيمين في برلين حيث نظموا "أيام الثقافة والفن الكردية" العام الماضي بإمكانيات قليلة، ليطوروا الفكرة هذا العام لمهرجان يقام لفترة أطول وبشكل أكثر تنظيماً وديمومة، كما يخبر رصيف22 المتحدث الرسمي باسم المهرجان يوسف عيسى.
ويضيف: "نؤمن بأن السياسة تبعد الشعوب بعضها عن بعض وتمنعنا من التلاقي بأي طريقة كانت، وفي بلداننا في الشرق الأوسط بالأخص بسبب الأنظمة الموجودة لم نستطع أن نعبر عن ثقافتنا وفننا وليس هناك إمكانية للحوار بين الثقافات، لذلك قررنا أن نتقارب عن طريق الثقافة والفن".
يوسف عيسى، المتحدث الرسمي باسم المهرجان، تصوير سعد ياغي
ويشير عيسى إلى أن المهرجان يستهدف كافة الأطياف، من كرد وعرب وألمان ومختلف الجنسيات، فهو يقدم الموسيقى، والفن التشكيلي، والرقصات، والسينما، والآلات الموسيقية، والأدب، كطريقة للتواصل والحوار.
استضافت جمعية أولمه فعاليات مهرجان هذا العام في مقرها المتعدد القاعات، وساهم في تمويل المهرجان أفراد تبرعوا بالأموال ولو كانت قليلة كما قال عيسى: "نحن أشخاص مستقلون ولا نتبع لأي جهة سياسية، لذلك فإن تمويلنا الكامل من أشخاص مهتمين بالثقافة والفن وأصحاب الأعمال الحرة، والذين نشكرهم لتحقيق هذا المهرجان".
وعن الاختلاف بين فعاليات العام الماضي وهذا العام قال عيسى: "تتعدد الأنشطة، وتوسع البازار الذي تُباع فيه الأزياء، والآلات الموسيقية، وشمل المهرجان الجلسة الكردية، بالإضافة للحفلات الموسيقية التي تعددت على مدار ثلاثة أيام، والتي تغني بعضها أشعاراً كتبت منذ مئات السنين، وجلسات متنوعة بين الأدب، والصحافة، والسينما وعرض أفلام كردية، فقد قمنا بتوسيع آفاق المهرجان، ونخطط أن يكون هذا المهرجان سنوياً".
"الشعب الكردي عاش مآسي كبيرة ولم يستطع التعبير عن ثقافته وفنه، لذلك فإنهم متعطشون لأي فعالية أو مكان يستطيعون التعبير فيه عن هويتهم". يوسف عيسى، المتحدث الرسمي باسم المهرجان
وعن سبب اختيار برلين مقرّاً لإقامة هذا المهرجان قال عيسى: "برلين هي عاصمة الفن والثقافة في ألمانيا، كما أنها تضم مئات الثقافات المتنوعة من كل العالم، وهذا ما يمكن أن يكون نواة لحوار بين الثقافات على مدار العام".
وعن إقبال الأكراد على حضور الفعاليات قال عيسى: "الحضور متنوع ومتعدد، ولكن الشعب الكردي عاش مآسي كبيرة ولم يستطع التعبير عن ثقافته وفنه، لذلك فإنهم متعطشون لأي فعالية أو مكان يستطيعون التعبير فيه عن هويتهم".
صورة عامة من المهرجان، تصوير سعد ياغي
افتتح المهرجان بقراءات أدبية للقاصة والشاعرة هيفي قجو، والكاتبة كليستان آواز، والكاتبة نوجين قدو والشاعرة والكاتبة مزكين حسكو والشاعر تنكزار ماريني، كما منح المهرجان جائزته للفنان الكردي الراحل محمد علي شاكر والفنان محمود عزيز شاكر.
كما تضمن المهرجان أمسية حول الشاعر الصوفي الكردي ملا أحمد جزيري الذي كتب قصائده بأربع لغات هي العربية، والتركية، والفارسية والكردية. والتي تتداخل جميعها في قصائده، مع الروائي جان دوست الذي كتب رواية بعنوان "مجنون سلمى"، ثم غنى الفنان زبير صالح مجموعة من قصائد الشاعر على آلة البزق.
واستضاف المهرجان الروائي والناقد هيثم حسين والكاتب والشاعر عبد الرحمن عفيف للحديث عن الأدب الكردي، وكان هناك حوار عن الفن مع التشكيلي والمصمم محمد سيدا والنحات صالح نمر.
اللغة الكردية
وفي محاضرة عن اللغة الكردية أشار أستاذ اللغة الكردية محمد كلش إلى الصعوبات التي تواجه توحيد معيارية اللغة الكردية :"فهي تمر بمرحلة حساسة ومهمة نوعاً ما، ففي أقليم كردستان في العراق وكذلك في سوريا هناك محاولات لتدريس اللغة الكردية ونحن كأكراد بحاجة إلى معيارية اللغة الكردية"، وقدّم كلش خلال المحاضرة آراء للغويين أمريكيين وألمان عن النظريات من أجل توحيد اللغة، كما استعرض فكرة توحيد لسان العرب في الاتفاق على لغة أهل قريش لأنها لغة القرآن على أن تكون هي اللغة العربية الفصيحة، بالإضافة للتجربة الأرمنية، التي وحدت اللهجتين الأرمنية المعيارية والمحكية.
جمهور المهرجان، تصوير سعد ياغي
وقال لرصيف22:"تم الحفاظ على اللغة الكردية من خلال الثقافة والموسيقى الكردية، فالأكراد لم يتركوا لغتهم، واستخدموها وإن كان في المنزل فقط، لذا تم تمرير الثقافة واللغة عبر الأجيال، بالإضافة للحفاظ على الموسيقى والأدب".
"تم الحفاظ على اللغة الكردية من خلال الثقافة والموسيقى، فالأكراد لم يتركوا لغتهم، واستخدموها وإن كان في المنزل فقط، لذا تم تمرير الثقافة واللغة عبر الأجيال". محمد كلش، أستاذ لغة كردية
وتابع: "هناك في ألمانيا برنامج لدراسة لغة بلد المنشأ أو اللغة الأم في بعض المقاطعات الألمانية، لذا يتم تدريس اللغة الكردية في بعض المقاطعات، مما يوفر إمكانية لتدريس اللغة الكردية في ألمانيا، أما في المقاطعات أو الدول التي تقدم هذا النوع من التعليم فالحل الوحيد هو أن تمرر العائلة اللغة للجيل الجديد ولا يتركونها، وهذا الأمر موجود عند غالبية الأكراد وخصوصاً أكراد سوريا".
تواصل وتشبيك
واعتبر المستشار القانوني في أمور اللجوء، وعضو المجلس المدني بمركز برلين، ممثل حزب الخضر جلال أمين أن هذا المهرجان هو فرصة لإعادة الحياة الاجتماعية قبل كل شيء، حسب تعبيره: "أغلب الأكراد يحضرون هذه الفعاليات للالتقاء بعضهم مع بعض بغية الاستمتاع بالأدب والثقافة المقدمين، بالإضافة لكون المهرجان فرصة لتوريث الثقافة الكردية من شعر وموسيقى ورسم للجيل الجديد".
وأشار أمين إلى أن المهرجان أيضاً هو مكان لتشجيع الفنانين/ات الذين/ اللواتي يعرضون أعمالهم/ن في المهرجان، وفرصة للموسيقيين/ات بأن يقدموا/من فنهم/ن للجمهور، وهذا تشجيع لهم/ن: "المهرجان عبارة عن تواصل بين الخارج والداخل والماضي والحاضر".
د. يوسف كورية، الشاعر عبدالرحمن عفيف، الروائي والكاتب هيثم حسين. تصوير سعد ياغي
الصحافة الكردية
وفي محاضرة عن الصحافة مع الإعلامية ستير حكيم، قال لرصيف22 الصحافي الكردي السوري، علي النمر، الذي يعمل في مجال الإعلام الصحافي منذ أكثر من عشرين عاماً على واقع الصحافة الكردية: "يشبه وضع الصحافة الكردية اليوم تماماً وضع الحركة الكردية في سوريا، الوضع ليس جيداً، إنه متراجع بشكل كبير، نتيجة تأثير وضغط الحركة السياسية على الحركة الصحافية، فالصحافيون/ات الأكراد/ الكرديات كلهم/ن مقيدون/ات بالخلفيات والأجندات السياسية".
ويتابع: "رغم أن الصحافة الكردية مواكبة للعصر الرقمي وهناك مواقع وإذاعات ومحطات تلفزيون فإن هذا لا يعكس التطور المهني الصحافي الذي يمكّن الحريات ويكون الطريق نحو حرية الصحافة والتعبير خاصة في مناطق ضمن سوريا".
"يشبه وضع الصحافة الكردية وضع الحركة الكردية في سوريا، الوضع ليس جيداً، نتيجة ضغط الحركة السياسية على الحركة الصحافية". الصحافي الكردي السوري، علي النمر
وأشار النمر إلى أحد أبرز التحديات التي تواجه الصحافة الكردية: "قانون الإعلام الذي أصدرته الإدارة الذاتية هو قانون ليس محقاً بحق الصحافيين/ات لأن فيه الكثير من المواد التي تقيد حرية الرأي والتعبير، لذلك لا يمكن للصحافي/ة تقديم المزيد لتطوير الصحافة الكردية لا يزال أمامنا الكثير".
وأضاف: "الحروب الجديدة كلها حروب إعلامية، اذا كنت لست مستعداً لها، فأنت خاسر، والحروب الإعلامية القادمة أقوى وأشد ضراوة، فبعد أن كنا في مواجهة الإعلام الرقمي، صرنا بمواجهة الذكاء الاصطناعي، فنحن يجب أن نكون مستعدين لها".
صورة من فعاليات المهرجان، تصوير سعد ياغي
وعن الصحافة الكردية في المهجر قال النمر: "هناك العديد من الزملاء الذين يديرون مواقع مهمة وصحفاً مهمة ويتولون مناصب فيها، ولهم دور كبير في هذا المجال، دائماً يواجهون بردود أفعال غير راضية من الداخل للأسباب ذاتها، وهي التحزب وعدم قبول الرأي الآخر والموضوعية في التعامل، تأتينا الكثير من الانتقادات من الداخل الذي نعمل من أجله، من كافة الأحزاب والقوى السياسية الكردية، ولهم دور في السيطرة على الصحافيين/ات العاملين/ات في المهجر".
تضمن المهرجان عدد اً من الأمسيات الموسيقية للفنان جان عيسى وفرقته، والفنان جوان تنكزار وفرقة آذار. وقد تفاعل معهما الجمهور بالغناء والرقص.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...