"هناك من يتعلمون من أمراضهم الموت بطريقة كريمة، وهم مرفوعو الرأس، وهناك من يعجزون عن هذا ويسيطر عليهم شعور الغضب الشديد".
بدأت المحللة النفسية (المصرية الأمريكية) عفاف محفوظ في تسجيل سيرتها الذاتية بعد أن صارحها طبيبها بإصابتها بالتليف الرئوي وأنها ستموت خلال أشهر، يبدو الأمر كمفارقة قدرية إذا علمنا أنها ساعدت، من خلال عملها كمعالجة نفسية لمرضى الاكتئاب، عدداً كبيراً من المصابين بالأمراض المميتة.
يبدو أن تصريح الطبيب لم يكن دقيقاً، فقد أمتد بها العمر بعد ذلك التشخيص سنوات قبل أن ترحل عن عالمنا الأسبوع الماضي، يوم 15 مايو/ ايار الجاري، عقب نحو ستة اشهر تلت صدور سيرتها الذاتية في كتاب "من الخوف إلى الحرية... رحلة امرأة مصرية من الصعيد إلى ما وراء المحيط"، السيرة التي روتها في جلسات خاصة مع الكاتب خالد منصور في بيتها في فلوريدا لتصدر عن دار الكتب خان القاهرية قبل وفاة المعالجة النفسية الراحلة.
"صرت مؤمنة أن الهدف الأهم لأي إنسان هو أن يمتلك ويمارس القدرة على الاختيار، تلك القدرة التي يخشى بشر كثيرون منها، بل ويفضلون العجز أو المرض النفسي عوضاً عن مشقة تحمل مسؤولية الحرية الثقيلة. رحلتي من الخوف من هذه المسؤولية إلى قبولها، بل والإصرار على تحملها، كانت رحلتي من الخوف إلى الحرية"
سيرة من فئة خاصة
ارتبطت كتب السير بالمشاهير من الساسة ومنتمي دوائر الحكام والفنانين وأهل الصحافة والأدب، من تزخر حياتهم بالبهارات اللازمة لجذب قراء من هواة التسلية بالفضائح والأسرار والنميمة، أو التاريخ والمعلومات والدروس. لكن سيرة عفاف محفوظ -وإن لم ينقصها زخم أسماء المشاهير في كل الدوائر التي عاصرتها في القرن الماضي، وحكاياتهم وانطباعاتها التي سجلتها عنهم- لا تقل أهمية عن تلك السير؛ إلا أن كل ذلك يأتي أقل أهمية من رحلتها الذاتية التي بدأت من ميلادها في بيئة بالغة المحافظة في صعيد مصر إلى أن خاضت صراعها الشخصي للوصول إلى مكانتها كواحدة من أنجح المحللين النفسيين في الولايات المتحدة، في مهنة يسيطر عليها الرجال وتحديداً من أبناء "الإثنية اليهودية"، لتظل بطلة السيرة في حالة حركة داخلية بين مقاومة أفكار بالية وبناء أفكار جديدة، توازي رحلتها ما بين الأماكن خلال عمرها الذي تجاوز الثمانين، ما بين طفولتها في صعيد مصر في فترة الأربعينيات حيث ولدت في محافظة المنيا عام 1938، ومراهقتها وبداية شبابها في الإسكندرية في عقد الخمسينيات، ثم بدايات النضج بين القاهرة وباريس في مراحل مختلفة ما بين نهاية الخمسينيات حتى أواخر الستينيات، ثم اكتمال رؤيتها في واشنطن في السبعينيات، فعودة إلى القاهرة في نهاية العقد نفسه، قبل هجرتها بصفة نهائية غلى الولايات المتحدة في العام 1985.
خلال تلك الرحلة الطويلة، يرصد القارئ تحولات محفوظ المختلفة ما بين دراسة القانون والعلوم السياسية والتحليل النفسي، وتنوع مجالات عملها متنقلة بين كل تلك الخبرات، كل ذلك إلى جانب العمل الإجتماعي والنسوي.
ولعل أهم تلك التحولات التي شكلت وعيها هي التحولات الفكرية، فرغم كونها لم تنتم إلى حزب أو تنظيم سياسي، كانت السياسة حاضرة في حياتها وافكارها، بدءاً من اقترابها من أفكار جماعة الإخوان المسلمين خلال دراستها الجامعية قبل أن تتحول إلى الإيمان بأفكار اليسار وتتمسك بالفكر القومي في مرحلة أخرى، إذ ارتبطت تحولاتها الفكرية السياسية برحلة ذاتية نابعة من تأمل للخبرات الإنسانية المتنوعة التي عاشتها.
المنيا- الإسكندرية-القاهرة
"لم ألعب كثيرا، مثل الأطفال وأنا صغيرة، ربما لأنني كنت أكبر أشقائي سناً ونما جسدي بسرعة. باتت أمي تحذرني من اللعب مع الأطفال لأني صرت "بنت طويلة" ولم أعد "طفلة" وهكذا بت عاجزة عن اللعب بسهولة".
ولدت عفاف في المنيا عام 1938 من أب جذوره مغربية واتجاهاته وفدية عروبية، وأم جذورها تركية ومتدينة. تعلمت عفاف في مدارس راهبات وعاشت طفولة متشددة داخل أسوار البيت والمدرسة بين حراس العفة والتنميط الإجتماعي، ليولد داخلها خوف تصفه لكاتب سيرتها بأنه بات جزءاً من تكوينها، حتى أنها وصفت الرقابة الأسرية والمجتمعية التي واجهتها آنذاك "بتّ مع الوقت أعاني كبتاً شديداً صرت معه عديمة الرغبة الجنسية تقريباً".
حياة عائلتها مثيرة للحكي بتفاصيلها المتناقضة. لكن من بين كل المفارقات التي شهدتها في تلك الفترة يبرز صراعها من أجل استكمال تعليمها رغم رفض والدها، بعدما حصلت على الشهادة العربية والشهادة الفرنسية معاً وعمرها 14 عاماً، بينما حظيت بتشجيع والدتها، وهو ما شكل أمراً محورياً في حياة عفاف.
في مرحلة أخرى ستخطط الأم لسفر عفاف لإتمام زيجتها الأولى، لأن عريسها سيسافر لفرنسا حيث يمكن لابنتها الحصول على الماجستير، وكذلك ستنفق في مراحل أخرى على دراستها بالخارج للدكتوراة. في الحقيقة، سيتبادل الأب والأم السيطرة على الابنة
في مرحلة أخرى ستخطط الأم لسفر عفاف لإتمام زيجتها الأولى، لأن عريسها سيسافر لفرنسا حيث يمكن لابنتها الحصول على الماجستير، وكذلك ستنفق في مراحل أخرى على دراستها بالخارج للدكتوراة. في الحقيقة، سيتبادل الأب والأم السيطرة على الابنة، فإن كان الأب قد رفض ذهابها للإسكندرية للالتحاق بالجامعة واحتاج الأمر منها إصراراً كبيراً، فإنه في مرحلة أخرى سيعترض على ارتدائها الحجاب في سن صغيرة، أسوة بأمها التي "احتشمت" قبل انتقالهم للإسكندرية بتأثير من صديقة إخوانية، وسيظل الأب "غير مرتاح" لارتدائها للحجاب في السنة الأخيرة بالجامعة، بينما لن يكون هناك مشكلة لدى الأم "المحتشمة".
حاول الأخوان المسلمون ضم عفاف للتنظيم أثناء دراستها في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، وكانت متعاطفة معهم بعد خلافهم السياسي مع عبد الناصر عام 1955 لكنها لم تنتسب إليهم، من هنا كان هناك "حاجز نفسي" بينها وبين اليسار والشيوعية بطبيعة الحال، لم ينكسر حتى سافرت إلى فرنسا في نهاية الخمسينيات.
شهدت عفاف بداية صعود التيار المحافظ في الجامعة والذي خاض أولى معاركه في محاولات الفصل بين الجنسين في المدرجات، مثلما كان الأمر في محيطها العائلي. وتشير لكاتب مذكراتها إلى ما شهدته من تمييز بين الجنسين في الكلية، وخروج البنات من المحاضرات حين يتعلق الدرس بجرائم الشرف، وهو ما يخالف تصورات البعض لوضع المرأة التعليمي في تلك الفترة.
باريس- القاهرة- واشنطن
"لم أصبح ملحدة أو منكرة لوجود الإله، صرت أعتقد أن هناك عوالم لا نعرفها تتعالى على الفهم البشري، وأن ما فعله البشر في الأديان على مر التاريخ كانت محاولات لتفسير ما لا نستطيع فهمه بالأدوات المتاحة لنا".
بصعوبة، احتفظت بلقب والدها في أوراق الجامعة بجوار لقب زوجها أحمد القشيري في أزمتها الأولى مع القوانين والقواعد الغربية. وبعد جدل مع الموظفة أصبحت "عفاف القشيري المولودة عفاف محفوظ"، وبهذا احتفظت بواحدة من الإيجابيات القانونية القليلة لصالح المرأة في بلادنا.
وتذكر أنها تعاملت أيضاً مع ما وصفته بالعنصرية و"التعالي الثقافي لكونها مصرية"، بسبب تأميم قناة السويس والخسائر المالية الكبيرة وعناوين الصحف الفرنسية المحملة بكراهية عميقة لمصر والمصريين، وكذلك عدم السماح بدخول المحجبات إلى مكتبة كلية الحقوق حيث كانت تدرس في باريس، لكنها هذه المرحلة أيضاً شهدت تفتح وعيها على اتجاهات فكرية مختلفة، وتغيرت قراءاتها حتى وصلت إلى خلع الحجاب بعد شهور من إقامتها في فرنسا، وظلت في فرنسا حتى بعد توتر علاقتها بزوجها وعودته إلى مصر. وهناك درست الدكتوراة على نفقة والدتها في العلوم السياسية عن آليات فرض اشتراكية الدولة من أعلى، ورغم انتقادها لعبد الناصر حزنت على وفاته وبكته.
في 1967 عادت إلى القاهرة لتخوض تجربة المشاركة في تأسيس مركز دراسات حول قضية فلسطين بدعوة من الصحافي الأقرب لعبد الناصر، محمد حسنين هيكل، إلا أنها لم تستسغ العمل لساعات متأخرة في تدريب الباحثين تحت رئاسة حاتم صادق، زوج ابنة عبد الناصر الذي كان قد تخرج لتوه في الجامعة ليصبح مديراً للمركز المذكور
ناقشت محفوظ رسالة الدكتوراة عام 1967، بعد أيام من وفاة والدتها من دون علمها. لكنها سارعت عندما عرفت بالعودة إلى القاهرة لتبدأ مرحلة جديدة عبر خوض تجربة المشاركة في تأسيس مشروع مركز دراسات حول قضية فلسطين والصهيونية بدعوة من الكاتب الصحافي الأقرب لعبد الناصر، محمد حسنين هيكل، إلا أنها لم تستسغ العمل لساعات متأخرة في تدريب الباحثين تحت رئاسة حاتم صادق، زوج ابنة عبد الناصر الذي كان قد تخرج لتوه في الجامعة ليصبح مديراً للمركز المذكور.
انتقلت محفوظ إلى جامعة حلوان لتدريس العلاقات الدولية والقانون الدولي، وشعرت بالتضييق الأمني داخل الجامعة، لتقبل بفرصة العودة مع زوجها إلى فرنسا عند تعيينه مستشاراً ثقافياً في السفارة المصرية هناك، ثم سافرت معه إلى واشنطن عام 1970.
ظنت عفاف أن الحال سيستقر بها في الولايات المتحدة، إلا أن زوجها تلقى عرضاً مغرياً للعودة إلى القاهرة مستشاراً لشركة استثمارية من علامات مرحلة الانفتاح الاقتصادي الساداتي، ليحسم أمر زواجهما أخيراً لرفضها العودة وإصرارها على البقاء في واشنطن لاستكمال رحلتها مع التحليل النفسي، الذي شغفت به منذ كانت في فرنسا، وكذلك تدريس الفكر السياسي لطلبة الدراسات العليا إلى جانب العمل الإداري في السفارة المصرية في واشنطن.
خاضت عفاف تجربة طلاق بعد علاقة زوجية طويلة غير سعيدة على كل الأصعدة، مما اعتبرته فعل تحرر. وسرعان ما عُيِّنت مستشارة ثقافية في السفارة المصرية بواشنطن عام 1975 وبعد تجربة علاقة عاطفية قصيرة، اعتبرتها محاولة للتحرر مما تبقى من قيود وما تبقى من خوف، ومشاكل متزايدة في عملها، عادت إلى القاهرة للتدريس في جامعة حلوان عام 1978.
مقاومة ووقوع في الحب ونسوية حتمية
"كان سلوك الرجال المصريين عموماً، بل والعديد من النساء المصريات، وخاصة في الفترة التي أتحدث عنها في نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات، غارقاً في النفاق والإزدواجية فيما يتعلق بالمرأة وجسدها، يتأرجحون بين قمع ذاتي واجتماعي ضاغط في الحياة العامة وبين انتهاكات صارخة في الحياة الخاصة. وهكذا ينتشر زنا المحارم وما يسمى بجرائم الشرف في الأوساط الاجتماعية نفسها، وأعتقد أن هذا الكبت الإجتماعي الشديد، على الأقل علناً، يؤدي إلى حالات هيستيرية ويزيد من وقائع التحرش الجنسي".
تبدو العناوين الطويلة التي يختارها خالد منصور للفصول مباشرة وكاشفة لطبيعة ما تريد الراوية أن تحكي عنه، إننا الآن في القاهرة عام 1978 مع توقيع معاهدة السلام، ترفض عفاف مواصلة العمل بوزارة الخارجية، وتحاول العودة لجامعة حلوان رغم كل مشاكلها: شابة مطلقة تواجه تناقضات المجتمع وتضييقه على النساء خاصة الوحيدات منهن، من مراقبة البواب لها، إلى إزدواجية المثقف المصري. تروي حكايات صديقاتها والطالبات في الجامعة عن كل ذلك، تعيش سنوات المد الديني والنفاق الاجتماعي. ورغم كل ذلك، تقع في حب كارل سيرن الذي تعرفت عليه في واشنطن، وتوثقت علاقتها به في القاهرة، وتزوجته خلال شهرين، وكان زواجها الثاني والأخير.
صراعها منذ طفولتها، ووصولها إلى تلك النقطة، جعل التفكير في العمل النسوي ضرورة، فعملت في قضايا المرأة من خلال وحدة نسائية داخل اتحاد المحامين العرب من أجل المساواة بين الجنسين، إلا أنها رفضت عرضاً بتولي وزارة الإعلام في السبعينيات، إذ كانت المناصب الحكومية غير متوافقة مع طبيعتها ورغبتها في الإستقلال.
كما انضمت عضوة مؤسسة في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، وربما كان هذا هو العمل التنظيمي شبه السياسي الوحيد الذي انخرطت فيه، فمعظم المجموعة التي شاركتها التأسيس جرى اعتقالهم.
وجدت نفسها شابة مطلقة تواجه تناقضات المجتمع وتضييقه على النساء خاصة الوحيدات منهن، من مراقبة البواب لها، إلى إزدواجية المثقف المصري. تروي حكايات صديقاتها والطالبات في الجامعة عن كل ذلك، تعيش سنوات المد الديني والنفاق الاجتماعي. ورغم كل ذلك، تقع في حب كارل سيرن الذي تعرفت عليه في واشنطن، وتوثقت علاقتها به في القاهرة، وتزوجته ليصبح شريك حياتها إلى نهايتها
كان التدريس بالنسبة لها طريقة لمواجهة الهزيمة وتمكين جيل قادم من تحقيق ما أخفق فيه جيلها، رغم ما أكدت عليه من "انحدار التعليم الجامعي في مصر الثمانينيات"، إلا أنها في النهاية أجبرت على ترك الجامعة بسبب مشاكلها مع العميد، ورفضت طلب الوساطة من جيهان السادات حتى لا تتورط - على حد قولها- في إضعاف استقلال الجامعة، فقبلت السفر إلى أمريكا مجدداً عام 1985، ولكن مع زوجها المحب هذه المرة، وخلف حلمها في دراسة التحليل النفسي، لكن السفر هذه المرة تحول إلى هجرة حتى الموت.
أمريكا: الهجرة المترددة والتحليل النفسي
"لم أفكر قط أن التحليل النفسي مهنة ودراسة ذات هوية يهودية، رغم النسبة الكبيرة للغاية من الأسماء المنحدرين من خلفية يهودية بين مفكريها وممارسيها، بصرف النظر عن التزامهم الديني. أبو التحليل النفسي سيغموند فرويد نفسه لم يكن يريد لهذه المدرسة العلاجية والفلسفية والنظرية أن تكون يهودية الطابع، بل كان يخشى من هذا التوجه ومن هذا التقوقع".
لم يكن الالتحاق بمعهد التحليل النفسي سهلاً لطالبة لم تحصل على أي شهادة جامعية في الطب أو علم النفس، لكن عفاف محفوظ استطاعت الالتحاق به في منتصف الثمانينيات بعد استقرارها في واشنطن، وكانت ثاني سيدة تُقبَل في هذا المعهد بدون شهادة متخصصة، كما اتجهت للعمل التنموي والنسوي من خلال تمثيل الجمعيات الأهلية في الأمم المتحدة في التسعينيات.
لم يكن الالتحاق بمعهد التحليل النفسي سهلاً لطالبة لم تحصل على أي شهادة جامعية في الطب أو علم النفس، لكن عفاف محفوظ استطاعت الالتحاق به في منتصف الثمانينيات بعد استقرارها في واشنطن، وكانت ثاني سيدة تُقبَل في هذا المعهد بدون شهادة متخصصة
كان لعفاف موقف راديكالي من إسرائيل كما روت: "لم أتمكن يوماً من عقد علاقات سياسية مع اليسار الإسرائيلي الصهيوني، لم يكن لدي ما يسمونه بالحافز النفسي. لكن سياسياً لم أر أي فائدة من هذه العلاقات"، لكن في المرحلة التي عادت فيها إلى واشنطن كانت تهمة معاداة السامية، تهمة جاهزة للدفاع عن إسرائيل، وهو ما حداها إلى إمساك العصا من المنتصف في مؤتمر دربان في جنوب أفريقيا عام 2001، حيث كانت ممثلة لعدد من المنظمات الأهلية، وكانت تعرف أن المؤتمر سيدين سياسات إسرائيل العنصرية فقررت تفادي تمثيل الاتحاد الدولي للتحليل النفسي، حتى لا تضطر للاعتراض على القرار باسم الاتحاد، وتفادت جلسة التصويت، ومع ذلك تم التحقيق معها ووجهت لها التهمة الجاهزة.
انتقلت عفاف من واشنطن لنيويورك حيث قضت 30 عاماً من العمل في مجال التحليل النفسي خاصة مع السيدات اللاتي يعانين من الاكتئاب، وعملت مع السيدات في عدد من دول أفريقيا ومناطق أخرى قليلة الحظ من الثراء والتنمية من خلال عملها مع الجمعيات الأهلية. ثم استقر بها الحال في فلوريدا الدافئة المشمسة عام 2018 بسبب عدم مناسبة جو نيويورك لحالتها الصحية، وهناك بدأت رواية سيرتها.
"صرت مؤمنة أن الهدف الأهم لأي إنسان هو أن يمتلك ويمارس القدرة على الاختيار، تلك القدرة التي يخشى بشر كثيرون منها، بل ويفضلون العجز أو المرض النفسي عوضاً عن مشقة تحمل مسؤولية الحرية الثقيلة. رحلتي من الخوف من هذه المسؤولية إلى قبولها، بل والإصرار على تحملها، كانت رحلتي من الخوف إلى الحرية".
كان سؤال السيرة ولماذا نروي قصتنا هاجساً أساسياً لدى كاتب السيرة خالد منصور، الذي وصف دوره في الكتاب بأنه "أعمق من دور كاتب يُملى عليه، وأقل من دور مؤلف"، كما كان سؤال الذاكرة ومدى خداعها حاضراً، وكانت عفاف ترى نفسها شخصاً عادياً، وتسأل عن جدوى رواية سيرتها. لكن المؤكد أن قرارهما العمل على تقديم تلك التجربة الإنسانية الغنية للقارىء، في إطار سيرة امرأة شكلت وعيها رغم تاريخ من التنميط، كان في توقيته المناسب.
--------------
الصور الواردة مهداة من دار النشر إلى رصيف22 ومنشورة بموجب إذن خاص
المقاطع باللون الأسود الثقيل منقولة عن الكتاب
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 20 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت