"عيد الفطر على الأبواب"؛ بهذه المناسبة حذّرت إيمان، من شراء ملابس الأطفال من بعض الصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي كانت تعمل في الأيام الأخيرة من شهر رمضان على التسويق لعدد مهم من الملابس. إيمان زبونة معتادة على الشراء من عدد من الصفحات، وأصبحت تتعرّف بسهولة على صفحات الاحتيال، خاصةً أنها تعرّضت العام الماضي للاحتيال حين حاولت شراء ملابس لأبنائها من إحدى الصفحات.
تقول إيمان: "كنت مضطرةً إلى شراء ملابس ابنتي من إحدى الصفحات التي شكرها عدد مهم من المتدخلين، لكن ما راعني أن الملابس لم تكن بالجودة نفسها التي كانت عليها في الصورة، بل كانت غير ملائمة ولم تكن مناسبةً أبداً، فاضطررت إلى شراء غيرها لأنّ عمليّة الاتصال بهذه الصفحة أصبحت مستحيلةً بعد إلحاحي المتواصل لاستبدال الملابس".
الشكوى نفسها بدرت من (أ)، فهي الأخرى تعرّضت للاحتيال بعد اقتنائها أحد الفساتين التي نالت إعجابها في إحدى الصفحات على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، ليتبين عند ارتداء الفستان أنّه مغاير لما ورد في الصور المعروضة من حيث نوعيّة القماش وطريقة الخياطة. ليس الاحتيال عملةً رائجةً في عالم الملابس فحسب، بل جميع المنتوجات التي من شأنها أن تباع أو تشترى عبر الإنترنت من تجهيزات منزليّة ومعدّات إلكترونيّة وغذائيّة ومستحضرات التجميل وغيرها، من شأنها أن توقع الزبون في فخّ الاحتيال.
شراء افتراضيّ بلا ضمانات
تقدمت (ض)، بطلبٍ إلى إحدى الشركات عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لإصلاح آلة طباعة، فأكدت لها الشركة المعنية أنها ستقوم بعملية تدقيق "مجانية" في العطب الذي وقع، إلّا أنها تفاجأت بأنه عليها دفع 170 ديناراً (ما يعادل 500 دولار تقريباً). بعد طول عناء وتأمين وصول آلة الطباعة، اكتشفت محدثتنا وجود نقص في إحدى معدّات الآلة بالإضافة إلى المماطلة في إرسالها وعدم الرد على الهاتف عند القيام بعمليّة الاتصال من أجل الاستفسار حول الموضوع. "كان من الواضح جدّاً أنّني تعرّضت لعمليّة احتيال"، تقول محدثتنا.
"لا توجد عقود مبرمة خلال الشراء عبر شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت"؛ هذا ما يؤكده بيرم (35 عاماً)، ويضيف: "قمت لمرات عديدة بشراء منتجات مختلفة عبر الإنترنت من دون إبرام أي عقد من العقود، فعند عرض المنتوج من قبل عدد من الشركات ولفت نظر الزبون إلى محاسنه، يقوم هذا الأخير بالتعبير عن رغبته في الشراء فيُطلب منه ذكر رقم الاسم واللقب والعنوان ورقم الهاتف في رسالة خاصّة ثم تقوم الشركة بالاتصال بالزبون وإعلامه بيوم تسليم الطلبية".
ليس الاحتيال عملةً رائجةً في عالم الملابس فحسب، بل جميع المنتوجات التي من شأنها أن تباع أو تشترى عبر الإنترنت من تجهيزات منزليّة ومعدّات إلكترونيّة وغذائيّة ومستحضرات التجميل
لا يتوقف الأمر عند منتوجات معطلة ومنتهية الصلاحيّة، بل يصل إلى بيع مستحضرات تجميلية خطيرة تتسبب في إلحاق الضرر بالزبون، ويكون خيط الوصول إلى الجهة التي قامت بالاحتيال رفيعاً إن لم نقل ضبابيّاً، ويضمحلّ في دقائق. وهذا ما تعرضت له (س)، التي اشترت أحد المنتوجات التجميلية التي تسببت في ظهور بثور وطفح جلدي وتطلبت حالتها زيارة الطبيب والعلاج لفترة طويلة دامت أشهراً وخلال هذه الفترة اعتزلت محدثتنا العالم الخارجي، وقررت المكوث في المنزل إلى أن تماثلت للشفاء، فيما لم تجد طريقةً للوصول إلى من باعها المنتوج لتعويضها عن الضّرر.
فخّ منصوب لسرقة الأموال
تشهد المجتمعات تحوّلات كبرى من الواقعي إلى الافتراضي عبر وجود هذا "العالم الرقميّ" الذي أمكنه اختزال المسافات والوقت حسب وصف المتخصص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي، في حديث إلى رصيف22، وتتجاوز هذه التحولات الحواجز التواصلية وقد تحوّل العالم فعلياً إلى قرية صغيرة يمكن للمعلومة أن تنتقل عبرها في لمح البصر من مشرق الأرض إلى مغربها، يضيف محدثنا.
ويتابع: "لقد ازدهرت التجارة الإلكترونية وبرزت معها أنماط جديدة من المبادلات التجارية وتغيّرت أشكال التسوق والتسويق، ليصبح العرض أكثر سهولةً، ويصبح من المتاح لكل فرد أن يضع الإعلان الذي يشاء للبيع أو الكراء أو طلب المساعدة أو التسول والاستعطاف حتّى عبر استعمال أدوات لغوية للتأثير في الآخر".
ويرى الطويلي، أنّ "عمليّات الاحتيال والجريمة الإلكترونية ازدهرت، فبمجرد عرض المنتج يصير مرئياً لفئات مختلفة ومتنوعة من مستعملي الإنترنت، مما يجعل إمكانية وقوع بعضهم في فخ الاحتيال متاحةً"، وطالما أنه لا توجد عقود واضحة تنظّم عملية البيع والشراء يتعرّض العديد من الأشخاص للاحتيال إذ تعتمد مواقع عديدة، خاصةً غير المعروفة منها والتي تناسلت في السنوات الأخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، عرض منتوج بأسعار يعدّها الزبون "فرصةً مهمّةً"، من دون وعي بأنّه "فخّ" منصوب عبر الإنترنت لـ"سرقة" الأموال.
بمجرد عرض المنتج يصير مرئياً لفئات مختلفة ومتنوعة من مستعملي الإنترنت، مما يجعل إمكانية وقوع بعضهم في فخ الاحتيال متاحةً
هذا ما بيّنته سنيّة (28 عاماً)، التي قالت إنّها كانت فريسةً سهلةً ووقعت في فخ بعض المحتالين، إذ تعرّضت للاحتيال من طرف سيدة قامت بعرض "قاعة جلوس" (صالون)، للبيع عبر الإنترنت في أحد المواقع التونسية غير المعروفة، وعند الاتصال بها من طرف محدثتنا، طالبتها بإرسال نصف المبلغ المخصص للبيع وقيمته 500 دينار تونسيّ (150 دولاراً)، لإتمام عملية البيع في أقرب الآجال. تقول سنيّة: "أرسلت المبلغ المطلوب وانتظرت اتصالاً هاتفياً من البائعة طوال يومين لكن لا حياة لمن تنادي. قمت بالاتصال لأتفاجأ بأنّ رقم الهاتف المطلوب مقفل. قدّمت شكوى في الموضوع إلى مركز الشرطة لكن دون جدوى إذ لم أستطع استرداد أموالي طوال 4 أشهر، تم أيقنت بعدها أني تعرضت للاحتيال وقرّرتُ عدم تكرار التجربة ثانيةً".
سنيّة ليست الوحيدة، فمن تعرّضوا للاحتيال عبر شركات وهمية كثر، كما أنّ المنتوجات المعروضة تكون معدومةً ومنتهية الصلاحيّة أحياناً، وهو ما تعرّض له يامن (26 سنةً)، فقد قام بشراء مجفف شعر عبر الإنترنت ليتبيّن له أنّه معطّل وعندما حاول تغييره تعرض للسخرية وإغلاق الهاتف في وجهه لمرّات عديدة. لم يتقدّم يامن بشكوى لأنه سيواجَه بالمماطلة فحسب، على حدّ تعبيره.
نيّة مسبقة للاحتيال ولكن...
يتمّ إغلاق الهاتف بعد عمليّة مماطلة مطوّلة وامتناع عن الرد على الرسائل الهاتفيّة وعلى الاستفسارات الواردة على الصفحات، إلى أن يملّ الزبون ويرضى بالأمر الواقع، أو يبادر إلى الشتم والتعبير عن عدم الرغبة في تغيير البضاعة التي سبق أن اشتراها. هذه جميعها قرائن تدلّ على النيّة المسبقة للاحتيال. وبرغم موجة الرفض إلا أنّ البعض يواصلون قيامهم بالعمليّات نفسها بشكل يجعل عدداً من الزبائن يقتنعون بأنّه لا يوجد رادع لهذه العمليّات فيقررّون الرضوخ للأمر الواقع وعدم تقديم شكوى في الغرض.
يتمّ إغلاق الهاتف بعد عمليّة مماطلة مطوّلة وامتناع عن الرد على الرسائل الهاتفيّة وعلى الاستفسارات الواردة على الصفحات، إلى أن يملّ الزبون ويرضى بالأمر الواقع
في هذا السياق، ترى المحامية ابتسام العماري، أنّه على المتعرّض لعمليّة الاحتيال التقدم بشكوى جزائيّة مبيّنةً أنّ "القانون عدد 83 لسنة 2000، المؤرخ في 9 آب/ أغسطس، والمتعلّق بالمبادلات والتجارة الإلكترونيّة، ينظّم عملية البيع والشراء عبر الإنترنت، إذ عند التعرض للاحتيال يطبَّق على الشخص المحتال، القانون العام، وذلك بعد أن يتقدّم المتضرّر بشكاية جزائيّة". وحسب المجلّة الجزائيّة (القانون العام التونسي)، فإنّ الاحتيال يمكن أن يقود فاعله إلى عقوبة سجنيّة مدتها 5 سنوات وغرامة ماليّة تحدَّد حسب الحكم القضائي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع