شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
عندما نمت بجوار حبيبي لأوّل مرة

عندما نمت بجوار حبيبي لأوّل مرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والحريات الشخصية

الأحد 30 أبريل 202311:50 ص

حور هو اسم مستعار بالتأكيد، فمهما كان مقدار الشجاعة الذي أملكه، ومهما كنت لا أكترث لعادات وقوانين مجتمعي الرثة، لا يمكنني مع ذلك التصريح بأنني أملك حبيباً أنام بجواره، بل ولا أشعر بالذنب من ذلك. فلا تقاس الأمور كذلك في مجتمعي العربي، ومهما زعم أي شخص أنه يملك حرية كاملة في التصرّف في حياته فهو يخادع نفسه لا محال، فمفهوم الحرية المطلقة أمر غير منطقي بشكل عام، وفي الوطن العربي بشكل خاص.

هربت منهم ولم يهربوا مني

بعد العديد من جولات الحرب بيني وبين أهلي، المقرّبين منهم والبعيدين، قرّرت في فجر يوم عاصف أن أترك حالاً هذا المنزل بلا رجعة، بالطبع بعد أن رتبت كل أموري، وفجأة اختفيت من حياتهم بلا رجعة. اختفيت وتوقعت أن يختفوا هم كذلك، لكنهم خيبوا كل ظنوني، والدليل أنني بعدما تخلّصت سلطتهم المادية والجسدية، أجبن من إعلان هويتي الحقيقية وأنا أعلن أنني على علاقة بشخص ما وأمارس معه الجنس وأنام بجواره، بداخل أحضانه، في قمة الأمان والسلام الذي فقدته مع عائلتي.

قرّرت في فجر يوم عاصف أن أترك هذا المنزل بلا رجعة. اختفيت وتوقعت أن يختفوا هم كذلك، لكنهم خيبوا كل ظنوني، والدليل أنني أجبن من إعلان هويتي الحقيقية وأنا أعلن أنني على علاقة بشخص ما وأمارس معه الجنس وأنام بجواره

أماني الشخصي طبعاً هو ما منعني من الإعلان عن شخصي، أماني الشخصي الذي قد يصل إلى التهديد بإنهاء حياتي بدون لحظة تفكير واحدة، وخوفي المنطقي جداً على نفسي هما السبب بالتأكيد. ومع كل هذا الخطر الذي لازلت أشعر به من جانبهم، وأنهم حتى ولو كان تأثيرهم أقل من السابق بكثير، يستطيعون تعكير صفو حياتي بالخوف، الخوف الذي نجح شريكي أن ينزعه من عقلي في ليلتنا الأولى معاً.

ألم يقل الإله لتسكنوا إليها؟

في بدايات مراهقتي، رأيت المخرجة إيناس الدغيدي في لقاء تليفزيوني تدافع عن المساكنة وتدعم وجهة نظرها بالدين الإسلامي. في الواقع، انبهرت كثيراً برأيها في أعماق مخي، إلا أنني بالتأكيد استنكرته ظاهرياً بسبب إيماني وقتها. ومنذ ذلك الوقت وأنا أفكر ملياً في الفرق بين الزواج والمساكنة بمفهومها الغربي، وكلما تكوني شخصيتي الثائرة كلما تبلورت في عقلي إجابة السؤال أنه لا فرق إلا في العقول.

ألم يقل الله في القرآن: "وخلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها"؟ لماذا يخشى الناس السكون بهذا الشكل؟

في مسلسل "الهرشة السابعة" في الموسم الرمضاني هذا العام، يطلب البطل شريف من حبيبته سلمى أن تنتقل للعيش معه لفترة قبل الزواج ليتأكد كل منهما أن الآخر مناسب له، حتى لا يضطروا للطلاق بسبب اختلاف شخصياتهم. هاجت مواقع التواصل الاجتماعي ولم تهدأ في حالة من الرعب الغريب على عاداتهم وتقاليدهم الجميلة، وقيم الأسرة المصرية التي تعتبر حبلاً يربط به كل من يخرج عن القطيع. ولا يتردد في مخي إلا سؤال واحد: لماذا يفزع الجميع من لفظ مساكنة؟ ألم يقل الله في القرآن: "وخلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها"؟ لماذا يخشى الناس السكون بهذا الشكل؟

ذقت السكون في ليلتي الأولى مع حبيبي

لم أخش أي شيء أول مرة قرّر شريكي أن يزورني في منزلي بعد أن استقليت، لم أخف من البواب ومضايقته، لم أخف من الأخطار المتعلقة بالجيران التي قد تؤدي لتدخل الشرطة، لم أخش الملل والخجل الذي قد يجعل الموقف مريباً، بالأخص أننا لم نكن قد قضينا الكثير من الوقت معاً. لم أفكر سوى في عدم قدرتي على النوم بجوار أي أحد طوال عمري، فدائماً ما يصاحبني الأرق في كل مرة أضطرّ للنوم خارج سريري بجوار أحد، أظل طوال الليل أتقلب في الفراش مع العديد من الأفكار، التي تبدأ بـ "هل يضايق الطرف الثاني كثرة تقلبي؟ هل سيقتلني هذا الغريب -حتى لو لم يكن غريباً- بمجرد أن أغفو؟

وفي الليل، بعد أن قضينا يوماً جميلاً جداً معاً لم أمل به لحظة، استلقينا على السرير ندردش ونحكي عن الحياة، وفجأة دون أن أدرى وجدت نفسي أغط في سبات عميق في منتصف الحكاية التي يرويها لي، لتتبدد كل مخاوفي من أن يصاحبني الأرق في وجوده، على العكس، لاحظت طبيبتي المعالجة أن وجود حبيبي معي في المنزل يمنع الأرق، وتقريباً في كل مرة يأتي ليبيت معي تكون أكثر الأيام التي ارتاح بها في النوم، فبالرغم من كل المخاطر التي تصاحب وجوده في بيتي إلا أن روحي تسكن إليه في كل مرة أختبئ في حضنه في فراشي، كأن روحي وجدت منتهاها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

نؤمن بأن للإنسان الحق في التفكير وفي الاختيار، وهو حق منعدم في أحيانٍ كثيرة في بلادنا، حيث يُمارَس القمع سياسياً واجتماعياً، بما في ذلك الإطار العائلي، حيث أكثر الدوائر أماناً، أو هكذا نفترض. هذا الحق هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعات ديمقراطية، فيها يُحترم الإنسان والآخر، وفيها يتطوّر وينمو بشكل مستمر. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا!/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image