شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
الجنس خارج الزواج... لماذا تخاف بعض النساء العربيات من المتعة؟

الجنس خارج الزواج... لماذا تخاف بعض النساء العربيات من المتعة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 21 يوليو 202203:00 م

على مدار سنوات طويلة، اتفقت الأعراف الاجتماعية ضمنياً على أن الأنثى كائن معدوم الجنسانية، وتُنتزع منها الرغبة الجنسية بأساليب مختلفة، منها المادية مثل الختان، ومنها النفسية مثل الترهيب والخوف من الله والأهل والحمل، فتعيش الفتيات العربيات في سجون داخل سجون، على غرار الماتريوشكا الروسية، بحيث تخضع المرأة لسجن المجتمع، ثم سجن الأسرة، ناهيك عن سجن مخاوفها الشخصية تجاه الجنس.

لكن هل تؤثر هذه الممارسات على اختفاء وتلاشي الرغبة الجنسية الطبيعية للغاية لدى أي إنسان؟ الجواب هو بالطبع لا، وهذا ما قد يخيف الأسرة الأبوية على الدوام.

علاقات غير مرضية

في محاولة لفهم طبيعة العلاقات ما قبل الزواج في المجتمع العربي، أعدّ موقع رصيف22 استمارة تتضمن مجموعة من الأسئلة المحددة للحصول على إجابات من فتيات عربيات من دون الكشف عن هويتهنّ، وذلك بهدف الإجابة بكل شفافية وصدق دون تعريضهنّ لأي خطر.

ضمن 28 إجابة على سؤال: "هل فكرتِ في إقامة علاقة جنسية خارج إطار الزواج؟"، جاءت إجابة واحدة بـ "لا"، لتجمع الفتيات تقريباً أنه حتى لو لم يقمن بهذه العلاقات بالفعل، فقد فكرن بها بصورة جديّة، وهو أمر قد يبدو منطقياً من منطلق أن الجنس أحد أهم وسائل بقاء النوع الاجتماعي، والفطرة التي يمنعها المجتمع على نسائه وحدهنّ.

إجماع آخر أتى على نوع العلاقات الجنسية نفسها، إذ إن أغلب الفتيات اخترن القيام بعلاقات جنسية من دون إيلاج، بعضهنّ اختار الجنس الشرجي، والبعض الآخر القذف الخارجي، أو المداعبات دون قذف، وهي كلها بحسب رأيهنّ، علاقات غير مرضية بشكل كامل لهنّ. بمعنى آخر، فإنهنّ يوافقن على الحصول على أجزاء من العملية الجنسية لتجنب أخطار أكبر.

الخوف من المتعة

رداً على احدى أهم أسئلة الاستمارة: "ما هي الأخطار في علاقة الجنس خارج الزواج من وجهة نظرك؟"، تعددت الإجابات التي انطلقت من أسباب لوجستية تماماً، مثل صعوبة الحصول على مكان آمن، أو الخوف من "بواب/حارس" البناء الذي قد يتسبب لهنّ في فضيحة، وحتى الخوف من ابتزاز الشريك نفسه، الذي قد يظهر الدعم والتقبل للحصول على العلاقة الجنسية لكن في داخله يكمن احتقار للفتاة التي تشاركه فيها، أو الخوف من عدم القدرة على الانفصال عن هذا الشريك في المستقبل، والذي قد يدمر حياتها الاجتماعية في حال ارتبطت بشخص غيره.

أغلب الفتيات اخترن القيام بعلاقات جنسية من دون إيلاج، بعضهنّ اختار الجنس الشرجي، والبعض الآخر القذف الخارجي، أو المداعبات دون قذف، وهي كلها بحسب رأيهنّ، علاقات غير مرضية بشكل كامل

وأعربت بعض الفتيات عن خشيتهنّ من انتشار خبر قبولهنّ علاقة جنسية خارج الزواج ضمن نميمة الأصدقاء، وهي معلومة تعتبر "ساخنة" ومثيرة بالنسبة للبعض، على الرغم من كونها ليست كذلك تماماً بالنسبة للرجل في ذات العلاقة، إذ ينظر المجتمع له على أنه شاب ذو خبرات، ويحيا حياة مفتوحة على التجارب، ويصبح مثلاً أعلى للبعض بقدراته على اجتذاب النساء.

الخوف من الأطباء

الخوف على غشاء البكارة لم يكن الرادع الأهم لهذه العلاقات الجنسية المجتزئة، بل الهاجس الأكبر للفتيات العربية هو الخوف من الحمل والأمراض التناسلية، فالأول ليس له أي حلول آمنة في ظل قوانين تمنع الإجهاض حتى في حالات الاغتصاب، ويحتاج الأمر لشهادة أكثر من طبيب/ة في حالة الأمهات اللواتي يمثل الحمل خطر على حياتهنّ.

وبالتالي، فإن الحل في هذه الحالة يتمثل في الإجهاض غير القانوني أو غير الآمن في العيادات غير المرخصة، والتي تتعرض فيها النساء لأخطار متعددة، منها التلوث والإصابة بالالتهابات نتيجة لغياب ظروف التعقيم، أو النزيف لإتمام العمليات على يد غير متخصصين/ات أو حتى الإهانة من العاملين/ات في هذه العيادات.

يكفي حساب عدد المرات التي ذُكرت فيها كلمة "خطر" في هذه المقالة، مقابل عدد المرات التي استخدمت فيها كلمات مثل "الحميمية" و"المتعة"، لتصبح هذه العلاقة التي من المفترض إنها ليست فقط حاجة ضرورية للإنسان لكن من أهم وسائل الحصول على اللذة، مختلطة بالرعب والخوف والقلق

وفي أحوال أخرى، ولأسباب اقتصادية، أو بسبب الخوف من الفضيحة في حال اكتشاف الخضوع للإجهاض في مثل هذه العيادات، تلجأ بعض الفتيات إلى الإجهاض عبر الحبوب التي يتم شراؤها بشكل سري، والتي قد تؤدي إلى نزيف حاد يشكل خطراً على الحياة في بعض الأحوال، وفي أهونها تعاني المرأة المعنية من الألم وحيدة وهي تزعم أنها في حال جيدة أمام الجميع حتى لا ينكشف سرها.

بالإضافة إلى الحمل، تشكل الأمراض التناسلية التي تنتقل عبر العلاقة الجنسية رعباً آخر لدى الفتيات العربيات اللواتي يمارسن علاقة جنسية خارج إطار الزواج، ولكن ليس من أوجاع هذه الأمراض أو مضاعفتها بقدر عدم قدرتهنّ من الأساس على الذهاب لطبيب/ة نسائية متخصصة آمنة للكشف والحصول على العلاج المطلوب، لأن ذلك، مرة أخرى، قد يشكل خطراً على حياتهنّ في حالة انكشاف أمرهنّ، هذا بالإضافة إلى الخوف من الوصم أو الرفض من الطبيب/ة.

زواج مع إيقاف التنفيذ

ماذا عن العلاقة خارج إطار الزواج بشكله الاجتماعي، لكنه زواج شرعي، مثل الفتيات اللواتي عقد قرآنهن لكن في انتظار تحديد موعد الزفاف لتتم الزيجة بشكلها الاجتماعي المتفق عليه؟

أكثر من فتاة مررن بهذه المرحلة أجبن إنهنّ يقمن علاقات جنسية لكن بدون إيلاج، لعدة أسباب، منها الخوف من تنكر الزوج لهذه العلاقة بعد الزواج، أو عدم إتمام الزيجة لأي سبب طارئ، أو حدوث الحمل والدخول في تعقيدات الإجهاض أو محاولة إخفائه حتى الزفاف...

وكانت الإجابة المشتركة لهؤلاء الفتيات أن السبب وراء كل تلك التعقيدات هو الخوف، لكون المرأة هي التي "تتحمل كل شيء".

وحتى لو كان زواجاً شرعياً تمت فيه كل الإجراءات الرسمية والدينية، فإن الجنس في نظر المجتمع يعد خطيئة، ولو تم اكتشاف العلاقة الجنسية يمكن أن يؤدي إلى نفس النتائج التي تقع في حالة الجنس خارج إطار الزواج، بدءاً من الإيذاء الجسدي والنفسي وصولاً إلى الوصم.

في نهاية المطاف، وبغية توضيح سوء الوضع الذي تواجهه النساء العربيات، يكفي حساب عدد المرات التي ذُكرت فيها كلمة "خطر" في هذه المقالة، مقابل عدد المرات التي استخدمت فيها كلمات مثل "الحميمية" و"المتعة"، لتصبح هذه العلاقة التي من المفترض إنها ليست فقط حاجة ضرورية للإنسان لكن من أهم وسائل الحصول على اللذة، مختلطة بالرعب والخوف والقلق أكثر من أي شعور إيجابي آخر. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image