شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
في السودان لا ماء ولا غذاء ولا استشفاء... والقابلات يتصدّرن المشهد

في السودان لا ماء ولا غذاء ولا استشفاء... والقابلات يتصدّرن المشهد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 18 أبريل 202303:21 م
Read in English:

No water, no food, no healing: The dire conditions of Sudan under ceasefire

لم يدم ارتياح منتصر إبراهيم، طويلاً، بإعلان الأمم المتحدة عن توصّلها إلى اتفاق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يقضي بقبول الطرفين بهدنة مؤقتة وإيقاف الاشتباك بينهما لأغراض إنسانية من الساعة الرابعة إلى السابعة مساء الأحد 16 نيسان/ أبريل الجاري. إذ ظنّ منتصر أن تلك المهلة ستكون كافيةً لتوصيل زوجته التي تُعاني من آلام المخاض إلى أيّ مشفى في الخرطوم بحري؛ لكن القتال لم يتوقف ودويّ الطلقات في الطرقات لم ينقطع، لذا وجد نفسه مجبراً على العودة بزوجته إلى منزلهم.

"بحثت عن قابلةٍ لتولّد زوجتي، لكن للأسف لم أجد من ترغب في التجول في شوارع الخرطوم الخطرة"؛ هكذا يستهل منتصر حديثه إلى رصيف22، ويضيف: "لسنا وحدنا، أنا وزوجتي، من واجه ذلك المأزق،

فكثيرات من النساء وجدن أنفسهن بين آلام المخاض وشبح الموت على الطرقات، وهو ما جعل الطلب يزداد على القابلات، حتى أن إحداهن مشكورةً دشّنت مبادرةً خاصةً بتوفير أرقام هواتف قابلات وأماكن سكنهن على فيسبوك".

تُعدّ صفاء طه، زوجة منتصر، واحدةً من عشرات النساء اللواتي يعانين من آلام المخاض، من دون وجود أمل بولادة آمنة في المشافي التي تعذّر على مصابين كُثر، جرّاء الاشتباكات العسكرية، الوصول إليها لتلقّي العلاج.

أوضاع صحية حرجة

تحدثت لجنة الأطباء المركزية، عن انقطاع إمداد مستشفيات العاصمة الخرطوم بالكوادر والمعينات والمستهلكات الطبية، وكشفت عن استخدام بعض عناصر القوى المتقاتلة المشافي كمقار احتماء ومراكز للمواجهات العسكرية، وهذا ما أكدته اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء.

برغم إعلان الهدنة لفتح ممرات آمنة لخروج المدنيين من مناطق الاقتتال، لا يزال 7 صحفيين عالقين في مكتبهم

وتقول اللجنة إن مشافي "إمبريال" و"الشعب" و"جعفر بن عوف للأطفال"، انعدمت فيها مقومات الحياة مثل الأكل ومياه الشرب.

وتفيد بأن هناك مرافق تحتاج إلى ممرات آمنة لإجلاء المدنيين منها، تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وتشمل دار الأطباء ومقر سكن الأطباء ومقر سكن الطبيبات ومستشفيات الخرطوم والعيون والأسنان والمعلم وفضيل والأنف والأذن والحنجرة، بالإضافة إلى العمارة الكويتية ومدرسة سان فرانسيس ومقرات سكن الطالبات الخاصة في السوق العربي ومبنى كلية الهندسة في جامعة الخرطوم والسكن الداخلي للطالبات التابع للجامعة.

برغم إعلان الهدنة لفتح ممرات آمنة لخروج المدنيين من مناطق الاقتتال، لا يزال 7 صحفيين يعملون في قناتَي الحرة وRT الروسية عالقين في مكتبهم خلف مستشفى إمبريال وهم يكافحون الجوع وانعدام الغذاء.

وتقع جميع المؤسسات، التي يتواجد فيها المدنيون العالقون، في مركز العمليات الحربية بالقرب من القصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش والدعم السريع.

وبادر عدد من أخصائيي طب الأطفال، إلى تقديم استشارات مجانية عبر الهاتف، إذ نشروا أرقام هواتفهم في مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تغطية الفجوة في الخدمة الطبية.

مستشفيات خارج الخدمة، وأسواق خالية على عروشها، وشوارع غير آمنة... هكذا يعيش السودانيون واقعهم اليوم

حياة السّكان في خطر

توقفت الحياة اليومية لمعظم مواطني العاصمة الخرطوم، البالغ عددهم 8.6 ملايين شخص، وفقاً لتقدير مركز الإحصاء الحكومي في 2021، إذ يقبعون في منازلهم خوفاً من رصاص المدافع المضادة للطيران "الدوشكا"، الذي يُطلق بصورة عشوائية وكذلك القذائف.

وتعذر على كثير من الأشخاص دفن ذويهم المتوفين، سواء كانت الوفيات بصورة طبيعة أو نتيجةً للعمليات العسكرية. وعن هذا يقول كودي ساندويس ، إنه وآخرين حفروا قبراً لجارهم الذي قُتل جرّاء الاشتباكات لكن أسرته لم تستطع أخذ جثته من مناطق الاشتباكات.

تخلى السودانيون في عدد كبير من أحياء العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى، عن عادة تناول إفطار رمضان على الطرقات العامة، خوفاً على حيواتهم، ويكافح الكثير منهم من أجل البقاء أحياءً في ظل انقطاع الإمداد المائي بعد خروج بعض المحطات من الخدمة بجانب انعدام المعينات الغذائية.

وتشير خالدة الطاهر (34 عاماً)، التي تسكن بمفردها مع أطفالها الثلاثة في شقة في الطائف شرق الخرطوم، إلى أنها تعيش في رعب حقيقي بعد انقطاع إمداد المياه وتضرر الصرف الصحي بعد سقوط قذيفة في البئر. وتقول لرصيف22: "إن لم تفتح المحال التجارية والمخابز خلال يوم، فإن حياتي وحياة أطفالي في خطر لانعدام مياه الشرب وشحّ الغذاء في المنزل".

وتحدث صاحب مخبز في حي الكدرو، شمال الخرطوم، يُدعى مصطفى عثمان، عن أن قوةً من الجيش أمرت بإغلاق المخابز والمحال التجارية في المنطقة تحت ذريعة عدم توافر الأمن، ولم يستبعد أن يكون هذا حال معظم أحياء العاصمة.

الخراب يتمدد

ولم يقتصر تأثير الحرب على الخرطوم والمدن التي تُدار فيها الاشتباكات، وإنما امتد إلى المناطق والمدن الآمنة حتى الآن، حيث ارتفعت أسعار السلع والخضروات والفاكهة في مدينة الحصاحيصا في ولاية الجزيرة التي شح فيها الوقود أيضاً، ارتفاعاً جنونياً.

مستشفيات خارج الخدمة، وأسواق خالية على عروشها، وشوارع غير آمنة... هكذا يعيش السودانيون واقعهم اليوم، ليدفعوا من صحتهم وحيوات أبنائهم ثمن صراع لم يكونوا طرفاً فيه يوماً، وهو صراع يشي بأن السودان تنتظره حرب ربما تكون طويلة الأمد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image