أثار مقطع مصور لعملية توزيع وجبات إطعام الصائمين على الفقراء في إحدى مناطق الكويت ضجةً واسعة لحرص الفريق الخيري المسؤول على التحقق من "دين" الأفراد واستبعاد "غير المسلمين"، وهو ما عدّه الكثيرون "عنصريةً" و"نفاقاً دينياً"، ليوضّح القائمون على التوزيع أنهم اضطروا لذلك بدافع "الأمانة والمسؤولية"، مع تأكيد على أنهم لا يسيئون معاملة غير المسلمين.
يبدأ المقطع المثير للجدل ومدته 33 ثانية بشخص يتحقّق من هويات طابور من الأشخاص غالبيتهم من العمالة الأجنبية في الكويت على ما يبدو، مردداً أسماءهم غير العربية لكن الإسلامية متبوعةً بعبارة "ما شاء الله"، بينما يسأله المصور عمّا يفعل ليجيبه: "تنظيم، وجاعد أشيّك على المسلمين عشان وجبات إفطار الصائم خاصة بالمسلمين بس".
يستمر المقطع بينما يشك الشخص المسؤول عن التحقق من الهويات في دين أحد الأفراد، بسبب اسمه تقريباً (لا يشمل اسم أحمد أو محمد أو ما شابه)، فيطالبه بنطق الشهادتين، فيفعل، ويُسمح له بالمرور إلى "خيمة الإفطار".
"إساءة كبيرة للكويت والإسلام"
راج المقطع عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت ودول عربية أخرى، واعتبر الكثير من المعلقين أنه ينطوي على "انعدام إنسانية" و"عنصرية" و"تمييز" على أساس الدين، معتبرين أن الإسلام لم يدعُ إلى ذلك وإنما حث على إطعام الفقراء والمساكين دون تحديد دينهم.
"إساءة كبيرة إلى دولة #الكويت و#الإسلام"... اتهامات بـ"العنصرية وانعدام الإنسانية" لمطعم كويتي استبعد "غير المسلمين" من وجبات إفطار الصائمين. المطعم تذرّع بأن إنفاق أموال المتبرعين في الغرض المحدد "أمانة ومسؤولية"
على سبيل المثال، عدّه الكاتب والصحافي الكويتي عبد العزيز القناعي أحد أشكال "النفاق الديني". في حين وصفه الكاتب علي أبو الملح بأنه "الاضطهاد بعينه"، قائلاً إن "أصل الصيام الجوع ومن المعيب أن أفرق في جوع البني آدم من حيث الدين، وأن نرد أناساً وقفوا في الشمس منتظرين الطعام، حملوا على رؤوسهم عزة النفس والكبرياء".
وتساءل الناشط الكويتي حمد الفواز إذا كانت تلك "موائد إفطار رمضانية؟! أم محاكم تفتيش رمضانية؟"، مشدداً على أنه "من المعيب بحق العمل الخيري الكويتي التفرقة ما بين عمال ومحتاجين مسلمين وغير مسلمين!". وأعرب كويتيون عن أسفهم واعتذارهم عن هذا الفعل.
ودخل مواطنون عرب على خط الانتقاد، معتبرين أن ما حدث بالمقطع يشكل "إساءة كبيرة إلى دولة الكويت والإسلام"، لافتين إلى التسامح في الموائد الرمضانية ببلدانهم - تحديداً مصر والسعودية والإمارات - التي قالوا إنها تجمع الفقراء من المسلمين وغير المسلمين بلا تفرقة.
في المقابل، دافع مغردون عن موقف الفريق التطوعي من منطلق أن أموال المتبرعين "أمانة" وينبغي أن تُنفق في ما أراده المتبرع حصراً.
قالت عبير: "المشروع الإفطار (الصائم) ما هو يوم مفتوح ولا هو سبيل للجميع. هذي تبرعات من المسلمين للصائمين وعدد الوجبات محدود. من الظلم إني أعطيها لشخص غير مسلم بينما فيه صائم بالصف ينتظر وجبته. صحصحوا، فاهمين حرية الأديان والتسامح غلط. هذا مو منطق هذي سذاجة".
وحث فريق ثالث من المغردين على عدم "تضخيم السلبيات" ما قد يتسبب عن قصد أو غير قصد في "تشويه العمل الخيري".
من هؤلاء الأكاديمي الكويتي محمد العزام الذي كتب: "نستغرب حرص بعض الذين لا يشتغلون بالعمل الخيري ولا يشجّعونه ولا يفكرون فيه، على الوصاية وتصوير السلبيات وتضخيمها. لماذا يبنون مساجد، المساجد كثيرة؟ نحتاج إلى مستشفيات ومدارس. إفطار صائم هدر للأموال، يدققون بالعمال مسلم أو غير مسلم. السلبيات موجودة، ومقابل كل سلبية مئات الإيجابيات. وكلٌّ حرّ في فكره وماله ما دام قد حصل على ترخيص".
علاوة على الاتهام بـ"العنصرية"، لام البعض المطعم على تصوير واستعراض عملية توزيع الوجبات التي تبدأ بصف "المحتاجين" للإطعام في طوابير والتحقق من دينهم ثم السماح بمرور المسلمين منهم فقط إلى خيمة الإفطار
المطعم يوضّح: هذه "أمانة ومسؤولية"
وعبر حساب مطعم "دار أبونا" في انستغرام، كان المقطع المثير للجدل قد نُشر لأول مرة في 11 نيسان/ أبريل 2023، مرفقاً بتعليق: "وجبات إفطار الصائم نعتبرها أمانة ومسؤولية أمام رب العالمين وأمام الشخص اللي اشترى الوجبات وكلف الفريق التطوعي بتوزيعها. لذلك نحرص دائماً أن الشخص المستلم للوجبة مستحق وصائم".
وزاد المطعم: "أما غير المسلمين فلهم كل التقدير والمحبة ولكن يأخذون من وجبات أخرى غير إفطار الصائم المخصصة للصائمين، لأن من اشترى الوجبة قصد إفطار الصائم وليس مجرد الإطعام. لذلك هي وجبات خاصة للمسلمين. وللعلم المطعم لا يقوم بالتوزيع ولكن الفريق التطوعي هو يقوم بهذا العمل... الله يكتب أجرهم".
وعقب الضجّة التي أثارها تداول المقطع دون التعليق المرفق به، عاد المطعم للتوضيح في مقطع جديد: "بالنسبة لتوزيع وجبات إفطار الصائم على المسلمين فقط، نحب نوضح لكم بعض النقاط. أولاً، إحنا كمطعم ما نوزع الوجبات، هذي نحن نبيعهاع الزباين ويطلبون منّا توزيعها من خلال فرق تطوعيّة معتمدة من وزارة الشؤون".
وأردف: "ثانياً، إحنا ما نطرد أحد، إحنا نتكلم مع الناس بكل احترام وتقدير ومحبة وود أن هذي الوجبة مخصصة بس للمسلمين… لأن الشخص اللي يدفع قيمة الوجبة ينوي أن ياخذ أجر إفطار صائم، ما جال نوزعها على المحتاجين بشكل عام. فبالتالي أنا كمطعم مسؤول أوزع هذي الوجبات على المسلمين الصائمين".
يذكر أن تعامل المطعم والفرق التطوعية المشاركة في توزيع وجبات الإفطار تعرض لانتقادات أخرى بسبب تصوير واستعراض عملية توزيع الوجبات التي تبدأ بصف "المحتاجين" للإطعام في طوابير وتصوير عملية التحقق من هوياتهم للتأكد من دينهم ثم السماح بمرور المسلمين منهم إلى خيمة الإفطار، وتصويرهم أثناء تناول الإفطار. علماً أنه لا يُراعى إخفاء هوية الأشخاص ووجوههم، وفيهم أطفال، خلال هذه المراحل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...