شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"لا تختبروا صبرنا" ... شباب تونس يتمسكون بحرية الرأي والتعبير

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 25 مارس 202305:09 م
Read in English:

Silenced no more: Tunisia's youth leading the charge for freedom of expression

"الدستور الحقيقي هو الذي خطّه الشباب على الجدران"؛ جملة رددها الرئيس التونسي كثيراً في خطاباته، وربما كانت همزة وصل بينه وبين الشباب الذي يتوق دوماً إلى العيش بحرية في بلده، لكن يقول حقوقيون إنّ شباب تونس اليوم بات يحاكَم بسبب مواقفه الرافضة لسياسات التضييق على حرية الفكر والتعبير.

نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي، تفاجأ الرأي العام الحقوقي في تونس، بتوقيف كل من الناشطين/ ات بثينة الخليفي ووسام الصغير وأسامة غلام، على خلفية كتابات ورسوم على الجدران تتعلق بوضع الحريات في تونس، قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد حملة أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاغ "الحرية للشباب".

جاء هذا التوقيف بعد حملة اعتقالات بدأتها السلطات التونسية في شهر كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير، ضد معارضين سياسيين بارزين، يتهمهم الرئيس سعيّد، بالفساد والتآمر على أمن الدولة والتخطيط لاغتياله، بينما تصف المعارضة هذه التوقيفات بـ"العشوائية"، وتقول إنها "طريق للدكتاتورية".

في الفترة نفسها، أحيل 10 ناشطين من شباب معتمدية أم العرائس، جنوب تونس، على النيابة العامة، على خلفية مشاركتهم في احتجاجات سلمية ومدنية تطالب بالحق في التشغيل.

وفي السياق نفسه، أحيل كل من نقيب الصحافيين محمد ياسين الجلاصي، والناشط السياسي وائل نوار، وعضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان خليل الزغيدي، والحقوقية نورس الدوزي، والحقوقية أسرار بن جويرة، والناشط المدني سيف عيادي، على القضاء، بسبب مشاركتهم في تحرك احتجاجي ضد الاستفتاء على الدستور في تموز/ يوليو 2022.

"لا تختبروا صبرنا"

تعليقاً على إحالتها على القضاء بتهمة التحريض على العصيان، و"هضم جانب موظف عمومي" (الاعتداء على موظف)، تقول نورس الدوزي، لرصيف22، إن "التهم الموجهة إليها وإلى أصدقائها مفبركة ولن تخيفهم بل ستجعلهم يتمسكون أكثر بحقهم في التظاهر السلمي وحرية الفكر والتعبير".

تضيف الدوزي، وهي ناشطة حقوقية ونسوية: "يوم 18 تموز/ يوليو 2022، قررنا، مجموعة من الشباب والشابات، النزول إلى الشارع رفضاً للاستفتاء على الدستور الجديد، لكننا فوجئنا بإحالتنا على القضاء بتهم مفبركة ولا أساس لها من الصحة".

تواصل حديثها: "نزلنا إلى الشارع للتعبير عن رفضنا للدستور الجديد الذي كتبه الرئيس وحده من دون إشراك الشباب برغم أنه يؤكد في خطاباته السياسية على أن الدستور الحقيقي هو ما يكتبه الشباب على الجدران. نحن كتبنا على الجدران لسنوات طويلة لكن لم يستمعوا إلينا".

تستغرب نورس الدوزي، إحالتها على القضاء بتهمة الاعتداء على نساء يعملن في سلك الشرطة، قائلةً: "أنا ناشطة نسوية دافعت طويلاً عن حقوق النساء، فهل يُعقل أن أعتدي على نساء في أثناء ممارستهن عملهن!".

"نزلنا إلى الشارع للتعبير عن رفضنا للدستور الجديد الذي كتبه الرئيس وحده من دون إشراك الشباب برغم أنه يؤكد في خطاباته السياسية على أن الدستور الحقيقي هو ما يكتبه الشباب على الجدران"

ترى الدوزي، أن النظام الحالي يحاول ترهيب الشباب وكتم أصواتهم ويواجه كل من يمارس حقه في التعبير بالتخويف وتلفيق التهم من خلال إحالته على القضاء، مؤكدةً أن عشرات الشباب يخضعون اليوم لمتابعات قضائية بسبب مواقفهم وآرائهم.

تؤكد محدثتنا في السياق ذاته، استغرابها من القيام بممارسات قمعية ضد فئة الشباب التي ساهمت في إسقاط نظام زين العابدين بن علي، وكان صوتها عالياً في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان والحق في عيش كريم، وفق قولها.

وتختتم حديثها بالتأكيد على عزمها ورفاقها الاستمرار في نضالهم: "أقول لرئيس البلاد ومن معه: لا تختبروا صبرنا. مواقفنا واضحة ولن نخاف ومستعدون لأي نوع من المواجهة".

من جهته رأى نقيب الصحافيين، محمد ياسين الجلاصي، أن إحالته على القضاء بتهمة التحريض على العصيان وتعطيل حرية التجول، استهداف لنقابة الصحافيين وسعي من السلطة القائمة إلى تكميم الأصوات المعارضة.

وأضاف الجلاصي في حديثه إلى رصيف22: "شباب تونس لن يخاف وسيعبّر عن مواقفه وآرائه وسيبقى منتصراً للحقوق والحريات وحق التونسيين في الحرية والعدالة".

ووصف الجلاصي التوقيفات والإحالات على القضاء التي استهدفت ناشطين وناشطات بـ"الانتقامية"، مشيراً إلى أن السلطة تقمع كل الأصوات التي تنتقدها.

الحرية للشباب

ترفع منظمات المجتمع المدني في تونس شعار "الحرية للشباب"، رفضاً لمحاكمة ناشطات وناشطي حقوق الإنسان والحركات الاجتماعية والشبابية والسياسية في تونس، عادّةً أن حرية التعبير مهددة، بينما يصرّ الرئيس التونسي على أنه "لا مجال للمساس بالحريات في بلاده".

يقول الائتلاف المدني في تونس، وهو تجمع يضم عدداً من المنظمات والجمعيات والشخصيات التونسية، إن "عدداً مهماً من الشباب في تونس يخضعون للمتابعة القضائية على خلفية آراء وتدوينات على شبكات التواصل الاجتماعي، أو على إثر مشاركتهم في تحركات نقابية وحقوقية سلمية".

شباب تونس اليوم بات يحاكَم بسبب مواقفه الرافضة لسياسات التضييق على حرية الفكر والتعبير

ويتهم الائتلاف السلطة بتعمد ضرب الحق النقابي والحق في التعبير والاحتجاج السلمي في تونس، كما يؤكد "دعمه للقوى الشبابية والمواطنة الحيّة لمواصلة نضالاتها حتى تبقى قوة ضغط مستمرةً ومؤثرةً على منظومة الحكم لمراجعة سياسات التنمية ومقاومة الفساد واحترام الحقوق والحريات".

كما دعا الائتلاف إلى الكف عن ملاحقة الشباب وضمان حقهم في التعبير والاحتجاج، وندد في المقابل بـ"الاستعمال المفرط للقوة والتوقيفات العشوائية واستهداف الناشطين والشباب في تونس".

وأعلن الائتلاف عن تكوين لجنة حقوقية ستكون مهمتها توفير الدعم القانوني لكل المحالين عشوائياً على القضاء لضمان محاكمة عادلة لهم. إيماناً منها بالحق في المحاكمة العادلة.

لطالما لعبت الحركات الشبابية والطلابية في تونس، دوراً مهماً في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، وما زال شباب تونس يتمسكون بضرورة إشراكهم في رسم خريطة تونس المستقبل، وتدبّر الشأن العام للبلاد إلى جانب تمسّكهم بالديمقراطية التي كانت نتاج ثورة يصفونها بثورة "الحرية والكرامة". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image