دأب كرد سوريا، كحال الكُرد في كل مكان، بالاحتفال بعيد الـ"نوروز" في 21 من آذار/ مارس من كل عام، وهو يوم الاعتدال الربيعي لدى بعض الشعوب.
لكنه يوم خاص للقومية الكردية، برمزية الخروج إلى الطبيعة وإشعال النيران كرمز للخلاص من الظلم والانعتاق من العبودية. إذ تقول الميثيولوجيا الكردية أن للـ"نوروز" خصوصية تختلف عن باقي الثقافات التي تحتفل به في نفس اليوم، فإذا كانت الشعوب الآرية في الشرق تحتفل به تعبيراً عن بداية فصل الربيع، فإن الكرد يعتبرونه عيداً قومياً ووطنياً، تعود جذوره التاريخية إلى أسطورة "كاوا الحداد".
"كاوا" يقود الثورة على الظلم
تقول الرواية التاريخية إن ملكاً ظالماً كان يحكم كردستان، وكان اسمه "أزدهاك ضحاك" وتعيش الأفاعي على كتفه، فاقترح عليه أحد مستشاريه إطعام الأفاعي من دماغ شباب الكرد يومياً لتبقى على قيد الحياة ومتمتعة بالصحة والقوة.
إذا كانت الشعوب الآرية في الشرق تحتفل به تعبيراً عن بداية فصل الربيع، فإن الكرد يعتبرونه عيداً قومياً ووطنياً، تعود جذوره التاريخية إلى أسطورة "كاوا الحداد"
كان الكرد يقدمون أدمغة الخراف بدلاً من أدمغة أطفالهم وشبابهم الذين تم تهريبهم سراً للجبال لحمايتهم، وبعد أن اشتد عودهم وكثر عددهم، قاد "كاوا" الحداد ثورة ضد الملك الظالم، وكانت إشارة البدء بالثورة هي إشعال النار على الجبال ليلة 20 آذار/ مارس.
هجم الكرد بقيادة "كاوا" على القصر وقتلوا الملك الظالم صبيحة يوم 21 وتم الإعلان عن الخلاص. واعتبر "كاوا" محرر الشعب الكردي من الظلم. هذا التقويم الكردي يعود إلى 2800 عام، أي 612 قبل الميلاد.
تُقسم كلمة "نوروز" إلى مقطعين في اللغة الكردية، "نو" أي الجديد، و"روز" وتعني اليوم، أي اليوم الجديد ككناية عن بداية عهد خالٍ من الظلم والقتل.
تبدأ الاحتفالات في ليلة 20 من هذا الشهر، حيث تُشعل النيران في الساحات، ويرقص الكرد حولها مع الأغاني القومية والوطنية، ويوقدون الشموع على الشرفات ويُشغلون الأغاني الممجدة للـ"نوروز".
رصيف22 تواجد في أماكن احتفال النوروز في المناطق الكردية في سوريا، ورصد أبرز ملامح الاحتفالات.
رقص وورد وطعام
تحتفل فائزة اليوسف (20 عاماً) مع صديقاتها في منطقة الـ"كوجرات" في ريف المالكية/ ديرك، مرتديات الزّي الكردي بألوانه الزاهية، تقول لرصيف22 "استيقظت باكراً ككل أفراد عائلتي، وكنت قد جهزت ثوبي منذ ليلة الأمس، انطلقنا باكراً، وحجزنا مكاناً مميزاً لخيمتنا، ثم انتقلت لمشاهدة الاحتفالات على المسرح حيث الدبكات والرقصات والأغاني".
تُقسم كلمة "نوروز" إلى مقطعين في اللغة الكردية، "نو" أي الجديد، و"روز" وتعني اليوم، أي اليوم الجديد ككناية عن بداية عهد خالٍ من الظلم والقتل للأكراد
في الـ"نوروز" تحضر الفرق التي تقدم الرقصات والدبكات والأغاني الكردية الفلكلورية، وتتبع عادة للأحزاب والمنظمات الكردية التي تتكفل بكافة تفاصيلها من زيّ كردي موحد، وتدريب على الدبكات، ونقلهم إلى مكان الاحتفال وتحضير المسارح، وعادة ما تتواجد عشرات الفرق لتغطية نقاط الاحتفال الكثيرة على طول المنطقة الكردية في سوريا من ديرك إلى عفرين.
أما نوروز صلاح (25عاماً) وهي طالبة في كلية الطب البشري في جامعة دمشق، فتزور أهلها في القامشلي للاحتفال معهم بالعيد، تقول: "هو أجمل أيام السنة، وهو عيد ميلادي أيضاً، لذا أسماني والدي بهذا الاسم، الكل يرقصون ويرفعون أعلام كردستان بكثافة، منذ الأمس جهزنا الطعام والأرجيلة والقهوة والشاي والموالح، وأجهزة الصوت والأغاني الكردية القومية والراقصة، واللحم الذي سنشويه في الطبيعة، وخرجنا منذ السادسة صباحاً برغم الجو البارد والماطر، وقصدنا منطقة دريجيك في تربسبي، شرق القامشلي، كنا كثر أمي وأبي وإخوتي وخالاتي وعماتي وأزواجهن وأبناءهن".
تقول: "سابقاً كانت القوات الحكومية تحاول منعنا بشتى الوسائل من الاحتفال به، أو تقوم بتأليب الناس ضدنا، حيث كان أبناء بعض العناصر الأمنية أو المحسوبين على القوات الحكومية، يرموننا بالحجارة دوماً في طريق الذهاب وأثناء العودة، وغالباً ما كانت تحدث العديد من المشاكل، لكن حالياً لا يوجد شيء من هذا".
تجهز العائلات ملابسها وطعامها وخيمها وتخرج بأعداد كبيرة منذ الصباح الباكر لمناطق الاحتفال، حيث الدبكات والأغنيات الكردية القومية
يُذكر أنه في عام 1986، منعت قوات الحكومة السورية الأكراد من الوصول إلى مكان احتفالهم في دمشق، فتوجهوا في مسيرة سلمية نحو القصر الجمهوري احتجاجاً، لكن عناصر الأمن تعاملوا معهم بعنف وأطلقوا الرصاص الحي على المحتجين ما أدى إلى مقتل شاب وإصابة آخرين، وتبعها حملة اعتقالات في مناطق الجزيرة وحلب.
وبالرغم من إقرار الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، عام 1988 ليوم 21 آذار/مارس عطلة رسمية، لكنه ربطها بعيد الأم وبقيت أجهزة الأمن تمنع الأكراد من الاحتفال بشكل علني بالنوروز، بوسائل متعددة، منها فرض يوم "عمل تطوعي" من قبل المؤسسات والدوائر الحكومية والمدارس في المناطق الكردية والتهديد بملاحقتهم بتهم سياسية.
يصف فادي يوسف (29 عاماً) من قرية "علي فرو" غرب القامشلي التحضيرات اليوم بقوله: "ننزل للأسواق، ونشتري الفواكه والموالح واللحم، ونبتاع الأقمشة الداكنة للرجال والمزركشة الملونة للنساء، ثم نقوم بتفصيل الزي الكردي التقليدي لدى خياطين مهرة، ثم نشعل النار في كل مكان، لكن البعض يصر على الضرر، فيقومون بإشعال الإطارات الأمر الذي يلحق الأذى بالطبيعة والبيئة، وكثيراً ما نحاول منعهم لكنهم يصرون، فالأفضل والأجمل هو إشعال الحطب والشموع كرمز حضاري".
أزياء النساء
يُطلق الكرد على الزي النسائي الـ"كراس والخفتان" ويمتد كم الثوب حتى المرفق، ويلصق به قطعة تسمى الـ"أوجك" على أن يكون بالوجه المقلوب، وتقوم المرأة المرتدية للـ"كراس والخفتان" بربط طرفي الـ"أوجك" وتركيبه على رأسها أو ظهرها فيظهر الوجه الأصلي للقماشة، والتي يمكن وضع الرضيع فيها.
تغطي المرأة ذراعيها من المرفقين حتى المعصمين بلبس الـ"قبجة"، وتربط الخصر بقطعة تسمى "بشمالك" والتي حل مكانها الـ"كمر" أو الـ"زنار"، أما الميسورات فيلبسن الـ"قطك"، وهو فستان قصير حتّى الخصر، يصنع عادة من الكتان أو الـ"شامواه"، ويزين حسب الوضع الاجتماعي والمادي.
أزياء الرجال
أما زيّ الرجل فيتألف من أربع قطع رئيسية، والتي شهدت الكثير من التعديلات بسبب التدخلات التجارية عليها.
الشال وهي قطعة تغطي القسم العلوي من البدن عبر كم طويل، ويوضع تحت الـ"شابك" أي السروال، ويلبس فوق الشال قطعة تسمى الـ"قطك" وقد استعاض الشباب عنها بقميص رسمي تحت الشال. ويكون الشال مشقوقاً عند الزند ويسمى "قبجة" وتحت الإبط ليمنح المقاتل الكردي الراحة وحرية الحركة أثناء الحرب. وقد اقترن هذا الزي بالقتال والحرب وقوات الـ"بشمركة"، التي كانت تستعمله في الحروب.
كما يلف قماش خاص فوق القطعتين بطول يتراوح من 12 إلى 14 متر، وتتثمل بأربع عقد ترمز لدولة الكرد الموزعة بين أربع دول، وتسمى الـ"شلمة" وتلف حول الخصر لمنع انزلاق الـ"شابك"، وقد استعملتها قوات البشمركة في الحروب إما لتضميد الجروح أو لربط الجريح إلى الظهر وإيصاله إلى أقرب نقطة طبيعة، لكن حالياً استبدل كبار السن هذه القطعة بسبب ثقل وزنها بشماغ أو بتقليل الأمتار.
عفرين جرح جديد والتاريخ يعيد نفسه
"ارتكب ثلاث عساكر تابعين لفصيل الشرقية المنخرط في الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية مجزرة في جنديرس في عفرين ليلة 20 آذار/ مارس أي عشية النوروز، وقد راح ضحيتها أربعة أفراد من عائلة واحدة، نتيجة إشعالهم النار في شرفة منزلهم، قتلوهم بدم بارد، حقداً وكراهية على نيران الكرد، التي نقول عنها نار الحقيقة والحياة".
هكذا استهل فؤاد عبدو (60عاماً) حديثه لرصيف22، ويكمل "لم يختلف شيء، بالأمس كان البعثيون يقتلوننا واليوم قوات المعارضة، الفكر واحد والنتيجة واحدة، وهي لزومية قتل الكردي، قتلونا عشية النوروز، ما اختلف هؤلاء عن الملك القاتل للكرد قبل 2800 عام، لم نحتفل بل خرجنا في تظاهرة عارمة نطالب بالقصاص ولن نتنازل عن مطلبنا".
قتل أربعة أفراد من أسرة واحدة في "جندريس" ليلة 20 مارس/ آذار أي عشية العيد بسبب إشعالهم النار في شرفة منزلهم احتفالاً بالنوروز
أما أهالي قرية باسوطة في عفرين فكانوا يحتفلون قبل سماعهم بما جرى، وفقاً لريناس حديدي (29عاماً)، الذي يقول لرصيف22: "كنا نحتفل بالنوروز، فأشعلنا النار ورقصنا حولها، ثم جاءت الأخبار أن أهلنا قتلوا في جنديرس فقط لأنهم أشعلوا النار، أوقفنا الاحتفالات، لكن لم نطفئ النار، لتكون رسالة للطغاة بأن نارنا رمز حريتنا، ولن تطفأ مهما فعلوا".
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ أسبوعSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.