نشرت هذه المادة بالاتفاق مع "مواطن"
علاقة العرب بالفرس علاقة دموية. الحقد الفارسي على العرب، واستعلاء العرب على العجم؛ عبارات تؤوّلان الصراع بين السعودية وإيران بما هو فطري وموروث جينياً، أو بأنه حتمية تاريخية، هي الأكثر شعبيةً لأنها أسهل طريقة لتفسير معضلة معقّدة، تتداخل فيها عوامل سياسية وأمنية واقتصادية وأطراف ثانوية عدة، بناءً على الفروق الظاهرة للعيان، ولكن معطيات الواقع تبيّن أن الصراع المذهبي والعرقي ليس في النزاع السعودي الإيراني، وليس إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد.
جذور العداء
بدأت الاضطرابات بين السعودية وإيران منذ خمسينيات القرن الماضي، بسبب مشكلات ترسيم الحدود، خصوصاً تلك التي تتعلّق بحقول البترول المشتركة، وبالرغم من الريبة التي كانت تشعر بها كل من الأسرتين الحاكمتين في إيران والسعودية، إلا أن هذا الخلاف لم يتطور إلى توتر عابر للحدود، لأن كلّاً منهما كان منشغلاً بضبط الأوضاع الداخلية قبيل تأهب السلطات البريطانية للانسحاب، وهي التي كانت المسؤولة عن استقرار النظام العام.
أهم محطتين في الصراع الخليجي الإيراني، هما ثورة 1979 من جهة، والتي نادى فيها الخميني بقلب الملكيات العربية، وغزو العراق سنة 2003.
بعد انسحاب الإنكليز من الخليج سنة 1968، أصبحت العلاقات بين البلدين أكثر توتراً بسبب التنافس على الزعامة الجهوية والتحكم في منظمة أوبك، والأمن في الخليج، وبالرغم من أن السعودية لم تكن ترى في المملكة الإيرانية البهلوية عدوّاً، إلا أنها لم تكن تعدّها حليفةً، وكانت تخشى علاقة الشاه القوية بأمريكا.
وتأجج الخلاف والنزاع بسبب جزر أبو موسى وطنب، التي هي مفتاح السيطرة على مضيق هرمز؛ كونه الطريق الدولي لنقل البترول. ثم اندلعت مشكلة البحرين ذات الأغلبية الشيعية، والتي كان الشاه يعدّها المحافظة الرابعة عشر لإيران، وبضمّها كانت إيران ستؤثر مباشرةً على مصالح السعودية. انتهت الأزمة باستفتاء نظمته الأمم المتحدة نالت من خلاله البحرين استقلالها سنة 1970.
ولكن أهم محطتين في الصراع الخليجي الإيراني، هما ثورة 1979 من جهة، التي فاجأت الأنظمة العربية، والتي نادى فيها الخميني بقلب الملكيات العربية عميلة الأمريكان حسب وصفه؛ وهو نداء سعت إيران إلى تنفيذه مادياً عبر دعم حركات مسلحة في الخليج، كمحاولة جهيمان العتيبي في السنة نفسها احتلال الحرم المكي وانتفاضة الشيعة في شرق المملكة حاملين صوراً للخميني، ورفعهم شعارات ضد السلطة السعودية والأمريكان.
وما تلا ذلك في الثمانينيات، من تظاهر إيرانيين في الحج أدى إلى مقتل 450 شخصاً، دفع بإيران للمطالبة بالوصاية على الحرمين، وردّت عليها السعودية بتقليص مهم في عدد الحجاج الإيرانيين.
تحول الخوف الذي كانت تشعر به الأنظمة الخليجية تجاه الرئيس المصري عبد الناصر، إلى الخميني، الذي بدا بخطابه الموجه ضد الغرب البطل الجديد للأمة الإسلامية، والذي أصبح يشكل تهديداً لشرعية الأنظمة الخليجية. قرّرت ستٌ من دول الخليج الاتحاد للدفاع عن أمنها بإنشاء مجلس التعاون الخليجي.
والمحطة الثانية هي غزو العراق سنة 2003، الذي أدى إلى نتائج عكسية لما كانت تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية؛ فإطاحتها بصدام حسين مهّدت الطريق لإيران للتأثير على النخبة السياسية في العراق واستمالتها.
وسارت إيران على النهج نفسه بعد الربيع العربي؛ لا تتوانى عن التمدد أينما وجدت موطئ قدم. في 2014، ساندت إيران الحوثيين للانقلاب على الرئيس عبد ربه منصور هادي، حليف السعودية في اليمن، تورطت على إثرها كل من السعودية والإمارات في حرب لا تبدو لها نهاية وشيكة ولا نتائج فعالة. وفي البحرين ساندت طهران المعارضة، بينما تدخل مجلس التعاون للسيطرة على المظاهرات، بينما في سوريا دعمت نظام الأسد، وساندت السعودية ما كان يُعرف بجبهة النصرة.
الصراع بين السعودية وإيران يتفرع إلى مستويات عدة: الشرعية السياسية، والأمن والسياق الجيوسياسي، ولا يأتي الاختلاف المذهبي أو العرقي إلا كوسيلة لكسب ظهير شعبي.
واستمر الصراع بإعدام الفقيه الشيعي نمر النمر، بتهمة الإرهاب سنة 2016، تلاه الهجوم وحرق السفارة السعودية في طهران، وطرد الدبلوماسيين الإيرانيين من الرياض، ثم مقتل قاسم سليماني وتقارب السعودية وإسرائيل، وما زالت الحرب الباردة متذبذبةً بين تصعيد وتراجع.
طبيعة الصراع
الصراع بين السعودية وإيران يتفرع إلى مستويات عدة: الشرعية السياسية، والأمن والسياق الجيوسياسي، ولا يأتي الاختلاف المذهبي أو العرقي إلا كوسيلة لكسب ظهير شعبي.
إيران والسعودية وجهان لعملة واحدة؛ فهما نظاما حكم يستمدان شرعيتهما من القراءة الرسمية للإسلام: السعودية تتبنى أفكار المدرسة السلفية الوهابية على الأقل لغاية سنة 2016، وفي إيران التشيع الاثنا عشري، وكل منهما يدّعي أنه يمثّل الإسلام الحقيقي، لذلك فشرعية كل منهما خطر على شرعية الآخر، وتقوض أساس حكمه.
يستخدم الصراع السعودي الإيراني إلى حد كبير الطائفية: بعد الثورة الإيرانية في 1979، ورغبة النخبة في تصدير الثورة، اتخذت السعودية خطوات لتوطد شرعيتها الدينية، كدعم الجهاد في أفغانستان، وتمويل خطاب مضاد للفكر الشيعي، وتوضيح أن خطاب الخميني تفريقي وعنصري.
والدليل على أن المصالح تتصالح كما يقال، أنه مع نهاية الحرب العراقية الإيرانية في 1988، وغزو الكويت في ما بعد، تقاربت الدولتان للتحالف ضد صدام في التسعينيات. تحسنت العلاقات بين إيران والسعودية تحت حكم رفسنجاني، واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية تحت رئاسة خاتمي، بالرغم من الاختلافات الدينية والأيديولوجية. لذلك فالمصالح الإستراتيجية هي أهم العوامل التي تفسر تذبذب العلاقات السعودية الإيرانية.
وفي الستينيات والسبعينيات، كانت إيران والسعودية تريان بعين الريبة النظام البعثي في العراق كتهديد لهما، وكانت أمريكا هي الحليف، أما بعد 79، فقد تحالفت السعودية والعراق ضد إيران التي أصبحت هي الخطر على سلامة نظاميهما. وبعد 2003، تغيرت الحسابات مرةً أخرى، وتحالف العراق وإيران ضد السعودية، ومن بين النخبة السياسية الشيعية التي تساندها طهران، هناك صراعات داخلية كخلاف آية الله علي السيستاني ومقتدى الصدر.
ولا يمكن فهم حالة العداء هذه بمعزل عن السياق الجيوسياسي العام، الذي يتميز بتنافس على ريادة المنطقة. إن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُعدّ منطقةً تتقاسم التاريخ والثقافة والتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولكنها لا تشكل تكتلاً جهوياً فعلياً من حيث وحدة السوق، وحرية تنقل الأفراد وتدفق الاستثمارات ووحدة القواعد الإدارية والمالية، وهذا تحديداً هو ما يجعل المنطقة مطمعاً للاستحواذ عليها من طرف الأقوى.
بعد أن فقدت مصر الريادة في المنطقة العربية بسبب التدهور السياسي والاقتصادي، وفشل مشروع القومية العربية بصفة عامة، تعددت الدول المتنافسة في ما بينها للهيمنة على البقية؛ فالصراع على الريادة ليس فقط بين السعودية وإيران، بل هو بين دول الخليج نفسها: الإمارات والسعودية وقطر، ومن جهة بين الخليجيين والأتراك وبين الأتراك وإيران، غير أن صراع تركيا مع باقي الأطراف هو صراع ضمني، لا يظهر جليّاً إلا في الحالات القصوى كتدخل تركيا في ليبيا، أو كمفاوضاتها مع إيران بشأن نزاع أذربيجان وأرمينيا. وتبقى المنافسة بين السعودية وإيران هي الظاهرة في الواجهة، بسبب التصريحات الرسمية العدائية وحروب الوكالة والاستقطاب الجهوي.
وسائل الصراع المادية والمعنوية
بالنسبة للباحث أندرو س. كوبر، الوسيلة الوحيدة للتمكن من الهيمنة والريادة هي التحكم في جغرافية المنطقة. وبالفعل هذا ما يحاول كل من الطرفين فعله بنسب نجاح متفاوتة. ومن أبرز الوسائل التي يعتمد عليها الطرفان لفرض سيطرتهما هي التدخلات المسلّحة، وبينما تعتمد السعودية على السلاح الأمريكي باهظ الثمن، تتجه إيران إلى السلاح الروسي والتصنيع محلياً.
غيّر غزو العراق ميزان القوى، ورجّح الكفة لصالح إيران، التي قامت باستثمار مئة مليون دولار لإعادة تهيئة البنيات التحتية العراقية بعد الغزو الأمريكي، ونجحت في ربط علاقات قوية، ليس فقط مع القوى الشيعية، ولكن حتى مع القوى العلمانية في العراق، وقد استفادت من حالة العزلة التي عاشتها الحكومة العراقية في بدايتها والفراغ الذي تركته كل من أمريكا والدول العربية. ومنذ ذلك الحين أخذت تملأ أي هامش لا تشغله سلطة قوية، لوضع حلفائها، حتى غدت تطوّق السعودية من جميع الجهات.
في سباق الخليجيين والإيرانيين، تستعمل إيران خطاب معاداة إسرائيل وأمريكا، وتقدّم نفسها كآخر ملجأ ضد الاستعمار الغربي.
والمفارقة هي أن قوة إيران تكمن في العقوبات المفروضة عليها، فكلما تقلّصت سبل إغداقها الأموال على حلفائها، طورت من قدراتها الإستراتيجية في إيجاد حلفاء ناجعين ومستدامين، لأنه لا خيار آخر لديها لتعزيز نفوذها. كما أنها ترسل دعماً دقيقاً، إذ تدعم بالسلاح والتكوين، وغالباً ما تدعم ميليشيات، لأنها بعد تجربة الحرب مع العراق، تفضّل خوض الحرب بالوكالة، ولذلك هي لا تعطي -مثل السعودية- دعماً غير مشروط؛ بل هي التي تتحكم في الإستراتيجيات التي ينبغي أن يطبّقها حلفاؤها، وتعتمد على الضربات النوعية مثل استهداف الحوثيين منشآت أرامكو في آذار/ مارس 2022، عوض التدخل العسكري المكثف.
وهي وسيلة ناجعة؛ إذ باتت هذه الجيوش الشعبية تزداد عدداً وقوةً، وفي العراق وحده تدعم أكثر من خمسين ميليشيا، وفي بعض الأحيان تفوق الجيوش النظامية قوةً، مثل الحشد الشعبي في العراق. وفي المقابل فقد باءت كل التجارب التي دعمها الحكام الخليجيون بالفشل.
الريادة تعني أن تتوفر الدولة على سلطة على باقي المنطقة؛ أي أن تستطيع التحكم أو على الأقل التأثير على القرار السياسي الداخلي للدول. والسلطة تحتاج إلى شرعية تجعل الخاضعين لها يتقبّلونها. وفي سباق الخليجيين والإيرانيين، تستعمل إيران خطاب معاداة إسرائيل وأمريكا، وتقدّم نفسها كآخر ملجأ ضد الاستعمار الغربي.
وفي حين أن إيران كانت قد نجحت نسبياً في رسم صورة إيجابية لها لدى الشعوب العربية، إذ كانت تظهر كرمز للمقاومة خصوصاً بعد حرب 2006، عادت بعد 2011 لتبدو كمموّل لعودة الديكتاتوريات وتعضيدها بدعمها لنظام الأسد. ولا تبدو السعودية بمظهر أحسن؛ إذ ترتبط صورتها بالخطاب الذي يدعو إلى التطبيع في أذهان الكثيرين، حتى لو لم تطبّع السلطة السعودية رسمياً.
وتستمد كذلك السعودية شرعيتها من كونها خادمة الحرمين الشريفين، ولذلك طالبت إيران بنزع الوصاية عليهما من السعودية والتكفل بهما، والآن مع التغيرات التي تعرفها السعودية لا شك في أن تحولاً في الخطاب الديني سيواكبها حتى تستطيع تبرير احتفاظها بالوصاية على مكة والمدينة، وما يواكبها من التخفيف من الوصاية على أخلاق الشعب ونهج مسلك ليبيرالي، ومن بين العلامات الأولية، إقصاء الخطاب الوهابي والاتجاه التدريجي إلى خطاب "أكثر اعتدالاً ووسطيةً" عبر تجديد هيئة كبار العلماء.
تتم شيطنة الطوائف الشيعية وتقديمها بشكل غرائبي، وعلى الجبهة الأخرى تتم شيطنة السعوديين والعرب من طرف إيران وتقديمهم على أنهم متخلّفون.
مستوى آخر من الشرعية التي تبحث عنها كل من السعودية وإيران، هو الولاء المذهبي والعرقي؛ تلعب إيران بورقة الانتماءات الطائفية في البلدان العربية، بينما تلعب السعودية ورقة الانتماء إلى العروبة والسنّة، ومبدأ "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، وتحث باقي الدول على مساندتها، إلا أن هذه المساندة لا تتوفر على أساس شعبي. وفي هذا الإطار يحاول كل من الطرفين تعزيز الخطاب الطائفي؛ السني أو الشيعي، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لكسب الشرعية عند كل طرف، لأن الدين هو الوسيلة لاستدرار التعاطف وتجييش الشعوب على بعضها البعض.
بالنسبة للاعبَين مثل السعودية وإيران، يريان في صراعهما قضية حياة أو موت، لا يهمّ التموقع الديني؛ بل ما يهم هو البقاء، والدليل أنه منذ اندلاع الاحتجاجات في إيران في 2022، بعد مقتل مهسا أميني، تقوم السلطة بقمع المتظاهرين بالرغم من أن أغلبهم ينتمون إلى الطائفة الفارسية الشيعية. وفي العراق أغلب المحتجين على حكومة عادل عبد المهدي سنة 2019، كانوا من الشيعة الذين طالبوا بتوفير الماء والكهرباء، والسعودية اعتقلت العديد من علماء السلفية الوهابية بعد الانفتاح الذي قررت نهجه ابتداءً من 2016، وهو المذهب الذي كانت تقدّمه على أنه الإسلام الحقيقي.
ودليل آخر أن الصراع السعودي الإيراني ليس مذهبياً ولا عرقياً، هو أن إيران تساند الحكومة الحالية لطالبان وهم سنّة أحناف، وتساند حماس في فلسطين، وتعتني بعلاقتها مع الجزائر ذات الأغلبية السنّية، كما تقف مع أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان المسلمة للحد من الامتداد التركي في آسيا الوسطى، كما عرفت تقارباً مع مصر في ظل حكم الرئيس مرسي، ذي التوجه الإسلاموي السنّي.
وتسهل عملية شحن الشعوب ضد بعضها في غياب التواصل بين الناطقين بالعربية، وأولئك الناطقين بالفارسية، وعدم اختلاطهم ببعضهم. وتتم شيطنة الطوائف الشيعية وتقديمها بشكل غرائبي، كالتركيز على مواسم عاشوراء وعلى الفتاوى الشاذة التي يصدرها العلماء المتشددون، والتي لا تعكس حقيقة تنوع المجتمع الإيراني. وعلى الجبهة الأخرى، تتم شيطنة السعوديين والعرب من طرف إيران وتقديمهم على أنهم متخلفون، كما أن النظام ينشر فكرة أن السنّة يكرهون آل البيت ولا يعترفون بولاية علي، ويربطون الخلافات الراهنة بنزاع معاوية وعلي، الذي مرّ عليه أكثر من أربعة عشر قرناً.
معضلة الثقة والتحالف مع إسرائيل
تحولت إيران بعد ثورة 1979، إلى قوة في الشرق الأوسط، بفضل عضويتها في منظمة أوبك، وهي ثالث منتج للبترول، عصب الاقتصاد العالمي، ولديها ثاني احتياطي للغاز والبترول دولياً، وجغرافياً هي أكبر البلدان المطلة على الخليج. وترى إيران أنها بموجب هذه الاعتبارات لها الأحقية في تسيّد المنطقة التي تنتمي إليها، وهذا تحديداً ما جعل باقي الدول تتوتر من تنامي قوتها؛ خصوصاً السعودية التي ترى أن النداء بإطاحة الملكيات العربية بعيد الثورة الإيرانية لم يدع مجالاً للثقة، وأن الدفاع الأمريكي والإسرائيلي هما درعها ضد التهديد الإيراني، في غياب تكافؤ القوى الديموغرافية والصناعية والعسكرية.
نجحت أمريكا في إقناع الأنظمة العربية بأن إيران التي تودّ تخصيب اليورانيوم هي الخطر، لا إسرائيل التي تملك بالفعل السلاح النووي.
أما إيران التي وجدت نفسها محاصرةً بالقواعد الأمريكية، فترى أن السعودية هي السبب في استدعاء الغرب، وتدعوها إلى عدم استقدام القوى الغربية لحل النزاعات الجهوية وإلى التفاوض المباشر. وهكذا فإن كل طرف يرى أن مكاسب الآخر خسارة له، ولا يتوقّع منه سوى الغدر.
أزمة الثقة هذه هي التي تفسر رفع السعودية لمستوى التطبيع مع كيان الاحتلال، الذي تعدّه إيران أكبر تهديد لأمنها. وتحالف الدول العربية مع إسرائيل يخدم أولاً مصالح أمريكا التي تودّ الحد من التوسع الإيراني في المنطقة، والتي أفلحت في إقناع الأنظمة العربية بأن إيران التي تود تخصيب اليورانيوم هي الخطر، لا إسرائيل التي تملك بالفعل السلاح النووي، وهكذا السعودية ترهن أمنها بتقلبات إسرائيل وأمريكا التي تغير سياستها بتغير مصالحها، ومن المؤكد أنهما لن تدخلا في حرب ضد إيران بالوكالة عنها، بل على العكس لا تتمنى سوى زوالهما معاً.
حتى الساعة لا يبدو أن اللاعبَين الطموحَين قد فهما مطالب الشعوب التي يريدان كسب الشرعية لديها، والكفيلة بترجيح كفة القوة. وهكذا يظل السيناريو المرجح في حال عدم خوض حرب تقليدية مباشرة، أن السعودية وإيران لن تجلسا إلى طاولة المفاوضات المباشرة إلا بعد استهلاك جميع مواردهما. ولكن الأكيد هو أن من سيدفع ثمن حروب الهيمنة هي مجتمعات الشرق التي يتمزق نسيجها بالطائفية والعنصرية، وبسنوات من التأخر على جميع الأصعدة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 6 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين