شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
فرانس24 أحدث وسيلة إعلام غربية توقف صحافيين عرباً عن العمل بسبب

فرانس24 أحدث وسيلة إعلام غربية توقف صحافيين عرباً عن العمل بسبب "معاداة السامية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تنبيه: تم تحديث هذا التقرير صباح الخميس 16 آذار/ مارس 2023 بنتائج التحقيق الداخلي الذي أجرته "فرانس24".

ارتفعت الدعوات في فلسطين ولبنان وبضع دول عربية إلى مقاطعة شبكة فرانس24 الفرنسية إثر وقف إدارتها أربعة من الصحافيين/ ات في القسم العربي على صلة بمواقفهم/ ن تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومزاعم "معاداة الساميّة" المتكررة، في مقدّمهم/ ن مراسلة الشبكة من القدس المحتلة الفلسطينية المخضرمة ليلى عودة.

مساء الأربعاء 15 آذار/ مارس، أعلنت القناة الفرنسية "وقف التعامل فوراً" مع  المراسلة اللبنانية جويل مارون بسبب "منشورات غير مقبولة على حساباتها الشخصية تتعارض كلياً مع القيم التي تدافع عنها القناة الدولية ويعاقب عليها القانون الجنائي". علاوة على مقاضاتها عن "الضرر الذي لحق بسمعة القناة ومهنية هيئة التحرير".

في غضون ذلك، اكتفت "فرانس 24" بتوجيه "لفت نظر" للصحافيين الثلاثة الآخرين لـ"الالتزام بميثاق الأخلاقيات الصحافية لمجموعة فرانس ميديا موند" سيّما في ما يتعلق بالنشر عبر السوشال ميديا، بعدما تحققت من أن منشوراتهم/ ن "تبدو كوجهات نظر".

وكانت منظمة داعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة قد نشرت تقريراً عبر الإنترنت "ينبش" في المنشورات والتغريدات التي تداولها و/ أو نشرها صحافي، وثلاث مراسلات في القسم العربي في فرانس24 عبر حساباتهم/ ن على مواقع التواصل الاجتماعي قبل سنوات، محرّضةً الشبكة الفرنسية على وقفهم/ ن عن العمل على الفور. 

تعلق الأمر باللبنانية جويل مارون، وهي مذيعة ومقدمة برامج ومراسلة لدى "فرانس 24"، واللبنانية دينا أبي صعب، وهي صحافية لبنانية معتمدة في الأمم المتحدة، واللبناني شريف بيبي، وهو متابع لشؤون الهجرة واللجوء والقضايا الإنسانية بالقناة ومقيم في فرنسا، وأخيراً ليلى عودة.

أما المنظمة فهي "CAMERA"، التي تعرِّف عن نفسها بأنها "منظمة يهودية للعدالة الاجتماعية والسلام"  لكن نشاطها ينصّب على دعم إسرائيل والتحريض ضد أي شخص أو جهة تعارض "الاحتلال الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك التشكيك في صدقية المنظمات الحقوقية التي تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية ومنظمة بتسيلم الإسرائيلية اللتان تصفان الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بأنه "نظام فصل عنصري".

تعكف المنظمة على مراقبة وتحليل أداء وسائل الإعلام العالمية والمحلية في ما يخص إسرائيل وإصدار تقارير وتحليلات حولها.

متهمون بـ"تمجيد هتلر وحماس" و"الشهداء"... فرانس24 توقف أربعة من صحافيي خدمتها العربية وتحقق معهم بسبب منشورات عبر حساباتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي يعود بعضها إلى 2013، في مقدمتهم مراسلة القدس المخضرمة ليلى عودة

اتهام بـ"تمجيد هتلر وحماس و‘الإرهابيين‘" 

بدأ الأمر في 6 آذار/ مارس 2023 حين نشرت "كاميرا" تقريراً يتضمن مجموعة من المنشورات الخاصة بالصحافيين/ ات الأربعة تعود إلى عام 2013 وتتضمن ما وصفته المنظمة بأنه "تمجيد للزعيم النازي أدولف هتلر وحركة حماس الفلسطينية" ومن تصفهم إسرائيل بـ"الإرهابيين" لتنفيذهم عمليات ضدها بينما يصفهم فلسطينيون بأنهم "مقاومون للاحتلال". علماً أن بعض المنشورات المذكورة وقعت في فخ معاداة السامية وأحياناً التحريض ضد مدنيين.

استُهِل التقرير بتغريدة عبر تويتر جويل مارون من عام 2013، ورد فيها: "سألوا هتلر ماذا فعلت باليهود؟ قال عادي مشاوي مع الشباب". ثم تغريدة أخرى للمراسلة اللبنانية من عام 2014 كتبت فيها: "ولّعت بروميّة. إيه والله، كان بدن هتلر فوق!"، في إشارة إلى أعمال عنف في السجن اللبناني آنذاك. ومنشور ثالث تمنت فيه "على كل فلسطيني أن يقتل يهودياً واحداً وتنتهي القضية". علماً أن كل هذه التغريدات حُذفت الآن.

كما أشار إلى عدة منشورات أخرى "أعجبت" بها أو أعادت تغريدها أو علقت عليها، بما في ذلك استخدامها وسم: "بكرهك يا يهودي" وإشادتها بعمليات قُتل فيها إسرائيليون، مستنكراً مشاركتها في تغطية أخبار تخص الصراع العربي الإسرائيلي من موقعها في القناة الفرنسية.

بعد ذلك، اتهم التقرير ليلى عودة بأنها "سمحت لمشاعرها المعادية لإسرائيل بالتغلغل في تغطيتها للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفشلت في تلبية المعايير الصحافية الأساسية للموضوعية والدقة"، مذكراً باستخدامها مصطلح "الشهداء" في وصف الفلسطينيين الذين يقضون خلال عمليات ضد أهداف إسرائيلية، بمن فيهم مقاتلو حماس والجهاد الإسلامي.

وتداول التقرير منشور من عام 2013 عبر حساب عودة في فيسبوك، جاء فيه: "لأنني لاجئة فلسطينية، أطالب جامعة الدول العربية بتسليحي لاسترداد الأرض التي احتلتها إسرائيل بغير حق. ولأني أخت شهيد، أطالب جامعة الدول العربية بتسليحي لاسترداد جثمان شقيقي الشهيد من مقبرة الأرقام حيث يحتجز منذ عام 1970. ولأني بلا جواز سفر فلسطيني، أطالب جامعة الدول العربية بتسليحي لاسترداد هويتي وجواز سفري الفلسطيني. ولأني بلا دولة، أطالب جامعة الدول العربية بتسليحي لأحصل على دولة. ولأن بيني وبين أسرتي جدار فصل عنصرياً، أطالب جامعة الدول العربية بتسليحي لأكسر الحاجز بيني وبين أمي وأبي وأخوتي وأخواتي. ولأني لا آمل بشيء مما ذكر، أقول إن الجهاد الحق يجب أن يبدأ أولاً بمن رسّخوا الاحتلال فوق أرضنا بتخاذلهم وخيانتهم وجبنهم". علماً أن المنشور لم يُحذف.

 وتداول التقرير منشوراً آخر لعودة لمناسبة مرور مئة وعامين على وعد بلفور في عام 2019، معتبرةً أن وصف "إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين" هو "المصطلح التجميلي للاحتلال". كما انتقد تعبيرات أخرى تستخدمها عودة في تغطيتها الإخبارية أو عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بينها "أراضي 48" التي تُشير إلى إسرائيل.

أما اللبنانية دينا أبي صعب، مراسلة فرانس 24 في جنيف منذ شباط/ فبراير 2016 التي تغطي القضايا المتعلقة بالأمم المتحدة، بما في ذلك المسائل المتعلقة بإسرائيل، فلامها التقرير على "الاحتفال بسقوط صواريخ حماس" على الإسرائيليين في تغريدة لم تُحذف بعد، وإشارتها المزعومة إلى أن هجرة اليهود الغربيين إلى الشرق الأوسط سبب للصراعات بالمنطقة، واستخدامها مصطلح "فلسطين المحتلة" في الإشارة إلى إسرائيل، ولفظ "الشهيد" في وصف الفلسطيني عمر أبو ليلى منفذ عملية سلفيت عام 2019 التي أسفرت عن مقتل مواطن إسرائيلي.

"انحياز للاحتلال، واستهداف لحرية الصحافة"... دعوات إلى مقاطعة فرانس24 بعد وقفها أربعة صحافيين عرب عن العمل وإحالتهم إلى تحقيق داخلي إثر اتهامات بـ"معاداة السامية" بناءً على تحريض من منظمة داعمة لإسرائيل

بالنسبة للصحافيات الثلاث، طالبت "كاميرا" ليس بطردهن من فرانس24 وإنما أيضاً بعدم توظيفهم من قبل "أي وسيلة إعلام غربية تحترم نفسها" لما أظهرن من "كراهية مستمرة" لإسرائيل على مدار السنوات.

لكن المنظمة وصفت شريف بيبي، الذي يعمل في موقع "مهاجر نيوز" التابع للمجموعة الأم "فرانس ميديا موند"، بأنه كان "الأقل ديمومة" في إظهار هذه الكراهية، قائلةً إنه يمكن الاكتفاء بـ"التراجع الكامل والاعتذار العلني" عن منشوراته التي اقتصرت على عبارة "سنقتلعك يا إسرائيل من جذورك" واستخدام مصطلح "الكيان الصهيوني" للإشارة إلى "إسرائيل".

في وقت لاحق، قالت "كاميرا" إنها تلقت رداً من فرانس24 على تحقيقها وشكواها بخصوص الصحافيين العرب الأربعة، موضحةً أن القناة المملوكة للدولة الفرنسية قررت وقفهم عن العمل والتحقيق في ما وردها. 

فرانس24 توضّح

وراجت إثر ذاك تكهنات عبر مواقع التواصل الاجتماعي العربية بطرد القناة الفرنسية للصحافيين الأربعة، غذّاها توقفهم عن النشر عبر حساباتهم الاجتماعية منذ 9 آذار/ مارس.

وفي مقال عبر حسابها الرسمي، في 12 آذار/ مارس، أوضحت فرانس24 أنها تجري "تدقيقاً داخلياً" نافيةً "المعلومات الكاذبة المتداولة في مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي حول إقالة مراسلتها في القدس ليلى عودة".

وقالت القناة الفرنسية إنها "تذكر بتمسك جميع قنواتها بمكافحة كل أنواع التمييز وتجري تدقيقاً داخلياً بعد الاتهامات الموجهة إلى أربعة من صحافييها في القسم العربي" منذ 10 آذار/مارس الجاري.

وأشارت إلى أن هذه الخطوة جاءت عقب "نشر موقع كاميرا لمقال نقله مركز سيمون فيزنتال، مشككاً بمهنية صحافي وثلاث مراسلات في القسم العربي لقناة فرانس24 بسبب أقوال نشروها على صفحاتهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي" كإجراء يهدف إلى "صيانة نزاهة عمل كل هيئة تحرير القسم العربي في فرانس24 بما فيها المضمون التحريري للتلفزة والوسائل الرقمية، ما يجعل منها قناة متوازنة وغير منحازة تتحقق من الوقائع وتثير النقاشات البناءة بفضل مهنية صحافييها" بما في ذلك "الالتزام بمكافحة المعاداة للسامية ومكافحة العنصرية والتمييز".

وختمت: "وعلى سبيل الاحتياط، ووفقاً لما هو متبع في إطار هذا النوع من الإجراءات، تم إعفاء الصحافيين الأربعة المعنيين من نشاطهم مؤقتاً في انتظار نتائج التدقيق"، مذكرةً بأن "ميثاق آداب المهنة في مجموعة إعلام فرانس ميديا موند (التي تضم فرانس24 وإذاعة فرنسا الدولية وإذاعة مونت كارلو الدولية) ينص على أنه يجب على الصحافيين العاملين فيها ‘احترام القواعد المهنية والأخلاقية (...) وعدم انتهاك القيم المهنية واحترام استقلالية وحيادية المجموعة‘".

تهمة متكررة 

إلى ذلك، تصاعدت الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي العربية بمقاطعة فرانس24 لا سيّما أنها ليست وسيلة الإعلام الغربية الأولى التي توقف صحافيين عرباً على صلة بموقفهم من القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل.

"ميثاق آداب المهنة في مجموعة إعلام فرانس ميديا موند (التي تضم فرانس24 وإذاعة فرنسا الدولية وإذاعة مونت كارلو الدولية) ينص على أنه يجب على الصحافيين العاملين فيها ‘احترام القواعد المهنية والأخلاقية (...) وعدم انتهاك القيم المهنية واحترام استقلالية وحيادية المجموعة".

عبر حسابه في فيسبوك، قال أيمن علي، من حركة مقاطعة إسرائيل "BDS"، إن "قرار قناة فرنسا 24 بإيقاف الصحافية ليلى عودة قرار مخالف لكل المعايير الصحافية وهو استمرار في سياسة الكيل بمكيالين حين يتعلق الأمر بجرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين وانحياز لنظام الأبارتهايد والفصل العنصري واتهام الصحافية ليلى عودة بمعاداة السامية ما هو سوى دليل على انحياز القناة للرواية الصهيونية على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ومحاولة لتكميم الأفواه وحجب الحقيقة".

وأضاف علي: "على قناة فرانس24 التراجع عن هذا القرار الجائر بحق الصحافية ليلى عودة ومهنة الصحافة بشكل عام".

كما اعتبر المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور عدنان أبو عامر أن ما حدث مع عودة "شكّل انحيازاً للاحتلال، واستهدافاً لحرية الصحافة"، مذكراً بأن "هذا السلوك الشائن للقناة الفرنسية يأتي بعد فصل الشبكة الألمانية "دويتشه فيله" خمسة صحافيين عرب بناء على نفس التهمة" ما "يثبت يوماً بعد يوم حجم نفاق الغرب في دعواته الزائفة للحريات الصحافية إذا ما مسّت الصنم الإسرائيلي".

يُشار إلى أن ليلى عودة حظيت بدعم خاص نظراً إلى الآثار المباشرة للاحتلال الإسرائيلي لوطنها. علماً أنها أُصيبت برصاصة حيّة في الفخذ أطلقها الجيش الإسرائيلي خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى بين عامي 2000 و2005) أثناء تغطيتها الأحداث لصالح تلفزيون أبوظبي. كما تعرضت مراراً وتكراراً لمضايقات المستوطنين الإسرائيليين، وكان آخرها وصفها بأنها "عربية قذرة" ورجمها بالحجارة لمنعها من التغطية الصحافية، ما دفع جمعية الصحافيين في فرانس24 إلى إصدار بيان تضامن معها.

وخلال السنوات الأخيرة، تصاعدت وتيرة وقف و/ أو فصل صحافيين عرب من عملهم بتهمة "معاداة السامية" بناءً على منشورات قديمة عبر حسابتهم الشخصية. كان أحدثها طرد وكالة "دويتشه فيله" الألمانية أو وقفها التعامل مع سبعة صحافيين عرب آخرهم الفلسطينيان زاهي علاوي وياسر أبو معيلق.

وعام 2021، خسرت الصحافية اليهودية الشابة إيميلي وايلدر عملها في وكالة أسوشيتد برس بسبب دعمها حق الشعب الفلسطيني خلال دراستها الجامعية على ما يبدو. في العام نفسه، طردت إذاعة "بي بي سي" الصحافية الفلسطينية تالا حلاوة من عملها بسبب تغريدة مناهضة لإسرائيل نشرتها خلال العدوان على قطاع غزة في 2014، أي قبل أن تلتحق بالعمل في الشبكة البريطانية بثلاث سنوات.

وتكررت حالات طرد الصحافيين والمراسلين من شبكة "سي أن أن" الأمريكية بسبب نبش منشوراتهم القديمة التي تُعد من أشكال "معاداة السامية"، وكان أحدثها اضطرار محرر الصور المصري محمد الشامي إلى تقديم استقالته من الشبكة بعدما طفت على السطح تغريدات "معادية للسامية"، نشرها عام 2011 مهاجماً فيها الإسرائيليين وواصفاً إياهم بـ"الخنازير الصهيونية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image