شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"تفشّي الجريمة هو نكبة المجتمع الفلسطيني في الداخل"... وبيان نصّار عبّاس أحدث الضحايا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

قُتلت الشابة بيان نصّار عباس (29 عاماً) في ساحة منزلها ببلدة كفركنا في الداخل الفلسطيني، وأمام طفلها الرضيع، برصاصة "طائشة" بسبب خصومة عائلية مع أهل الزوج، مساء الأحد 12 آذار/ مارس 2023، لتكون أولى ضحايا حوادث العنف المستفحل في إسرائيل من النساء العربيات.

الضحيّة المتحدرة أصلاً من بلدة طرعان، لفظت أنفاسها الأخيرة في المستشفى الإنجليزي في الناصرة الذي نُقلت إليه إثر إصابة حرجة بطلق ناري في الصدر، تاركةً خلفها طفلة عمرها أربع سنوات وطفلاً رضيعاً لا يتجاوز عمره العامين.

وقال متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية في بيان: "فتحت الشرطة تحقيقاً في حادث إطلاق نار في كفركنا"، مردفاً "قوات من الشرطة وصلت مكان الحادث وبدأت بعمليات تمشيط وراء مشتبهين وفتحت"، دون الإعلان عن توقيف أحد منهم.

أعادت هذه الجريمة إلى الأذهان على الفور حادثة مقتل الطالبة من بلدة كفركنا رزان عبّاس (18 عاماً) أثناء مذاكرتها في غرفتها بمنزل أسرتها إثر إصابتها برصاصة "طائشة" أيضاً قبل عام. قُتلت بيان برصاص ملثمين يستقلون دراجة نارية بينما كانت تقف وزوجها وطفلها أمام منزل أسرة الزوج.

لعل هذا ما دفع إدارة المجلس المحلي لقرية كفركنا إلى استنكار "كل أشكال العنف والجريمة وحوادث إطلاق النار التي تعصف في المجتمع العربي عامة، وفي كفركنا خاصة"، معزيّةً "كفركنا بهذا المصاب الجلل وأنفسنا بما آلت إليه حياتنا من رعب وسواد حالك" جرّاء "الجحيم التي نعيشها اليوم ونحن نصطلي بنار العنف والجريمة المستفحلة بين صفوفنا".

31 ضحيّة منذ بداية العام… الشابة الفلسطينية بيان نصّار عبّاس (29 عاماً) تقضي برصاص ملثّمين في أحدث جرائم العنف المستفحل بين الفلسطينيين في إسرائيل، تاركةً خلفها طفلين أحدهما رضيع

واعتبر المجلس المحلي للبلدة أن واقع العنف والجريمة "مروّع وواهن ومضطرب وفتاك، يبدد السكينة التي تعتبر أدنى الحقوق الإنسانية التي يتمتع بها كل مواطن في بقاع الأرض"، مناشداً الشرطة الوصول إلى الجناة وتقديمهم للعدالة بأسرع وقت "كخطوة لا بد منها لوقف مسلسل العنف الذي يمس حياة المواطنين الآمنين"، وكذلك بـ"مصادرة السلاح المنتشر بكثافة في قرانا ومدننا عامة وبلدتنا خاصة والذي يفتك بأبنائنا وينشر الذعر في أحيائنا".

31 ضحيّة منذ بداية العام

منذ بداية 2023، قُتل 31 من الفلسطينيين في إسرائيل في حوادث عنف، وفق أرقام منظمة "مبادرات إبراهيم" اليهودية - العربية التي تقول إنها تهدف إلى تعزيز الاندماج والمساواة في إسرائيل. علماً أن 29 من  هؤلاء الضحايا الفلسطينيين هم مواطنون يحملون الجنسية الإسرائيلية واثنان غير مواطنين، و11 منهم لم يتجاوزوا الثلاثين من العمر. وبيان عبّاس هي أول سيدة تقضي في هذه الحوادث العنيفة.

وتفشّي العنف بين الفلسطينيين في إسرائيل ليس جديداً إذ بلغت نسبتهم 64% من ضحايا القتل، و57% من إجمالي المتهمين بالقتل، و53% من ضحايا محاولات القتل، ونصف المتهمين بالتسبب بضرر جسماني خطير، و82% من المتهمين بحمل السلاح غير القانوني أو حيازته في إسرائيل بين عامي 2014 و2017، بحسب تقرير لمركز البحث والمعلومات التابع للكنيست الإسرائيلي. علماً أن المواطنين العرب يقدّرون بنحو 20% من سكان إسرائيل.

ومن الأسباب التي تطرحها "مبادرات إبراهيم"، ومنظمات معنية أخرى، لتصاعد العنف بين المواطنين العرب: "نقص خدمات الشرطة عبر إهمال جرائم القتل في المجتمع العربي من جهة الشرطة، إلى جانب ممارسة الشرطة العنف المفرط تجاه المواطنين العرب" و"الفقر والبطالة إذ إن نصف إجمالي العائلات العربية في إسرائيل معرّفة كعائلات فقيرة، ونحو ثلثَي الأطفال العرب في إسرائيل تحت خط الفقر فيما تحتل البلدات العربية أسفل السلم الاقتصادي - الاجتماعي، ويعاني الكثير منها نقص التطوير والبطالة وضعف مؤسسات التربية والرفاهية، وتردي البنى التحتية".

بيان نصّار عبّاس هي "الضحيّة الجديدة لفوضى السّلاح والإجرام المنظّم والرصاص الطائش. ضحيّة الاستهتار بأرواحنا والإهمال السياسيّ الممنهج" في الداخل الفلسطيني حيث "يقتل المجرمون الناس ولا يُعوّل على قانون ولا على شرطة"

تطرح المنظمة أيضاً "الفراغ لدى الشبّان" كأحد الأسباب لتصاعد العنف بين العرب، لافتةً إلى أن "نسبة الشبان والفتيات العرب الذين تراوح أعمارهم بين (‏18‏ –‏ 22‏ عاماً) ولا يقومون بأي عمل ولا يدرسون، تصل إلى ‏40%‏ تقريباً". كما "يواجه خريجو المدارس الثانوية مستقبلاً غامضاً يتضمن فرص تشغيل وأطراً تأهيلية مهنية قليلة" مع "قلة المراكز الجماهيرية، والمراكز الرياضية، وإمكانيات الاستجمام".

وتضيف: "الحضور الضعيف للسلطات الحكومية إذ تشهد البلدات العربية نقصاً بارزاً في الخدمات الأساسية مثل المستشفيات، ومحطات الحافلات المركزية ومحطات القطارات، ومراكز الإطفاء والإنقاذ، ومراكز نجمة داود (الخدمات الإسعافية)، بينما مجمّعات المراكز الحكومية غير موجودة تقريباً في البلدات العربية، وهذا ما يثير شعوراً بغياب القانون، والفوضى، ولامبالاة الدولة بالمواطنين العرب".

"فوضى السلاح والإجرام المنظم"

بحسب ائتلاف "فضا - فلسطينيات ضد العنف" الحقوقي النسوي الذي يضم 21 منظمة حقوقية، فإن بيان هي "الضحيّة الجديدة لفوضى السّلاح والإجرام المنظّم والرصاص الطائش. ضحيّة الاستهتار بأرواحنا والإهمال السياسيّ الممنهج"، مستدركاً "بات من الواضح أن تفشّي الجريمة هو نكبة المجتمع الفلسطيني في الداخل، حيث يقتل المجرمون الناس ولا يُعوّل على قانون ولا على شرطة".

وختم الائتلاف النسوي، عبر حسابه في فيسبوك: "يقتلنا عجزنا وخوفنا وقلّة حيلتنا، ولم يعد هناك بدّ من حراك واسع وقويّ يرتقي لحجم هذه المجزرة حتى يكبح جماحها".

بدورها، ذكّرت مراسلة الثقافة والفن العربي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، شيرين فلاح صعب، في سلسلة تغريدات عبر تويتر، بوعد الحكومة الإسرائيلية بـ"إحلال السلام في الشارع العربي وتقليص عدد القتلى بشكل كبير"، كاتبةً: "هذا لم يحدث. المجتمع العربي ينزف بالمعنى الحرفي للكلمة، الوضع سيىء ومحبط لدرجة أن موت بيان سيمر في صمت".

وقالت صعب إن المجتمع الإسرائيلي منقسم راهناً إلى نوعين من الناس، "النوع (أ)  أناس يناضلون من أجل الديمقراطية ويخشون أن تتضرر الحقوق والحريات الفردية. والنوع (ب) أولئك الذين ليس لديهم الحق في الوجود ويقاتلون من أجل عيش يوم آخر. وحتى إذا قُتلوا، فإن دماءهم رخيصة جداً لفتح تحقيق جاد وتقديم القاتل إلى العدالة".

وختمت: "المجتمع العربي مظلوم ومفكّك وليس واضحاً إلى أين يتجه"، محذرةً من أن "زيادة البطالة في المجتمع العربي قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image