يومٌ واحدٍ في السنة فقط تحظى فيه النساء بوابلٍ من الإطراء والمديح وعرض إنجازاتهنَّ والحديث عنها بكل فخر من قِبل المسؤولين، ويتم عقد الدورات والورشات على شرف هذا اليوم، كتقليدٍ متّبع حتى لو كان بلا روحٍ أو معنى.
ما يحدث خلال هذا اليوم يدفع للتساؤل عن الحقوق التي تحظى بها النساء، والواقع الذي يعشن فيه؟ وما إذا كانت هناك أيّ تشريعاتٍ تضمن حقوقهّن أم أنها محض حبرٍ على ورق؟
اليوم العالميّ للمرأة
يتوقف عرض الإنجازات، ويعود العالم إلى طبيعته التي اعتادها، بعد انقضاء يوم الثامن من آذار/ مارس من كل عام، أو "اليوم العالميّ للمرأة"، والذي اعتُمد بالأساس لجعل العالم مكاناً أفضل للنساء، ليتمكنَّ من العيش فيه بسلام، وعلى ما يبدو فإنَّ هذا لا يحصل على أرض الواقع، إذ تشير أرقام جمعيّة معهد النساء الأردنيّ (تضامن)، إلى ارتفاع عدد ضحايا جرائم القتل الأسرية عام 2022، بنسبة 94% عن عام 2021، من 18 إلى 35 ضحيةً، واستهدفت 60% منها النساء والفتيات، بينما وقعت 40% على الأطفال.
جرائم القتل ليست وحدها المنتشرة في المملكة، بل إنَّ هناك جرائم أُخرى مثل التوقيف الإداري للنساء، والذي يُعطي الإذن للحاكم الإداري بسجن المرأة بحجة حمايتها والحفاظ على روحها، والتي غالباً ما تكون ضحيّةً للعنف، وذلك وفقاً للمادة (3) من قانون منع الجرائم، إذ لا يسمح لهن بمغادرة السجن إلا عندما يتعهد الأهل بعدم التعدي عليهن وضمان سلامتهن، وتُسجن الموقوفات مع سجيناتٍ محكومات بمختلف التهم.
وبحسب تصريحات لمديرة مركز إصلاح وتأهيل النساء الجويدة، العقيد منى أبو عودة، عام 2021، ليوميّة الغد فإن عدد النزيلات في المركز يبلغ 412 امرأةً منهن 102 موقوفات إدارياً، من أردنيات وأجنبيات، و116 موقوفات قضائياً، و194 محكومات منهن 19 بالإعدام.
لا حماية للنساء
"ما عمرها عيّطت. كانت دايماً تضحك. من 15 سنةً المرة الوحيدة اللي شفتها بتعيّط كانت قبل وفاتها بشهر"؛ بهذه الكلمات تُلخص ميساء (اسم مستعار)، لرصيف22، ما عاشته صديقتها المُقرّبة مروة (اسم مستعار أيضاً)، قبل موتها عقب تعرّضها للعنف النفسيّ والجنسيّ من قِبل زوجها، وعدم قدرتها على تقديم شكوى بشأنه.
تقول إنَّ "أُسرتها لم تكن في صفّها، خاصةً بعد رسوبها في الثانوية العامة، ما اضطرها إلى الزواج من قريبها الذي قال إنه يحبّها. كان عمرها 21 سنةً وقتها"، ظهرت بعض الأعراض عليها لتشخَّص بالفشل الكلويّ، وتبدأ صحتها الجسديّة بالتدهور. لم يتقبل زوجها ذلك، وطلب منها إنجاب أطفال وهو ما رفضه الأطباء خوفاً على صحتها.
تروي ميساء التي عايشت تفاصيل قصة صديقتها، أن زوجها كان يسيء معاملتها ويعنّفها لفظياً وجنسياً، إلى أن طلّقها في النهاية وتزوّج غيرها. ولم تتلقَّ أي دعمٍ من عائلتها، ولم تستطع تقديم أي شكوى خوفاً من توقيفها في ظلّ اللوم الذي كانت تتلقاه من عائلتها وشعورها بالنقص بسبب مرضها، إلى أن ماتت على تلك الحال بعد أيامٍ قليلة من انفصالها.
حاول رصيف22، التواصل مع العائلة لمعرفة أي تفاصيل إضافيّة من قِبلهم، أو التأكد من صحة القصة، إلا أنهم رفضوا التحدث، وتم التأكد من تفاصيل القصة وفقاً لصديقات الضحيّة.
تتعرّض امرأةٌ من كل 4 نساء متزوجات للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي، أي 25.9%، فيما طلبت 19% من المتزوجات المُعنّفات جسدياً أو جنسياً من قبل أزواجهن المُساعدة، و3% منهن قدّمن شكاوى، وذلك بحسب نتائج مسح السكان والصحة الأسرية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعام 2017-2018.
يُعطي القانون الأردني الحق للحاكم الإداري بسجن المرأة بحجة حمايتها ، والتي غالباً ما تكون ضحيّةً للعنف
قوانين أم عادات؟
يؤكد المركز الوطنيّ لحقوق الإنسان في بيانٍ نشره سابقاً، مصادقة الأردن على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ونشرها في الجريدة الرسمية عام 2007، غير أن هناك "تحديات أمام حقوق المرأة مثل وجود بعض النصوص التمييزية في التشريعات الوطنية، كقانون العقوبات، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون الجنسية، ونظام الخدمة المدنية وغيرها.
ويشير إلى عدم حصول النساء الأردنيات على فرصٍ متساويةٍ في السلطات التنفيذيّة، والتشريعيّة والقضائيّة، وإن حصلن على فرص فهي ضئيلة، لافتاً إلى ضرورة تعديل النصوص القانونية التي تميّز ضد المرأة لتتناسب مع الدستور والمعايير الدولية.
يوضح النائب سليمان القلاب، في أثناء حديثه إلى رصيف22، أنَّ الجرائم تُرتكبُ في كل بلاد العالم، قائلاً إن "ما يحدث في الأردن هو بسبب العادات والتقاليد والعقليّة الشرقية" التي تلجأ إلى القتل بداعي الشرف والتعنيف.
ويشير إلى أن معظم حالات التوقيف الإداري جاءت لحماية النساء، إذ يسعى القانون إلى حمايتهن في حال وجود خطرٍ عليهن، بالإضافة إلى أنها احترازات إداريّة حتى لا تتعرض المرأة للخطر أو العنف، لافتاً إلى وجود تمييزٍ إيجابيٍّ تجاه النساء، مثل الكوتا البرلمانيّة التي لولاها لوصل عددٌ يسيرٌ فقط من النساء إلى المجلس، على حدّ وصفه.
ويشدد القلاب على دور القوانين والتشريعات الأردنيّة في حماية المرأة وحفظ حقوقها، مع وجود تجاوزاتٍ مجتمعيّة نتيجة الثقافة الموجودة.
تشير الإحصائيات إلي تعرّض امرأةٌ من كل 4 نساء متزوجات للعنف الجسدي أو الجنسي في الأردن
النساء بلغة الأرقام
وباستعراض تقريرٍ صدر عام 2021، عن منظمة العمل الدوليّة، تحت عنوان "النساء المديرات في الأردن: منظمة العمل الدولية تدعو إلى تجنّب إخراج البيانات عن السياق"، فإنَّ معدلات إدماج المرأة في سوق العمل في الأردن من الأدنى في العالم، وهو ما يتناقض مع معدلات التخرج الجامعي، إذ تمثل النساء 53% من مجموع خريجي الجامعات في البلد.
ويلفت التقرير إلى أنَّ هذه الأرقام تضع البلاد في المرتبة 149، من بين 153 دولةً، من حيث مشاركة المرأة في القوى العاملة، "وهي مرتبة أقل بكثير من المتوسط العالمي في البلدان ذات الدخل المتوسط-المنخفض".
وقد لا يبدو هذا غريباً إذا عرفنا أنَّ عدد السيدات اللواتي حملنَ لقب "معالي"، منذ تأسيس أول حكومةٍ أُردنيةٍ عام 1921، هو 30 سيدةً فقط، وهو ما يبدو غريبًا، إذا يضج الثامن من آذار/ مارس من كل عام بتسليم النساء مناصب قياديةً في بعض المؤسسات، "تكريماً" لهن، أو بإهدائهنَّ الزهور، وكلّ ما تريده المرأة هو إعطاؤها حقوقاً مساويةً للرجل وعدم الانتقاص منها أو النظر إليها بدونيّةٍ لمجرد كونها أُنثى.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 23 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع