شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
ديانات غبية ولطيفة... حين نزل الوحي من وحش السباغيتي الطائر

ديانات غبية ولطيفة... حين نزل الوحي من وحش السباغيتي الطائر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأربعاء 1 مارس 202312:13 م

يصرّ العديد من علماء الاجتماع والفلاسفة، وحتى السياسيين، على أن الدين (أي دين) ضرورة اجتماعية لملء الفراغ الروحي لما لا يمكن الإجابة عنه، ورغم موافقة الجميع تقريباً على هذا الافتراض، إلا أن مسألة ملء الفراغ الروحي بأساطير غير معقولة وقصص عن انبعاث الأرواح وملائكة طيّارة ومعجزات خارقة للطبيعة لا تزال تسبب الكثير من "الفوضى الدينية" الجماعية والحوادث التي لا يحمد عقباها، وتجعل التاريخ عبارة عن صراع آلهة متحيّزة وخرقاء وسريعة الغضب.

كل الأديان نشأت بطريقة مشابهة: رجل (دائماً رجل، إذ إن النبوّة تأنف النساء) يدّعي أنه مميّز وتمّ اختياره عبر مجموعة هائلة من التصفيات والاختبارات والمسائل الرياضية، ومجموعة من "المؤمنين" يصدقونه ويدافعون عن أقواله ويضعونها موضع التقديس، ولاحقاً يتحوّلون إلى دعاة ومؤمنين متعصبين لفكرة طرأت على بال أحدهم، في واحدة من "الشطحات" التي يسبّبها أحياناً مرض نفسي، أو عضوي، أو نبات مخدّر على سبيل المثال، أو عدة كؤوس من خمر ما.

هناك رسل جدد، وجدوا إيمانهم الخاص، ديانتهم الخاصة، كتابهم المقدّس الخاص، ومعجزاتهم الخاصة، مؤخراً. يصفهم العالم بـ "الرسل الأغبياء" وينعت معتقداتهم بـ "الديانات الغبية"، ويصاحب نشوءها، كما صاحب نشوء الأديان السماوية الأخرى، الكثير من الجدل والفوضى والتنمّر حتى، كما أفعل أنا الآن.

هنا بعض الأديان الحديثة التي يصفها الإعلام بالغبية، ويمكن وصفها بـ "الأقل غباء" وحتى باللطيفة، ذلك أنها لا تدعو لقتل أحد ولا تدعي احتكارها الحقيقة، بل ترى أن لا حقيقة أصلاً لتحتكر، وطالما ظهر نبي واحد من قبل، فالمجال مفتوح لظهور أنبياء آخرين، وتحتوي على جانب سحري وطريف، أرق وألطف من الجدية والتجهّم الذي تبدو عليه الأديان الأخرى.

المارادونيون، الكنيسة المارادونية

"دييجو لدينا، الذي على أرض الملعب، تباركت قدمك اليسرى. لتتذكر أعيننا سحرك، اجعلنا نتذكر أهدافك على الأرض كما في السماء، امنحنا سعادتنا اليومية، واغفر للإنجليز كما غفرنا للمافيا النابولية، لا تدعنا نفسد الكرة واحفظنا من هافيلانج. دييجو".

كل الأديان نشأت بطريقة مشابهة: رجل (إذ إن النبوّة تأنف النساء) يدّعي أنه مميّز وتمّ اختياره عبر مجموعة هائلة من التصفيات والاختبارات، ومجموعة من "المؤمنين" يصدقونه ويدافعون عن أقواله ويضعونها موضع التقديس

هذه ليست مزحة على الإطلاق، ثمة ما يزيد عن مئة ألف "مؤمن" بهذه الديانة، وقد تمّ إنشاؤها في العام 1998، بمناسبة عيد ميلاد اللاعب الأرجنتيني دييغو مارادونا، ولهذه الديانة يومان مقدسان، عيد الفصح، وهو يوم ميلاد مارادونا 29 تشرين الأول/أكتوبر، و22 حزيران/يونيو يوم سجّل مارادونا هدفه على إنكلترا بـ"يد الله"، وبدأ التقويم بولادة مارادونا، في عام 1960، أي أننا في السنة 63 بالتقويم المارادوني.

وتختم الصلاة السابقة بالقول "دييجو" بدل "آمين".

Happy science

هي ديانة عالمية أسسها البروفسور Ryuho Okawa عام 1986، وتمّ اعتمادها كمنظمة دينية في اليابان في عام 1991. هدفها جلب السعادة للبشرية ( وكأن الأديان الأخرى السماوية هدفها جلب الفلافل والشاورما للناس)، ويتواصل الأستاذ المذكور باستمرار مع أرواح محمد وعيسى وبوذا وكونفوشيوس، والتعاليم الأساسية تتعلق بممارسة المسار الرباعي: "الحب، العقل، التأمل والتقدم". وما عليك للانضمام إلى هذه الديانة إلا تعبئة طلب على النت، يشترط أن يكون لديك إيميل وحساب على جوجل وواتس أب ورقم جوال، أي أن والدي ووالدتي ليسا مؤهلين للانضمام، وستفوتهم الحقيقة العظيمة التي يوفرها الأستاذ أوكاوا.

"ليس لدي مشكلة مع الدين. ما يزعجني أن يتظاهر الدين بأنه علم"

المفارقة أن للديانة جناحاً سياسياً يدعى "حزب تحقيق السعادة" يحمل وجهات نظر يمينية متطرفة، تدعو لزيادة التوسع العسكري الياباني واستعباد النساء.

يبدو أن للسعادة "رائحة كريهة" لدى أتباع هذه الديانة.

Discordianism أو الديسكورية

هي ديانة قائمة على أن العالم تحكمه الفوضى،  والفوضى ليست أمراً سيئاً.

أسسها كيري ويندل ثورنلي (عمر الخيام رافينهورست) وجريج هيل (مالاكليبس الصغير)، وتم تصورها في البداية كديانة محاكاة ساخرة، قبل أن يعتبرها أتباعها ديناً شرعياً تماماً.

لديها عدة كتب تشرح مفاهيمها، مثل كتاب "الحق الحقيقي" الذي يشبه الكتاب المقدس، وكتاب" التفسيرات".

يقول جريج في النص التأسيسي للديانة هذه بأن العالم محكوم بالفوضى وتسعى الأديان لإحلال النظام، لكن المبادئ الأساسية للدين الديسكوردي يسعى لتقبل هذه الفوضى باعتبارها طبيعية ومرغوباً بها، بل إن النظام هو الخطيئة، ويقدسون الإلهة إيريس، إلهة الفوضى عند اليونانيين، باعتبارها أم كل شيء موجود وكل شيء غير موجود أيضاً.

في مقدمة الكتاب التأسيسي "principia Discordia" يقول جريج الذي كتبه: "إذا كان الدين أفيون الشعوب كما قال ماركس، فإن الدين الفوضوي هو ماريجوانا المهمشين".

وباستطاعة أي شخص أن يكون "بابا" لهذه الديانة، كل ما عليك فعله هو طباعة بطاقة البابا عن موقع الويب الخاص بهم.

يقول جريج هيل الذي أسس الديانة الديسكورية: "إذا كان الدين أفيون الشعوب كما قال ماركس، فإن الدين الفوضوي هو ماريجوانا المهمّشين".

Pastafarianism أو كنيسة وحش السباغيتي الطائر

يظن أتباع هذه الديانة التي أسسها بوبي هندرسون في 2005، أن وحش السباغيتي الطائر وغير المرئي هو من خلق الكون، وأن القراصنة هم أول الباستافاريين، وانخفاض عدد القراصنة الباستافاريين مؤخراً هو ما أدى لارتفاع درجة حرارة الكوكب.

أرسل "النبي" هندرسون خطاباً إلى مجلس ولاية كنساس التعليمي مطالباً بتدريس نظريته "التصميم الذكي" جنباً إلى جنب مع نظرية التطور ونظرية الخلق الديني، إذ إن جميع الأديان لديها الأساس غير المنطقي نفسه، وإذا سمحنا بتعليم إحدى الديانات فيجب أن نسمح بتعليمها كلها.

ويقول هندرسون في خطابه: "ليس لدي مشكلة مع الدين. ما يزعجني أن يتظاهر الدين بأنه علم"، وبعد نشر رسالته على الإنترنت تلقى أكثر من ستين ألف رسالة. يقول: "5% من الرسائل تدعمني والـ 95% الباقية تخبرني ببساطة أن أذهب لأضاجع نفسي".

Jediism

"القوة هي ما يأتي منها كل شيء، وما يوجد فيها كل شيء، وما يعود إليها كل شيء"، إنها الطاقة الكامنة وراء كل شيء كما يعتقد الجيديون. مزيج من اليهودية والطاوية والبوذية والمسيحية و... شخصيات من سلسلة أفلام "ستار وورز" ببساطة.

كتب أكثر من نصف مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها في أوراق رسمية أن دينهم هو "الجيدي". تختلف آلهتهم، وبعضهم يعبد "وحيد القرن الزهري غير المرئي"... لكن من يقول إن هذا الخالق الغامض يختلف كثيراً عن الله كما نعرفه في الأديان السماوية الثلاثة الكبرى؟

L'euthanasisme أو كنيسة القتل الرحيم

هي مجموعة دينية تأسست عام 1992 على يد كريس دورديا. يعتقد أتباع هذه الكنيسة (وهم محقون) أن عدد سكان كوكب الأرض زائد عن الحاجة، وبالتالي لديهم وصية واحدة لا غير بدل الوصايا العشر: لا تلد!

الأركان الأساسية لهذه الديانة هي: الانتحار، الإجهاض، أكل لحوم الموتى (بعد موتهم) والمثلية الجنسية، للحد من الزيادة السكانية.

يشاركون بنشاط في المظاهرات الني تدعو لحماية كوكب الأرض عبر لافتات تحمل شعاراً واحداً: "انقذ الكوكب. اقتل نفسك"، لكن لا أحد منهم يفعل.

أرسل "النبي" أندرسون مؤسس كنيسة وحش السباغيتي الطائر، خطاباً مطالباً بتدريس نظريته "التصميم الذكي" جنباً إلى جنب مع نظرية التطور ونظرية الخلق الديني، إذ إن جميع الأديان لديها الأساس غير المنطقي نفسه، وإذا سمحنا بتعليم إحداها فيجب أن نسمح بتعليمها كلها

Nuwaubianisme النوبية

أسسها دوايت يورك في 1967، وكانت في البداية تدعم "المسلمين الأفارقة"، قبل أن تتحول عقيدتها عدة مرات، ثم حكم على زعيمها بالسجن لمدة 135 عام، بتهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال.

نشر ما يقارب 450 كتيباً وأطلق على نفسه اسم "النبي القادم من خارج كوكب الأرض".

ديانته مزيج من أفكار تعتقد بتفوّق الأفارقة، وعبادة المصريين وأسبقية حضور النساء على الأرض ومنهن خرج كل شيء.

Raëliens الرائيليون

حركة دينية أسسها الفرنسي كلود فوريلهون في عام 1974. تعتقد بأن الكائنات الفضائية متقدمة علينا ويطلق علهم اسم "إلوهيم" وهم من خلق الحياة على الأرض والأديان الكبرى.

طرح زعماؤها فكرة الاستنساخ للحصول على الخلود ويقال إنهم قاموا فعلاً باستنساخ البعض، وتتميز عموماً بكثير من الانفلات الجنسي أو ما يسمى "التأمل الحسي للوصول إلى النشوة الكونية".

ويؤكد فوريلهون أن الـ"إلوهيم" قد تنبأوا بزوال البشرية نتيجة حرب نووية، وسيتم إنقاذ بعض الأشخاص المؤمنين باللاعنف ويمنحونهم المعرفة التي تسمح للبشرية بالوصول إلى العصر الذهبي.

Dudeism

كان الصحفي الأميركي أوليفر بنجامين يعتقد بضرورة إيجاد دين يبتعد عن الأديان المعروفة، وعندما شاهد فيلم The Big Lebowski بطولة جيف بريدجز، أوحى له بالكنيسة التي يود اتباعها: The Church of the Latter-Day Dude.

هذا الدين لا يطلب أي شيء من أتباعه، لا ولاء ولا أي شيء. ويمكنك أن تكون ربوبياً أو ملحداً أو لاأدرياً ومن أتباعها. "ليس لدينا إعلانات ولا آلهة نتحدث عنها. تعريفنا لهذا الدين هو: الإنسانية في رداء الحمام".

لا تقديس لأي شخصية، ويتمتع الأتباع بحرية القيام بما يريدونه على طريقتهم، ويزعمون أن وجهة النظر هذه كانت موجودة دائماً بالقرب من نشوء جميع الأديان، وأنهم جاؤوا لتصحيح الميول الاجتماعية العدوانية المفرطة في العالم، نتيجة الأديان الثلاثة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard