"إذا قررنا محاسبة كل الجهات التي لها علاقة بحرب اليمن، سنجد أنفسنا بعيدين عن كل المهرجانات وكل صناديق التمويل، فنصف العالم وأكثر له علاقة بالحرب في اليمن، ولما كنت متواجداً اليوم في هذا المهرجان وفي أوروبا التي تبيع السلاح للمتقاتلين. نحن فنانون ونحاول التعامل مع فنانين، ومهرجانات فنية وصناديق تدعم الفن، ومن الجيد أن السعودية تقدّم دعماً للسينما، فمعياري هو عدم التدخل في النص أو سيرورة الفيلم، لقبول التمويل"؛ هذا ما قاله المخرج اليمني عمرو جمال، ردّاً على سؤال حصول فيلمه على تمويل سعودي لإنتاجه.
وقد عُرض "المرهقون"، فيلم جمال، في 20 شباط/ فبراير الجاري، في مهرجان برلين السينمائي الدولي ضمن فئة "المنتدى"، وهو الفيلم اليمني الأول الذي يشارك في هذا المهرجان الدولي، كما أنه الفيلم العربي الأول في هذه الفئة.
قصة الفيلم
يحكي الفيلم الذي يمتد على مدار ساعة ونصف، قصةً حقيقيةً لأحد أصدقاء المخرج، والذي أُعطي اسم "أحمد" في الفيلم، والذي كان يحاول مع زوجته إيجاد طريقه لإجراء عملية اجهاض لحمل رابع وقع عن طريق الصدفة وغير مرغوب فيه، في بلد يشهد أزمةً اقتصاديةً وأمنيةً وسياسيةً منذ أكثر من عقد من الزمن.
عمد المخرج، خلال التصوير، إلى وضع المُشاهدين في وسط شوارع عدن، ليمرّ عبر نقاط التفتيش، ويعيش معه انقطاع الكهرباء وسوء تغطية شبكة الهاتف بالإضافة إلى ضآلة الحالة المعيشية للأغلبية، ولكنه لم ينسَ أن يُظهر لنا جمال المدينة التي يلتقي فيها الجبل مباشرةً مع البحر وحياة الناس البسيطة بدءاً من سوق الخضار وحتى الشاطئ الذي يتجهز فيه الصيادون لصيد السمك.
لم يستطع نجوم الفيلم، وهم خالد حمدان وعبير محمد وسماح العمراني وإسلام سليم ورؤى الهمشري وعمر إلياس، من حضور المهرجان، الأمر الذي أرجعه المخرج إلى الصعوبات التي تواجه اليمنيين في السفر إلى أي مكان في العالم، بسبب عدم وجود سفارات في بلدهم. وقال لرصيف22: "وصلت أنا إلى هنا بأعجوبة، وخسرت الكثير من المال لأتمكن من الوصول إلى بلد ترانزيت، وربما لأنني مخرج الفيلم تلقيت دعماً للقيام بذلك، أما زملائي، أي طاقم الفيلم، فلم يتمكنوا من ذلك، وهذا شيء مؤلم، فإذا كان عدم حصولنا على التأشيرات خوفاً من هروبنا إلى أوروبا، توقفوا عن التدخل في بلداننا إذاً، ولن نهرب إلى أي مكان، وهو جزء من ازدواجية المعايير التي يعيشها الغرب".
فيلم "المرهقون"، للمخرج عمرو جمال، هو الفيلم اليمني الأول الذي يشارك في مهرجان برلين السينمائي الدولي. يروي الفيلم قصة زوجين يحاولان إجراء عملية اجهاض لحمل رابع وقع عن طريق الصدفة في بلاد تشتد فيها كل الأزمات.
وتمنى أن يشارك مع بقية الطاقم في مهرجانات عربية ويتمكنوا من الحضور، فالسفر إلى الغرب أصبح صعباً جداً ومكلفاً جداً، حسب ما أخبر رصيف22.
شارك جمال في كتابة السيناريو مع مازن رفعت، كما ساعد محترفون من خارج اليمن الطاقم للوصول إلى النتيجة النهائية للفيلم، الذي عدّه المخرج إنجازاً، "فإلى جانب مجيء عدد من المحترفين في مجال الصوت والتصوير لمساعدة الطاقم لإنتاج هذا الفيلم، إلا أن الطاقم اليمني تعلّم منهم الكثير واليوم يطبّق ما تعلّمه في أفلام قصيرة تُنتَج داخل اليمن".
حرب اليمن
لم تغِب الحرب عن الفيلم، ففي السيناريو ما يبيّن الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه البلاد، وكيف أن المسلحين في كل مكان، من دون معرفة إلى أي الفصائل ينتمون، لكثرتها، كما بيّنت بعض المشاهد الأبنية التي تعرضت للقصف خلال الفيلم، بالإضافة إلى البطالة التي خلّفتها الحرب وتأخّر صرف الرواتب.
"إذا قررنا محاسبة كل الجهات التي لها علاقة بحرب اليمن، سنجد أنفسنا بعيدين عن كل المهرجانات وكل صناديق التمويل، فنصف العالم وأكثر له علاقة بالحرب" المخرج عمرو جمال.
قدّم المخرج جمال المجتمع اليمني من دون محاولة تجميله، بجماله وبساطته وقرب الناس من بعضها البعض ومحاولتهم مساعدة بعضهم البعض، إلى جانب التعصب الديني في المجتمع، والفساد لتمرير معاملة طبية هنا والحصول على وظيفة هناك.
وعن مشاهدة الناس للفيلم داخل اليمن، قال المخرج: "سنستأجر صالتَي الأفراح الموجودتين في مدينة عدن، لأن تصميمهما يتناسب مع عرض الفيلم، فقد جهّزنا المسرح بخلفية بيضاء واشترينا عاكساً ضوئياً ‘بروجكتر’، وسنعرض الفيلم للناس ليتعرفوا عليه، خصوصاً أن المدينة ليست فيها دار للسينما منذ أكثر من ثلاثين عاماً".
وتقدّم جمال بالشكر لأهالي المدينة الذين لم يمانعوا التصوير، بل عملوا كـ’إكسترا’، أي كممثلين داعمين طوال الفيلم في السوق، والشارع والمستشفى.
أما بالنسبة إلى الإنتاج، فقال المنتج محسن الخليفي: "بدأ الفيلم بدعم محلي فقط، ثم حصلنا على الدعم الدولي، إذ دعمنا المنتج المشارك أمجد أبو العلا، الذي ساعدنا في الوصول إلى تمويل دولي من بعض الصناديق السينمائية ومن بعض المهرجانات".
وكان "المُرهَقون" قد فاز بالجائزة الكبرى في سوق "مهرجان كارلوفي فاري" للأفلام قيد الإنتاج، في تشيكيا، في تموز/ يوليو 2022.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه