برر كارلو شاتريان المدير الفني لمهرجان برلين السينمائي الثالث والسبعين قلة الأفلام العربية في المهرجان: "هذة أحد العناصر المفقودة في القائمة الرئيسية للأفلام، لدينا نقص ليس فقط في الأفلام العربية، ولكن أيضاً الأفلام الإفريقية، فكان علينا التأكد من أن الأفلام التي نختارها هي المناسب للمسابقة، فالهدف من الاختيار، خصوصاً في مهرجان كبرليناله، هو أن يكون الفيلم ممثلاً للعالم، ونحن نتعاطى مع الأفلام التي يتم تقديمها لنا ولا ننتج أفلامنا الخاصة بالمهرجان".
واستطرد في رده على سؤال رصيف22 خلال المؤتمر الصحافي (23 كانون الثاني/يناير الماضي) للإعلان عن القائمة الرئيسية للأفلام المشاركة في المهرجان: "هذا العام، لدينا حضور قوي جداً من آسيا وأستراليا، وهذا هو جمال اختيار الأفلام في كل دورة. في كل مرة لدينا تركيز مختلف. فنحن لا نقوم بالاختيار بفكرة مسبقة عن البلد الذي يمثله بل من خلال التواصل مع الفيلم نفسه".
وأضاف شاتريان: "أنا متأكد من أن المزيد من الأفلام العربية ستشارك في الدورات المقبلة؛ فليس من السهل العثور على أفلام عربية في المنافسة، للأسف، في المهرجانات الكبرى. وقد يعود السبب للأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان، وأيضاً في المغرب الكبير، ومصر".
ينطلق مهرجان برلين السينمائي في نسخته الثالثة والسبعين هذا العام في 16 شباط/فبراير ويستمر إلى 26 من الشهر نفسه، ويشارك في هذا المهرجان عدد قليل من الأفلام العربية
ينطلق مهرجان برلين السينمائي في نسخته الثالثة والسبعين هذا العام في 16 من شباط/فبراير ويستمر إلى 26 من الشهر نفسه، ليقدم العشرات من الأفلام من مختلف أنحاء العالم تتناول موضوعات عن الحب والحرب، العائلة والعلاقات، السير الذاتية والأفلام الوثائقية، بالإضافة للأفلام القصيرة والأفلام البيئية، مع التركيز على الأفلام التي تعكس الحراك في إيران والحرب على أوكرانيا، كما بيّن شاتريان.
حضور قليل ولكن مهم
يشارك في المهرجان عدد قليل من الأفلام العربية، رصدنا منها مثلاً "المرهقون"، وهو إنتاج يمني، سعودي، وسوداني، يحكي قصة زوجين خلال الحرب من قصص غالباً ما يتم نسيانها، فيلم "استعارة ألبوم العائلة" الذي يتحدث عن البحث عن الذكريات الخاصة لخلق ذكرى جماعية، وفيلم "سينيكا-في خلق الزلازل" من إنتاج المغرب وألمانيا، وفيلم "سينيا: الاستراتيجية غير المقارنة" من إنتاج مصر، يتحدث عن استخدام ذكاء حيوان السيميا عبر برنامج الذكاء الاصطناعي الوهمي لإنشاء اقتصاد مخطط وإدارة مشاع البنية التحتية في جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط.
في تعليق على الحضور العربي في مهرجان بأهمية برليناله، قال الأكاديمي المصري ومنسق البرامج السينمائية إسكندر عبدالله لرصيف22: " بشكل عام، اعتقد أن السينما العربية بدأت في السنوات الأخيرة تلاقي بعضاً من التقدير الذي تستحقه في المهرجانات الدولية الكبرى. في مهرجان برلين تحديداً رأينا أفلاماً عربية تشارك في المسابقة الرسمية كذلك، مثل (دفاتر مايا) لجوانا حاجي توما في دورة 2021 وقبله (نحبك هادي) لمحمد بن عطية في دورة عام 2016 والتي حاز فيها بطله مجد مستورة على الدبّ الفضي كأفضل ممثل. وهو بالمناسبة من أفضل الأفلام العربية في السنوات الأخيرة على الإطلاق".
وأضاف: "بالطبع المشاركة في مهرجان بحجم وتاريخ مهرجان برلين تعطي للفيلم العربي ولصناعه فرصاً مهمة للتوزيع في السوق الدولية، وتلفت انتباه جهات الإنتاج الكبرى، الصحافة، والمهتمين بالسينما بأن هناك قصصاً، تجارب سردية واساليب فنية عربية تستحق التقدير والمشاهدة".
"المشاركة في مهرجان بحجم وتاريخ مهرجان برلين تعطي للفيلم العربي ولصناعه فرَصاً مهمة للتوزيع في السوق الدولية، وتلفت انتباه جهات الإنتاج الكبرى، الصحافة، والمهتمين بالسينما"
ويشير إسكندر إلى إنه برغم قلة المشاركة العربية: "علينا أن نعترف كذلك بأن الإنتاج العربي قليل جداً مقارنة بالطاقات الفنية الموجودة في المنطقة وبتاريخ الصناعة فيها، فلا يمكن فصل أوضاع السينما في المنطقة عن الظروف السياسية والاقتصادية في بلدان عربية كثيرة".
وأعلن المهرجان أن المخرجة المصرية أيتن أمين ستكون ضمن لجنة التحكيم لمنح جائزة GWFF لأفضل فيلم أول عبر أقسام المهرجان، والتي يتنافس فيها 19 فيلماً روائياً طويلاً من أقسام المنافسة، ولقاءات، وبانوراما، والمنتدى، والجيل، والسينما الألمانية الانطباعية إلى جانب الفرنسية جوديث ريفو ديلون، والسويسرية سيريل شوبلين.
تجارب المنفى
لا شك بأن تجارب الأشخاص تؤثر على إنتاجاتهم الفنية والسينمائية، وليست الغربة والمهجر ببعيدة عن ذلك. يوضح إسكندر: "تجارب المنفى والتهجير لها آثارها بعيدة المدى على حياة صانعي/ات الأفلام وعلى رؤيتهم/ن واختياراتهم/ن الفنية كذلك؛ فخسارة البيت والوطن هي في الوقت ذاته خسارة سردية. المنفى يجبر المرء على تغيير أولوياته السردية، تتغير الحكايات وتتبدل التجارب، حتى اللغة الأم تفقد قدرتها المعتادة على التعبير في بلد غريب وقد يحتاج الفنان إلى بعض الوقت كي يجد أدوات جديدة للسرد ويستطيع تحويل تجربة المنفى ذاتها بكل ما فيها من ثراء إنساني إلى مادة سينمائية كما رأينا في أفلام سورية كثيرة مؤخراً".
وأشار الأكاديمي المصري الذي يعيش في برلين: "السينما صناعة وفن تشاركي، تحتاج إلى الأموال، إلى العلاقات وفرص التشبيك وإلى الدعم المؤسسي وهي أمور ليس من السهل الحصول عليها إذا كنت مهاجراً/ة وإذا كنت تواجه/ين تحديات يومية أخرى على المستوى الشخصي لتصبح حياتك ممكنة في الغربة من الأساس".
تمثيل عربي مستتر
يشارك الفيلم القصير "يرقة" من إخراج اللبنانيتين ميشيل كسرواني ونويل كسرواني في مسابقة الأفلام القصيرة، ولكن لكونه إنتاجاً مدعوماً من جهات فرنسية فيشارك في المسابقة كفيلم فرنسي، كالعديد من الأفلام لصانعي/ات أفلام عرب أو أفارقة أو من جنوب أمريكا الذين تأتي أفلامهم/ن مقدمة باسم الدولة المنتجة والممولة للفيلم.
"لا يمكن فصل أوضاع السينما في المنطقة عن الظروف السياسية والاقتصادية في بلدان عربية كثيرة"
قالت ميشيل مسرواني في حديث لرصيف22: "عندما كنا نعمل على الفيلم، أخبرَنا عدد من الأصدقاء والضليعين/ات في صناعة السينما أنه من الصعب قبول فيلم مدته تقريباً نصف ساعة في فئة الأفلام القصيرة، كما أنه من الصعب قبوله في فئة الأفلام الطويلة في أي مهرجان، ولكننا لم نُرِد أن نساوم بأي من تفاصيل القصة، وتركنا تفاصيلها كما هي، وكنا أوفياء لما نريد أن نقول وما نريد إيصاله".
وواصلت: "اخترنا التقديم لمهرجان برلين السينمائي، وفرحنا جداً عندما تم اختيارنا، لأننا أحسسنا أننا عملنا على الفيلم بضمير مرتاح، وكنا نفكر بالمهرجانات ونحن نعمل على الفيلم، وأردنا إنتاج شيء يشبهنا ويخرج ما فينا في هذه الفترة الدقيقة من وجودنا بين لبنان وفرنسا وحياتنا بين بلدين. سعدنا لأننا أحسسنا أن لجنة اختيار الأفلام المكونة من مختصين/ات بالأفلام قدرت الفيلمَ، فلا أنا ولا نويل درسنا السينما في الجامعة، وهذا فيلمنا الأول الذي نخرجه. الفكرة كانت واضحة بالنسبة لنا، واستطعنا التواصل مع الآخرين عبرها".
وقال شاتريان خلال حديثه عن المشاركات في مهرجان هذا العام، فقال: "المشاركة في مهرجان برليناله هذا العام، أكثر من أي وقت مضى، تعني الوقوف جنباً إلى جنب مع أولئك الذين يقاتلون للتعبير عن أفكارهم، ومع أولئك الذين يرفضون الخضوع لنسخة مطابقة للواقع والتي تملي ما يمكن وما يجب قوله. لذا سيعرض المهرجان أفلاماً تحكي قصة العالم بكلّ جراحه وجماله المفجع، وأفلاماً تحاول استبدال واقع بآخر أكثر انسجاماً مع رغباتنا. وبذلك، فإنهم يضعون الأسسَ للتغيير. الأفلام التي اخترناها لديها الشجاعة لتأكيد وجهة نظر، حتى عندما يتعارض ذلك مع التيار السائد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...