شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
قحط وغلاء وانحطاط أخلاقي... أزمات اقتصادية مصرية بعيون المقريزي

قحط وغلاء وانحطاط أخلاقي... أزمات اقتصادية مصرية بعيون المقريزي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ما ميّز كتابات شيخ مؤرخي مصر تقي الدين المقريزي كان عنايته بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي، فقد كان قريباً من دوائر صنع القرار، وعاش وسط صراعات وانقسامات سياسية حادة، إذ عاصر 17 سلطاناً في زمن الدولة المملوكية، ثلاثة من المماليك البحرية و14 من المماليك الجراكسة.

وكانت للمقريزي مكانة خاصة عند كبار رجال الدولة، سمحت له بالتنقل بين العديد من المناصب الإدارية والدينية العليا، كالقضاء والإمامة والتدريس، كما كان محتكاً بأحوال المجتمع وبخبايا الحياة الاقتصادية من خلال توليه منصب محتسب القاهرة والوجه البحري (تقلده عدة مرات)، والذي فرض عليه الاختلاط بالتجار وأرباب الحرف، والتواجد في أوساط مختلف طبقات المجتمع وملاحظة أحوالهم.

وبالتالي، فإن اجتماع ثنائية "السلطة والمجتمع" مع اهتمام المقريزي بالقضايا ذات البعد الاقتصادي جعلت الصورة عنده متماسكة، فلم يقف عند حدود الجمع المعلوماتي أو السرد التاريخي، بل تجاوزها إلى الدراسة الميدانية للظواهر الاجتماعية والاقتصادية.

وتميز المقريزي بشكل أساسي بالمنهج العلمي الذي اتبعه، فقد كان ينظر في المسببات المادية للأزمة، ولا يردّها إلى السماء وانحطاط أخلاق الناس فقط، على عادة غيره من المؤرخين، بل يرى أن الأزمة لها أسباب مادية محددة بعيدة عن القناعات القدرية المستشرية التي لا يمكن الفكاك منها، فالأمور كلها، إذا عُرِفَت أسبابها، سَهُلَ على الخبير صَلَاحُها، على حد تعبيره.

إغاثة الأُمَّة بكشفِ الغُمَّة

في نهاية القرن الـ14 الميلادي، ساءت الأوضاع الاقتصادية في مصر، وبلغت شدتها أيام كان المقريزي على مشارف الأربعين من عمره، فعايش عدة أزمات اقتصادية، وكان من نتائج الأزمة الأخيرة على نفسه أن ماتت إحدى بناته ولم تكن قد تجاوزت السادسة. ويبدو أن هذا المصاب ترك ندوباً في نفس المؤرخ بجانب معايشته أهوال المحنة التي عصفت به وبأهل وطنه، ولذا أراد قبل أي شيء، تقصي الأسباب الحقيقية وراء هذا المخاض الذي تمر بها مصر.

بدأ أولاً بدراسة تاريخ وأسباب الأزمات الاقتصادية التي عمت مصر منذ العصور القديمة، بداية من زمن نوح، ثم عهد النبي يوسف، مروراً بزمن فرعون، ثم الدول الأموية والإخشيدية والفاطمية والأيوبية حتى انتهى إلى أيامه في عهد الناصر فرج بن برقوق.

درس المقريزي ما يزيد على 20 أزمة اقتصادية مصرية، وأحاط بالأسباب العلمية التي أفضت إلى هذه الأزمات، ثم قام بوضع خلاصة بحثه واستنتاجاته التحليلية وقدم مقترحاته وكيفية معالجة الأزمة مستقبلاً في دراسة مميزة.

وحمل اسم دراسة المقريزي التي كتبها في شهر مُحرَّمِ من سنة 808 هـ/ 1404 م دلالة هامة، فقد عنونها بـ"إغاثة الأُمَّة بكشفِ الغُمَّة"، راغباً في أن تكون بمثابة دعوة لإيقاظ وعي الناس ومعارضة سياسية النظام المملوكي. ويقول في مقدمتها: "عزمت على ذكر الأسباب التي نشأ منها هذا الأمر الفظيع، وكيف تمادى بالبلاد والعباد هذا المصاب الشنيع" (اعتمد البحث على نسخة "معهد المخطوطات العربية" التي حققها الدكتور أيمن فؤاد سيد).

أسباب الأزمات الاقتصادية

"وتزايدت غباوة أهل الدولة، وأعرضوا عن مصالح العباد، وانهمكوا في اللذات" (تقي الدين المقريزي).

أولاً: الفساد السياسي

يرى المقريزي أن الأزمات الاقتصادية المصرية على مر تاريخها راجعة إلى ثلاثة أسباب رئيسة، أولها: أسلوب الحكم، إذ يشير إلى أن الفساد الإداري والسياسي وتقلد أهل الثقة وليس أهل الخبرة والكفاءة المناصب الإدارية والدينية وسائر الأعمال، لا بد أن يترتب عليه تدهور في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وبرأيه، يكمن أصل الفساد في شراء الوظائف بالمال والمحسوبية، بغض النظر عن الجدارة والأهلية، الأمر الذي أدى إلى شيوع ظاهرة "الرشوة لا الكفاءة" للوصول إلى أعلى المناصب في الدولة. ويبدي أسفه على ذلك بالقول: "فتخطى لأجل ذلك كل جاهل ومُفسدٍ وظالمٍ وباغٍ إلى ما لم يكن يُؤمِلُه من الأعمال الجليلة".

هذا الواقع، برأي المقريزي، يضعف من قدرة الهيكل الإداري للدولة ويجعله هشاً وغير قادر على القيام بواجباته، فلا تصمد الدولة أمام الأزمات التي تلم بها، وهذا نتيجة طبيعية لوجود الجهلة وغياب الكفاءات فيها. كما يشير المقريزي إلى أن الشخص الذي يتقلد منصبه بالرشوة يتعامل مع وظيفته كما لو أنها سلعة نفيسة، إذ لا يكون همه سوى جني المال بأي طريقة ولو على حساب أقوات الناس وأرواحهم، ويورد أمثلة كثيرة على ذلك من عصره.

ولا يرى المقريزي أن الظروف المناخية والبيئية كشح الماء والكوارث الطبيعية هي فقط ما يؤدي إلى الأزمات الاقتصادية، وإنما سوء إدارة العامل البشري للأزمة، فالسلطة المركزية لم تقم بإيقاف النزيف الاقتصادي واتخاذ إجراءات للحد من الأزمة، ما دفعه إلى الاستنتاج أن سوء أوضاع الدولة إدارياً هو العامل الأساسي وراء تفشي الأزمات الاقتصادية. وبعبقرية رائعة، يستشهد المقريزي على ذلك بأن الأسباب الطبيعية للأزمة كالكوارث وندرة الماء وتعطل الزراعة قد تزول، لكن الأزمة الاقتصادية تظل موجودة رغم زوال مسبباتها الطبييعة، ويرى أن ذلك يحدث بسبب إغراق النظام للبلاد في الأزمة بدلاً من المرونة في التغلب عليها وكبح أضرارها.

درس المؤرخ تقي الدين المقريزي ما يزيد على 20 أزمة اقتصادية مصرية، وأحاط بالأسباب العلمية التي أفضت إلى هذه الأزمات، ثم قام بوضع خلاصة بحثه واستنتاجاته التحليلية وقدم مقترحاته وكيفية معالجة الأزمة مستقبلاً في دراسة مميزة

كما لاحظ المقريزي أن من عادة بلاد مصر منذ الزمن القديم أنه إذا انخفض النيل بدأت الأزمة، لكنه لاحظ أيضاً أن هناك دولاً وقادة أدركوا المشكلة وأبدعوا في إدارتها للحد من استفحالها. فمثلاً تُعَدّ الدولة الطولونية نموذجاً رائعاً لإدارة الأزمة، بينما الدولة الإخشيدية تُعَدّ نموذجا سيئاً، إذ إن الأزمة استفحلت طوال تاريخها، وشهدت أزمات اقتصادية متتالية، كانت وراء سقوطها.

ويذكر المقريزي أن أول شيء قام به "القائد جوهر" (جوهر الصقلي) لما دخل مصر بعساكر المعزّ، تخفيض الضرائب وضبط الأسعار، وتعيين محتسبين على الأسواق لمراقبة التجار، ومعاقبة المحتكرين الذين تسببوا في ارتفاع الأسعار، كما عيّن رجلاً صارماً يدعى سليمان بن عزة للتعامل مع الشؤون المالية والإشراف على المطاحن. وطبقاً للمقريزي، فإن إدارة "القائد جوهر" نجحت في الحد من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، واستعادت العملة قيمتها بعد أن كانت في الحضيض.

كما يقارن المقريزي بين نموذجين، الأول هو الحاكم بأمر الله الذي واجه أزمة اقتصادية، لكنه استطاع أن يتخطاها بسبب حسن الإدارة وفرض إجراءات صارمة للتخفيف من حدتها رغم تحدياتها الشديدة، بينما النموذج الثاني هو المستنصر بالله الذي واجه نفس أزمة سلفه، لكن بسبب سوء إدارته وعدم اهتمامه من البداية بالأزمة، استشرت وكادت أن تقضي على البلاد والعباد، بل كانت الأزمة الأسوأ في التاريخ المصري، إذ وصل الأمر بالناس إلى أكل لحوم البشر، وألقوا الموتى في النيل والطراقات بدون أكفان بسبب عدم القدرة على شراء الأكفان، ما أدى إلى انتشار وباء الطاعون ومقتل ثلثي سكان مصر.

وبالرغم من تشابه الأوضاع والظروف بين عصر المماليك البحرية والجراكسة، إلا أن المقريزي لاحظ أن انتشار الأزمات الاقتصادية في عصر المماليك الجراكسة كان أكثر من عصر المماليك البحرية، ويقول في لفتة غاية في الأهمية: "مَن تأمل هذا الحادث من بدايته إلى نهايته، وعرفه من أوائله إلى غايته، عَلِمَ أن ما بالناس سوى سوء تدبير الزعماء والحكام، وغفلتهم عن النظر في مصالح العباد".

ثانياً: غلاء وضرائب

"ليس بالناس غلاء، إنما نَزَلَ بهم سوء التدبير من الحكام" (تقي الدين المقريزي).

السبب الثاني للأزمات الاقتصادية، بحسب المقريزي، هو غلاء الأسعار وكثرة الضرائب. يرى أن الغلاء عامل مشترك لأي أزمة ألمّت بمصر ويكون ناتجاً عن سياسة الاحتكار التي تؤدي بحسب المقريزي إلى توقف عجلة الاستثمار في الزراعة والصناعة والتجارة، وخراب في القرى وهلاك الدواب، كما تزداد شراسة الغلاء مع تعسف الأمراء وبذخهم.

وبجانب ذلك، تؤدي زيادة الضرائب إلى تضاعف تكاليف الزراعة وهجران الفلاحين أرضهم دفعاً للمغارم وخلاصاً من المظالم، وبالتالي يؤدي تقلص المزروع إلى انخفاض المنتج المعروض ومن ثم تشتد وطأة الأسعار والغلاء، وفي هذا يقول المقريزي: "فلما دُهي أهل الريف بكثرة المغارم وتنوع المظالم، اختلت أحوالهم وتمزقوا كل ممزق، وجَلَوا عن أوطانهم، فقلت مجابي البلاد ومُتَحَصَلُها لقلة ما يُزرع بها، ولخلو أهلها ورحيلهم عنها لشدة الوطأة من الولاة عليهم وعلى من بقي منهم".

ويلفت إلى أن التجار يستغلون الأزمة لتحقيق ربح أعلى، وهنا يرى أن مسؤولي الدولة، بدلاً من مراقبة الدور الذي يقوم به التجار في احتكار الحبوب والمحاصيل، وضعوا أيديهم على الغلال وشاركوا في عملية الاحتكار التي زادت بدورها من تفاقم الأزمة.

يلفت المؤرخ تقي الدين المقريزي إلى أن الأزمات تتعاقب على العالم منذ بدء الخليقة وفي سائر البلدان، لكن الإنسان يستخف بها ويكرر حماقاته لمجرد أنه لم يشاهدها

ويرى المقريزي في لفتة مهمة أن الغلاء والأوضاع الاقتصادية الصعبة تعقبها أمراض وخلل اجتماعي، ما يدفع الناس نحو الموت والرداءة في كل شيء. وعايش بنفسه المعاناة من رداءة في الطعام والشراب، والمنتجات، والدين والعقول وتزايد الجهل، والأمن والأمان وانتشار الجريمة، وهذه الرداءات تكون سبباً في انتشار الفوضى وعدم الاستقرار.

وإذا تأملنا في تاريخ الأوبئة والأمراض ولا سيما وباء الطاعون، نجد أن هناك علاقة بين الأزمات الاقتصادية وانتشار الأوبئة، ففي أحيان كثيرة تكون الأوبئة نتيجة للأزمات الاقتصادية.

ثالثاً: انهيار العملة

"وأما باعتبار ما دها الناس من كثرة الفلوس، فأمر لا أشنعُ من ذكره ولا أفظعُ من هوله، فسدت به الأمور واختلت به الأحوال، وآل أمر الناس بسببه إلى العدم والزوال، وأشرف من أجله الإقليم على الدمار والاضمحلال" (تقي الدين المقريزي).

السبب الثالث وراء الأزمات الاقتصادية، والذي عرضه المقريزي، هو رواج المال من غير الذهب والفضة، ويقصد هنا تزييف العملة وكثرة وجودها في السوق. لا يرى المقريزي النقود إلا ذهباً أو فضة، وغير ذلك يراه سبباً من أسباب ارتفاع الأسعار، ولذا انتقد بشدة رواج "النقود النحاسية" التي أصبحت عملة التداول الأساسية دون التعامل بالذهب والفضة.

يفرق المقريزي بين نوعين من العملات، الأولى يطلق عليها "العُملة الرديئة" ويقصد بها "العملة النحاسية" والثانية يسميها "العملة الجيدة" وهي الذهب والفضة، ويرى أن الإكثار من سك "العملة النحاسية" دون وجود ما يقابلها من إنتاج للسلع والخدمات أو غطاء من الذهب والفضة، ساهم في ارتفاع الأسعار وفقدت العملة قيمتها، ما أدى إلى تضخم نقدي، ولذا انتقد المقريزي بشدة الدور الذي لعبه بعض الحكام في التلاعب بالعملة وإغراق السوق بالنقود الرديئة.

كما يرى أن أهل الدولة والتجار لو ألهمهم رشدهم، لعلموا أنهم لن ينالوا الربح المتوقع بزيادة الأسعار، وفي هذا يقول: "إن التاجر إذا استفاد مثلاً ثلاث آلاف درهم في بضاعته، فإنما يَتَعوضُ عنها فُلُوساً أو عشرين مثقالاً من الذهب، ويحتاج إلى صرفها في ما لا غنى له عنه من مؤونته ومؤونة عياله وكسوته وكسوة عياله، فهو لو تأمل لاتضح له أنه لما كان أولاً یستفید في مثل هذه البضاعة ألف درهم مثلاً، أنها تغني عنه في كُلفَتِه أكثر ما تغني عنه هذه الثلاثة آلاف درهم من الفلوس بكثیر".

ويلاحظ أن المقريزي اهتم كثيراً بموضوع النقود وأسهب فيه بشيء من التفصيل، وخصص الكثير من عدد صفحات كتابه "إغاثة الأمة" للحديث عنها وعن تاريخها في مصر، كما ألف كتابين آخرين تكلم فيهما بشيء من التفصيل عن هذا الموضوع، الأول "شذور العقود في ذكر النقود"، والثاني "الأوزان والأكيال الشرعية". ربما يرجع اهتمام المقريزي بهذا الملف بسبب عمله في الحسبة حين كان يختلط في الأسواق، ويعمل على ضبط الأسعار.

المَخرج من الأزمات الاقتصادية

"لو وُجِدَ من أُوتي توفيقاً وألهم رُشداً، لكان الحالُ غير ما عليه" (تقي الدين المقريزي).

توصّل المقريزي إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي عاشتها مصر قبل زمانه لا تختلف كثيراً عن الظروف التي تعيشها البلاد في أيامه، كما يلفت إلى أن الأزمات تتعاقب على العالم منذ بدء الخليقة وفي سائر البلدان، لكن الإنسان يستخف بها ويكرر حماقاته لمجرد أنه لم يشاهدها، وأن وقع الألم في نفس الإنسان المعاصر للأزمة يكون بالتأكيد أقوى من قراءته أو سماعه لأزمة لم يعشها، فمَن سمع ليس كمَن رأى والقليل من المشاهدة أكثر من الكثير المسموع.

لذا يرى المقريزي أن الأزمة الاقتصادية التي نزلت بمصر في أيامه كانت مسبوقة بأزمات أشد وأصعب، ولذلك ينوه إلى أن دراسة الأسباب السابقة تُعين على فهم واسع للأزمة الحالية. كما ينتقد موقف الناس في عهده حين شاهدوا أزمتهم وظنوا أن وضعهم لم يسبقهم إليه أحد، وفي هذا يقول: "لما طال أمد هذا البلاء المبين، وحل فيه بالخلق أنواع العذاب المهين، ظن الكثير من الناس دوام تلك الشدة، واستُبعد حُصولُ الفرج، وهي حادثة شاهدناها ومحنة أدركناها".

يؤكد المقريزي على وجود أكثر من سبب لحدوث الأزمات الاقتصادية، ويرى أن هذه الأسباب مرتبطة ومتداخلة ويمكن معالجتها، وأن الدواء يكمن أولاً في إصلاح الأحوال النقدية من خلال تغيير نظام العملة وإعادته إلى الذهب والفضة للحد من إغراق السوق بالنقود التي لا قيمة لها.

ومن خلال خبرته في السوق، يرى المقريزي أن الوازع الديني عند التجار ضعيف، لذا يرى ضرورة احتكام الاقتصادي إلى السياسي، وضرورة تواجد الدولة في الأسواق من أجل منع احتكار وتلاعب التجار بالأسعار في غفلة من أولي الأمر.

كما يرى أن على الدولة عدم صرف المال في البذخ والمباهاة وخصوصاً النفقات السلطانية الضخمة على القصور الفخمة ومظاهر الترف المنتشرة، إذ يرى أن المال لا بد وأن يصرف أولاً لخدمة السواد الأعظم من الناس، وفي هذا يقول: "لا بد وأن يصرف المال في الأمور الحاجية وسائر الأغراض البشرية".

ويؤكد المقريزي على أهمية الاعتماد على الكفاءات، ويستشهد بقصة النبي يوسف ويرى أن نجاحه في تخطي الأزمة راجع بالدرجة الأولى إلى كفاءته الاقتصادية، والدور الذي قام به في اعتماد خطة طويلة المدى لمواجهة الأزمة.

ورغم محاولة المقريزي علاج التدهور الاقتصادي، وتقديم حلول ومقترحات للخروج من الأزمة، إلا أن النظام المملوكي لم يأخذ بنصائح المقريزي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image