شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ينقسم حوله الفلسطينيون والإسرائيليون... هل لا يزال

ينقسم حوله الفلسطينيون والإسرائيليون... هل لا يزال "حلّ الدولتين" واقعياً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتطرف

السبت 4 فبراير 202311:27 ص

منذ وصول حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية الحالية إلى سُدة الحكم، بات حل الدولتين أمراً محفوفاً بشكوك كثيرة، في ظل توجهاتها اليمينية المتطرفة، وفي ظل تراجع نسبة التفاؤل بإيجاد حل للصراع، في أوساط الإسرائيليين وفي أوساط الفلسطينيين أيضاً.

ورغم أن الإدارة الأمريكية الحالية تولي اهتماماً كبيراً، على الأقل خطابياً، بمسألة حل الدولتين، وهو ما أكده مسؤولوها أكثر من مرة، إلا أن سياسات الحكومة الإسرائيلية تسير عكس الآمال الأمريكية. فمع وجود حكومة يمين متطرفة تعطي الاستيطان والضم أولوية قصوى في أجندتها، ومع التصعيد الحالي في القدس وغيرها من المدن الفلسطينية، صار حل الدولتين بعيد المنال أكثر.

الموقف الأمريكي

منذ وصول الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى الحكم، ظهرت مخاوف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من تلاشي وتراجع فكرة حل الدولتين، في ظل تواجد وزراء متطرفين ومهووسين بفكرة توسيع الرقعة الاستيطانية، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

وكانت الرسالة الأمريكية واضحة، إذ أرسلت الإدارة الأمريكية رسالة تؤكد أنها ستعارض أي سياسة من شأنها تهديد مستقبل حل الدولتين. وفي هذا الشأن، قال الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة، السفير روبرت وود، بعد اقتحام بن غفير المسجد الأقصى إن بلاده "تبقى ملتزمة بحل الدولتين الذي تعيش إسرائيل بموجبه بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية"، معرباً عن قلقه من "الأعمال الأحادية الجانب التي تفاقم التوترات أو تقوّض قابلية حل الدولتين للحياة".

وبدت هذه السياسة الأمريكية واضحة أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل مؤخراً. فمع تزامن زيارته مع التوترات وعمليات عسكرية إسرائيلية واقتحامات لمناطق في الضفة الغربية وعمليات انتقامية مثل عملية القدس التي قُتل فيها سبعة إسرائيليين، شدد بلينكن على ضرورة العودة إلى عملية السلام المتوقفة باعتبارها السبيل الوحيد للتهدئة الدائمة. وبعد إشارته إلى أن بلاده تعمل من أجل حصول الفلسطينيين والإسرائيليين على الحرية والحقوق والمساواة، اعتبر أن هذا الأمر لن يتحقق إلا بحماية فكرة حل الدولتين لشعبين، والذي يمثّل السبيل الوحيد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبعد عودته من رام الله، حيث التقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال في مؤتمر صحافي في القدس إن بلاده ستعارض "أي إجراء من جانب أي طرف لجعل هدف حل الدولتين أصعب من ناحية التحقيق وأبعد من ناحية المنال"، ولم يكتفِ بذلك بل ضرب أمثلة على ما يعيق تحقيق حل الدولتين بقوله إن "هذا يشمل إجراءات مثل توسيع المستوطنات وأيضاً إضفاء الصيغة القانونية على البؤر الاستيطانية وأعمال هدم البيوت وإخلاء المنازل وتعطيل الوضع القائم في الأماكن المقدسة، ويشمل أيضاً الدعوة إلى العنف والتغاضي عن اللجوء إليه".

الموقف الفلسطيني

كان شهر كانون الثاني/ يناير 2023 الأكثر دموية منذ عام 2015. فيه قتلت إسرائيل 35 فلسطينياً، من ضمنهم 20 شخصاً من جنين، ومن ضمنهم ثمانية أطفال.

الموقف الفلسطيني الرسمي يطالب بحل الدولتين. وأثناء ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، يائير لابيد، رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدعوة لابيد لحل الدولتين وإنهاء الصراع، في وقت شكك في النوايا الإسرائيلية، ونوّه بصعوبة اعتبار إسرئيل شريكاً يمكن الوثوق به في عملية السلام. وفي لقائه الأخير مع بلينكن، رمى عباس الطابة في ملعب الإسرائيليين بتحميله الدولة العبرية مسؤولية تقويض حل الدولتين.

من جانب آخر، كانت حركة حماس قد أعلنت عن موقفها من حل الدولتين في أكثر من مناسبة، وسبق أن أكد رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أن الحركة لا تعارض مرحلياً مسألة حل الدولتين، وإقامة دولة على حدود 1967، لكنها لن تعترف بالاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، منوهاً بأن الدولة الفلسطينية جربت مراراً مسألة التفاوض على هذا الحل لكن دون جدوى بسبب عدم جدية إسرائيل.

يرتفع تأييد حل الدولتين في قطاع غزة مقارنة بالضفة الغربية (40% مقابل 28% على التوالي)، ويرتفع بين مؤيدي فتح والذين يعرّفون أنفسهم على أنهم غير متدينين أو متوسطي التدين

أما حركة الجهاد الإسلامي، فهي ترفض حل الدولتين، لكنها لا تمانع من إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، مع المضي قدماً في تحرير كامل فلسطين التاريخية.

وأظهر استطلاع للرأي أن سكان غزة منفتحون على إجراء تحولات عملية في السياسات، لكن أغلبيتهم ترفض حل الدولتين. فقد أبدى 55% من العيّنة تفضيلهم للمطالبة بـ"كامل فلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر" على حساب الخيارات الأخرى، فيما عبّر نحو ثلثهم (37%) عن أنهم سيقبلون بـ"مبدأ الدولتين لشعبين". ولكن في الوقت نفسه، أفادت الأغلبية أيضاً (53%) بأنها توافق إلى حد ما على أن حركة حماس يجب أن تتوقف عن الدعوة إلى تدمير إسرائيل وأن تقبل بحل الدولتين.

الموقف الإسرائيلي

في زمن الحكومة الإسرائيلية السابقة التي كانت تضم خليطاً من اليمين واليسار، أعرب رئيس الحكومة السابق يائير لابيد، أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة، عن دعمه لفكرة حل الدولتين، معتبراً أن التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين يقوم على دولتين لشعبين هو الشيء الصحيح لأمن إسرائيل وللاقتصاد الإسرائيلي ولمستقبل أطفال الدولة العبرية، مشترطاً مقابل ذلك أن تكون الدولة الفلسطينية التي سترى النور بجانب إسرائيل "محبة للسلام".

في الوقت نفسه، اعتبر وزير الدفاع في الحكومة نفسها بيني غانتس أن "الذين يرون أن دولتين لشعبين هو حل للصراع يعيشون في وهم". وفوق هذا التضارب الذي يكشف الانقسام الإسرائيلي، فإن تعريف حل الدولتين يختلف بين جهة وأخرى، فلابيد مثلاً يعتبر أنه يعني دولة يهودية بجانب دولة فلسطينية وليس دول مختلطة بجانب أخرى للفلسطينيين.

34% فقط من الإسرائيليين اليهود يؤيدون حل الدولتين. وفي حين يؤيده 83% من الإسرائيليين الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم يسار، تنخفض النسبة إلى 16% بين اليمين

وفي حين قال لابيد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن غالبية الإسرائيليين تؤيد حل الدولتين، إلا أن استطلاعات الرأي تكشف عدم صحة ذلك. وأشار يوناثان ليس، في مقال في صحيفة "هآرتس" إلى أن أقل من 50% من الإسرائيليين يؤيدون حل الدولتين، وفقاً لاستطلاع أجراه "مركز فيتربي التابع للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، وكان اللافت فيه أن 60% من العرب فقط أيدوا حل الدولتين، مقارنة بـ79% في استطلاع سابق، ما يشير إلى تراجع المؤيدين للفكرة بين فلسطينيي الداخل أنفسهم.

والآن، تعقّدت الأمور أكثر مع وصول حكومة يطغى عليها اليمين المتطرف المطالب بتأسيس المزيد من المستوطنات، بما يعنيه ذلك من زيادة رقعة الأرض المحتلة من الضفة الغربية. كثيرون يتخوّفون من وأد حل الدولتين. وكان لافتاً أن نتياهو أثناء حديث بلينكن الواقف بجانبه عن حل الدولتين ابتعد عن الموضوع وراح يتحدث عن التهديد الإيراني.

وكانت الحكومة الإسرائيلية الحالية قد أعلنت موقفها بحزم في وثيقة الائتلاف التي وقّعتها الأحزاب المشاركة فيها ونشرها،"معهد الولايات المتحدة للسلام"، والتي جاء فيها أن "الشعب اليهودي لديه حق حصري وغير قابل للتصرف في جميع أجزاء أرض إسرائيل"، بجانب الالتزام بتعزيز الاستيطان وتطويره. وهذه بالضبط هي الأمور التي تحول دون التوصل إلى حل الدولتين.

تقييم للأوضاع الحالية

في تقرير بعنوان "زيارة بلينكن تعمّق شكوك الإسرائيليين والفلسطينيين بالدور الأمريكي"، جاء أنه "يبدو أن الإسرائيليين والفلسطينيين متفقون على مسألة واحدة: كلاهما متشكك بشدة بشأن الدعوات المتجددة التي أطلقتها إدارة بايدن من أجل حل الدولتين، بل يزدرونها حتى. ووصف كثيرون هذه البادرة- في هذه اللحظة من العنف والراديكالية- بالضعف، وحتى الهزلية".

عموماً يتراجع تأييد حل الدولتين شعبياً. فقد أظهر استطلاع أجراه "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" في رام الله و"البرنامج الدولي للوساطة وحل الصراعات" في جامعة تل أبيب، ونُشرت نتائجه في 24 كانون الثاني/ يناير 2023، أن تأييد حل الدولتين انخفض بين الفلسطينيين والإسرائيليين اليهود، فبعد أن كان 43% في أيلول/ سبتمبر 2020 تدنّى إلى 33% بين الفلسطينيين و34% بين الإسرائيليين اليهود. وفي حين أن نسبة تأييد فلسطينيي الداخل لا تزال مرتفعة نسبياً (60%) فإنها لا تؤثر كثيراً على النسبة بين كافة الإسرائيليين، ولا ترفعها إلا إلى 39%.

وبيّن الاستطلاع أن 83% من الإسرائيليين الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم يسار يؤيدون حل الدولتين بينما لا تزيد النسبة عن 16% بين اليمين. أما بين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم وسط فالأغلبية (56%) تؤيد حل الدولتين. وترتفع نسبة التأييد بين العلمانيين لتبلغ 57%، فيما لا تزيد بين المتدينين القوميين والحريديم عن 14% و8% على التوالي.

كما بيّن أن تأييد حل الدولتين يرتفع في قطاع غزة مقارنة بالضفة الغربية (40% مقابل 28% على التوالي)، وبأنه يرتفع بين مؤيدي فتح والذين يعرّفون أنفسهم على أنهم غير متدينين أو متوسطي التدين.

وفي سياق متصل، تقول خبيرة استطلاعات الرأي الإسرائيلية داليا شيندلين، في مقالة منشورة في صحيفة "هآرتس": "أصبح السلام في المنطقة بعيداً أكثر من أي وقت مضى، آخر مرة كانت هناك أغلبية من كلا الجانبين لصالح حل الدولتين كانت في حزيران/ يونيو 2017".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image