فرض أهالي بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة، صباح الثلاثاء 31 كانون الثاني/ يناير 2023، إضراباً شاملاً بالتزامن مع إغلاق شبّانها الطرق الرئيسة بالحجارة والصفيح والإطارات المشتعلة وحاويات القمامة، لمنع الشرطة الإسرائيلية من دخولها ومواصلة هدم المنازل الفلسطينية.
والثلاثاء أيضاً، بدأ أهالي قرية الخان الأحمر، شرق القدس المحتلة، اعتصاماً يستمر حتى نهاية يوم الأربعاء، رفضاً لقرار محكمة إسرائيلية هدم القرية التي تضم 25 تجمعاً، وترحيل أهلها البالغ عددهم 4000 فلسطيني.
وسياسة إسرائيل هدم منازل الفلسطينيين ليست جديدة لكن التوسّع فيها أحد أحدث الإجراءات التي فعّلها البلد المحتل ضمن حزمة من الإجراءات العقابية الجماعية التي اتخذها رداً على عمليتي القدس الأخيرتين.
الفلسطينيون يواجهون بالاعتصامات والإضرابات… إسرائيل تنفذ حزمة من الإجراءات العقابية الجماعية ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلة رداً على عمليتي القدس الأخيرتين، بما في ذلك التوسع في هدم المنازل وسحب الجنسية والإقامة والترحيل
في العملية الأولى، مساء الجمعة 27 كانون الثاني/ يناير، أسقط الشاب المقدسي خيري علقم سبعة إسرائيليين قتلى وخمسة آخرين جرحى في عملية إطلاق نار داخل مستوطنة النبي يعقوب. بعد ذلك بساعات، نفّذ فتى فلسطيني يُدعى محمد عليوات (13 عاماً) عملية إطلاق نار ثانية في سلوان أسفرت عن إصابتين خطيرتين.
هدم وإغلاق منازل وترحيل جماعي
ومساء السبت 28 كانون الثاني/ يناير، عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغّر (الكابينت) اجتماعاً لبحث تداعيات العمليتين واتخذ مجموعة من الإجراءات العقابية الجماعية التي استهدفت بالدرجة الأولى الفلسطينيين المقدسيين، في ما يقول إن هدفه تفادي تكرار مثل هذه العمليات ضد إسرائيليين.
علاوة على التوسّع في هدم المنازل الفلسطينية، أغلقت الشرطة الإسرائيلية منزل خيري علقم في بيت حنينا، بعد الاعتداء على والده وإصابته بكسر في يده اليمنى. وأعلنت عزمها غلق منزل عملية سلوان في أسرع وقت ممكن. ويأتي الإغلاق لتعذر الهدم لوقوع المنزلين في بنايات تضم العديد من الشقق السكنية الأخرى.
تنفّذ عمليات الهدم بذريعة "تنفيذ هجمات ضد إسرائيليين" و/ أو "عدم الحصول على تراخيص". ومنذ بداية 2023، نفّذت إسرائيل 30 عملية هدم مختلفة لممتلكات ومنشآت فلسطينية في القدس المحتلة فقط، وفق موقع "ألترا فلسطين". علماً أن مصادر حقوقية وقانونية عديدة أكدت عدم قانونية هذه العمليات ومخالفتها للقانون الدولي.
يُذكر أن هناك صعوبات وعراقيل عديدة أمام الحصول على تراخيص بناء للفلسطينيين.
بعد إقراره في قراءة أولى بالكنيست… الخارجية الفلسطينية تُندد بقانون جديد يسمح بسحب الجنسية الإسرائيلية من الأسرى والأسيرات وتعتبره "تصعيداً خطيراً في الأوضاع وشكلاً آخر من أشكال العقوبات الجماعية، ومضاعفة العقوبات والإجراءات التمييزية على المواطنين الفلسطينيين"
وقرر الكابينت "تعزيز قانون ترحيل عائلات منفذي الهجمات" و"تسريع وتوسيع نطاق ترخيص الأسلحة للمدنيين وتعزيز تسليح الشرطة" وحرمان عائلات منفذي العمليات ضد أهداف إسرائيلية من التأمين الوطني (الصحي).
بالفعل، أقر الكنيست الإسرائيلي، في القراءة الأولى، الاثنين 30 كانون الثاني/ يناير، مشروع قانون سحب الجنسية/ الإقامة الإسرائيلية من الفلسطينيين الذين أدينوا بتنفيذ عمليات عدائية ضد أمن إسرائيل ووافقوا على قبول تعويضات من السلطة الفلسطينية. صوّت 89 عضواً لصالح القانون مقابل امتناع ثمانية.
يخوّل القانون لوزير الداخلية الإسرائيلي سحب الجنسية الإسرائيلية أو الإقامة الدائمة (في حالة المقدسيين الذين لا يحملون جنسية إسرائيلية) عن أي فلسطيني يتورط في "أعمال عدائية" ضد أهداف إسرائيلية إذا حُكم بالسجن ووافق على تلقي تعويضات أو مكافآت من السلطة الفلسطينية. على أن يُرحّلوا إلى الضفة الغربية أو غزة.
وشملت الإجراءات الإسرائيلية الاعتقالات الواسعة المستمرة في صفوف الفلسطينيين بالقدس والضفة الغربية المحتلتين، بما في ذلك اعتقال خمسة أشخاص فجر الثلاثاء.
وأصبحت القوات الإسرائيلية أكثر تشدداً وعنفاً في التعامل مع الفلسطينيين عند المعابر ومحاور الطرق. الاثنين، قتل أفراد من الجيش الإسرائيلي فلسطينياً كان يقود سيارته قرب الخليل بذريعة "عدم انصياعه للأوامر". كما أطلقت أيدي المستوطنين بدرجة أكبر من ذي قبل للتمادي في هجماتهم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، وتصرفاتهم التخريبية والاستفزازية على غرار اقتحام المسجد الأقصى وخرق إطارات سيارات الفلسطينيين وغيرها.
بوجه عام، توعّد وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت كل فلسطيني "يلحق الأذى بالمدنيين أو بالجنود" الإسرائيليين بأنه "سيقدم إما إلى المحاكمة أو إلى المقبرة، ومن يساعده سنعمل ضده، وإذا لزم الأمر، سنرحّل الناس ونهدم منازلهم".
بدأ أهالي قرية الخان الأحمر، شرق القدس المحتلة، اعتصاماً لمدة يومين، رفضاً لقرار محكمة إسرائيلية هدم القرية التي تضم 25 تجمعاً، وترحيل أهلها البالغ عددهم 4000 فلسطيني
الأسرى والأسيرات أيضاً
لم تطل الإجراءات العقابية الجمعية المشددة الفلسطينيين في القدس والضفة فقط، وإنما الأسرى والأسيرات في السجون الإسرائيلية التي تشهد حالة من التوتر الشديد أيضاً.
صباح الثلاثاء، أبلغت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين عن اعتداء إدارة سجن الدامون الإسرائيلي على الاعتداء على الأسيرة ياسمين شعبان وعزلها من دورها كممثلة للأسيرات، ما أدى إلى توتر شديد في قسم الأسيرات سيّما بعد أن قامت إدارة السجن أيضاً بتحويل غرف الأسيرات إلى زنازين بسحب الأدوات الكهربائية، ومقتنيات الأسيرات، وفرض عقوبات قاسية عليهن.
في موازاة ذلك، يواصل 120 أسيراً فلسطينياً في سجن النقب الإضراب عن الطعام لليوم الثاني رفضاً للعقوبات الإسرائيلية المفروضة عليهم عقب أحداث العمليتين في القدس.
وفق مكتب "إعلام الأسرى"، من المقرر غلق الأقسام في جميع السجون الإسرائيلية بعد ظهر الثلاثاء، ورفض الخروج للفحص الأمني الروتيني احتجاجاً على هذه الإجراءات التعسفية بحق الأسيرات والأسرى في النقب وعوفر ومجدو.
وحذّر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر: "كل المؤشرات داخل السجون والمعتقلات تُنذر بمرحلة صعبة وخطيرة على أسرانا وأسيراتنا، ويأتي ذلك في سياق فرض أمر واقع جديد، واستهداف كيان الأسرى وشخصياتهم وعزيمتهم. نتابع ما يحدث في السجون والمعتقلات بقلق كبير، وأصبح التوتر والخوف على أسرانا وأسيراتنا دائمين، في ظل الاقتحامات والتنقلات والاعتداءات الكبيرة التي تنفذها ادارة سجون الاحتلال ووحدات القمع التابعة لها"، داعياً الجهات الدولية المعنية للتدخل لحماية الأسرى والأسيرات.
مزيد من الإجراءات في الطريق
ويُخشى من أن الحكومة الإسرائيلية في سبيلها إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية الجماعية المتطرفة. على سبيل المثال، يريد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير سن قانون "الإعدام بالكرسي الكهربائي" للفلسطينيين الذين ينفّذون عمليات ضد إسرائيليين.
شخصيات من المعارضة الإسرائيلية عبّرت عن قلقها من هذه القوانين التي شبّهها عضو الكنيست عوفر كاسيف، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بـ"كرة الثلج" التي "تبدأ بالفلسطينيين، وتستمر حتى تطال كل من يعارض النظام".
وطالب بن غفير أيضاً بالتشريع لإنشاء سبع بؤر استيطانية جديدة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، في مقابل القتلى الإسرائيليين السبعة في عملية علقم. وصرّح نتنياهو بأن حكومته ستقر خطوات لتعزيز الاستيطان بالضفة لتوضح للفلسطينيين الذين يريدون اقتلاعهم من الأرض "أننا هنا لنبقى".
وأشار تقرير للقناة 14 الإسرائيلية إلى أن خلافاً داخل حكومة نتنياهو حدث إثر مطالبة بن غفير وعضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش بفرض عقوبات على قطاع غزة رداً على عمليتي القدس. رفض نتنياهو الطلب استجابةً لتوصية من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
"تصعيد خطير"
وفي بيان الثلاثاء، نددت وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة السلطة الفلسطينية بالنقاشات حول قانون سحب الجنسية/ الإقامة من أسرى فلسطينيين، واصفةً إياها بأنها "قوانين تمييزية عنصرية".
وشددت وزارة الخارجية على أن هذه القوانين تمثل "تصعيداً خطيراً في الأوضاع وشكلاً آخر من أشكال العقوبات الجماعية، ومضاعفة العقوبات والإجراءات التمييزية على المواطنين الفلسطينيين والتهمة ذاتها، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي واتفاقيات جنيف ومبادئ حقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، داعية المجتمع الدولي إلى سرعة التحرك لمنع إقرارها وتنفيذها.
وكانت شخصيات من المعارضة الإسرائيلية قد عبّرت عن قلقها من هذه القوانين التي شبّهها عضو الكنيست عوفر كاسيف، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بـ"كرة الثلج" التي "تبدأ بالفلسطينيين، وتستمر حتى تطال كل من يعارض النظام".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...