شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
تنظيف الحدائق وحظر استخدام الهاتف الذكي... عقوبات غريبة بحق المحتجات الإيرانيات

تنظيف الحدائق وحظر استخدام الهاتف الذكي... عقوبات غريبة بحق المحتجات الإيرانيات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 9 يناير 202301:02 م

شرعت المحاكم الإيرانية في إصدار أحكامها بحق مئات المحتجين/ات، والتي تطلق عليهم/هن "مثيروا الشغب"، في أعمال "العنف" و"الفوضى" في البلاد وتقصد بذلك الاحتجاجات بعد وفاة مهسا أميني في سبتمبر الماضي. وفي غياب الإحصاءات الرسمية، أكدت وكالة هرانا غير الرسمية لشبكة ناشطي حقوق الإنسان في إيران، ومقرها النرويج، سجن نحو 19 ألف شخص خلال الاحتجاجات.

أثارت القرارات الصادرة من محاكم الثورة الإسلامية المشهورة بتشددها، استغراب الرأي العام بعد lما أعلن عنها المتهمون وعوائلهم في شبكات التواصل الاجتماعي، وفي المقابل دافع إعلام النظام عنها، ومنع الإعلام المحلي الحر من متابعة كيفية إصدار الأحكام وتسليط الضوء عليها.

ورقة بحثية بـ110 صفحات

البداية مع المواطنة سَبِيدة رَشنُو، (31 عاماً)، وهي التي قصتها معروفة حول الحجاب في صيف العام الماضي الساخن، إذ كانت دون غطاء الرأس وتصادمت مع سيدة محجبة داخل الحافلة، بعد ما طلبت منها الأخيرة ارتداء الحجاب، بصفتها "ناهية عن المنكر"، لكن مقطع الفيديو الذي وثق الصدام بينهما وانتشر سريعاً في شبكات التواصل الاجتماعي كان شاهداً لاعتقالها.

"حكم شقيقتي هو خمس سنوات من الحبس مع وقف التنفيذ وسيتم الإشراف عليها لتنفيذ ما يلي: إعداد ورقة بحثية من 110 صفحات حول حب الوطن، والأدب والإضرار بالرأي العام، مقتبس من كتب... (أربعة کتب إيدولوجية باللغة الفارسية)، مع وجوب تضمين محتوى هذه الكتب في كل صفحة وذكر مصادرها"

تحولت قصة سَبِيدة إلى رمز مواجهة تقييد الحريات الشخصية في إيران قبل اعتقال مهسا أميني بشهرين، وقد أغضب ظلم النظام بحقها حفيظة الرأي العام. وقبل أيام أعلن شقيقها عن صدور حكمها القضائي بتهمة "التواطؤ ضد أمن البلاد"، و"الدعاية ضد النظام"، و"عدم ارتداء الحجاب في الشوارع".


وكتب سامان على تويتر: "حكم شقيقتي هو خمس سنوات من الحبس مع وقف التنفيذ وسيتم الإشراف عليها لتنفيذ ما يلي: إعداد ورقة بحثية من 110 صفحات حول حب الوطن، والأدب والإضرار بالرأي العام، مقتبس من كتب... (أربعة کتب إيدولوجية باللغة الفارسية)، مع وجوب تضمين محتوى هذه الكتب في كل صفحة وذكر مصادرها".

وأكمل: "الحضور الموسمي في مركز الشرطة، وطلب الإذن من المحكمة لمغادرة البلاد من الأمور الأخرى التي يجب على سبيدة مراعاتها في هذه الفترة، كما أكدت المحكمة أنها تحتفظ بحقها في تنفيذ عقوبة السجن متى خالفت المتهمة أوامر القاضي أو ارتكبت جريمة أخرى".

من مصورة إعلامية إلى عاملة نظافة

نشرت المصورة الإعلامية الشهيرة يَلدا مُعَيري، (38 عاماً)، مقطع فيديو رداً على حكمها الأولي الصادر من محكمة الثورة، إذ ارتدت ملابس عمال النظافة بشكل رمزي وهي تقول: "بسبب التصوير خلال الاحتجاجات الشعبية، سجنت 32 يوماً في سجن إيفين قسم الحرس الثوري، و60 يوماً في سجن قرجك. ووجهت لي تهمة التواطؤ ضد أمن البلاد، والدعاية ضد النظام وعقوبتها سبع سنوات من الحبس".


وكشفت يلدا عن عقوبات أخرى: "جاء في الحكم القضائي أنني خلافاً للنشاط الصحافي، كنت أبحث عن صناعة الأخبار وخلق الصراعات، لذلك إضافة إلى عقوبة السجن، هناك خمس عقوبات أخرى وهي: إعداد ورقة بحثية من مئة صفحة حول كتب (رجل الدين) الشيخ مطهري، وحظر استخدام الهاتف الذكي وأي نشاط على منصات التواصل طوال سنتين، وحظر الخروج من البلد عامين، وحظر الإقامة في العاصمة طهران والمحافظات المجاورة لها عامين كذلك".

وأوضحت يلدا عن أغرب عقوبة يجب تنفيذها: "آخر عقوبة تم ذكرها في الحكم هي أن أكون عاملة نظافة شهرين في حديقة نسائية. بعد 23 عاماً من التصوير الإعلامي، يتم منعي من هذا النشاط ثلاث سنوات، ومع ارتدائي هذه الملابس أردت التصريح بأن ليست لي مشكلة مع هذه الوظيفة الشريفة، بل في ظروف لا تسمح لي التصوير عن حقايق بلدي، سأفعل ذلك بكل طيب خاطر. سأبدأ ذلك من اليوم وليس في حديقة النساء بل في شوارع مدينة قضيت فيها فترة شبابي".


 يَلدا مُعَيري

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي ساخرة ومستغربة من عقوبة يلدا، واعتبرت أن العقوبة جاءت لتحقيرها لا غير، كما عبّر والدها غلام رضا، الذي يقطن في الولايات المتحدة، في لقاء مع قناة بي بي سي الناطقة باللغة الفارسية، عن استغرابه من هذه العقوبة وكشف عن تعرض ابنته "لاعتداء جنسي في السجن" وقال أنه تم رفع شكوى بهذا الخصوص.

وبعد الضجة الإعلامية التي افتعلها الفيديو الرمزي للمصورة، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية أن الحكم القضائي بحق يلدا هو حكم أولي وسوف يخضع لمحكمة الاستئناف، وأنها لم تعاقب بأن تكون عاملة نظافة، بل "تقديم خدمات عامة في حديقة نسائية"، دون إيضاح أكثر عن نوعية الخدمة.

مصادرة الهاتف الذكي والنفي من طهران

سجنت المواطنة بِكاه سادات فَخرايي (33 عاماً)، بتهمة تصوير فيديو خلال اطلاق سراح المعتقلات من دوريات الشرطة، وكذلك مساعدة جرحى الاحتجاجات، وبعد 49 يوماً من السجن أطلق سراحها بكفالة مالية، ليأتي الحكم القضائي بعقوبة تصل إلى خمس سنوات من السجن، والنفي من طهران والمنع من مغادرة البلد عامين، كذلك مصادرة سيارة والدها وجوالها الذكي، وحظر قيادة السيارة سنتين، والعمل بالإجبار مجاناً في مستشفى نيايش بطهران.

عقوبة ارتداء العباءة في الأماكن العامة ونشر صور خامنئي

نشر الناشط المدني فَرزَاد صَيفي كَران صورة من حكم قضائي بحق مواطنة كانت في سيارتها دون حجاب وتهتف بشعار "المرأة، الحياة، الحرية"، وذلك في مدينة سَقّز الكردية في غرب البلاد، حيث مسقط رأس الشابة مهسا أميني.

تواجه عقوبة إعداد ورقة بحثية بثمانين صفحة بخط اليد حول ضرورة الأمن للمجتمعات البشرية، وذم الخيانة، وحب الوطن، وحول فساد وجرائم النظام الملكي السابق، وفي النهاية سوف يتحقق القاضي من خط يدها، ليتأكد أنه هي التي كتبت الورقة البحثية

وعلّق: "حسبما أعلنه القاضي يتم عقوبتها في أربعة أصناف: 1. غرامة مالية، 2. ارتداء الشادور (العباءة) لفترة سنة في الأماكن العامة وإذا لم يتم ذلك فسوف تعاقب بالسجن، 3. الجلد مع إمكانية شراء العقوبة، 4. نشر منشورات فی مدح مرشد الجمهورية الإسلامية والتنديد بأعمال المشاغبين (المتظاهرين)، في الإنستغرام".

وأكد الناشط أن المحكمة أخبرت المتهمة بأنها سوف تعطيها النصوص بغية النشر مع ضرورة إرفاق المنشورات بصور خامنئي فحسب، ولا بد لها من أن تبقى سنة كاملة على حساباتهم الشخصية في الانستغرام.

حظر استخدام الهاتف الذكي ومعدات ذكية أخرى

كذلك تواجه الباحثة الاجتماعية ومخرجة الأفلام الوثائقية سَبِيدَة سَالار وَند، (31 عاماً)، بتهمة "التواطؤ ضد أمن البلاد"، لعقوبات تمتد سنتين منها: السجن، ومنع مغادرة البلاد، وحظر استخدام الهاتف الذكي والمعدات الذكية (تابلت، لابتوب و... )، والحظر من العضوية في أي نشاط سياسي أو اجتماعي.

سَبِيدَة سَالار وَند

كما تواجه عقوبة إعداد ورقة بحثية بثمانين صفحة بخط اليد حول ضرورة الأمن للمجتمعات البشرية، وذم الخيانة، وحب الوطن، وحول فساد وجرائم النظام الملكي السابق، وفي النهاية سوف يتحقق القاضي من خط يدها، ليتأكد أنه هي التي كتبت الورقة البحثية.

عنف قضائي

عن هذه الأحكام قال المحامي وأستاذ جامعة طهران محسن برهاني: "من باب المثال يتم عقوبة شخص ثلاث سنوات من أجل رفعه لافتة كتب عليها (التعازي لمدينة مهاباد)". ولفت إلى أن هذه "الأحكام الشديدة تحمل نقاطاً مدهشة"، كما اعتبرها "عنفاً قضائياً"، مصيفاً: "إذا لم يبحث النظام عن وقف دوامة العنف، فيجب أن يوقفوا إصدار هذه الأحكام".




رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard