شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
موسم الهجرة إلى دبي... رواد الأعمال المصريون يحلّقون نحو وفرة الدولار

موسم الهجرة إلى دبي... رواد الأعمال المصريون يحلّقون نحو وفرة الدولار

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 4 يناير 202303:29 م
Read in English:

The “Dubai trap”? Egyptian entrepreneurs flock to Dubai in search of success


بعد أربع سنوات من تأسيس شركته الأولى بمصر، نقل سامح النبوي المقر الإداري لشركته المتخصصة في مجال البرمجيات "السوفت وير" إلى دبي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحثاً عن مناخ أعمال أكثر مرونة، يتيح له إجراء معاملاته الدولارية عبر البنوك بلا قيود، والتخلص من الأعباء الضريبية التي كان يلتزم بها في مصر.

تقدم شركة النبوي العديد من الخدمات الرقمية لعملائها عبر الإنترنت مثل تصميم وإدارة وبرمجة المواقع الإلكترونية، وإدارة حملات التسويق والترويج لمنتجات الشركات، وهو مجال نما بشكل لافت في السنوات الماضية، فبحسب تصريحات رسمية حقق سوق تكنولوجيا المعلومات نمواً بنسبة 16.4% ومثل واحداً من أكثر القطاعات نمواً في مصر خلال العام المالي المنتهي في يونيو/ حزيران الماضي.

ويعد هذا القطاع من القطاعات المدرة للدخل بالعملة الصعبة في مصر، من خلال جولات التمويل التي تحصد منها هذه الشركات أحياناً عدة ملايين من الدولارات. تجاوزت نصف مليار دولار خلال العام المنتهى بحسب تصريحات وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت.

بعد أربع سنوات من تأسيس شركته الأولى بمصر، نقل سامح النبوي المقر الإداري لشركته المتخصصة في مجال البرمجيات "السوفت وير" إلى دبي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحثاً عن مناخ أعمال أكثر مرونة، يتيح له إجراء معاملاته الدولارية عبر البنوك بلا قيود، والتخلص من أعباء ضريبية كان يلتزم بها في مصر

إلا أن هذا السوق الواعد الذي يستقبل يومياً عشرات المبرمجين والمبتكرين، يواجه عقبات وتحديات كثيرة، من بينها اعتماد بنيته التحتية بشكل شبه كامل على التعامل بالعملة "الصعبة" وهو ما بات يمثل تحدياً أمام كافة قطاعات العمل في مصر خلال العام 2022، ومرشح للاستمرار في ظل تناقص الموارد الدولارية لمصر مع تراجع قدرتها على الاستدانة

هذه الأزمة اضطرت البنك المركزي وأطراف الاقتصاد الحكومية في مصر إلى وضع قيود على عمليات السحب من البطاقات الائتمانية والدفع بالدولار لصالح جهات خارجية، ما دفع رواد الأعمال خاصة في قطاع البرمجة والخدمات المعتمدة على الإنترنت إلى تأسيس مقار رئيسية لشركاتهم خارج البلاد.

في هذا التقرير، يتحدث رواد أعمال وخبراء عن التحديات التي خلقها شح الدولار بالبنوك المصرية، وزيادة وتيرة هجرة رواد الأعمال وشريحة المبرمجين للسوقين السعودي والإماراتي على وجه الخصوص، لما يقدمانه من تسهيلات كبيرة لاستقطاب الكفاءات ورواد الأعمال.

تردد، حسمه "المركزي"

رغم تأسيسه الشركة في إبريل/نيسان الماضي، انتظر النبوي بضعة أشهر قبل اتخاذ قراره بنقل عمليات الشركة إلى الإمارات، أملاً في تحسن الوضع الاقتصادي وإيجاد حلول لأزمة التحويلات الدولارية، لكن تقطعت به السبل ولم يجد بُداً من إنهاء الإجراءات، يقول لرصيف22: "انتظرت طويلاً كي يتحسن الوضع، لكن للأسف لا ألمس تحسناً ولا أتوقعه في المستقبل القريب".

يوضح النبوي أنه لم يقدم على تصفية شركته بالكامل بمصر، "لحين إنهاء بعض الإجراءات التي تستغرق وقتاً"، فيما احتفظ بموظفيه المصريين من المبرمجين بنظام العمل عن بعد.

القيود على المعاملات الدولارية ليست السبب الوحيد الذي دفع النبوي إلى نقل شركته إلى دبي، إذ ستساعده خطوته الجديدة على "تخفيف الأعباء الضريبية"، فبينما تفرض مصر ضرائب تصل لنسبة 26% من أرباح الشركات، لا تفرض الحكومة الإماراتية ضرائب على الكيانات الناشطة بالمنطقة الحرة إلا إذا زادت أرباحها على 500 ألف درهم: "تعاملاتنا تتجاوز هذا الرقم بكل تأكيد، لكن على الأقل الـ5% التي تدفعها الشركات تحصل مقابلها على تيسيرات".

هذا السوق الواعد الذي يستقبل يومياً عشرات المبرمجين والمبتكرين المصريين، يواجه عقبات وتحديات كثيرة، من بينها اعتماد بنيته التحتية بشكل شبه كامل على التعامل بالعملة "الصعبة" وهو ما بات يمثل تحدياً أمام كافة قطاعات العمل في مصر خلال العام 2022، ومرشح للاستمرار في ظل تناقص الموارد الدولارية لمصر مع تراجع قدرتها على الاستدانة

ما أسباب هجرة رواد الأعمال المصريين؟

يرصد هشام عبد الغفار، مؤسس صندوق مينا جروس لرأسمال المخاطر، تزايد معدلات خروج الشركات الناشئة من السوق المصري في الآونة الأخيرة، وتنامي ظاهرة تأسيس المقار الرئيسية لها خارج مصر، لتسهيل تحويل التمويلات من خارج البلاد، من جانب، وجاذبية البيئة التشريعية من جانب آخر.

يوضح عبدالغفار لرصيف22 أن "الهجرة جماعية لرواد الأعمال وشركات التكنولوجيا القائمة على الاقتصاد الرقمي بسبب الوضع الاقتصادي الكلي، ونقص العملة الأجنبية في مصر، ما أدى إلى فرض قيود على حدود سحب الدولار من البطاقات الائتمانية خارج مصر". 

وعمدت معظم البنوك العاملة في مصر إلى خفض حدود السحب والشراء على بطاقات الائتمان والخصم المباشر، بنسب تراوحت بين 50% وأكثر من 90%،  لتنخفض حدود السحب النقدي على بعض أنواع البطاقات من ماكينات الصراف الآلي خارج مصر إلى 100 دولار شهرياً فقط انخفاضاً من 500 دولار في البطاقات العادية، وانخفضت إلى 250 دولاراً بدلاً من 750 دولاراً، وإلى 500 دولار بدلاً من 1500 دولار في بعض البنوك، حسب فئة البطاقة (كلاسيك - غولد- بلاتينيوم… إلخ). هذه الحدود نفسها صارت قيمتها بالدولار أقل، مع بدء حركة انخفاض جديدة للجنيه صباح اليوم الأربعاء 4 يناير/ كانون الثاني 2022.

وعزا البنك المركزي فرض تلك الحدود على سحب الدولار باستخدام البطاقات الائتمانية خارج مصر، إلى رصده مجموعة من الممارسات غير المشروعة التي تتعلق بسوق النقد الأجنبي، "تستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد خلافاً لأحكام القانون، وكذا محاولة تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة"، فسجل المركزي "عمليات سحب تصل إلى 55 مليون دولار في يوم واحد، أي ما يقرب من خمسة أضعاف متوسط عمليات السحب المسجلة في هذا الوقت من العام الماضي". بحسب البيان التفسيري الذي أصدره البنك في وقت لاحق على قراره.

يشرح عبد الغفار: "في السابق كانت مصر دولة رخيصة قليلة التكلفة بالنسبة لشركات كثيرة، لكن مع زيادة التكلفة وصعوبة التحويلات عبر البنوك، إلى جانب النظام الضريبي المتبع، لم يعد ذلك مشجعاً لرواد الأعمال المصريين للعمل بمقار رئيسية هنا، بينما بإمكانهم افتتاح مكاتب في بلدان تسهل عملهم".

محمود المصري، رائد الأعمال واستشاري تطوير الأعمال في قطاع الشركات التكنولوجية الناشئة، يقول لرصيف22: "يصلني يومياً حوالى 100 رسالة، يستفسر أصحابها فيها عن التأسيس خارج مصر، فيه اللي منهم مجرد مبرمج أو ديزاينر أوماركتير يعني مش بس شركات".

ويوضح المصري أن رواد الأعمال المصريين "دائماً ما يقصدون الشركات الناشطة في مجال الاستشارات لمساعدتهم على مجابهة المشكلات الإدارية والعقبات التمويلية"، لافتاً إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت "عمليات هجرة غير مسبوقة" لتأسيس شركات خارج مصر، لتفادي أزمة السحب الدولاري، حيث تلتزم تلك الشركات بدفع اشتراكات شهرية وسنوية بالعملة الصعبة مقابل خدمات البنية التحتية التكنولوجية، وهو ما يعطل نشاطها نتيجة تحجيم عمليات السحب على بطاقات الائتمان.

ويشير إلى أن الشركات المصرية عادة تلجأ إلى السوق الإماراتي الأكثر جذباً للاستثمارات في المنطقة العربية، حيث لا يحتاج الأمر أكثر من 10 أيام لتأسيس شركتك الجديدة، "بمزايا استثنائية" إذ لا تفرض حكومة الإمارات ضرائب دخل على الشركات بالمنطقة الحرة، بينما يعاني رواد الأعمال في مصر من القيود التشريعية: "في مصر قد تحتاج إلى ثلاثة أشهر لتجديد رخصة شركتك القائمة بالفعل".

كيف جذبت الإمارات الشركات الناشئة؟

نجحت الإمارات في السنوات الماضية في توجيه دفة رأس المال المُغامر إلى أراضيها، بتسهيلات كبيرة في شروط التأسيس ونظام الضرائب، فتأسيس شركة ناشئة تكنولوجية يُكلف 3200 دولار سنوياً، وهو رقم يبدو متواضعاً بالنسبة لتكاليف إنشاء الشركات.

وبحسب وزارة الاقتصاد الإماراتية، هيأت الدولة الخليجية الثرية للمستثمرين "بيئة استثمارية عصرية" ووضعت السياسات التي تسهل وتسرع تأسيس الشركات عبر المنصات الإلكترونية، كما عززت جاذبيتها بإصدارها تعديلات على قانون الشركات أثمرت عن إحرازها موقعاً متقدماً في مؤشر "سهولة ممارسة الأعمال" التي تحتل فيه المركز الـ 16 عالمياً في حين تحتل مصر المركز الـ114، وهو ما يعكس التفوق الإماراتي في الإجراءات والمرونة التي يقدمها قطاع الأعمال في البلدين.

تبرز المقارنة بين مصر والإمارات والسعودية في عدد الشركات الناشئة السريعة النمو التي تحتضنها كل منها، فبحسب تقرير صادر عن غرفة دبي للاقتصاد الرقمي، تحتل الإمارات الصدارة بـ 229 شركة ناشئة ذات نمو سريع، تلتها القاهرة بـ 76 شركة، والرياض بـ 72 شركة.

وما زالت غرفة دبي العالمية تستهدف  ضم 300 شركة ناشئة في الاقتصاد الرقمي، من بينها 25- 30 شركة مصرية ناشئة، للعمل في دبي، ما يعني أن السوق المصري مرشح لخسارة المزيد من الشركات السريعة النمو المدرة للدخل الدولاري الذي تحتاجه مصر بشكل ملح ومتزايد.

يُظهر التقرير الحكومي الإماراتي أن الشركات الناشئة الهادفة للحصول على التمويل المطلوب، تلجأ للانتقال إلى خارج حدود بلدانها. استقطبت منها دبي ثماني شركات من أصل 26 شركة سريعة النمو في الشرق الأوسط وأفريقيا، تليها السعودية بـ 7 ثم مصر بـ 4 شركات.

دلالة على ذلك، تضم القائمة شركات مصرية بدأت أعمالها وحصدت شهرتها التجارية في مصر، ثم انتقلت إلى دبي بحثاً عن التمويلات والنمو السريع، مثل "سويفل"، الناشطة في مجال النقل التشاركي الجماعي، التي أدرجت في بورصة ناسداك الأمريكية من بوابة دبي،  و"فيزيتا"، منصة حجز مواعيد الأطباء وشراء الدواء عبر الإنترنت.

بجانب ذلك، شرعت الإمارات في الفترة الأخيرة في استقطاب المبرمجين، إذ خصصت 100 ألف إقامة ذهبية لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع والشركات الناشئة والمتخصصة في مجال البرمجة.

السعودية أيضاً تقدم حوافز استثنائية لجذب الشركات الأجنبية لإنشاء مقارها أو نقل عملياتها إلى الرياض، بفرض ضريبة شركات بقيمة صفر في المئة صفر لمدة 50 عاماً، وإعفاء مدته 10 سنوات من سياسة "سعودة" العمل القائمة على توظيف سعوديين، إلى جانب معاملة تفضيلية في العقود الحكومية.

في محاولة لإزالة عوائق الاستثمار الموجه للشركات الناشئة، وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتأسيس الشركات الناشئة عبر الإخطار رقمياً ومن خلال منصة تقام لهذا الغرض، والتوسع في الإعفاءات الضريبية لهذه الشركات

مؤخراً، وضعت السعودية قدماً لها في قائمة أفضل الدول لريادة الأعمال، بعد تحسين بيئة الاستثمار في السنوات الماضية، إذ احتلت المركز الرابع بعد الإمارات وهولندا وفنلندا في قائمة تضم 20 دولة، وفقاً للتقرير الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال.

يمضي هشام عبد الغفار في المقارنة بين مصر والإمارات، وتمنح تلك المقارنة للدولة الخليجية قصب السبق: "كل الشركات الكبيرة فيزيتا، وظُّف، سويفل… لها مقار رئيسية في دبي. تلجأ إلى دبي لأن المساهمين يشترطون الانتقال إلى بيئة تطبيق القانون الإنجليزي للشركات وليس الفرنسي المعمول به في مصر. المناخ القانوني في مصر غير مناسب بعكس دبي".

ويلفت إلى أن الشركات ترجح هذا المسار لغياب الأطر القانونية المتقدمة والأدوات المناسبة لتأسيس الشركات الناشئة فى مصر، مثل اتفاقيات المساهمين والاستعداد للاستثمار، موضحاً: "الميزة الأساسية للشركات المساهمة، هي المرونة في الحركة. لكن القانون المصري عفا عليه الزمن ويعطل دخول وخروج الأموال من الشركات، فلماذا نتمسك به إلى الآن؟". 

وعبّر مؤسسو شركات ناشئة عن شكواهم من قيود البيئة التشريعية التي تحرمهم من الحصول على تمويلات وبناء شراكات اقتصادية، ما يدفعهم إلى تأسيس مكاتب بالخارج، حيث يطالب مستثمرو رأس المال المخاطر ببنود لحماية حقوق مستثمري النسبة الأقل، وضمان مقاعد في مجلس الإدارة.

وبحسب دراسة شارك فيها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار، فإن الشركاء أصحاب النسب الأقل في راس المال لا يحصلون على كافة حقوقهم، ولا يمكنهم التأثير على الأنشطة اليومية للشركة، وغالباً ما يكونوا غير قادرين على التأثير في مسارات الشركة، وذلك بالنسبة لمستثمري رأس المال المغامر وشركات الاستثمار المباشر ومؤسسي الشركات الناشئة على حد سواء.

وفي محاولة لإزالة عوائق الاستثمار الموجه للشركات الناشئة، وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتأسيس الشركات الناشئة عبر الإخطار رقمياً ومن خلال منصة تقام لهذا الغرض، والتوسع في الإعفاءات الضريبية لهذه الشركات.

استحواذات خليجية وقلق مصري

بموازاة ذلك، استحوذت شركات خليجية على شركات مصرية ناشئة خلال النصف الثاني من العام المنقضي، إذ استحوذت منصة ساري السعودية على منصة التجارة الإلكترونية المصرية "مورد"، كما استحوذت أوميت الأردنية، منصة الرعاية الصحية بين الشركات، على منصة توريد الأدوية الرقمية "بلاتفورم وان" المصرية، وقبل أسبوعين استحوذت "فنتك جالكسي" الإماراتية على منصة "أندرلاي" المصرية.

يعود هشام عبد الغفار مؤسس صندوق مينا جروس الاستثماري للإفصاح عن مخاوفه لرصيف22: "الشركات الخليجية تستحوذ بسهولة على شركات مصرية. نشجع الناس طول الوقت للاستثمار ولا حساسية من الاستحواذ لأنه السبيل للتوسع والنمو؛ لكن الخوف من انتقال العمليات من بلادنا والاعتماد على موظفين غير مصريين، لا نريد لبيئة إدارة الأعمال الخروج من مصر، بل نريد أن نكون بيئة جاذبة وليست طاردة، نريد أن يكون المطبخ في مصر". يقصد مجتمع ريادة الأعمال بالمطبخ مقار الشركة وهيكلها الإداري الذي يدير عملياتها الاستثمارية.

شهد مجتمع ريادة الأعمال المصري سلسلة من الأزمات عصفت ببعض الشركات، تصدرها شركة كابيتر الناشطة في مجال التجارة الإلكترونية، التي راج خبر هروب مؤسسيها أحمد ومحود نوح إلى الإمارات في الأشهر الأخيرة

2022...  صعود وهبوط

بشكل عام، كان أداء الشركات الناشئة في مصر متذبذباً في العام المنتهي، وإن جذبت 600 مليون دولار في جولات تمويلية، بنسبة نمو تصل إلى 25% عن عام 2021 الذي سجل 491 مليون دولار، صعوداً من نحو 190 مليون دولار فقط عام 2020، وفقاً لما أعلنه الدكتور حسام عثمان مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للإبداع التكنولوجي.

عثمان أوضح أن هذه الأرقام تعكس مدى جاذبية السوق المصرية، خاصة أن حجم استثمارات صناديق رأس المال المخاطر في الشركات الناشئة على مستوى العالم شهد انخفاضاً بنحو 30%، نتيجة الظروف العالمية المصاحبة للحرب الروسية، لكن ذلك خالف توقعات مستثمرين وأصحاب شركات بأن الشركات الناشئة المصرية تستطيع جذب نحو مليار دولار بعد نموها الملحوظ في الأعوام السابقة.

وأبرز مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري أن 11 شركة مصرية جاءت ضمن أكثر الشركات تمويلاً بمنطقة الشرق الأوسط خلال عام 2022، حيث استطاعت تلك الشركات جمع 508.5 مليون دولار، وذلك في إنفوغراف نشره مركز المعلومات يتناول الشركات الناشئة المصرية في قائمة فوربس لأكثر 50 شركة تمويلا خلال 2022.

مقابل ذلك، شهد مجتمع ريادة الأعمال المصري سلسلة من الأزمات عصفت ببعض الشركات، تصدرها شركة كابيتر الناشطة في مجال التجارة الإلكترونية، التي راج خبر هروب مؤسسيها أحمد ومحود نوح إلى الإمارات في الأشهر الأخيرة، على وقع موجة التسريح التي طالت شركات التكنولوجيا العالمية، وارتفاع تكاليف الاقتراض والانكماش في الأسواق المالية.

شركة كابيتر كانت ضمن الشركات المصرية الأكثر حصولاً على جولات تمويلية بـ33 مليون دولار، لكنها عجزت عن الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها، نتيجة رغبتها في التوسع، ما دفع المسؤولين عن الشركة إلى الحصول على قروض مصرفية بأسمائهم الشخصية من بنوك مصرية وجهات تمويلية، لسداد رواتب ومصاريف على الشركة.

إلى جانب كابيتر، شهدت سويفل المصرية المتخصصة في خدمات النقل الجماعي، والتي تتخذ حالياً من دبي مقراً لها، تسريح 32% من موظفيها في البلدان التي تنشط فيها من أجل تعويض خسائرها التشغيلية، وسط احتمالات شطبها من بورصة ناسداك الأمريكية، وهو الحال كذلك بالنسبة لفيزيتا الرائدة في مجال التقنيات الصحية التي ضحت بـ 10% من موظفيها جراء الأزمة الاقتصادية.

لا يعد هشام عبدالغفار أزمة كابيتر ومثيلاتها مؤشراً على معاناة السوق المصري، فـ"فشل شركة واحدة لا يعني وجود فشل جماعي لهذا النوع من الشركات"، لافتاً إلى أن "الستارت أب" المصري "ما زال ينمو بشكل لافت لوجود بنية تحتية بها الكثير من المشاكل، مما يساعد الشباب المصري على الابتكار لحل مشكلات مجتمعه".

ويختم عبد الغفار: "هناك شباب كثر يريدون أن يكونوا رواد أعمال، كونها مهنة جذابة لشريحة من المجتمع. وآخرون لا يرون أنفسهم إلا رواد أعمال، لكن في الحالتين هم غير مغامرين وغير مبتكرين كفاية، رغم نمو قطاع التكنولوجي في مصر بشكل لافت".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image