أطلقت الحكومة المصرية في خاتمة العام 2019، حملة تحت عنوان "اتحضر للأخضر".
وبحسب التفاصيل القليلة التي يتيحها الموقع الرسمي لمشروعات مصر، استهدفت المبادرة التي كان مداها 245 يوماً، زيادة المساحة الخضراء في محافظة القاهرة عن طريق تشجيع مبادرات التشجير، وتغيير السلوكيات ونشر الوعي "خاصة بين الشباب" للحفاظ على البيئة، إضافة إلى الحد من تلوث الهواء.
وعلى الرغم من أن الاعوام التي تلت المبادرة شهدت تقليصاً هائلاً للمساحات الخضراء في مختلف المحافظات المصرية وإزالة تامة للحدائق العامة الأكبر في بعضها، كما حدث في مدينة المنصورة، إضافة إلى ارتفاع معدلات تلوث الهواء؛ إلا أن الحكومة أعلنت خلال استعدادات مؤتمر المناخ الذي عقد في شرم الشيخ في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن مبادرة جديدة لزراعة 100 مليون شجرة، ينتظر منها أن تتدارك بعضاً من الضرر الذي طال المساحات الشجرية في البلاد.
هذه المبادرة الأخيرة ليست الاولى من نوعها، فقبل قرنين من الزمن، كانت هناك حركة حقيقية للتشجير، ربطت "التحول للأخضر" بتنظيم الزراعة وتوسعتها لكي تضيف إلى الاقتصاد المصري الناهض لبناء دولة محمد علي وأبنائه.
انتشار أكبر للأخضر
ينظر لمحمد علي باشا على أنه "مؤسس النهضة الحديثة في مصر"، وعلى الرغم من اختلاف نظرات المؤرخين حسب مدارسهم الفكرية حول الأسباب الدوافع التي اهتم من أجلها مؤسس الأسرة الحاكمة السابقة بالجوانب الاقتصادية والتعليمية والصحية لمصر، إلا أن الأثر الذي أحدثه في تلك الجوانب جميعها، ومن بينها النهضة الزراعية، يبقى أثراً لا اختلاف عليه.
لم يهتم محمد علي بجانب واحد في الزراعة، وإنما عمل على الخروج بمكاسب عديدة، على رأسها الجمال والربح، فغرس عدداً وفيراً من الأشجار لاستخدام أخشابها في بناء السفن وأعمال العمران
يقول المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في مؤلفه "عصر محمد علي": "كانت الحاصلات التي تزرع في مصر هي القمح والشعير والأرز والفول والعدس والحمص والذرة والترمس والزعفران والبرسيم وقصب السكر والتيل (القنب)، والكتان والنيلة والقرطم والدخان والحناء والبصل والسمسم والسلجم والعصفر والخضر والفواكه، وقليل من القطن الردئ، ففكر محمد علي في توسيع نطاق الزراعة بابتكار أنواع جديدة زادت في ثروة مصر الزراعية".
ويبدو أن محمد علي باشا كان يعتني بدراسة المشروعات جيداً قبل الدخول فيها؛ فإذا أراد زراعة نبات ما يختار له المكان المناسب، ويزوده بالمعدات اللازمة، يتضح ذلك من خلال ما ذكره "الرافعي"، بقوله: "اعتنى محمد علي باشا بغرس أشجار التوت لتربية دود القز (الحرير)، واختار لهذا المشروع أراضي وادي الطميلات بالشرقية، فخصص 3 آلاف فدان لذلك، وجعل على خدمتها ألفين من الفلاحين، جهزهم بستة آلاف رأس من المواشي، واحتقر نحو ألف ساقية للري، وجلب من سوريا ولبنان 500 مزارع وصانع من الأخصائيين لتربية دود الحرير".
فطن محمد علي إلى ما ينال مصر من الأرباح الوفيرة إذا أكثر من زراعة القطن، فاعتزم تعميمه، وأنشأ السواقي اللازمة لري الأطنان منه، وكان قد اشتراه بأثمان مرتفعة ليشجع الفلاحين على زراعته
ومع مرور الوقت عمم محمد علي باشا غرس أشجار التوت في الدقهلية والمنوفية والغربية والقليوبية ودمياط ورشيد والجيزة، وبلغ عدد ما خصص لذلك ثلاثة آلاف فدان في وادي الطميلات، وسبعة بالمديريات الأخرى، حتى بلغ عدد أشجار التوت في القطر المصري ثلاثة ملايين شجرة، باعتبار 300 في كل فدان.
وبالنظر إلى تعامل محمد علي مع الزراعة، نجد أنه لم يكن يهتم بجانب واحد، وإنما عمل على الخروج بمكاسب عديدة، على رأسها الجمال والربح، فوفقاً لـ"الرافعي"، فإن الباشا غرس في بعض أنحاء القطر العدد الوفير من الأشجار على اختلاف أنواعها، لاستخدام أخشابها في بناء السفن وأعمال العمران، وذلك بعد أن قطع كثيراً من الأشجار المغروسة لاتخاذ أخشابها في إقامة السواقي، وصنع عربات المدافع والسفن الحربية".
وبحنكته التي عُرف بها، فطن محمد علي إلى ما ينال مصر من الأرباح الوفيرة إذا أكثر من زراعة القطن، فاعتزم تعميمه، وأنشأ السواقي اللازمة لري الأطنان منه، وكان قد اشتراه بأثمان مرتفعة ليشجع الفلاحين على زراعته.
وبحسب محمد عرموش، في كتابه "موجز تاريخ مصر"، فإن محمد علي أدخل أنواعاً عديدة تصلح للنسيج، واستقدم خبيراً فرنسياً لتنظيم مصانعه، وكان اسمه المسيو "غومل".
حالة اقتصادية بارعة
لم يتوقف الأمر عند ذلك، وإنما اهتم محمد علي بزراعات عديدة منها كانت نادرة قبل عهده في مصر، على رأسها الزيتون، ولذلك فكر في الاستكثار من زراعة أشجاره لاستخراج الزيت من ثمره، ولكونه غذاء صالحاً للجنود، وخاصة بحارة الأسطول، فأمر بغرس الكثير من أشجاره في الوجهين البحري والقبلي.
وينقل مؤلف كتاب "عصر محمد علي"، عن المؤرخ الفرنسي المسيو مانغان، قوله: "إن أشجار الزيتون تثمر في مصر بعد ثلاث سنوات، أي أسرع مما تثمر بالبلاد الأخرى، وهذا يدل على صلاح معدن الأراضي في مصر، ومناخها لهذا النوع من الشجر".
وكانت زراعة "النيلة" معروفة في مصر، وبقيت على حالتها القديمة إلى عام 1826، لكن في هذا العام جلب محمد علي بذور النيلة الهندية، واستحضر بعض الهنود الأخصائيين في زراعتها، فأخذت زراعتها في النمو والتقدم، وبلغ ما تنتجه الأطيان المخصصة لزراعتها 77300 أقة في السنة، وقد احتكرت الحكومة تجارتها وبيعها لطالبيها.
ومن ناحية زراعة الخشخاش (الأفيون)، استحضرت الحكومة من أزمير التركية بعض الأرمن الذين مارسوا زراعته، وخصصتهم لذلك في مصر، وقد بلغت حاصلاته سنة 1833، 14500 أقة، واحتكرت الحكومة بيع المحصول، فكانت تبيع الأقة بـ110 قروش، ويستخرج من بذرة الأفيون زيت للوقود، وحاولت الحكومة زراعة البن اليمني في أراضي مصر، لكن المحاولة أخفقت رغم تكرارها، ووسع محمد علي نطاق زراعة القنب (التيل)، فنجحت زراعته، واستخدم ثمره لصنع التيل والحبال، بحسب "الرافعي".
تشير بعض المرويات إلى أن محمد علي وضع قضية المناخ في رأسه، وإن كان ذلك على غير مسماه الحالي، فقد أكثر من زراعة الأشجار في البنادر والثغور والعواصم والأباعد والجفالك؛ تلطيفاً للهواء وهبوب الزوابع في الصيف
وتشير بعض المرويات إلى أن محمد علي وضع قضية المناخ في رأسه، وإن كان ذلك على غير مسماه الحالي، فبحسب زكي فهمي في كتابه "صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر"، فإنه أكثر من زراعة الأشجار في البنادر والثغور والعواصم والأباعد والجفالك؛ تلطيفاً للهواء وهبوب الزوابع في الصيف.
ويرى إسماعيل مرسي، في مؤلفه المعنون بـ"تاريخ مصر في عصر محمد علي"، أن هناك دافعاً آخر وراء اهتمام محمد علي بالزراعة، وهو "الشغف"، يقول: "كان الباشا شغوفاً إلى أقصى حد بأمور الزراعة والبساتين، لدرجة أنه قد ضاعف من عدد الحدائق، سواء بالقاهرة أو الإسكندرية، وزرعت هذه الحدائق بأشجار البرتقال والليمون واللوز والخوخ والتوت، وفي حديقة قصره بشبرا زرع أشجار اليوسفي".
بعثات لتعليم نظم الزراعة
ويروي محمد كامل في مؤلفه المعنون بـ"خريف المحروسة"، أنه بعد وفاة طوسون ابن محمد علي عام 1816 بفترة بسيطة، استقبل محمد علي باشا في الإسكندرية الطلبة الذين أرسلهم من قبل لتعلم النظم الخاصة بزراعة أشجار العنب والتوت والليمون والتين، التي استحضرها من الآستانة.
وإلى جانب ذلك، كان محمد علي باشا يرسل من يبحث له في كل القارات عن النباتات النافعة، ونباتات الزينة، وعندما توفي عام 1848 لم تتوقف زراعة الأشجار على اختلاف أنواعها، خاصة أن نجله إبراهيم باشا (1789 - 1848) الذي تولى الحكم خلفاً له استمر على نهج والده في ذلك، وكان له تأثير واضح على الرغم من قصر مدة حكمه التي لم تتجاوز 5 أشهر.
ويدل على ذلك ما رواه "الرافعي"، الذي يؤكد أن "إبراهيم حذا حذو أبيه، فغرس آلافا عدة من أشجار الزيتون في أطيانه الواسعة"، كما أشار مكاوي سعيد في كتابه "القاهرة ومافيها"، إلى أن القصر العالي في القاهرة كان يتبع الأملاك الخديوية، وكانت مساحته 50 فداناً من الأبنية والحدائق، بناه إبراهيم باشا، وكان محاطاً بسور به حديقة فيها أكشاك، وزعت بشتى أنواع الأشجار، سواء للزينة أو أشجار الفواكه، وخاصة شجر المانغو.
وعلى ما يبدو أن إبراهيم باشا ورث الشغف بالزراعة من والده، ولم يقتصر الأمر عند توليه حكم البلاد فقط، وفي ذلك يقول عبد الحكيم قاسم في مؤلفه "تاريخ البعثات المصرية إلى أوروبا عصر محمد علي": "عُرف إبراهيم باشا بذوقه في الزراعة، ويبدو ذلك واضحاً في تنسيق قصره الكائن بجزيرة الروضة في القاهرة، والذي استكمل بناءه عام 1814، بجمال حدائقه المزروعة على طريق التنسيق الإنجليزي، وحدائقه الأخرى على التنسيق الفرنسي، وزرع في هذه الحدائق أشجاراً من الهند وأمريكا وأوروبا".
من شدة اهتمام الخديوي إسماعيل بالزراعة، قيل عنه إنه كان يتمم أعمال جده محمد على باشا، فاستجلب بذور الأشجار الخشبية من أبعد أصقاع العالم لزراعتها في مصر، وأنشأ حديقة نباتية شملت أغلب جزيرة بولاق
إسماعيل يستكمل مسيرة جده
ولم تذكر لنا المرويات التاريخية ما حدث بعد رحيل إبراهيم باشا في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1848، من قبل خلفيته عباس حلمي الأول (1848 - 1854)، لكن أكدت بعضها أن محمد سعيد باشا (1954 - 1963)، الذي جاء بعده اهتم أيضاً بالزراعة، وفي عهده حرصت الإدارة المصرية على تنشيطها، وشملت المناطق التي تفتقر إلى مقومات الزراعة.
وعلى الرغم من ذلك لم تستعيد مصر ذاكرتها بشأن الزراعة والاهتمام القوي بها إلا في عهد الخديوي إسماعيل (1863 - 1879)، الذي كان شغوفاً بتنظيم المدن، حتى قيل بحسب ما ذكر مؤلف كتاب "صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر"، إنه يريد أن يجعل القاهرة تضاهي باريس في النظام والترتيب، مؤكداً أنه عمم زراعة الأشجار في المدن وضواحيها.
ومن شدة اهتمام الخديوي إسماعيل بالزراعة، قيل عنه إنه كان يتمم أعمال جده محمد على باشا، فاستجلب بذور الأشجار الخشبية من أبعد أصقاع العالم لزراعتها في مصر، وأنشأ حديقة نباتية شملت أغلب جزيرة بولاق.
لم يكن ذلك مجرد قول فقط، بل حقيقة على أرض الواقع، ويدل عليه ما روته إيناس البهيجي في مؤلفها "مصر في عهد الخديوي إسماعيل"، إذ تقول: عنى الخديوي بالتوسع في زراعة القطن، لما ظهر من ارتفاع أسعاره أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (1861 - 1865)، وما كانت تدر زراعته على البلاد وقتئذ من الأرباح العظيمة، وجلب من أوروبا العدد الوفير من آلات الري لتوفير المياه وتحسين طرق الري، وأمدت الحكومة المزارعين بالبذور التي يحتاجون إليها.
ووجه الخديوي إسماعيل همته إلى الإكثار من زراعة قصب السكر، ونتيجة لذلك، زادت مساحة الأطيان الزراعية وكذلك محصولها، فقد كانت المساحة المزروعة في أواخر عهد محمد علي 3 ملايين و856 ألف فدان، فبلغت في أواخر عهد إسماعيل 4 ملايين و418 ألف فدان، أي أنها زادت في هذا العهد بمقدار مليون فدان تقريباً، وفقاً لـ"البهيجي".
على شرف الإمبراطورة "أوجيني"، زوجة نابليون بونابرت، التي كان الخديوي إسماعيل مغرماً بها، غرست شجرة أطلق عليها "أوجينيا"، ويقال إنه أمر بزراعة أشجار زهور الكرز تحت نافذة غرفتها، حين علم بشوقها له
زراعة الأشجار على شرف "أوجيني"
وعندما نأتي للحديث عن الحدائق والبساتين، نجد المؤلف عرفة عبده علي، يؤكد في كتابه "القاهرة في عصر إسماعيل"، أن المساحات الخضراء مثلت جانباً شديد الأهمية في النسيج الحضري للقاهرة وتطورها خلال القرن التاسع عشر، ومنها حي الحلمية، الذي حل محل عدد كبير من الحدائق والقصور، التي كانت مشيدة فوق بركة الفيل القديمة، وحدائق شبرا التي كانت منطقة جذب للأمراء والأعيان في عهد محمد علي باشا للنزهة والإقامة، حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي، وحديقة "روستي" الشهيرة بالقرب من الأزبكية، والتي أقيم عليها حي تجاري بدءاً من عام 1890.
وبحسب "علي"، كانت مساحة حديقة الأزبكية 20 فداناً، وغرس بها مجموعات من أندر أنواع الأشجار، استوردها المهندس الفرنسي باريل بك من أوروبا وأفريقيا والهند والبرازيل، ومن كوبا "النخلة الملكية"، ومن استراليا الشجرة التي اشتهرت باسم "بودرة العفاريت".
وكان للعشق أيضاً دوره في عملية التشجير التي شهدتها مصر في القرن التاسع عشر، فعلى شرف الإمبراطورة "أوجيني"، زوجة نابليون بونابرت، التي كان الخديوي إسماعيل مغرماً بها، غرست شجرة أطلق عليها "أوجينيا"، ويقال إنه أمر بزراعة أشجار زهور الكرز تحت نافذة غرفتها، حين علم بشوقها لها، كما غرست أشجار الجميز والبرتقال والأكاسيا.
وتولى باريل بك تنفيذ أعظم مشروعاته، وهي بساتين الأورمان، التي كانت مساحتها 465 فداناً، ونسقت بها الأشجار النادرة المستوردة من أوروبا وأفريقيا والصين والهند.
الخديوي توفيق يستكمل المسيرة
وبعد عزل إسماعيل، وتولي نجله الخديوي توفيق (1879 - 1892) الحكم، اعتنى مثل والده بالمظهر الجمالي. تشير إلى ذلك ريم أبو العيد في كتابها "على اسم مصر" إذ تقول: "كان الخديوي توفيق أيضاً مولعاً بحلوان فبنى بها قصراً له على مساحة 20 ألف متر مربع عام 1885، وزرع الأشجار على جانبي الطريق بين الحمامات والنيل".
وبرغم السمعة السيئة التي تطال الخديوي توفيق، الذي يُتهم بأنه سبب التدخل الأجنبي في شؤون البلاد بسبب ضعفه، لكن يقال إنه أنشأ مدرسة أهلية في القبة بالقاهرة، لتعليم الزراعة العملية، وفي عام 1890 أعطى لمدرسة الزراعة 300 فدان من أراضي الجيزة ليتدرب فيها الطلاب على أعمال الفلاحة.
حس مترف بالجمال
وكان لمصر نصيب أن يكون آخر خديوي في الأسرة العلوية، رجلاً يمتلك حساً مترفاً بالجمال، هو عباس حلمي الثاني (1892 - 1914)، الذي خلف "توفيق" في حكم البلاد بعد وفاته، ولعل أكبر دليل على ولعه بالمظهر الجمالي قصر المنتزه بالإسكندرية الذي بناه عام 1892، وأحاطه بالحدائق.
قصر السلاملك يعد الأول الذي أنشأه عباس حلمي الثاني في الحدائق، وأمر أن يبنى على الطرز النمساوية السائدة في القرن التاسع عشر، إرضاءً لرغبة صديقته الكونتسية ماري تورك فون زندو، التي أصبحت فيما بعد زوجته.
وهنا يقول محمد جمال في كتابه "الغرف المعطرة: مسار الى مصر": "من يشاهد اليوم فندق قصر السلاملك بالإسكندرية، الذي صممه المعماري اليوناني ديمتري فابريشيوس، يتأكد من حس عباس حلمي الثاني المترف بالفخامة"، مؤكدا أن منطقة المنتزه بأكملها تدين له بالفضل، لافتاً إلى أنه اشترى كل ما حول هذه الأماكن من أراضٍ بلغت 350 فداناً، زرعت بالفواكه والزهور والأشجار النادرة.
وبحسب موقع "الهيئة العامة للاستعلامات"، فإن الخديوي عباس حلمي الثاني، أعجب بمنطقة المنتزه، حين كان يتنزه على شاطئها برفقة فرقة موسيقية، كانت تعزف وقتها، وقرر أن تضم المنطقة قصراً وحدائق للاصطياف، وأشرف بنفسه على تنظيم الحديقة الغنّاء، في أواخر القرن التاسع عشر، وأطلق عليها وعلى القصر مسمى واحداً هو (قصر المنتزه).
ويؤكد موقع الهيئة أن قصر السلاملك يعد الأول الذي أنشأه عباس حلمي الثاني في الحدائق، عام 1892، وأوكل بناءه إلى المهندس اليوناني ديمتري فابريشيوس، وأمر أن يبنى على الطرز النمساوية السائدة في القرن التاسع عشر، إرضاءً لرغبة صديقته الكونتسية ماري تورك فون زندو، التي أصبحت فيما بعد زوجته.
وبُني قصر السلاملك داخل حديقة كبيرة فريدة في تنسيقها، ليشرف على واحد من أهم خلجان الإسكندرية، وهو خليج المنتزه، وتضم حديقته غابات كثيفة تطل على شاطئ البحر المتوسط.
ولم يهمل عباس حلمي زراعة المحاصيل، لكن يؤكد محمد فهمي لهيطة في كتابه "تاريخ مصر الاقتصادي في العصور الحديثة" أن مصر كانت في أول عهده تنتج ما يكفيها من القمح والأرز، ولم تستورد إلا القليل من الدقيق من روسيا وكندا وأستراليا وأمريكا الجنوبية، بينما كانت تستورد بعض الأرز من الصين.
وفي الختام يتبين أن التحول للأخضر والاهتمام بالزراعة كان من أهم الأسس التي قامت عليها مصر في عهد الأسرة العلوية منذ محمد علي باشا إلى الخديوي عباس حلمي الثاني على مستوى المحاصيل الزراعية التي تدخل في الصناعات وتدر ربحاً كبيراً على الدولة، والأشجار التي تُغرس لتنسيق المدن، أو نباتات الزينة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...