شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
من

من "الميريلاند" إلى "ميفاليرو"... المسمار الأخير في نعش مصر الجديدة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الأربعاء 8 ديسمبر 202111:00 ص

قبل أيام، استيقظت مي محمود، القاطنة في حي مصر الجديدة، شرق العاصمة المصرية القاهرة، على مفاجأة آلمتها، فبينما كانت تطل من شرفة شقتها وقعت عيناها على كلمة "ميفاليرو" مكتوبة بالخط العريض على الواجهة الرئيسية للمتنزه الذي كان شاهداً على أيام عمرها البالغ خمسين عاماً، وقد حمل منذ إنشائه اسم "الميريلاند".

يفوق عمر متنزه مصر الجديدة "الميريلاند"، عمر مي، فنشأته تعود إلى عام 1949، في عهد الملك فاروق. حينها كان في مكان تلك الحدائق نادِ لسباق الخيل مقام على مساحة 50 فداناً يمتلكها البارون إمبان، البلجيكي الشهير مؤسس ضاحية مصر الجديدة. وبعد قيام ثورة يوليو عام 1952 صدر قرار تأميم النادي، وأُعيد تخطيطه في عام 1958 ليصبح حديقة عامة تحمل اسم "الميريلاند Merry land" أي "أرض السعادة"، تملكه وتديره شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، التي باتت تابعة للشركة القابضة للتشييد والبناء في وزارة قطاع الأعمال، فيما بقي الشارع معروفاً باسم "شارع السبق"، من دون أن يدرك كثيرون من غير سكان مصر الجديدة سر التسمية.

ذكريات لا حصر لها جالت في ذهن "مي" حين رأت الاسم الجديد، فكل شبر في الساحة -التي كانت حتى أيام قليلة مضت، حديقة عامة-، له دور في تشكيل طفولتها وشبابها، حتى أشجارها الكثيفة النادرة كانت تعدها من صديقات الطفولة السعيدة وتتحسر على فراقها اليوم: "كل يوم جمعة كنت بروح مع عائلتي الميريلاند زي كل عائلات مصر الجديدة، مايخطرش في بالنا نروح مكان تاني للتنزه لإنها كانت بتقدملنا كل شيء" تقول مي لرصيف22، مضيفة: "مساحة خضراء لا حصر لها، حديقة حيوان، بحيرة دولفين، مكان للتزلج ومطاعم عديدة، حتى فرق الفنون الشعبية كانت تحضر لتقديم فقرات فنية". لكن لم يبقَ من كل هذا سوى أطلال ومشروعات استثمارية جديدة يروج لها على أنها تطوير.

الاسم الجديد المطلق على الحديقة، والذي لا يعلم أحد من سكان مصر الجديدة معناه ولا سبب إطلاقه، ترك شعوراً بالحسرة لدى مي: "من 14 سنة تقريباً الحديقة مقفولة، وكل عناصر الجذب داخلها اتشالت، ماكنش باقي من الميريلاند غير اسمها وهو كمان اتغير، كنت جارة الجمال أملِّي عيني به كل يوم، ودلوقتي بحزن كل يوم، الاسم كان المسمار الأخير في نعش هوية الميريلاند".

ذكريات لا حصر لها جالت في ذهن "مي" حين رأت الاسم الجديد "ميفاليرو" الذي احتل موضع الميريلاند. فكل شبر في الساحة -التي كانت حتى أيام قليلة مضت، حديقة عامة-، له دور في تشكيل طفولتها وشبابها

وداعاً ميريلاند

كل سكان مصر الجديدة شأنهم كشأن مي، فوجئوا بالاسم الجديد المكتوب على واجهة الميريلاند، كما يفاجأون بعمليات "التطوير" التي طالت الحي منذ عامين فأزالت أشجاره وأعادت تخطيط الشوارع الهادئة لتصبح مصائد للعابرين.

بحسب ورقة لمنتدى حلول للسياسات البديلة، أزالت السلطات بنهاية العام 2020، 96 فداناً من المساحات الخضراء في  مصر الجديدة، وبقيت حديقة الميريلاند متنفساً شجرياً أخيراً في حي كانت تميزة الحدائق الوسطى في شوارعه الهادئة

بحسب القانون 119 لسنة 2008 المعروف باسم قانون البناء، تم اعتبار منطقة مصر الجديدة واحدة من المناطق ذات النسيج العمراني المميز، ما يفرض بموجب القوانين المصرية على الدولة أن تلتزم وأن تلزم المستثمرين بمراعاة شروط معينة عند القيام بأية مشروعات عمرانية أو مشروعات للطرق في نطاق هذا الحي. من ضمن هذه الالتزامات الحفاظ على عرض الشوارع وحظر بناء الطرق والكباري من دون موافقة مسبقة من الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، كما تشدد اللوائح على إعطاء الأولوية لممرات المشاة على حركة المركبات. وهي شروط جرى تجاهلها جميعها في أحياء منطقة شرق القاهرة، ومنها منطقة مصر الجديدة.

بحسب ورقة سياسات صادرة عن منتدى حلول للسياسات البديلة (مؤسسة بحثية أكاديمية مدعومة من الجامعة الأمريكية في القاهرة)، فقد أزالت السلطات بنهاية العام 2020، 96 فداناً من المساحات الخضراء في حي مصر الجديدة، أي ما يعادل مساحة تزيد على 50 ملعب كرة قدم، وبقيت حديقة الميريلاند متنفساً أخضر أخيراً في الحي الذي كان تميزة الحدائق الوسطى في شوارعه التي كانت هادئة.

في مطلع العام 2021، بدأ العمل تحت لافتة "تطوير حديقة الميريلاند"، في وقت أصبح مصطلح "تطوير" يحمل نذير شؤم لسكان القاهرة

في مطلع العام 2021، بدأ العمل تحت لافتة "تطوير حديقة الميريلاند"، في وقت أصبح مصطلح "تطوير" يحمل نذير شؤم لسكان المحافظات المختلفة في مصر، لا سيما القاهرة وحي مصر الجديدة الذي أدى التطوير إلى تغيير ملامحه وهويته المستقرة منذ إنشائه. وتتالت شكاوى سكان الحي على مكاتب نواب البرلمان الممثلين لحي مصر الجديدة في مجلس النواب، ما دعا النائبة سميرة الجزار إلى تقديم سؤال برلماني عاجل في أيلول/ سبتمبر الماضي حول حقيقة وطبيعة التطوير الذي ستشهده الميريلاند.

زيارة النائبة سميرة الجزار لموقع العمل في الحديقة

سؤال الجزار حوى عدة استفسارات: من أصدر القرار بالتعديلات والتطوير في حديقة الميريلاند؟ وما أهمية النصب التذكاري الذي تقرر إنشاؤه بعد اقتطاع جزء من مساحة الحديقة؟ وماذا عن موقف وزارتي البيئة والتنمية المحلية؟ لكن النائبة أكدت لرصيف22 أنها لم تتلق على سؤالها رداً حتى الآن.

وأضافت أن "التصرفات التي تحدث في الميريلاند تخالف قرار الرئيس السيسي رقم 111 بتاريخ 24 كانون الثاني/ يناير 2021، بالموافقة على قرض بين مصر والبنك الدولي بإعادة الإعمار والتنمية، بشأن مشروع إدارة تلوث الهواء وتغيير المناخ في القاهرة، ومبادرة الرئيس في يناير 2020 تحت مسمى "اتحضر للأخضر"، التي تبنتها وزارة البيئة كأول حملة وطنية لنشر الوعي البيئي، وكذلك الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالحق في الصحة.

النائبة سميرة الجزار قدمت سؤالاً برلمانياً منذ ثلاثة أشهر حول طبيعة ما يجري في الميريلاند ولم تتلق رداً. وتدفع بأن ما تشهده الحديقة يخالف قرار الرئيس بالموافقة على قرض من البنك الدولي لخفض التلوث في القاهرة

وذكرت الجزار أنها ذهبت إلى الحديقة في أواخر أيلول/ سبتمبر لاستطلاع الأوضاع، فلم تتمكن من دخول سوى جزء من الحديقة تم تطويره في العام 2018، وتشرف عليه وزارة الزراعة، بينما الجزء الآخر الذي تتولاه الشركة الاستثمارية كان عبارة عن منطقة أعمال.

وقالت الجزار إنها تواصلت مع وزارة البيئة التي أكدت عدم اقتلاع أي شجرة في إطار أعمال التطوير التي تجري للمتنزه: "لكن موضوع هوية حديقة الميريلاند اللي بيتكلم عليه الأهالي ده متغير من زمان جداً من أكتر من 10 سنين". ولدى رصيف22 صور أمدنا بها سكان مصر الجديدة تفيد بتجريف مساحات من الحديقة على الرغم من تأكيد وزارة البيئة.

بعد عودتها من الزيارة الميدانية، أصدرت النائبة بياناً نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، قالت إن وسائل الإعلام رفضت تداوله، وجاء فيه أن النصب التذكاري الذي يرمز إلى مشروعات شرق القاهرة كان يُفضل أن يكون في ميدان عام من دون اقتطاع جزء من الحديقة لبنائه، كما انتقدت عدم وضع لافتات توضيحية لما يجري في الحديقة وعدم إجراء حوار مجتمعي، وهذا ما أثار البلبلة في صفوف السكان.

لماذا "ميفاليرو"؟

بحثاً عن تفسير لمفاجأة تغيير الاسم، تواصل محمد عبد الجواد، أحد المساهمين في شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير المالكة للميريلاند مع مسؤولين في الشركة، فأكدوا له أن "ميفاليرو" ليس بديلاً لاسم الميريلاند الذي لا يزال مدوناً على واجهة أخرى للمتنزه، لكنه اسم الشركة المستأجرة التي تتولى التطوير، كما ذكر لرصيف22.

وتوقعت هالة الأسمر، وهي من السكان القدامى للحي، وعضوة مبادرة "تراث مصر الجديدة"، رد الشركة المالكة، لكنها لم تقبله. تقول الأسمر إن سور الواجهة الرئيسية للميريلاند جزء من تراث الحي المسجل في هيئة التنسيق الحضاري، ولا يمكن كتابة اسم الشركة المطورة بهذا الشكل، ويُقال إنه ليس تغييراً، وأضافت: "اسم الشركة المطورة إزاي يتكتب بالشكل ده والألوان دي؟ كلمة ميفاليرو المكتوبة توحي للمارة بأنه الاسم الجديد للمتنزه بدلاً من الميريلاند، مش مجرد لافتة توضح اسم الشركة المطورة وأعمال التطوير".

وذكرت لرصيف22: "أهالي مصر الجديدة تواصلوا مع هيئة التنسيق الحضاري بشأن تغيير الاسم وهيئة سور الميريلاند، وهم الآن في انتظار تقرير لجنة تقارن الواقع بالمواصفات والشروط المقررة".

الأهالي يكافحون وحدهم

كان الاسم مجرد ضربة جديدة شديدة تلقاها سكان مصر الجديدة بشأن متنزه الميريلاند، لكن تاريخ كفاحهم للحفاظ على الرئة الخضراء الرئيسية والتي تكاد تكون أخيرة في حيهم المميز، تاريخ طويل.

تعود مرفت مرسي، مهندسة الديكور المتخصصة في العمارة الداخلية ومن قاطنات حي مصر الجديدة بالزمن إلى 28 عاماً مضت، تحكي عن محمد سعيد نصار، الذي كان رئيساً لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير: "الرجل ده كان مسؤول خلال الفترة بين 1994 و2007، وطبق أفكار عظيمة في الميريلاند لزيادة دخلها دون الإخلال بهويتها كحديقة عامة، فمع حفاظه على الأشجار النادرة واللي يعود عمر بعضها لأكثر من 100 عام، أنشأ بعض المواقع الترفيهية زي صالة التزلج وبحيرة الدولفين وحديقة الحيوانات ودخل مطاعم كبيرة تخدم المترددين على الحدائق، من وأنا عمري شهور ما كنتش عائلتي بتقضي أي يوم جمعة خارج الميريلاند".

وتضيف مرفت أن مصر الجديدة لا يوجد فيها مزارع أو بحيرات أو فرع من نهر النيل، فكانت الميريلاند بالنسبة لها رئة يتنفس منها كل سكان الحي، ليس المتنزه فحسب بل أيضاً المشتل الملحق به والذي كان يُستعمل في تشجيره وبيع النباتات للجمهور. تقول: "لما ندخله بنحس كإننا رحنا الفيوم، بحيرة في وسط 50 فدان مساحات خضراء، مفيش مباني إلا الخدمية، مثال حي لمعنى متنزه عام للترفيه عن الناس اللي مش كلهم يقدروا يشتركوا في أندية".

مع وفاة سعيد نصار في العام 2007، تبدل الحال وأُهملت الميريلاند. تقول مرفت: "بعد 2007 اتقفل جانب الخدمات، وبحيرة الدولفين اتردمت بالخرسانة، وأشجار كتير اتجرفت. ودلوقتي في مشروعات بعيدة تماماً عن هوية الميريلاند، بيقولوا هيعملوا مجمع سينمات! روكسي فيها 6 سنيمات مش عليهم إقبال. هي المنطقة ناقصة مشروعات زي دي؟ حتى جانب الحديقة عانى من الإهمال سنين".

لم تتحمل مرفت ما حدث للميريلاند يوماً بعد يوم، وهذا ما دفعها إلى التوجه إلى ساحة القضاء ورفع دعوى ضد ما وصفته بـ"تدمير الرئة الرئيسية لحي مصر الجديدة".

بين الحكومة والمستثمرين

كل من يحاول البحث وراء أزمة الميريلاند، يواجه تصريحات متضاربة، بين الأهالي الذين يؤكدون تجريف جزء كبير من متنزه الميريلاند وقطع أشجاره وبيعها كأخشاب، وتصريحات الحكومة التي تؤكد أن ما يجري "تطوير" للحديقة، وأنه لم يتم قطع شجرة واحدة منها.

وتفسر هذا الأمر، هالة الأسمر، عضوة المبادرة التي دشنها الأهالي في محاولة للحافظ على مدينتهم التي غير معالهما التطوير، فتقول لرصيف22 إن متنزه الميريلاند مقسم إلى جزئين، الأول حديقة عامة، والثاني منطقة خدمات يطلق عليه "جزء استثماري". فمن يستمع إلى المواطنين يجدهم يطالبون بعودة مساحة الـ50 فداناً التي بُني عليها المتنزه كحديقة عامة قبل عشرات السنين، أما المسؤولون فباتوا يعتبرون أن الجزء البالغة مساحته 22 فداناً هو فقط الحديقة العامة، أما باقي المساحة البالغة 28 فداناً فيتجاهلونها في تصريحاتهم، وهي المساحة التي تشهد التجريف تحت مسمى التطوير.

وتضيف: "حالياً جزء الحديقة (22 فداناً) مفتوح للجمهور وفيه أشجار، لكن الأزمة في جزء الخدمات الاستثماري اللي دايماً بيتغير بما لا يتوافق مع رغبة الأهالي، وحتى دون مشورتهم رغم أن المتنزه كاملاً ملكية عامة".

وتشير الأسمر إلى أن أي تعديل أُضيف لجزء الخدمات كان يمكن تقبله إذ لا يبتعد كثيراً عن هوية المتنزه كمساحة خضراء لتنفس الهواء الطلق، في حين ما يحدث حالياً، واحتمال إنشاء مجمع سينمات ومطاعم وجراج، يدمر هوية الميريلاند تماماً، بل ربما يستهدف جمهوراً مقتدراً مادياً خارج حي مصر الجديدة وما حوله.

يؤكد هذا، عضو مجلس النواب عن دائرة مصر الجديدة ومدينة مصر، طارق شكري، الذي قال في تصريحات تلفزيونية إن ثلث حديقة الميريلاند هو ما تشرف عليه شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير التابعة للحكومة، وجرى تطويره قبل ثلاي سنوات، وفيه أماكن للتنزه ودخوله يتم بشراء تذاكر، أما الثلثان الباقيان فهما لمستثمر حصل على هذه المساحة بموجب مزايدة بمواصفات.

وفي العام 2018، افتتحت الحكومة المصرية مساحة 22 فداناً من حديقة الميريلاند –جزء الحديقة- بعد تطويرها بتكلفة 48 مليون جنيه، وشملت أعمال التطوير زيادة المساحات الخضراء إلى 38000 متر مسطح، وعمل ممرات رخام بطول 6 كم وإنشاء عدد من النوافير.

جانب من الجراج المقام على أرض الميريلاند

ووفقاً للصفحة الرسمية للمنطقة الشرقية بمحافظة القاهرة على "فيسبوك"، هناك مرحلة ثانية من تطوير حديقة الميريلاند، تجري حالياً في الجزء الاستثماري، تقوم به شركة "ماجيك دريمز" ويتضمن بحيرة ونافورة راقصة ومطاعم ومجمع سينمات وجراج تحت الأرض.

وفي أيار/ مايو 2016، نشرت المواقع الصحافية خبراً يفيد بأن شركة "ماجيك دريمز" مستأجرة ميريلاند، تعتزم الانتهاء من تطوير الحديقة بحلول الربع الثاني من عام 2017، بتكلفة استثمارية تصل إلى 350 مليون جنيه، وأن الشركة تعتزم تحويل الحديقة إلى مشروع تجاري وترفيهي وسياحي متكامل على مساحة 40 ألف متر، وتسعى للحصول على قرض بقيمة 70 مليون جنيه من البنك الأهلي المصري لتأسيس الشركة للمشروع.

لكن وقع خلاف بين الشركة المستأجرة وشركة مصر الجديدة للتعمير المالكة للميريلاند، لكن في تموز/ يوليو 2017 ظهرت أخبار أخرى تفيد بإنهاء الخلاف بين الطرفين وتحرير عقدي إيجار مدة الأول تسع سنوات تبدأ من آذار/ مارس 2017 حتى شباط/ فبراير 2026، والثاني مدته ست سنوات تبدأ من مارس 2026 حتى 2032.

لكن شكري يقول إن الشركة المستأجرة يبدو أنها لم تلتزم بعض مواصفات المزايدة: "عرفنا إنه هيعمل سينما وده مخالف للاتفاق وكراسة الشروط، وفيه تراخيص للأبنية أعتقد أنها تستلزم مراجعة، بالإضافة إلى مخالفات تتعلق بتجاوز المساحة المخصصة للبناء على حساب الجزء الأخضر، ده لازم نجري ليه زيارة ميدانية للتحقق منه".

نصب تذكاري... أزمة جديدة

جولات عديدة يخوضها أهالي مصر الجديدة بشأن متنزه الميريلاند، فقبل ثلاثة أشهر، دشنوا أكثر من "هاشتاغ" على مواقع التواصل الاجتماعي، منها "انقذوا حديقة الميريلاند، انقذوا أشجار الميريلاند"، تزامناً مع ظهور "كردون" أزرق يحيط بالحديقة من جديد، وبدء الحديث عن إقامة نصب تذكاري على جزء من الحديقة وإزالة المشتل التابع لها، وتصدر نواب البرلمان مشهد تفسير ما يحدث.

لكن النائب طارق شكري أكد أن النصب التذكاري المقام على حوالى 6000 متر مربع من الحديقة، له إيجابيات، لأن هذه المساحة أصبحت مفتوحة للعامة من دون مقابل، وسنكون فيها مظلات وزراعات "ولم يتم قطع شجرة واحدة".

بدورها قالت هالة الأسمر إن مبادرة "تراث مصر الجديدة" لم تتحقق حتى الآن من صدق رواية عدم إزالة الأشجار حول النصب التذكاري، خاصة أن العمل لا يزال جارياً وغير مسموح لأحد بالدخول أو التصوير، لكن بشكل عام الأهالي مستاؤون من اقتطاع جزء من الحديقة لوضع نصب تذكاري بهذا الشكل: "النصب التذكاري مكانه الميادين، والمنطقة دي فيها أشجار بعمر مصر الجديدة ما ينفعش تتشال".

وعن إزالة مشتل مصر الجديدة قال شكري: "بمراجعة اللوحات التنفيذية والتصميمية لشركة مصر الجديدة، تبين أن هذا المشتل كان بمثابة تعدٍ على الشارع الرابط بين جسر السويس وشارع الحجاز، وإزالته تصحيح لوضع غير سليم، وله علاقة بتحقيق الانسيابية المرورية والعودة لأصل التخطيط العمراني".

مشتل مصر الجديدة... عمره يزيد على 50 عاماً وأزيل لإنشاء محطة بنزين

ورداً على سؤال يتعلق بما يحدث في الميريلاند من بناء مرائب واقتطاع أجزاء لإقامة نصب تذكاري، قال وزير الزراعة السيد القصير في مداخلة تلفزيونية: "الحاقدين كتير والمتربصين وأصحاب الشائعات، الدولة مستمرة في المشروعات والتنمية، بس الناس تبطل". وهي إجابة لا يمكن الاستدلال منها بالنفي أو التأكيد أن ما اقتطع من مساحة الميريلاند سيشهد تجريفاً لصالح مشروعات إنشائية ترفيهية.

القضاء محاولة أخيرة

وأمام تخبطهم بين الجهات الحكومية وبين فرض الأمر الواقع وتغيير هوية حديقة الميريلاند، لم يجد أهالي مصر الجديدة سوى اللجوء للقضاء. تضامنوا، وجمعوا توقيعات وفوضوا إلى المهندسة مرفت مرسي وبعض المحامين رفع قضيتين، الأولى تطالب بعودة اسم الميريلاند، وفسخ التعاقد مع الشركة المستأجرة، وإيقاف جميع الأعمال في الحديقة وهدم كل الإنشاءات التي اعتبروها تعديات والتي أقيمت منذ عام 2007، والالتزام بالتخطيط الهندسي للحديقة ومساحتها المحددة بـ50 فداناً، أما القضية الثانية فتتعلق برفض إزالة مشتل الأندلس (أزيل بالفعل) لإقامة "بنزينة" في موضعه.

جهود كثيرة يقوم بها سكان حي مصر الجديدة في محاولة للحافظ على الرقعة الخضراء في مدينتهم، لكنهم يسعون بلا أمل كما تقول هالة الأسمر: "يبدو أن ما يجري على أرض الميريلاند لا رجعة فيه".



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard