شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
حصاد

حصاد "عام المجتمع المدني"... خسائر حقوقية ونسوية وأزمات مستمرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

"يطيب لي قبل أن أختتم خطابي أن أعلن عام 2022 عاماً للمجتمع المدني، الذي أدعوه إلى مواصلة العمل بجد واجتهاد مع مؤسسات الدولة، لتحقيق التنمية المستدامة في جميع المجالات، ونشر الوعي بثقافة حقوق الإنسان".

 بهذه الكلمات من خطاب ألقاه في 11 سبتمبر/ أيلول 2021، بمناسبة الإعلان عن "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن العام الذي يشهد الآن أيامه الأخيرة، كان من المقرر أن يكون عاماً للمجتمع المدني.

الخطاب الرئاسي ذو الصبغة الحقوقية جدد "احترام مصر لالتزاماتها ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهي على أعتاب تأسيس الجمهورية الجديدة"، وضم "قرارات لتعزيز مسيرة حقوق الإنسان، وصون كرامة المواطن".

ولكن كيف كانت أحوال المجتمع المدني في عامه الرئاسي المنتهي؟

كيف كانت أحوال المجتمع المدني في عامه الرئاسي المنتهي؟

خسائر حقوقية

بدأ عام المجتمع المدني بمفاجأة صادمة، إذ أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي واحدة من أهم منظمات المجتمع المدني في مصر والعالم العربي وأكثرها رسوخاً، قرارها تجميد الأنشطة والتوقف عن العمل في 10 يناير/ كانون الثاني، في ظل ما وصفته بـ"غياب الحد الأدني من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان"، لينهي هذا القرار مسيرة حقوقية امتدت 18 عاماً، بعد "محاولات عديدة ومضنية للاستمرار"، حسبما ذكر بيان المنظمة الختامي، مع إشارة لما تعرّض له فريقها من مضايقات.

أثار خبر التوقف ردود فعل فورية آسفة وغاضبة، بالتوازي مع إعلان الدعم لـ"الشبكة العربية". ومن المنظمات التي بادرت للتعليق، مؤسسة "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، العاملة في مصر منذ 1993، إذ اعتبر التوقف "دليلاً جديداً على زيف مزاعم الإصلاح في مصر"، منتقداً "الحرب الضارية التي تعاني منها المنظمات الحقوقية"، وهي الحرب التي " تتعدد أسلحتها بين تشريعات واعتداءات وسجن حقوقيين".

من الحقوقيين المصريين، الذين تعرضوا للملاحقة في "عام المجتمع المدني"، بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وأحد مؤسسي الحركة الحقوقية في مصر منذ عام 1985، والذي يرى أن 2022 "لم يشهد تحسّناً في أي مجال حقوقي، بل تدهوراً".

ويدلل حسن، في تصريح لرصيف22، على سوء الأوضاع بواقعة إغلاق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، يقول: "بالعكس، التدهور متواصل. وبشكل خاص في عام المجتمع المدني الذي اضطرت فيه إحدى أهم المنظمات الحقوقية لوقف نشاطها، بينما تعمل البقية تحت ضغوط أمنية شديدة وملاحقات شبه مستمرة".

الملاحقات الأمنية للمعارضين السياسيين أو الحقوقيين والعاملين في المجتمع المدني لم تتوقف خلال "عام المجتمع المدني" الموشك على الانتهاء

قبل ثمانية أعوام، اتّخذ مركز القاهرة مقراً جديداً له خارج مصر. يقول عنه مؤسسه: "كان قراراً مبكراً من المركز، منذ رأينا الصورة عام 2014، حفاظاً على دور المركز الإقليمي"، في إشارة إلى ما يتعرض له المجتمع المدني المصري من تضييقات وملاحقات، ظهرت في محاولات تمرير قانون الجمعيات الأهلية في نسخته الاولى السيئة السمعة، والتي كانت تهدف إلى تقنين عمليات الحصار والملاحقة والتجريم لنشاط المنظمات الأهلية وخاصة الحقوقية منها.

وقررت السلطات في 2014 وسط معارضة ورفض محليين ودوليين، أن تستخدم القانون في إغلاق المنظمات التي لن توفّق أوضاعها بموجبه، وملاحقة العاملين فيه.

استهداف متواصل

الملاحقات الأمنية للمعارضين السياسيين أو الحقوقيين والعاملين في المجتمع المدني- بينهم محامون-  لم تتوقف خلال العام الموشك على الانتهاء، إلى حد دفع منظمات حقوقية- محلية ودولية- إلى مطالبة السلطات المصرية بتخفيف قبضتها على الحيّز المدني لإنجاح قمة المناخ كوب 27 مثلما تم تجديد التحذير من "استمرار خنق المجتمع المدني" عبر وسائل أخرى مثل "المنع التعسفي من السفر للمحامين والحقوقيين".

عن هذه القرارت والإجراءات، يتحدّث مينا ثابت، المنسق الإقليمي لمنظمة "القلم"الدولية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى رصيف22: "منذ 2016، نشهد موجة تلو الأخرى من الهجمات ضد أصحاب الرأي وأعضاء أي كيان منظم، سواء لحركة شبابية أو مجموعة منظمة داخل مجتمع مدني، أو نقابات وأحزاب وأعضائها، إلى أن طال الأمر أشخاصاً بعينهم باستهداف مباشر بسبب آرائهم".

وفصّل ثابت مقصده بالقول: "أولاً يتم استهداف الأشخاص بالتخويف والتشويه والتهديد، ثم السجن- وبعضهم يتعرض لهذا كله لمجرد أداء عمله، خاصة مدافعي حقوق الإنسان أو الصحافيين- باعتبار أن عملهم يهدد أمن الوطن، وذلك لحرمانهم من حقهم القانوني في التعبير عن آرائهم".

في الأسبوع الأول من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وبعد صراع مع المرض، توفى الصحافي المصري محمد أبو الغيط ليُدفَن في لندن، المدينة التي عاش فيها منفياً شبه اختياري في سنواته الأخيرة، بعد أن ترك مصر مع بداية ملاحقة الصحافيين البارزين في جيل الشباب والمعروفين بآرائهم المؤيدة للديمقراطية وحقوق الإنسان.

ناشد أبو الغيط قبل رحيله السلطات المصرية الإفراج عن والد زوجته الدكتور السيد حسن شهاب الدين العميد الأسبق لكلية الهندسة في جامعة حلوان، أحد سجناء مصر منذ عام 2013، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"الهروب من وادي النطرون"، والذي تم تدويره في قضية جديدة بعد ثبوت براءته في القضية الأولى.

أبو الغيط ليس الوحيد الذي هجر مصر حفاظاً على سلامته الشخصية، فالعديد من أصحاب الأصوات الداعمة لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وذوي التاريخ المعارض المتمثل في الارتباط بثورة يناير، حاولوا تجنب مصير السجن أو المنع من السفر باللجوء إلى ترك مصر خلال الأعوام الماضية

أبو الغيط ليس الوحيد الذي هجر مصر، فالعديد من أصحاب الأصوات الداعمة لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وذوي التاريخ المعارض المتمثل في الارتباط بثورة يناير، حاولوا تجنب مصير السجن أو المنع من السفر باللجوء إلى ترك مصر خلال الأعوام الماضية. بعضهم ألقي القبض عليه وتعرض للاعتقال والمحاكمات العسكرية بمجرد عودته مثل إسماعيل الإسكندراني، أحد الباحثين المهمين في شؤون الحركات الإسلامية، وأول من كشف عن علاقة ضابط الصاعقة السابق هشام عشماوي بتنظيم الدولة الإسلامية.

ممن اختاروا المنافي أيضاً بهي حسن، الذي حُكم عليه بالسجن بعد خروجه من مصر بسبب نشاطه الحقوقي. يقول حسن لرصيف22 إن السجون المصرية استقبلت الآلاف من سجناء الرأي خلال السنوات الثلاث الماضية، مقابل إطلاق سراح عدد لا يتجاوز أصابع اليد، وتكرر هذا في عام المجتمع المدني الذي شهد إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي والاستجابة إلى القليل من طلبات الإفراج المقدمة عبرها، فيما واصلت أجهزة الامن المصرية تشديد الحصار والمراقبة في الشوارع وألقت القبض على عدد يفوق بكثير عدد الذين خرجوا. وبضيف: "حتى لو أن هناك تحسّناً، فهو رمزي للغاية".

انتهاكات السجون

 نجا حسن من انتهاكات ربما كان ليتعرض لها لو أودع في واحد من السجون، حسبما وثقت تقارير حقوقية محلية ودولية على مدار أعوام، وكان منها ما كشفته صحيفة الغارديان في يناير/ كانون الثاني الماضي عن تعذيب محتجزين داخل قسم شرطة السلام، ثم "انتقام السلطات من مُسَرّبي الفيديو الذي وثّق لحادث وقع رغم أن أحد محاور إستراتيجية حقوق الإنسان هو "مناهضة التعذيب بجميع صوره، والتحقيق في الادعاءات ذات الصلة به".

لهذا، ظهر مطلب حقوقي بـ"تداول المعلومات بخصوص أوضاع أماكن الاحتجاز"، لا سيما بعد ما سببته الأوضاع بداخلها- بما تشمله من تعذيب وإهمال طبي- في وفاة سُجناء عديدين في سجون قديمة أو في سجن جديد هو بدر حسبما وثقت منظمة حرية الفكر والتعبير.

يُعلّق ثابت، الذي كان أحد سُجناء قضية "تيران وصنافير"2016  بقوله: "لا بد أن ينال السجين حقوقه التي تنص عليها المعاهدات واللوائح والقوانين أياً كان سبب احتجازه. ومناهضة التعذيب في أماكن الاحتجاز واجب لا يمكن المقايضة عليه أو التفاوض فيه. لكن ما تم مؤخراً بنقل البعض من طره إلى بدر ليس سوى تحويل من سجن إلى آخر أوسع، أي من حيطة إلى أخرى من دون حقوق أو التزام نحو الرعاية واحترام حقوق الإنسان، فأين الوضع الجديد؟".

ومثله، يعتبر حسن ما وقع للباحث أيمن هدهود ولرجل الأعمال صفوان ثابت معبراً عن واقع الحال واتجاه الإرادة السياسية المصرية فيما يخص حقوق الإنسان، و"ليس ما يتم تصديره من كلمات معسولة"، موضحاً:  "فهذا باحث لم يُعرف عنه أن له تصريحات أو مواقف انتقادية، وكان موجوداً كعضو في حزب يؤدي رئيسه مهام بالتنسيق مع الدولة، لكن تم القبض عليه بهذه الطريقة إلى أن مات ومُنِعَ القضاء من البت في حالته".

من محاور الإستراتيجية أيضاً ما يتعلق بالحبس الاحتياطي، وكان الهدف حياله"تعزيز الضمانات ذات الصلة بضوابطه ومبرراته، والنظر في تضمين قانون الإجراءات الجنائية المزيد من بدائله المتطورة تكنولوجياً"، ورغم هذا ما يزال البعض سُجناء.

كما يرصد حسن الواقع الحالي قائلاً: "حتى لجنة العفو الرئاسي- ودون إدانة لمن كانوا مسؤولين عنها- لا يملكون من أمرهم شيئاً. فبعض المحكوم عليهم بالإعدام تم العفو عنهم، بينما يُجرى تفاوض بشان سُجناء رأي".

ويتفق معه مينا ثابت ويقول: "لا تحسّن في أوضاع السجناء رغم ما أعلنه النظام من تفعيل للجنة العفو الرئاسي"، مُدللاً على رأيه "فهل كان معقولاً أن يُضرب شخص مثل علاء عبد الفتاح عن الطعام ليحصل على مرتبة للنوم أو ملابس نظيفة أو مجلة ميكي؟ وما المخالفة في إدخال بطانية لسجين مثل عبد المنعم أبو الفتوح؟ ما الخطر الذي تشكله هذه المطالب القانونية؟ لكن كل هذه التصرفات متعمدة ومقصود بها التنكيل بسجناء ومعاقبة معارضين ليسوا على هوى السلطات".

حزب مستقبل وطن هو الوحيد القادر على عمل مبادرات خيرية وعقد فعاليات. بينما لا بد أن يكون الأمر متاحاً للجميع، لكي لا نُعيد ما كان قائماً في عهد الحزب الوطني أو الإخوان، وما كان من تأثير مجتمعي/ سياسي لزجاجات الزيت وأكياس السكر"

توسّع أمني

ما يراه الباحث من "تنكيل بالمعارضين"، ربما يكون في عداد نتائج  "إطلاق اليد الأمنية"، ليس فقط خلال الأعوام الماضية، بل حتى في عام المجتمع المدني، كما بدا في قرار صدر قبل أسابيع بإلزام عشرات الأنشطة التجارية والترفيهية مثل  "البقالة، والملاهي، والكوافير" بالحصول على موافقة أمنية لتزاول عملها غير المتعلق بالسياسة، والذي لا يتعامل في مواد أو خدمات تعدها الدولة "أمناً قومياً"، وهو ما كان دليلاً في نظر بهي حسن على أن الأوضاع  "مرشحة لمزيد من التدهور، بإصدار مثل هذا القرار المتعلّق بحياة جميع المصريين".

الأمن كان حاضراً أيضاً حتى على مستوى الأنشطة النقابية. فرغم ما نصّت عليه محاور الإستراتيجية الحقوقية الرسمية من إعادة الاعتبار للالتزام الدستوري الخاص بالحق في تكوين الانضمام إلى الجمعيات والمؤسسات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية، استمر حبس أحد عُمال الضرائب العقارية في محافظة الجيزة  على خلفية دعوته لإنشاء نقابة مستقلة.

مشُكلات العمل التي شهدها العام الجاري كانت عديدة، وذلك رغم المحاولات النقابية والمدنية لحلها. وآخرها الخلاف بين المحامين ووزارة المالية بسبب قرارالأخيرة تطبيق "الفاتورة الإلكترونية" عليهم.

على الصعيد العُمالي، تعددت المشكلات في ظل عدم تحقيق مطالب تعديل القانونلحماية العمال من ممارسات مثل تدني الأجور، أو تأخر صرفها، والفصل التعسفي،لدرجة بلغت ببعضهم محاولة الانتحار ، رغم ما تؤكده الدولة حول توفير تدابير الحماية الاجتماعية لدى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي لتخفيف أثره على محدودي الدخل.

من هذه التدابير الحمائية مبادرات مثل "تكافل وكرامة"، و"حياة كريمة"، و"مستورة" وغيرها من برامج ترى الباحثة في مجال الأنثربولوجيا تهاني لاشين، أن الدولة بموجبها "أصبحت تعمل مثل المجتمع المثلي بمصطلحاته ومتبنية لغته، ومثلها القطاع الخاص بمشروعات له كمحو الأمية التي كانت مسؤولية الهيئة العامة لتعليم الكبار".

وتقول لاشين لرصيف22 عن مبادرات تُحتسّب كإنجازات للحكومة أنها "تُظهر شعوراً بأن دور المجتمع المدني يتم سحبه منه وتشرف عليه الدولة أو تنسق بشأنه، مع العلم أن حزباً مثل (مستقبل وطن) هو الوحيد القادر على عمل مبادرات خيرية وعقد فعاليات. بينما لا بد أن يكون الأمر متاحاً للجميع، لكي لا نُعيد ما كان قائماً في عهد الحزب الوطني أو الإخوان، وما كان من تأثير مجتمعي/ سياسي لزجاجات الزيت وأكياس السكر".

إشكاليات نسوية

انتهت دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والمجلس القومي للمرأة، نُشرت في يناير 2022، إلى أن "75% من النساء يتعرضن للعنف و80% يتعرضن للتحرش في مصر"

طال الإغلاق والتصفية خلال 2022 منظمات نسوية، كما حدث في أبريل/ نيسان، بإعلان العاملات في مشروع "بُصي" النسوي توقف أنشطته بشكل نهائي، بعد 16 عاماً من العمل، لاعتبارات ذكر البيان الختامي للمشروع أن "أهمها على الإطلاق هو الرغبة في إعطاء الأولوية للسلامة الشخصية والاعتناء بالنفس للعاملات في المشروع".


جاء هذا في العام الذي شهد أحداثاً بارزة في العنف ضد النساء، أبرزها قتل نيرة أشرف الطالبة بجامعة المنصورة، بعد تجاهل السلطات بلاغات طلب عدم التعرض ضد قاتلها التي تقدمت بها وأسرتها.

وهو ما تصفه لاشين بأنه واحد من "انتكاسات" العام الذي تقول إنه "لم يشهد تقدماً حتى بخصوص مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي تتبناه النائبة نشوى الديب ومؤسسة قضايا المرأة، ومُقَدّم منذ عامين للبرلمان".

وأشارت لاشين، المتخصصة في قضايا النساء وكبار السن، إلى انتظار قانون موحد لمناهضة العنف "لأن السيدات تعرضن لانتهاكات كثيرة دون وجود قوانين بشأنهن"، مُدللة عليها بـ"معاقبة سيدتين هما رشا عزب وسلمى الطرزي، بعد حديثهما عن مُخرج توجد شهادات حول قيامه باغتصاب عدد من النساء، تماماً كما في قضية فيرمونت".

وانتهت دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والمجلس القومي للمرأة، نُشرت في يناير/ كانون الثاني 2022، إلى أن "75% من النساء يتعرضن للعنف و80% يتعرضن للتحرش في مصر".


لهذا، تُشدد الباحثة على الحاجة إلى "تغيير الإجراءات بالتماشي مع وجود تحقيقات شاملة وثقافة وتوعية، مع آليات لضمان تنفيذ أي قانون يتعلّق بالسيدات، سواء مناهض للتحرش أو غيره، مع عودة الرقابة على ختان الإناث الذي زاد منذ كورونا والإغلاق"، موضحةً أن "الأمر ليس بسن قوانين والعقوبة فقط بل بالتوعية ونشر الثقافة الجنسية".

وما زالت الطموحات بشأن تعديلات لدعم حقوق المرأة قائمة، سواء من المجلس القومي للمرأة أو من منظمات التي تكافح من أجل سن تشريعات وآليات للحماية.

صدى دولي

أمام أوضاع المجتمع المدني في عامه، كانت الأصداء الدولية حاضرة، أبرزها ما كان في مارس/ آذار 2022، من قلق أممي حيال "إعدام سبعة أشخاص على الأقل في أسبوع واحد بناءً على محاكمات لم تحترم معايير المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة".

كذلك تسبب سوء الأوضاع الحقوقية في اتخاذ البرلمان الأوروبي في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قراراً- بأغلبية أعضائه- يقضي بضرورة اتخاذ الاتحاد الأوروبي "التدابير اللازمة حيال أزمة حقوق الإنسان في مصر"، داعياً إياه إلى"إجراء مراجعة عميقة وشاملة" لعلاقاته معها.

صدر قرار البرلمان الأوروبي بعد جلسة مناقشة انتهت إلى "عدم وجود أي تحسن جوهري في حالة حقوق الإنسان في مصر، واستمرار ما يجري من ترهيب المجتمع المدني، وسجناء الرأي، الذين دعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم". هذه الأمور نفسها دفعت معتقلاً سابقاً هو رامي شعث في ختام هذا العام إلى اللجوء للتقاضي الإقليمي والدولي حيال ما تعرض له.

بهي الدين حسن: "مصر لا تُدار لا بالدستور ولا بالقانون ولا بالمؤسسات، بل بصورة أقرب ما تكون للعصر الخديوي والإرادة السامية"

لهذا يرى بهي الدين حسن في قرارات وتصريحات مسؤولي الدولة أنها "موجهة بالأساس للمجتمع الدولي في سياق تحسين العلاقات معه"، مدللاً على رأيه بقوله إن "إستراتيجية حقوق الإنسان صادرة عن وزارة الخارجية، الجهة المسؤولة عن التعامل مع الخارج وغير المالكة لأي سلطات حيال الشؤون الداخلية أو الأجهزة الأمنية، وهذا ما يؤكد أن الأمر مجرد تسويق ودعاية".

ويختتم: "لتوضيح ملامح الصورة، فإن مصر لا تُدار لا بالدستور ولا بالقانون ولا بالمؤسسات، بل بصورة أقرب ما تكون للعصر الخديوي والإرادة السامية".

أمل في التحسّن

يصف مينا ثابت "عام المجتمع المدني"، بعد "الفشل في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية، واستهداف المجتمع المدني والحقوقي"، بأنه جعل المرحلة الحالية" تشهد شعارات جوفاء تُخفي وضعاً مزرياً"، آملاً أن يشهد العام الجديد "الإفراج عن كل سجناء الرأي وإسقاط الاتهامات الموجهة ضدهم بلا أدلة، وفتح المجال العام والباب لحرية الصحافة والإعلام، وغل يد الأجهزة الأمنية عن كل المساحات في البلد".

أمّا تهاني لاشين التي كشفت عن مسودة مشروع قانون يجري إعداده حالياً بشأن حقوق المسنين، فكان من أمنياتها، فضلاً عن سن هذا التشريع "تخصيص جزء من حملات الدولة لمناهضة التنمر للأطفال ذوي الإعاقة وللمسيحيين، وتطبيق قانون لحماية المرأة"، مُختتمة بقولها "فما نحتاجه هو تشريع يُطَبّق على الجميع، وليس فتوى أو تصريحات بتحريم ضرب الزوجة أو ختان الإناث".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image