لم يأت التنوع الثقافي والفني الذي تتمتع به بلاد فارس من القومية الفارسية فحسب. فتكاد إيران أن تكون فريدة في منطقة الشرق الأوسط لما تتمتع به من تعدد في ديموغرافيتها، إذ تضم جغرافيا البلاد كلّاً من الأتراك، والتركمان، والأكراد، والبلوش، والعرب أيضاً.
تؤكد المصادر الرسمية أن الفرس وباختلاف قبائلهم يشكلون 50 بالمئة من السكان، فيما يتكون النصف الآخر من أصل 84 مليون نسمة من الشعوب الأخرى، وبذلك يحتوي التاريخ الإيراني على لمسات تراثية متعددة. وهذا ما جعلها أن تشترك مع بلدان أخرى في تسجيل تراثها ضمن قائمة منظمة اليونسكو.
وفي الاجتماع الـ17 للجنة صيانة التراث الثقافي غير المادي في مدينة الرباط المغربية، استطاعت إيران وباشتراك مع 7 دول مجاورة لها أن تسجل 4 ملفات جديدة لها.
العود بين إيران وسوريا
تم القبول بإدراج فن صناعة الأعواد الموسيقية والعزف عليها في قائمة اليونسكو كتراث مشترك بين إيران وسوريا. فالعود آلة موسيقية تقليدية تُعزف في كلا البلدين. يتكون العود من صندوق صوت على شكل كمثرى مصنوع من خشب الجوز أو الورد أو الحور أو الأبنوس أو خشب المشمش.
ليلة "يَلدا" هي أطول ليلة في السنة الإيرانية، يحتفل بها الإيرانيون كتقليد قديم، احتفاءً بولادة الشمس التي تبزغ بعد أطول مدة للظلام. وقد سُجلت هذه الليلة ضمن التراث الثقافي غير المادي لإيران هذا العام
ويُزين بزخارف محفورة على الخشب، وبالفسيفساء. ويُعزف على العود عزفاً منفرداً أو ضمن فرقة موسيقية في صور متنوعة من المناسبات، وترافقه الأغاني والرقصات التقليدية. ويجري تناقل مهارة العزف على العود وطريقة صنعه بصورة رئيسية عبر التدريب المهني.
وصلت آلة العود إلى بلاد فارس في 1700 ق.م تقريباً، وقد استخدم الإيرانيون العودَ لفترات طويلة، وأجروا بعض التغييرات عليه، وقد كان أهم ما يميز العود الإيراني، خمس مجموعات من الأوتار مصنوعة من الحرير، وقد يضاف إلى بعض الآلات وترٌ أو وتران، وتكون الأوتار في أغلب الأحيان سميكةً وواضحة، كما أن عنقه يكون قصيراً، والصندوق الصوتي عميقاً وأصغر من باقي أنواع آلات العود الأخرى (غير الإيرانية).
كما أن صوت العود الإيراني عذب ورقيق ويمكن استخدامه في الأداء المنفرد أو في السيمفونيات، وقد أطلق عليه اسم بربط (barbat) نسبة إلى "باربَد" العازف والموسيقي الإيراني في العهد الساساني، وما زالت هذه الآلة موجودة حتى اليوم في الحضارة الإيرانية الحديثة.
أهم ما يميز العود الإيراني، خمس مجموعات من الأوتار مصنوعة من الحرير، وقد يضاف إلى بعض الآلات وترٌ أو وتران
الأهواز، وبُوشِهْر، وميناء عباس، وشيراز، وإصفهان، وكردستان، وتبريز، وطهران، ومشهد، من أبرز المناطق التي تتفنن بصناعة أو عزف العود، حيث تم تسجيل ذلك في عام 2018 كجزء من التراث الوطني في وزارة التراث الثقافي الإيراني، وفي العام الحالي دخل هذا الفن قائمة اليونسكو باعتباره العنصر الـ18 من التراث غير المادي الإيراني، وذلك بجهود الباحثين في الموسيقى داريوش بِيرنِياكان، وبابِك خَضرايي.
ومن أبرز الأسماء التي عزفت وتعزف العود في إيران: عبد الواحد شهيدي، منصور نريمان، ومجيد ناظِم بور من طهران، وأبو صخر، وأديب أحمد، وأحمد بيت صَيّاح من الأهواز. كما يتم تدريب العزف على العود في معاهد طهران والأهواز.
ليلة يَلدا
يلدا، هو احتفال تقليدي بالشمس ودفء الحياة، يقام كلّ عام في إيران وأفغانستان في الليلة الأخيرة من ليالي الخريف وهي الليلة الأولى لبداية فصل الشتاء والشهر العاشر من التقويم الإيراني. في هذه الليلة تجتمع الأسَر وتتراوح الأنشطة في هذا الاحتفال بين قراءة الشعر وتداول القصص وممارسة الألعاب والموسيقى.
وليلة "يَلدا"، أو "شبِ يَلدا" في الفارسية، هي أطول ليلة في السنة الإيرانية، يحتفل بها الإيرانيون كتقليد قديم، احتفاءً بولادة الشمس التي تبزغ بعد أطول مدة للظلام. وقد سُجلت هذه الليلة ضمن التراث الثقافي غير المادي لإيران هذا العام.
وفي هذه الليلة التي أصبحت ترمز للإيرانيين إلى الدفء العائلي والحميمية، يسهر الإيرانيون عائلاتٍ أو مجموعاتٍ من الأصدقاء، يضعون المأكولات الخاصة بهذه الليلة والتي ترتكز على البطيخ الأحمر، والرمان، والمكسرات، والفواكه، والتي هي مكونات رمزية وتعني لهم البركةَ والنعمة والسعادة. ويعتبر الرمّان والبطيخ الأحمر خصوصاً رمزيْن للشمس، وشبيهيْن لها، والتي يسهر الإيرانيون ليلة "يَلدا" منتظرين إيّاها غداة هذه الليلة.
وتبدأ لیلة "يَلدا" من غروب شمس يوم 21 كانون الأوّل/ديسمبر إلى فجر اليوم التالي. وكما يقال إنها ظهرت رسميّاً في التقويم الإيراني القديم منذ عام 502 ق.م، أي في فترة الملك داريوش الأول.
تربية دودة القز وإنتاج حرير الحياكة بالطريقة التقليدية
لم تكن إيران الوحيدة في تربية دودة القز وإنتاج الحرير، بل ضمت اليونسكو هذا التراث غير المادي لـ7 دول، هي: أفغانستان، وآذربيجان، وإيران، وتركيا، وطاجيكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان.
يقوم المزارعون الذين يربون دودة القز برعايتها التامة خلال دورة حياتها، وذلك في إطار تربية دودة القز وإنتاج حرير الحياكة بالطريقة التقليدية. وتحظى الملابس الحريرية بتقدير كبير من قبل الفئات الاجتماعية والثقافية كافة، ويستخدمها السكان في المناسبات الخاصة كحفلات الزفاف والجنازات والاجتماعات العائلية.
وتعتبر هذه الممارسة تعبيراً عن الهوية الثقافية والتماسك الاجتماعي، إذ أسهمت تجارة الحرير في تبادل الثقافة والعلوم ضمن البلد الواحد وبين البلدان أيضاً.
وتعد محافظة خُراسان رَضَوي، الواقعة في شمال شرق إيران، عاصمةَ إنتاج حرير الحياكة على الطريقة التقليدية، والتي تنتج 85 بالمئة من من خيوط الحرير. كما تم تسجيل قرية "بَسك" الإيرانية كقرية وطنية في مجال تربية دودة القز وإنتاج الحرير.
تعد محافظة خُراسان رَضَوي الإيرانية عاصمةَ إنتاج حرير الحياكة على الطريقة التقليدية، والتي تنتج 85 بالمئة من من خيوط الحرير. كما تم تسجيل قرية "بَسك" الإيرانية كقرية وطنية في مجال تربية دودة القز وإنتاج الحرير
وتشتهر إيران بتصدير سجاد الحرير اليدوي، وهو سجاد إيراني مميز بنقوشه وطريقة حياكته. كما تعمل نحو 29 ألف أسرة في مجال تربية دودة القز في إيران.
فن التطريز بالإبرة على الطراز التركماني
ومع دولة تركمانستان، قدمت إيران ملف التطريز بالإبرة على الطراز التركماني إلى منظمة اليونسكو، وتم قبوله في اجتماع مدينة الرباط قبل أيام، وهو عبارة عن فن زخرفي يُستخدم لتزيين الزي الوطني للسكان التركمانيين على اختلاف أعمارهم وأجناسهم في تركمانستان وإيران.
وتستعمل خيوط حريرية رفيعة في تصميم الزخارف التي تشير إلى هوية المنطقة التي تنحدر منها النساء اللواتي يقمن بالتطريز. وترمز هذه الزخارف إلى الحبّ والصداقة والطبيعة والقوة.
ويستخدم فن الإبرة هذا في أثواب الزفاف وغيرها من الملابس الاحتفالية، وكذلك يُستخدم في تزيين أجزاء من الملابس العادية كالأوشحة والمعاطف والحلي. وتتعلم الفتيات في العادة هذا الصناعة اليدوية من أمهاتهنَّ وجداتهن.
التركمان إحدى القوميات الإيرانية التي تعيش في المناطق الشمالية الشرقية للبلاد، وتسمى المنطقة التي يقطنونها بـ "تركَمَن صحراء"، وهي صحراء تحتل الجزء الأكبر من شمال شرق إيران، ويكثر وجود الواحات والوديان الخضراء الخلابة فيها، والتي تمتد حتى شواطئ بحر قزوين.
والتركمان هم أحد الفصائل والشعوب التركية التي تعيش في جمهورية تركمانستان المحاذية لإيران، وكذلك في أفغانستان والعراق. يتكلمون اللغة التركمانية، إحدى اللغات التركية، ومذهبهم هو السني الحنفي. وعددهم داخل إيران يبلغ نحو مليون نسمة كما تذكر بعض المصادر شبه الرسمية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون