شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
اسهروا الليلة وانظروا ولادة الشمس... إنها أطول ليلة في السنة!

اسهروا الليلة وانظروا ولادة الشمس... إنها أطول ليلة في السنة!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 22 ديسمبر 201812:54 م

تزدحم شوارع طهران الكبيرة هذه الأيام، لاسيّما اليوم، بكثير من منتظري هذه الليلة؛ محالّ بيع المكسّرات والفواكه المجفّفة تضجّ بالزبائن، وفي كلّ حارة يوصي أهلُها الباعةَ بتركِ أفضل ما لديهم من بطيخٍ أحمر ورمّان؛ يدعو الأشخاص أصدقاءهم للسهر في بيوت بعضهم بعضاً، وتتهيّأ العائلات لعيد الشتاء! إنّها ليلة "يَلدا"، أطول ليلة في السنة والتقويم الإيرانيين.

وليلة "يَلدا"، أو "شبِ يَلدا" في الفارسية، هي أطول ليلة في السنة الإيرانية، يحتفل بها الإيرانيون كتقليد قديم، احتفاء بولادة الشمس التي تبزغ بعد أطول مدة للظلام، وأطول ليلة في السنة.

وتبدأ لیلة "يَلدا" من غروب شمس يوم 21 كانون الأوّل/ ديسمبر إلى فجر اليوم التالي. وکان الإیرانیون القدماء یعتقدون بأن هذه اللیلة وهي الليلة الأولی من شهر "دِي"  (الشهر العاشر في السنة الإیرانية) تبشّر بانتصار النور أمام الظلام.

رموز هذه الليلة

وفي هذه الليلة التي أصبحت ترمز للإيرانيين إلى الدفء العائلي والحميمية، يسهر الإيرانيون عائلاتٍ أو مجموعات من الأصدقاء، يضعون المأكولات الخاصة بهذه الليلة والتي ترتكز على البطيخ الأحمر، والرمان، والمكسرات، والفواكه، والتي ترمز بدورها وتعني لهم البركةَ والنعمة والسعادة. ويعتبر الرمّان والبطيخ الأحمر خصوصاً رمزيْن للشمس، وشبيهيْن لها، والتي يسهرون ليلة "يلدا" منتظرين إيّاها غداة هذه الليلة. ويرى بعضٌ آخر أن البطيخ الأحمر والرمّان يحميانهم من الإصابة بنزلات البرد والزكام في الشتاء. والمكسرات التي تستخدم في هذه اللیلة هي المكسرات غير المحمّصة كاللوز والفستق والجوز الطازج والزبيب والفاكهة الجافّة، إضافة إلى بعض الحلويات الخاصة بهذه الليلة.

عادات ليلة "يَلدا"

ومن العادات والتقاليد التي مازال يحتفل الإيرانيون بها في ليلة "يلدا" هي قراءة قصائد من ديوان الشاعر حافظ الشيرازي (ما يسمّى بـ"الفال"). كما يقوم بعض الإيرانيون بقراءة أبيات من كتاب "الشاهنامه" للشاعر  الفردوسي. وسرد القصص والذكريات من قبَل كبار السنّ في الأسرة هو من الأجواء التي تسود هذه السهرة الإيرانية.
أما كلمة "يَلدا" فلها جذور سريانية، وتعني الولادة والميلاد. والمقصود من الولادة هو ولادة الشمس. وذلك أنه في الماضي كانت الزراعة أساس حياة الإيرانيين، وعلى مدار العام كانوا ينظّمون توقيت العمل وأمورهم مع الشمس والقمر
كانت تجلس العائلات الإيرانية في هذه الليلة حول مدفأة تسمّی "الكُرسي"، وهي عبارة عن طاولة خشبية كبيرة تسع لعدّة أشخاص، تغطّی عادة بقماش غالباً ما یكون لونه أحمر، ويوضع تحتها مجمر الفحم، وفوقها مائدة المكسرات والفواكه
وتصادف هذه الليلة الانقلاب الشتوي الذي يصادف في كل عام الليلة الثلاثين من شهرِ "آذَر"، أي الشهر التاسع الإيراني، وحلول فجر اليوم الأوّل من الشهر العاشر أي شهر "دِيْ".

وبعد ذلك الحين تصبح النهارات أطول، والليالي أقصر. وبعد الانقلاب الشتوي تبدأ الشمس بالصعود جهة الشمال في حركتها الظاهرية، حيث ينقص طول الليل، وتزداد مدّة النهار حتى يتساوى الليل مع النهار يوم 21 آذار/ مارس أی بداية الربيع، حيث يبدأ عيد "نوروز". أما كلمة "يَلدا" فلها جذور سريانية، وتعني الولادة والميلاد. والمقصود من الولادة هو ولادة الشمس. وذلك أنه في الماضي كانت الزراعة أساس حياة الإيرانيين، وعلى مدار العام كانوا ينظّمون توقيت العمل وأمورهم مع الشمس والقمر، وتغيير الفصول وطول النهار والليل وحركة النجوم. والتقویم الإیرانی هو تقويم شمسيٌ يتطابق مع تقويم الطبيعة!

وليلة "يَلدا" التي كان يتمّ الاحتفال بها كواحدة من الليالي المقدّسة في إيران القديمة، كما يقال، ظهرت رسميّاً في التقويم الإيراني القديم منذ عام 502 قبل الميلاد، أي في فترة الملك داريوش الأول.

مكانة هذه الليلة في الطبيعية

في حركتها السنوية، تصل الشمس إلى أدنى نقطة في الأفق الجنوبي الشرقي في نهاية الخريف، مما يقلّل من طول النهار ويزيد من طول الليل. ولكن، منذ بداية الشتاء أو الثورة الشتوية تعود الشمس إلى شمال الشرق، ويؤدي ذلك إلى زيادة ضوء النهار وظلام الليل. واعتبرت بداية عودة الشمس إلى الشمال الشرقي والزيادة في طول النهار في أفكار ومعتقدات الناس القدماء وقتَ ولادة الشمس.

وكان يعتقد الإيرانيون أن غداة ليلة يلدا تزدهر  الشمس والأيام تصبح أطول، ويزداد الضوء الإلهي. وفي نهاية الخريف وبداية فصل الشتاء، اصبحوا منذ ذلك الوقت يحتفلون بولادة الشمس. وفي الماضي کان الناس يقيمون طقوساً وتقاليد في ما يخصّ هذه الليلة؛ ومن إحدى هذه الطقوس والعادات کانت إقامة الاحتفالية ليلاً والسهر حتى الفجر، أي حتى شروق الشمس أو ولادتها؛ فكانت تجلس العائلات الإيرانية في هذه الليلة حول مدفأة تسمّی "الكُرسي وهي عبارة عن طاولة خشبية كبيرة تسع لعدّة أشخاص، تغطّی عادة بقماش غالباً ما یكون لونه أحمر، ويوضع تحتها مجمر الفحم، وفوقها مائدة المكسرات والفواكه، الا أن الکرسيّ اختفى من عادات ليلة "يلدا" ومن البيوت الإيرانية مع تغیير نمط الحياة وكلّ ما أتت به الحداثة من أساليب التدفئة!

ویقول بعض الإیرانیين إن الاحتفال بليلة یلدا انتقل منهم إلى ثقافات أخرى، ويؤكّد بعضهم أنها ليلة ولادة المسيح، ولكن اختلاف التقويم الشمسي والميلادي جعل احتفالات عيد ميلاد المسیح تختلف بتوقيتها عن "يلدا" ببضعة أيام. وفي النهاية يذكر أن هذه الليلة هي أطول من ليالي الشتاء والخريف بدقيقة واحدة فقط!


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image